عرض مشاركة مفردة
  #2  
قديم 24-05-2006, 06:33 AM
صتيمه صتيمه غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2006
المشاركات: 75
إفتراضي

فامتلاك مثل هذه القدرات ليس بالأمر الصعب في ضوء الإتاحة الواسعة للمعرفة العلمية النظرية لأساليب تخصيب اليورانيوم وهي متنوعة ومتعددة، لكنها تتطلب تكاليف ضخمة جدا، ويكون تخصيص مثل هذه التكاليف أمراً غير مبرر إلا إذا كانت الدولة المعنية تمتلك عدداً كبيراً نسبياً من المفاعلات النووية التي تتطلب بناء محطات لتخصيب اليورانيوم لتزويد تلك المفاعلات باحتياجاتها من الوقود النووي، بحيث تكون هذه المسألة مجدية اقتصادياً. ومن دون ذلك، يصبح امتلاك مثل هذه القدرات عبئاً مالياً ضخماً، بدون عائد اقتصادي حقيقي، لدرجة أن دولاً كبرى مثل بريطانيا وألمانيا وهولندا تدمج جهودها معاً في هذا الإطار، لاعتبارات اقتصادية برغم أن كلاً منها يمتلك المعرفة والقدرات التي تتيح له أن ينفذها بمفرده.


إن ما قامت به إيران في مجال تخصيب اليورانيوم لم يحولها إلى قوة نووية عسكرية، سواء معلنة أو غير معلنة، وإنما ما زالت إيران واحدة من دول الفئة الرابعة، أي الدول التي تمتلك قدرات نووية خاصة بالاستخدامات السلمية للطاقة الذرية، حتى لو كانت قدرات متطورة. والإضافة الجديدة هنا هي أن إيران أصبحت واحدة من الدول المالكة لتكنولوجيا تخصيب اليورانيوم، وهي مسألة قد تختلف الآراء بشأن جدواها الحقيقية. فمن الناحية الاقتصادية، اضطرت إيران لأن تضخ استثمارات ضخمة من أجل امتلاك قدرة وطنية ذاتية في مجال تخصيب اليورانيوم، بغض النظر عن الجدوى الاقتصادية لمثل هذه الاستثمارات. ولدى تقييم هذه المسألة من منظور اقتصادي بحت، فإن من الممكن القول أن إيران الآن وفى المستقبل القريب ليست في حاجة ماسة لامتلاك قدرة ذاتية في مجال تخصيب اليورانيوم، لأن احتياجاتها تنحصر في مجرد توفير الوقود النووي لمفاعل بوشهر ا الذي ينتظر أن يبدأ العمل في هذا العام، وهي احتياجات متواضعة نسبياً، وتلتزم روسيا بتوفيرها بموجب اتفاق التعاون الموقع بين الجانبين، مما لا يبرر تخصيص مبالغ ضخمة في هذا الاطار .


أما لجهة الدلالات السياسية والاستراتيجية، فإن نجاح دولة ما في تخصيب اليورانيوم يعنى من الناحية النظرية أن هذه الدولة أصبحت تقف على بداية طريق قد ينتهي بها إلى امتلاك السلاح النووي، لأن تخصيب اليورانيوم للأغراض السلمية لا يختلف من النواحي العلمية والفنية والإنتاجية عن تخصيبه لأغراض صنع السلاح النووي. ولكن من الناحية العملية، فإن هناك إشكاليات عديدة تحيط بالإنجاز الذي حققته إيران في هذا المجال. فما حققته إيران هو تخصيب لليورانيوم بنسبة لا تزيد عن 3.5%، وهي نسبة متدنية جدا، ويأتي ذلك في إطار ما تسمح به قدرات إيران في مجال ما تملكه من وحدات الطرد المركزي التي تستخدم في التخصيب، والتي لا تزيد عن 164 وحدة. وحتى تستطيع أن تزيد من نسبة تخصيب اليورانيوم، فإنها تحتاج إلى زيادة ما تملكه من وحدات الطرد المركزي، بحيث لا تقل عن 1500 وحدة على الأقل. والسبيل الوحيد لذلك يتمثل في التصنيع المحلي، نظراً لأن فرص الاستيراد من الخارج أصبحت شبه منعدمة حاليا. وتمتلك إيران قدرة ما في مجال تصنيع وحدات الطرد المركزي في منشأة نتانز النووية. وكانت إيران قد أبلغت الوكالة الدولية للطاقة الذرية، عقب إجراء تجربة تخصيب اليورانيوم، أنها ستقوم بتركيب ثلاثة آلاف جهاز طرد مركزي في هذه لمنشأة النووية بحلول نهاية العام الحالي، ثم تزيدها إلى ‏54‏ ألف جهاز في مرحلة لاحقة، ما يسمح لإيران بإنتاج وقود نووي يكفى لتشغيل مفاعل بوشهر النووي الأول، الذي تصل قوته إلى ‏1000‏ ميغاوات‏.‏ إلا انه من غير الممكن من الناحية العملية أن تتمكن إيران من الانتهاء من تصنيع وتركيب وحدات الطرد المركزي في الأوقات المشار إليها، لأن ذلك يبدو أعلى بكثير من القدرات الإنتاجية الفعلية لطهران في هذا المجال. فإذا كانت جهود إيران في مجال صنع أجهزة الطرد المركزي، منذ بدء هذه الجهود في عام 1985، في مركز طهران النووي، ثم في شركة كالاي الكهربية، ثم في منشأة نتانز لتخصيب اليورانيوم، وإذا كانت هذه الجهود لم تتمكن طيلة هذه الفترة من إنتاج أكثر من 164 وحدة طرد مركزي، وهي التي استخدمتها في تجربة 9 نيسان، فكيف يمكن أن توقع أن تتضاعف القدرات الإيرانية في هذا الإطار، بحيث تقوم بتصنيع آلاف الوحدات الإضافية في غضون فترة زمنية محدودة؟


أن تصريحات المسؤولين الإيرانيين هي اقرب إلى المبالغة، بهدف تعزيز الموقف الإيراني في مواجهة الأطراف الغربيين، لاسيما الولايات المتحدة إلا أن الأكثر أهمية من ذلك يتمثل في طبيعة الخطاب السياسي الذي تبناه القادة الإيرانيون، عقب نجاح تجارب التخصيب المحدودة، إذ بدا أن اللغة أتت كمن أمتلك السلاح النووي، أو من قام بتجربة تفجير نووي ناجحة، مثل القول بأن إيران أصبحت القوة النووية الثامنة في العالم، وأن إيران دخلت النادي النووي إلا أن الدلالة الأبرز تتمثل في أن الهدف الرئيس لهذا الخطاب يتمثل في محاولة فرض أمر واقع على الأطراف الأخرى في الأزمة، لوقف الضغوط ولقبول التعامل مع إيران بقدر من التساوي.


ومن دون وجود أي تطور في اتجاه التسوية السلمية، فإن تجارب إيران في مجال تخصيب اليورانيوم، وما أعقب ذلك من تبنيها لموقف متشدد في الأزمة النووية، سوف يمهد السبيل أمام بناء توافق أكبر داخل مجلس الأمن للوقوف ضد إيران، وإمكانية اللجوء إلى الفصل السابع من الميثاق، وفق ما تلوح به الولايات المتحدة وفرنسا، بما يعنيه ذلك من اعتبار الأنشطة النووية الإيرانية تهديداً للسلم والأمن الدوليين، وعلى الرغم من صعوبة اللجوء للخيارات العسكرية لأسباب واعتبارات متعددة، إلا أن واشنطن لا زالت تلوح بهذا الخيار إلى جانب العقوبات الاقتصادية. وفي كلا الحالين إن أحلاهما مر.


د. خليل حسين

أستاذ القانون الدولي في الجامعة اللبنانية

رئيس مصلحة الدراسات في مجلس النواب اللبناني
__________________
وردوهن هيت وأخطاه الدليلـه

...............................والموارد غير هيت مقضباتي

روحن مثل القطا صوب الثميله

................................ضمرٍ تضفى عليهن العباتـي

آه من قلب على جال المليلـه

...............................لاتذكرت العصور الماضياتـي

عصرمن ينطح مقاديم الدبيلـه

.................................لابتي لاجا نهـار الموجباتـي

من تعبث بالفرايض عزتي له

...........................تقعده حدب السيوف المرهفاتي

من قصائد الملك عبدالعزيز رحمه الله