عرض مشاركة مفردة
  #7  
قديم 03-05-2007, 04:35 PM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

التراتب الاجتماعي ومسألة الأقليات

التراتب الاجتماعي Stratification Social مصطلح شائع في علم الاجتماع، ويعني فيما يعنيه موقع وعلاقة الفرد بالمجموعة أو المجموعة بالمجتمع وتسلمها مواقع سلطوية أو إدارية أو اكتسابها مكانة مرموقة في سلم الترتيب الاجتماعي ..

ويبدو أن تلك المسائل لا ثبات فيها ولا قانون دائم يحكمها في كل الظروف والأزمنة والأمكنة .. فتوزيع الأدوار في المجتمع وبروز مكانة الفرد أو المجموعة محكوم بعوامل أبرزها العاملين بشكلهما التالي :

1ـ هوية الفرد أو المجموعة وموقعها في محيطها الضيق .. فأبناء عشيرة قليلة العدد في قرية أو بادية لم تكن لهم السيادة في العهود السابقة، ولن تكون لهم في الوقت الراهن، حتى لو تم اعتماد الانتخابات كأسلوب لتناقل السلطة بين أفراد المجتمع، فمرشح الأسرة أو العائلة قليلة الأفراد، حتى لو كان مخترعا أو يحفظ كل كتب مكتبات العالم عن ظهر قلب، لن يفوز على مرشح ابن العشيرة الأكثر عددا .. وإن تساوى المرشحان في الهوية الوطنية والقومية والطائفية أو المذهبية ..

هذه الحالة، لن تكون منتشرة في أوساط المدن الواسعة، أو الدول التي تعتمد نظام التعددية الحزبية والمدعومة بالمال ضمن الضوابط الليبرالية المعروفة.

لن يثير أحد مشكلة أبناء العشائر الصغيرة، على أنهم في مظلمة لن يتمكنوا يوما من تبوء مكانة اجتماعية أو سياسية مرموقة، وهم في واقع الحال، في وضع أسوأ بكثير مما هم عليه أبناء الأقليات العرقية، الذين يحظون بمقعد أو عدة مقاعد حسب (كوتة) تحددها تطور القوانين ..

2ـ هوية الأقلية المهنية، وطمس الأهمية لمنتسبيها:

هذه المسألة لها علاقة بالجانب الثقافي والاقتصادي والاجتماعي، وهي ما تساهم في تحديد مكانة الفرد، بغض النظر عن ديانته و قوميته. فقد نجد صانعا للأعواد (جمع عود .. آلة موسيقية) اكتسب مهارته من خلال طفرة أو صدفة في قرية نائية وفقيرة، ولكنه لم يستطع إثارة انتباه سكان القرية الفقراء، الذين لم يضعوا مسألة مهنته بين أولوياتهم .. ولكنه لو انتقل الى مدينة كبيرة لها نشاطها الثقافي والاقتصادي أو وجد أصلا فيها، فإن ندرة حرفته ستكسبه شهرة ومكانة مرموقة بغض النظر عن ديانته و قوميته وصغر أسرته ..

في حين لن تسعف الكثرة جمهرة العمال غير المهرة، في مجتمع صناعي أو إقطاعي، تنحصر المراتب العليا فيه بين طبقة متسلطة بعينها، ليخرج من تلك الكثرة شخصيات لها مكانتها ودورها ..

يبرز هنا مصطلحان في هذه القضية، في الوسط الاجتماعي الأوسع البعيد (مرحليا) عن السلطة والمراتب العليا وهما: التعصب وعدم التسامح العرقي..

التعصب Prejudice : وقد عرفه بعض علماء الاجتماع على أنه (( اتجاه عاطفي غير مرن، أو استعداد أو تهيؤ مسبق لاستجابة معينة بطريقة ما، تجاه من الناس))*1. وتأسيسا على هذا التعريف فإن صورة تتكون عن مجموعة عرقية أو أمة، لدى المتعصب، فيصبح من خلال تلك الصورة ينظر الى كل العرق أو سكان البلد أو أبناء مجموعة كأنهم شخص واحد يملكون الصفات التي تكونت بمخيلته رغم اختلاف هؤلاء الأشخاص فيما بينهم وهذا السلوك يتحول حسب رأي (والتر ليبمان) الى النمطية (Stereotype) .. وهنا لن تكون الأحكام حول المجموعة العرقية مسبقة فحسب، بل مسبقة وخاطئة..

أما عدم التسامح Intolerance : فهو برأي (Cox) مصدره العوامل الاقتصادية.. وهو يرى أن النظر الى اليهود (مثلا) من باب عدم التسامح، في حين يرى أن النظر الى الزنوج من باب التعصب .. وبرأيه أن المجتمع الأوسع يقصد في سلوكه المتسم بعدم التسامح الى دفع الأقلية للاندماج الكامل بالمجتمع الأوسع وضبط حركتهم، دون القصد من ذلك إنهاء وجودهم .. وهذا ما يحدث في الوقت الحاضر مع الجاليات الإسلامية والعربية في فرنسا.. فخطاب أكثر المرشحين تطرفا نحو اليمين للرئاسة (سركوزي) لا يختلف كثيرا عن غيره، فكل خطاباتهم لا تخلو من عدم التسامح .. بل تصل في بعض الأحيان الى حد التعصب العنصري ..

تطور التعصب :

في الأحداث الحادة، يتم استغلال بذور التعصب الكامنة في المجتمع وتغذيتها، بفتح شلالات الإعلام المحرك لها في ظرف يمكن المحركين من استثمارها بشكل سريع لتحقيق أهداف وضعت في مخططات من يريد التحريك .. ثم تشتعل حمى المنافسة في تزويد تلك الحالة بوقود يطور من تصعيدها، حتى يصبح التحريض واضحا للعيان .. لتبدأ المجموعات العرقية في النهاية بمهاجمة غيرها، كما حدث في المدن البريطانية إثر تفجيرات لندن، عندما هاجمت مجموعات متعصبة إنجليزية، أحياء المسلمين. وكما يحدث في العراق الآن عند بعض المجموعات.

وتعود أسباب تطور التعصب في مجملها الى نواح اقتصادية وسياسية واجتماعية، وتكون الأسباب الأساسية مموهة وغير واضحة، فيبحث المحركون لاستثمار التعصب عن كبش فداء يبرر تحركهم الغامض في كثير من الأحيان، ويجدونه في قالب التعصب ..



هوامش:
1ـSimpson, G.E. and Yinger نيويورك/ هاربر 1972/ص 14
__________________
ابن حوران
الرد مع إقتباس