عرض مشاركة مفردة
  #4  
قديم 04-09-2007, 01:59 AM
بيلسان بيلسان غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2001
الإقامة: في جسد امرأة خرافية
المشاركات: 2,221
إفتراضي

غياب الوعي
إن أكثر ما يثير الشفقة والحزن هو مشهدإنسان لا يعي ذاته ولا يكاد يدرك كنه نفسه، ويبدو النظام السعودي – دولةومجتمعا – في هذه الحالة من عدم إدراك الذات وغياب الامتلاك لحسَ قوي واع
بالنفس.وتسأل ما هي صفات ومميزات ومواهب وهبات النظام السعودي وما الذي قدمه
للبشرية وللحضارة منذ تأسيس الدولة السعودية؟ فلا تكاد تجد إجابة، فقد كانت السعودية دائما في موقف رد الفعل لا الفعل، والتبعية لا الريادة، فقد كان موقفها الأساسي في الخمسينات والستينات
مجرد رد فعل للحركة الناصرية، وباستثناء استخدامها لسلاح النفط مرة وحيدة لم تتكرر في عهد الملك فيصل لم تقدم المملكة مبادرة أو رؤية أو مشروعاً عربياً هاما آخر سوى احتضانها لاتفاق الطائف في نهاية الحرب الأهلية اللبنانية ثم مبادرة الأمير عبد الله التي تقدم الصلح والاعتراف بإسرائيل من كافة الدول العربية مقابل الانسحاب لحدود 67 وقيام دولة فلسطينية. ولكن النظام السعودي اكتفى بطرح هذه المبادرة كمن يطرح رأياعلى العالم دون أي جهد حقيقي أو تعبئة
أو حشد للجهود لتفعيلها أو الضغط على أطراف الصراع لقبولها. وهذا موقف يدل
على عدم الجدية السياسية وكأن الأمر كله"رفع عتب" ليس إلا. هل يعي النظام السعودي ذاته؟ هل يفهم نفسه؟ هل يستطيع أن يحدد أي نظام هو؟ في أي عصر يعيش؟ الى أي فكر ينتمي؟ ما دوره الروحي؟ ما دوره السياسي؟ ما دوره الثقافي؟ هل يسأل رجل السعودية الأول في البلاط الأميركي – بندر بن سلطان – نفسه هذه الأسئلة ويعرف إجابات لها؟ حينما يجلس الأمير بندر بالبنطلون الجينز
بلا كلفة على مسند المقعد ينظر بألفة الى الرئيس الأميركي جورج بوش الصغير ويبادله النكات، ويجاريه في القفشات،هل يعتقد عندئذ أنه قد نجح في تقديم صورة حضارية لمجتمعه في الخارج؟ هل يدركمدى التناقض في هذه الصورة المسخ؟ هل هو مرتاح النفس أنه سفير عصري لمجتمع
يعيش في القرن السادس الميلادي؟ بدلا من الاستغراق في المراسيم والطقوس البهلوانية للدبلوماسية الأرستقراطية الفارغة؟هل حاول التأثير في مجتمعه لانتشاله من ثقافة العشيرة ووضعه على طريق النهضة الحقيقية التي لا تتنكر لذاتها ولكن تطورها وتهذبها وتعلمها تعليما جديداً مستنيرا مثيرا؟

كيف يعج مجتمع بكل هؤلاء المثقفينوالكتاب والإعلاميين والأمراء المتحررين الذين يريدون تحرير الإنسان العربي في كل مكان ما عدا السعودية؟ فباستثناء مجموعة نادرة تطالب بالإصلاح ويطاردهاالنظام ويلقي برموزها في السجون، فإن كبار المثقفين السعوديين العاملين في
كبريات الصحف والفضائيات والإنترنت المملوكة لسعوديين لا يجاهدون أي جهاد لتحديث مجتمعهم وإنما هم – بصمتهم – متواطئون لاستمرار وضعه السلفي الراهن.
فأية تناقض هذا؟ مع غياب الوعي بالذات غابت الرؤية الاستراتيجية، فقد جاءت مواقف المملكة على مدى تاريخها – مع استثناءات نادرة – مضادة لحركات التنوير والنهضة العربية، وقدمت نفسها أداة لخدمة الأهداف الاستراتيجية الأميركية في ضرب الاتحاد
السوفيتي في أفغانستان – في اندفاع وراء هاجس ديني أحمق – دون تقدير
استراتيجي لدور الاتحاد السوفيتي في مساعدة العرب في صراعهم ضد إسرائيل،
فحققت المملكة بذلك مصالح أميركيةوإسرائيلية ويبدو أنها داخلة اليوم في طريق ستصبح فيه طرفا أساسيا في حرب سنية – شيعية تعيد فيها أخطاء صدام حسين وحروبه العبثية المأساوية ضد إيران. فغياب الوعي والرؤية يجعلانها غير قادرة سوى على اتباع أهواء الإدارة الأميركية وسياستها
الغبية بالمنطقة، والتي لا تعود على شعوب المنطقة إلا بالكوارث. وها هي على وشك الانجراف وراء هذه السياسة والسقوط في أهوال حرب سنية - شيعية تشعل وتحرق
كل من فيها وما فيها.

هل هناك جيل سعودي جديد مدرك لذاته يستطيع التخلص من طبيعة اللغز وهوية
التناقضات وصفقة الشيطان بين السلطةالسياسية والوهابية السلفية فيقدم لنفسه ولمجتمعه رؤية جديدة جديرة بموقع السعودية التاريخي ومركزها ومواردها وإمكاناتها، لكي يخرج المجتمع السعودي لأول مرة من كهف التاريخ ويجاهد الجهاد الحقيقي وهو اللحاق بالعصر والانضمام
لبقية مجتمعات الأرض التي تخلص البشر فيها من عاهة الهوس الديني والأصولية
الدينية وانخرطوا في عمل جاد مفيد يدفعون به حضارة عصرهم قدما ويقدمون
الخير لأنفسهم وللآخرين؟ نعم لقد تأخر الوقت وأضاع النظام
السعودي فرصا تاريخية للتغيير والنهوض والريادة، ولكن ربما لم يضع الوقت
تماماً بعد.
إن التاريخ مازال ينتظر، والتاريخ لا
يرحم.
* كاتب من مصر يقيم في نيويورك
__________________

سيدي البعيد جداً من موقعي,,

القريب جداً من أعماقي,,لا أعلم

هل تضخم بي الحزن فأصبحت أكبر من الوجود

أم ضاق بي الوجود.. فأصبح أصغر من حزني

النتيجة واحدة يا سيدي

فبقعة الأرض هذه، ماعادت تتسع لي

فبقعة الأرض التي كنت أقف عليها,,أصبحت الآن تقف علّي