عرض مشاركة مفردة
  #2  
قديم 24-04-2005, 12:01 PM
تيمور111 تيمور111 غير متصل
Banned
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2005
المشاركات: 822
إفتراضي


رابعاً: عمليات لمنع القوات الأمريكية من توزيع قواتها في المناطق الأخرى، أو لتشتيت قدرتها على التركز، وهي عمليات جرت خلال معركة الفلوجة الأولى بشكل خاص، وتركزت في شارع حيفا وعلى طريق أبو غريب الفلوجة، وجاءت ضمن خطة منع قوات الاحتلال من نقل قوتها من بغداد إلى الفلوجة، أو للسيطرة على طرق الإمداد والتموين البري. وهو ما فهمته قوات الاحتلال في معركة الفلوجة الثانية حينما 'استوردت ' عدة آلاف من القوات البريطانية؛ للحلول محل قوات أمريكية في بعض المناطق، بما مكنها من حشد قوتها بكثافة ضد الفلوجة في المعركة الثانية، غير أن المقاومة كانت قد غيرت تكتيكها في المعركة الثانية بالانتشار وليس التركز.

خامساً: عمليات لمواجهة تغلغل الموالين للاحتلال في أنحاء العاصمة، وقد جرى خلالها القيام بهجمات على مقار 'الأحزاب ' ـ العصابات المرتبطة بالاحتلال ـ وكان القصد منها منع هذه العصابات من التغلغل والانتشار، حيث بات معلومًا أن هذه المقرات هدف للمقاومة فلا يجب أن يقترب منها أحد.



الجديد في المعركة الحالية

كانت تلك بعض من أهداف عمليات المقاومة في المرحلة الماضية، غير أن معركة بغداد الراهنة لها أهداف أخرى، يمكن تلخيصها في التالي:

أولاً: منع قوات الاحتلال وحلفائها من تثبيت نتائج الانتخابات الهزلية التي جرت مؤخرًا، وذلك عن طريق رفع ألسنة نيران اللهب والدخان فوق كل أشكال الحكم الجديد. وهنا لم تأتِ فقط عملية اصطياد علاوي ومحاولة اغتياله، في لحظة المساومات الأخيرة بين حلفاء الاحتلال على توزيع مغانم الاحتلال، بل كانت العمليات الجارية أيضًا ردًا على لعبة اختيار رئيس للبرلمان العراقي المزور من السنة، وأيضًا ردًا على تصريحات من سماه الاحتلال رئيسًا للعراق بأنه سيتفاوض مع المسلحين، وأنه مع إدخال الميليشيات في المسمى زورًا بالحرس الوطني.

ثانياً: جذب القوات الأمريكية التي سبق أن أجبرت على الانتشار خلال معركة الفلوجة الثانية إلى بغداد مرة أخرى، بما يمكن قوات المجاهدين من تحرير عدة مدن دفعة واحدة، أو على الأقل بما يخفف الضغط الأمريكي على الرمادي والموصل وحديثة والقائم والفلوجة. فكما أشرنا قامت معركة الفلوجة الأولى على 'الاستفراد ' بالقوة الأمريكية في الفلوجة، وعزلها عن القوات الأخرى وقطع خطوط الإمداد والتموين الواصلة إليها، وقامت معركة الفلوجة الثانية على تشتيت القوات الأمريكية وحلفائها في مناطق متعددة، خاصة الموصل والرمادي ،واليوم تأتى خطوة معركة بغداد بعد أن ثبتت قوة وقدرة المقاومة في كثير من المدن العراقية في الوسط والشمال مع عمليات متصاعدة في الجنوب؛ لوضع قوات الاحتلال الآن أمام خيارين كلاهما مر:

إما أن تركز قوتها فى بغداد على حساب وجودها وانتشارها فى مواجهة المدن الأخرى، وفى هذه الحالة تسيطر المقاومة بصفة كاملة على عدة مدن دفعة واحدة .

وإما أن تترك بغداد لما فيها من قوات فتهتز كل 'منجزات' الانتخابات وتنجح المقاومة في السيطرة على أجزاء من العاصمة، وإذا اختارت قوات الاحتلال العودة إلى فكرة جلب قوات جديدة من الولايات المتحدة؛ فإن المعركة تصبح أفضل للمقاومة على عكس ما يتصور؛ إذ كلما كثر عدد قوات الاحتلال على الأرض كلما كان صيد المقاومة وافرًا.



ثالثاً: كما تستهدف المقاومة بناء قواعد راسخة لها في بغداد خاصة في الضواحي، وهو ما تستفيد منه المقاومة على عدة مستويات، منها:

تسهيل الإعداد لانتفاضة مسلحة واسعة النطاق ضد كل رموز الحكم العميل في العاصمة، حينما تحين اللحظة المناسبة، وكذا البدء بعملية الخنق التدريجي لقوات الاحتلال ومن معها، أو تحويل بغداد إلى حالة الموصل والرمادي حيث السيطرة على الأرض بصفة شبه كاملة للمجاهدين، بينما ليس في مقدور قوات الاحتلال إلا القيام بإغارات سواء جوية أو من خلال الآليات، تقابل بمواجهة وقتال، وأيضًا تحويل بغداد إلى مدينة تسيطر عليها المقاومة ليلاً لتفعل ما تشاء وتنسحب منها نهارًا، إلا من كُلف بعمليات ضد قوات الاحتلال نهارًا ،وأخيرًا دفع قوات الاحتلال للتركيز على الاحتماء بالمعسكرات المحصنة بما يسهل إمكانية قصف المعسكرات هذه، وكذا بما يسهل عمليات اقتحام الأماكن الأخرى الأقل تحصينًا كما جرى منذ أيام قليلة في عملية سجن أبو غريب.

رابعاً: التمكن من القيام بعمليات نوعية ذات تأثير عالي في الضغط على الإدارة الأمريكية، وذلك من خلال إيقاع خسائر كبيرة في عملية واحدة، أو رفع نزيف الخسائر بشكل متصاعد، أو اصطياد رتب كبيرة في الجيش والمخابرات الأمريكية ومقراتها في بغداد، أو اصطياد رموز الحكم العميل..إلخ



خطة المقاومة وخطة الاحتلال وعملائه

كان ما جرى في مدينة 'المدائن' هو الكاشف لكل ما سيجرى في معركة بغداد. وإذا كانت معركة معتقل 'أبو غريب' هي بداية الإعلان عن بدء معركة بغداد، فإن ما حدث في مدينة المدائن كان مؤشرًا على خطة الاحتلال وعملائه، وعلى الطريقة التي سيواجهون بها خطة المقاومة.



فإذا كانت المقاومة تستهدف تطويق وخنق قوات الاحتلال ومؤسسات الحكم العميل، بشكل تدريجي من الضواحي إلى قلب المدينة، وإذا كانت خطة المقاومة هي القيام بعمليات في الأطراف [أبو غريب – طريق المطار...إلخ]، فإن الاحتلال وأعوانه بدءوا خطة المواجهة من خلال محاولة إيجاد بيئة سياسية غير مواتية في محيط بغداد؛ لكي لا تتمكن المقاومة من تطوير قواعدها فيها، وذلك عن طريق إذكاء نار الفتنة بين السنة والشيعة.



إن ما شاهدناه من مسرحية إعلامية حول الرهائن في مدينة المدائن، ثم حول الجثث التي اكتشفت، لم يكن مقصودًا منه المعنى العام أو الحالة العامة للفتنة في العراق، وإنما كان مقصودًا به محاولة إفشال خطة المقاومة في الخنق التدريجي لقوات الاحتلال والعملاء في بغداد من الخارج إلى الداخل، أو خطة بناء قواعد مستقرة لها تنطلق منها، أو مواجهة خطة المقاومة لتحرير 'ريف ' أو أطراف بغداد.

وقد أدركت المقاومة خطة أعدائها فصدرت البيانات تفضح اللعبة وتنفي وجود فتنة أو رهائن، وقد كان ذلك أمرًا لافتًا ومتميزًا من المقاومة، والأهم أن إدراكها لهذه اللعبة قد جعلها تعاجل أعدائها بإسقاط الطائرة الهليوكوبتر، وبعمليات شارع المطار وغيرها.



والمتوقع خلال الأيام القادمة أن تفتعل قوات الاحتلال وعملائها فتن أخرى في المناطق المحيطة ببغداد، كما يتوقع أن يأتي الإعلان عن تشكيل حكومة المتعاونين مع الاحتلال مصحوباً بحملة عسكرية جديدة في بعض أطراف بغداد، غير أن المتوقع أيضاً أن تتمكن المقاومة من إفشال خطط إشعال الفتنة، وأن تتمكن من معالجة الهجمات الأمريكية المكثفة والمجنونة ـ بحكم حالة الانهيار ـ بحالة من المرونة التكتيكية وخفة التنقل والحركة، وبمشاغلة قوات الاحتلال حتى لا تتمكن من حشد قوتها ضد مكان بعينه، وبتصعيد العمليات في أماكن أخرى خارج بغداد.

وهنا ستكون قوات الاحتلال قد وصلت إلى حالة الثور في المصارعة حينما تخار قواه، والأغلب أن العملاء لن يكونوا بانتظار تلك اللحظة إذ كل منهم ساعتها سيكون قد عاد إلى حيث أتى.

ومجددًا ليس هذا أمرًا حالاً غدًا، وإنما هي قراءة لمرحلة معركة بغداد التي هي مرحلة طويلة ومعقدة.



وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم.

بقلم : طلعت رميح