عرض مشاركة مفردة
  #1  
قديم 28-07-2003, 05:43 PM
@ برجركنـج @ @ برجركنـج @ غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2003
الإقامة: الكويت
المشاركات: 88
إفتراضي أنتفاضة قلم الجزء(الثاني)

الإعلام العربي أثبت بما لا يدع مجالا للشك بأنه " ملوث " وغير أمين في نقل الحرب على العراق ، فقد اعتبر نفسه في حرب هو الآخر مع الإعلام الغربي الموالي للأمريكيين والبريطانيين ، فبات ينقل وجهات نظر النظام العراقي والتي تقويه وتشجعه ويغض النظر عن الأخرى ، إلى درجة أن بعض القنوات ( مثل الحظيرة .. عفوا الجزيرة ) أطلقت كلمة " غزو " على الحرب !
قد نتفهم ذلك إذا كان بادرا من قناة سورية أو إيرانية ، لتخوفهم من أن يكون بلدهم التالي أو للعداوة التاريخية بين الإيرانيين والأمريكيين ، ولكن بقية القنوات تفعل ذلك ؟ لماذا ؟ باعتقادي أنها فقط أرادت مجاراة الشارع العربي وكسب أكبر قدر من المشاهدين ، كما أن بعضها ( أيضا مثل الجزيرة ) يسعى للثأر من إغلاق مكتبه في الكويت أو عدم منحه تسهيلات إعلامية وحصوله على سبق صحفي في واشنطن أو لندن ، فــ " يلتم المتعوس على خايب الرجا " كما يقول الأخوة المصريين ، أي تجد هذه القناة ضالتها في النظام البعثي المجرم الذي يوفر لها مادة إعلامية دسمة ويقدم لها دعما ماديا إن لزم الأمر .
القناة الوحيدة التي لم تكن منحازة للنظام العراقي ، بل كانت على العكس منحازة لقوات التحالف الأمريكي البريطاني ، هي قناة تلفزيون الكويت " الحكومية " ، والظروف فرضت عليها ذلك لموقف الدولة السياسي ، ورغم ذلك فإن بعض الفضائيات الخاصة كان من المفترض أن تنقل أخبارا لم ينقلها سوى التلفزيون الكويتي مثل ردود الفعل الشعبية السعيدة في الجنوب لإسقاط النظام ، لاسيما لقطات تمزيق صور رئيس النظام وضربه " بالنعال " وما شابه .
أما بالنسبة للصحف الكويتية ، وهي قطاع خاص ، فقد اختلفت مسمياتها للحرب ، فمنها من اطلق عليها حرب تحرير العراق ، ومنها من وصفها بأنها حرب تغيير العراق ، ومنهم من أطلق عليها حرب الخليج الثالثة ، وهكذا حسب سياسة الصحيفة .
نعود لنقطة الانحياز الفضائي العربي للنظام العراقي ، فنوضح أن اعتراضنا ليس على التحليلات التي تقدمها هذه القنوات ، فهذه التحليلات تعبر عن سياستها وتوجهاتها ولا يحق لحد التدخل بها ، ولكننا نعترض على تعتيمهم على بعض الأخبار مثل المساعدات الكويتية للشعب العراقي في المناطق " المحررة " من دنس النظام ، وأخبار المؤيدون لإسقاط النظام وغيرها ، فعليه فإننا نحذر ، من مكاننا المتواضع هذا ، المشاهد العربي من تصديق كل ما يسمعونه أو يشاهدونه ، فالمقاومة الخفيفة تسمى شرسة ، وأسر 5 أو 10 جنود أمريكيين ينال اهتماما واسعا ، فيما قد لا يبث خبر على مدى اكثر من خمسين عاما ، كان العرب والمسلمون عموما " يتحلطمون " من عدم قدرتهم على إيصال صوتهم للجانب الآخر من العالم ( الغرب ) ، ويتذمرون عندما يجدون هذا الآخر يقف بصف عدوهم الصهيوني أو غيره ، فيرددون شعارات النخوة والشهامة والبسالة ، معتقدين أنهم بمثل هذا الكلام سيؤثرون عليه لصالحهم فيتجه إلى تحقيق مصالحهم !
ولم يبادر أي عربي أو مسلم إلى التساؤل عن جدوى هذه الوسائل ومدى ملاءمتها للواقع الذي يفترض أن نخاطب الغرب به ، بل أن كثيرا من السياسيين اتجهوا إلى المزايدات والمهاترات الرخيصة التي لا تسمن ولا تغني عن جوع ، فلم تعد المصلحة العامة هي الهدف الأسمى الذي يسعون لتحقيقه ، بل انحصرت أهدافهم بالمصالح الحزبية أو الفئوية أو الطائفية أو حتى الشخصية أحيانا .
ومناسبة حديثي عن هذا الموضوع هي ما شاهدته الأسبوع الماضي تحديدا من وسيلة أمريكية ( غربية ) مميزة في إيصال المعلومة أو التوجيه الإرشادي بطرق يحبها المتلقي وتحقق هدف المرسل ، أي بوسيلة توازن بين ما يرغب المرسل بإيصاله وما يرغب المستقبل بتلقيه ، فالقيادة العسكرية الأمريكية التي تشارك في حرب إسقاط النظام العراقي وزعت على جنودها صورا للرئيس المخلوع صدام حسين وكبار أعوانه ومساعديه ليتم تعقبهم وقتلهم أو أسرهم ، ولم تفعل ذلك بصورة مباشرة كما قد يفعل العرب والمسلمون لو أرادوا تحقيق ذات الهدف ( هذا إن فكروا بتوزيع الصور من الأساس ) ، بل انهم طبعوا هذه الصور على ورق لعب ( جنجفة ) لتصل إلى أعماق مخ جنودهم دون عناء يذكر ، فهم ( القيادة ) يدركون أن جنودهم يقضون الكثير من وقت فراغهم في لعب الورق ، لذا صنعوا من تسليتهم فائدة وعملا وإنتاجا .
ولا ننسى في هذا الصدد أن عقلية الجندي الأمريكي أو المواطن الغربي عموما تساعد في ذلك ، فهو غالبا غير متزمت ينفذ الأوامر يثق بقيادته ولا يتمرد عليها قبل أن يتيقن من وجود خطأ بنسبة مائة بالمائة بحيث لا يمكن إصلاحه ، أما عساكرنا وعموم مواطنينا الكرام ، فلو وضعناهم جدلا مكان الأمريكيين ، لتذكروا فجأة بعد طبع هذه الصور على ورق اللعب أن الميسر حرام ورجس من عمل الشيطان ، ولانتقدوا القيادات على هذه الطريقة المتخلفة في التعاطي مع جنودهم ، ونحن هنا لسنا بصدد الدفاع عن الميسر لا سمح الله ، ولكننا بصدد مهاجمة عقولنا التي تسبب لنا الكثير من المشاكل التي لو استخدمنا فيها هذه النعمة العظيمة ( العقل ) بشكل سليم لأمكن تجنبها ، ولكن لا غرابة في اعتراضهم المفترض إذا ما حدث ، فهم أثناء فترة العمل الرسمية يبحثون عن التسلية ولا يؤدون واجبهم بأمانة ( مع استثناء القليل من كل القواعد السابقة ) ، فكيف إذا جعلنا وقت تسليتهم عملا ولو غير متعب ؟
من هنا ، علينا أن نتعلم قبل أي شيء آخر .. كيف نفكر ؟ وما هو الأسلوب الأمثل للتعامل مع الآخرين ؟ وكيف نصل لما يريد عن طريق ما يريدون دون الإخلال بمبادئنا ؟ نعم إنها معادلة صعبة ، ولكن الإرادة تصنع المعجزات ، فليس من السليم أن نستسلم للهيمنة الغربية على حياتنا بحجة ضعفنا فندخلهم بيوتنا ثم نلطم على خرابها ، كما أنه ليس من السليم التزمت وعدم أخذ أي أمر أو علم صادر منهم ، وأعتقد جازما بأن أول علم علينا أن نستغله منهم هو كيف نفكر ، والباقي على رب العالمين .
أسر 3500 جندي عراقي حسب آخر تصريح رسمي أمريكي حتى الآن ، وكذلك الأمر بالنسبة للقتلى ، والأمثلة على ذلك لا تعد ولا تحصى ، لاسيما أن هذه القنوات لا تبث إلا ما يرضى عنه النظام العراقي ، بعضهم للأسباب التي ذكرناها سابقا ، وبعضهم لأنه يرسل الرسائل من العراق وبالتالي يريد الحفاظ على حياته أو يخاف من الطرد ( كما حدث للسي إن إن ) أو حتى توريطه في أي أمر لا يطرأ على باله .
***نقدر للأخوة العرب ولكل الشرفاء في العالم مظاهراتهم المطالبة بوقف الحرب
، ولكننا نذكرهم بأن ذلك لا يصب في مصلحة الشعب العراقي كما تظنون ، بل يخدم نظام صدام السفاح المجرم .
ولن أقول لكم أنه من الأولى أن تقوموا بمظاهرات لإطلاق سراح أسرانا في سجونه لأني بذلك سأحلم حلما لا يتحقق إلا بمعجزة ، ولكن ربما تكون القضية الفلسطينية ذات اهتمام لديكم .
أما إن أردتم التفصيل لبعض الشعوب والقضايا التي من الأولى أن يتظاهروا عليها فسنختصر ذلك في ذكر بعض الدول منها :
سوريا :
أعتقد أنه من الأجدى للشعب السوري الشقيق التظاهر ضد حكومة بلاده التي جعلت العالم يتناسى " استعباطا " أرض الجولان المحتلة من قبل الكيان الصهيوني .
ليبيا :
ألا تعني كلمة رئيسكم " لماذا لا نترك المسجد الأقصى لليهود فهو مجرد مسجد ثم نضم إسرائيل لجامعة الدول العربية " سببا مقنعا للقيام بمظاهرة ؟
مصر :
مضى على معاهدة السلام الموقعة مع الكيان الصهيوني سنوات طويلة ، واغتيال السادات لم يلغيها ، فهل استسلمتم ؟ ثم هل نسيتم التوابيت التي أرسلها لكم صدام ؟
السودان :
إذا كان أمين عام الحزب الحاكم في بلادكم هو من يقود المظاهرة ، فماذا عسانا أن نعلق ؟ عموما عالجوا مشكلتكم مع الجنوب قبل أن يستقل أفضل لكم ولغيركم .
الجزائر :
نسألكم كم فردا يجيد منكم اللغة العربية أفضل من الفرنسية ؟ ثم هل نسيتم تمزيق اتفاقية الجزائر التي أبرمت بين العراق وإيران من قبل صدام وقيام حرب السنوات الثمان بينهما لعدم احترامه لما وقعه برعايتكم ؟
اليمن :
تعودنا منذ سنوات على مواقفكم السخيفة ، فلم نعد نأمل منكم شيئا منذ أيدتم الاحتلال العراقي لبلدنا الحبيب ، ولا داعي لنشر غسيلكم لأن " الطعن في الميت حرام " !
الإيرانيون وعموم الشيعة :
هل أصبح دم علماؤكم الذي هتكه طاغوت العصر صدام رخيصا إلى هذه الدرجة ؟ أين دعواتكم الملتهبة ضد النظام الحاكم في بغداد ؟ أم أن السبب الذي سيزيله ( الشيطان الأكبر ) لم يعجبكم فتبدل موقفكم ؟
وهناك كثير جدا آخرون لن نذكرهم حتى لا نضيع وقت القارئ الكريم بأمور لا طائل منها ، ولكن يبقى أن نشير إلى أننا لا نقصد العموم كما قد يفسر البعض إطلاقا ، بل بعض المرتزقة والساذجون الذين يدعمون نظام صدام بتظاهراتهم هذه .
***
على ذكر الشيطان الأكبر ، هل تذكرون ضحك العرب على الإمام الخميني رحمه الله حين وصف أمريكا بأنها الشيطان الأكبر ؟ فعلا الدنيا عجيبة !
***
وختاما .. أعتذر إذا ما كنت أطلت عليكم في سطوري هذه ، ولكن يبقى الكثير مما لم نذكره ، وكذلك أحببت أن أعتذر بطريقتي الخاصة للقراء الذين سألوا عن سبب قلة كتابتي في الموقع بكتابة مقال طويل نسبيا .. فشكرا لكل من قرأه حتى آخره ، وأتمنى أن يصل إلى العقول ولا يتوقف عند شبكة العين فقط !
__________________
اللهم أرحم شهدائنا الأبرار