عرض مشاركة مفردة
  #43  
قديم 23-09-2003, 03:22 PM
السلفيالمحتار السلفيالمحتار غير متصل
لست عنصريا ولا مذهبيا
 
تاريخ التّسجيل: Mar 2002
المشاركات: 1,578
إرسال رسالة عبر بريد الياهو إلى السلفيالمحتار
إفتراضي



أما الكتاب فقوله سبحانه: (ولا تصل على أحد منهم مات أبداً ولا تقم على قبره إنهم كفروا بالله ورسوله وماتوا وهم فاسقون)[سورة التوبة: الآية84].

إن الآية تسعى لهدم شخصية المنافق، وهز العصا في وجوه حزبه ونظرائه. والنهي عن هذين الأمرين بالنسبة إلى المنافق، معناه ومفهومه مطلوبية هذين الأمرين (الصلاة والقيام على القبر) بالنسبة لغيره أي للمؤمن.

والآن يجب أن ننظر في قوله تعالى: (ولا تقم على قبره) ما معناه؟ هل المعنى هو القيام وقت الدفن فقط، حيث لا يجوز ذلك للمنافق ويستحب للمؤمن، أو المعنى أعم من وقت الدفن وغيره؟

إن بعض المفسرين وإن خصوا القيام نفياً وإثباتاً بوقت الدفن لكن البعض الآخر فسروه في كلا المجالين بالأعم من وقت الدفن وغيره.

قال السيوطي في تفسيره: ولا تقم على قبره لدفن أو زيارة(1).

وقال الآلوسي البغدادي: ويفهم من كلام بعضهم أن (على ) بمعنى (عند) والمراد: لا تقف عند قبره للدفن أو للزيارة(2).

وقال الشيخ إسماعيل حقي البروسي: (ولا تقم على قبره) أي ولا تقف عند قبره للدفن أو للزيارة والدعاء(3).

إلى غير ذلك من المفسرين، وقد سبقهم البيضاوي في تفسيره(4).

والحق مع من أخذ بإطلاق الآية وإليك توضيحه:

إن الآية؛ تتشكل من جملتين:

الأولى: قوله تعالى: (ولا تصل على أحد منهم مات أبداً).

إن لفظة (أحد) بحكم ورودها في سياق النفي تفيد العموم والاستغراق لجميع الأفراد، ولفظة (أبداً) تفيد الاستغراق الزمني، فيكون معناها: لا تصل على أحد من المنافقين في أي وقت كان.

فمع الانتباه إلى هذين اللفظين نعرف - بوضوح - أن المراد من النهي عن الصلاة على الميت المنافق ليس خصوص الصلاة على الميت عند الدفن فقط، لأنها ليست قابلة للتكرار في أزمنة متعددة، ولو أريد ذلك لم تكن هناك حاجة إلى لفظة (أبداً) بل المراد من الصلاة في الآية مطلق الدعاء والترحم سواء أكان عند الدفن أم غيره.

فإن قال قائل: إن لفظة (أبداً) تأكيد للاستغراق الافرادي لا الزماني.

فالجواب بوجهين:

1- إن لفظة (أحد) أفادت الاستغراق والشمول لجميع المنافقين بوضوح فلا حاجة للتأكيد.

2- إن لفظة (أبداً) تستعمل في اللغة العربية للاستغراق الزماني، كما في قوله تعالى: (ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبداً)[سورة الأحزاب: الآية53].

فالنتيجة أن المقصود هو النهي عن الترحم على المنافق وعن الاستغفار له، سواء أكان بالصلاة عليه عند الدفن أم بغيرها.

الثانية: (ولا تقم على قبره) إن مفهوم هذه الجملة - مع الانتباه إلى أنها معطوفة على الجملة السابقة - هو: (لا تقم على قبر أحد منهم مات أبداً) لأن كل ما ثبت للمعطوف عليه من القيد - أعني (أبداًً) - يثبت للمعطوف أيضاًَ، ففي هذه الحالة لا يمكن القول بأن المقصود من القيام على القبر هو وقت الدفن فقط، لأن المفروض عدم إمكان تكرار القيام على القبر وقت الدفن، كما كان بالنسبة للصلاة، ولفظة (أبداً) المقدرة في هذه الجملة الثانية تفيد إمكانية تكرار هذا العمل، فهذا يدل على أن القيام على القبر لا يختص بوقت الدفن.

وإن قال قائل: إن لفظة (أبداًَ)المقدرة في الجملة الثانية معناها الاستغراق الافرادي.

قلنا: قد سبق الجواب عليه، وأن لفظة (أحد) للاستغراق الافرادي، لا لفظة (أبداً) فهي للاستغراق الزماني.

فيكون معنى الآية الكريمة: أن الله تعالى ينهى نبيه(صلى الله عليه وآله) عن مطلق الاستغفار والترحم على المنافق، سواء كان بالصلاة أو مطلق الدعاء، وينهى عن مطلق القيام على القبر، سواء كان عند الدفن أو بعده.

ومفهوم ذلك هو أن هذين الأمرين يجوزان للمؤمن.

بهذا يثبت جواز زيارة قبر المؤمن وجواز قراءة القرآن على روحه، حتى بعد مئات السنين.
__________________
من روائع شعري
يمامتي
ابيحوا قتلي او طوقوا فكري سياجا
فان قتلي في دجى الليل سراجا
EMAIL=candlelights144@hotmail.com]لمراسلتي عبر الإيميل[/email]