عرض مشاركة مفردة
  #30  
قديم 17-10-2001, 05:56 PM
صالح عبد الرحمن صالح عبد الرحمن غير متصل
عضوية غير مفعلة
 
تاريخ التّسجيل: Jul 2001
المشاركات: 192
Post

والاختلاف بين الاسلام والديموقراطية حاصل أيضا في أحكام الشورى، ذلك أن رأي الأكثرية في النظام الديموقراطي ملزم في كل شيء، وأما في الاسلام فإن رأي الأكثرية لا يكون ملزما إلا في حالة واحدة فقط هي في المسائل التي ترشد إلى عمل ، ففي الأحكام الشرعية، وكذلك في الآراء التي تؤدي إلى فكر، والآراء الفنية والتعاريف رأي الأكثرية ليس ملزما. صحيح أن الشورى تكون في كل شيء إذ هي أخذ الرأي مطلقا لكن تداول الرأي او أخذ الرأي شيء ، والالزام به شيء آخر. فليس معنى أن الشورى تكون في كل شيء أنها تكون ملزمة في كل شيء.

فبالرجوع إلى الأدلة الشرعية نجد أن الرسول صلى الله عليه وسل قد رفض آراء الأكثرية بالتشريع وتمسك بما نزل به الوحي، أي تمسك بالحكم الشرعي، وذلك في صلح الحديبية حين رفض رأي جميع المسلمين وقال: ( إني عبد الله ورسوله ولن أخالف أمره )، ونجده صلى الله عليه وسلم قد نزل عند رأي الواحد وترك رأيه ولم يرجع لرأي المسلمين وذلك في بدر، فإنه حين نزل عند أدنى ماء من بدر لم يرض الحباب بن المنذر بهذا المنزل وقال للرسول : يا رسول الله أرأيت هذا المنزل أمنزلا أنزلكه الله فليس لنا أن نتقدمه ولا نتأخر عنه أم هو الرأي والحرب والمكيدة ؟ قال الرسول : ( بل هو الرأي والحرب والمكيدة ) فقال يا رسول الله إن هذا ليس بمنزل ، ثم أشار إلى مكان ، فما لبث الرسول أن قام ومن معه وتبع رأي الحباب. ففي هذين الحادثين لم تكن لآراء الأكثرية قيمة في تقرير الأمر مما يدل على أن ما كان من التشريع لا يؤخذ فيه بآراء الأكثرية ، وعليه لا يؤخذ بآراء الأكثرية في الأحكام الشرعية ومثلها التعاريف الشرعية ، وكذلك ما كان من قبيل ( الرأي والحرب والمكيدة ) أي من الفكر الذي يحتاج إلى بحث وامعان نظر ، ومن الأمور الفنية التي تحتاج إلى خبرة لا يؤخذ فيها بآراء الأكثرية، ومثلها التعارف غير الشرعية . ولكن إلى جانب هذين الحادثين يوجد حادثة أخرى تدل على أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد التزم بالشورى أي أخذ برأي الأكثرية، ففي غزوة أحد نزل الرسول صلى الله عليه وسلم عند رأي الأكثرية وترك رأيه ورأي كبار الصحابة. فخرج لملاقاة العدو خارج المدينة وهو رأي اكثر المسلمين وكان رأيه ألا يخرج إليهم ، مما دل على أنه في مثل حادثة أحد يرجع فيه لرأي المسلمين ويلتزم برأيهم، وهذا في الأعمال التي لا تحتاج إلى بحث وامعان نظر، أي في غير التشريع ، وفي غير التعاريف، وفي غير الفكر الذي يحتاج إلى بحث وامعان نظر. وعليه فالفرق بين الاسلام والنظام الديموقراطي واضح جلي من هذه الناحية، ففي النظام الديموقراطي رأي الأكثرية ملزم في كل شيء، وأما في الاسلام فإن رأي الأكثرية يكون ملزما في حالة واحدة فقط هي الأعمال التي لا تحتاج إلى بحث وامعان نظر كحادثة أحد.
__________________
لا إله إلا الله محمد رسول الله