عرض مشاركة مفردة
  #25  
قديم 12-06-2006, 11:24 AM
صلاح الدين القاسمي صلاح الدين القاسمي غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: May 2003
الإقامة: افريقية - TUNISIA
المشاركات: 2,158
Smile بقية مقالة الدكتور منير شفيق

إقتباس:

يمكن القول هنا إن إدارة الصراع من جانب كل الأطراف للملف النووي الإيراني دخل مستوى أعلى من حيث المناورة السياسية، لكن دون أن يتغير الموقف الجوهري لكل طرف.

فأميركا وأوروبا ما زالتا مصرتين على أن موضوع امتلاك إيران حقها في التخصيب والمضي ببرنامجها مرفوض مطلقاً، وهو ما يجب أن يثبّت في أي اتفاق حول الموضوع.

أما إيران فما زالت حتى هذه اللحظة متمسكة بحقها الثابت في امتلاك القدرة النووية والتخصيب للأغراض السلمية والعلمية البحتة، في حين أن الموقفين الصيني والروسي يريدان إيجاد حل لهذه المعضلة تقبل به إيران وأميركا.

أما أوروبا فموقفها لا يختلف عن الموقف الأميركي، بما في ذلك فرض العقوبات وإن لم يحسم موضوع تأييد الحرب أو المشاركة فيها في حالة وصول أميركا وإسرائيل إلى نقطة تنفيذ قرارهما بشن الحرب (العدوان) إذا فشل نزع البرنامج النووي كلياً من يد إيران عبر الضغوط الدبلوماسية أو العقوبات الاقتصادية.

البعض منذ البداية لم يصدق ولا يريد أن يصدق

وجود تناقض أو صراع أميركي-إيراني أصلا، وإنما

يعتبر أن الطرفين متفاهمان إلى حد التعاون الكامل

إن لم يكن التحالف، وسيظل هؤلاء كما يبدو على

رأيهم حتى لو رأوا الصواريخ الأميركية تضرب

إيران.


وهكذا تغيب "الأيديولوجيا" -المستندة إلى تحليل جزئي لبعض الحالات- كل الوقائع التي تعاكس ما تذهب إليه من أحكام، كأن كل ما جرى ويجري من صراع وتدخلات دول أخرى حول البرنامج النووي الإيراني مجرد مسرحية لا علاقة لها بالواقع؟

هذا ناهيك عن عدم رؤية القطبية الدبلوماسية الأميركية-الإيرانية منذ العام 1980 حتى اليوم، وما صدر من قرارات أميركية بمقاطعة إيران ومعاقبة من يتعامل معها (قانون داماتو)، أو اعتراضها الحاكم على سياسات إيران في الموضوع الفلسطيني واللبناني والسوري، أو في كل ما يتعلق بالمشروع الإسرائيلي في المنطقة.

وهنالك بعض آخر يعتبر أن ثمة صفقة منجزة أو هي قيد الإنجاز بين أميركا وإيران، رغم عدم وجود دلائل مادية ملموسة على ما يذهب إليه سوى تسريبات أو تغليب الأماني والتوقعات على صراع ما زال يقترب نحو الحرب أكثر مما يقترب نحو الصفقة حتى على مستوى ضيق.
فنحن الآن أمام الوقائع التالية:
إقتباس:
  • ثمة قرار حاسم لدى أميركا ومعها إسرائيل باللجوء إلى القوة -وفي أعلى مستوياتها- إذا أصرت إيران على التخصيب النووي والمضي بأبحاثها النووية، فكل ما يجري من نشاط دبلوماسي ومناورات وعروض لصفقة، مشروط بتخلي إيران عن التخصيب والأبحاث النووية تخلياً كاملاً، وليس هنالك أية بادرة تشير إلى أن أميركا يمكن أن تقبل بحل وسط حول هذا التخصيب وتلك الأبحاث حتى لو كان الموقع في روسيا لكن ضمن مشاركة إيرانية مباشرة فيه.
  • أما إيران فلقمتها وصلت إلى الفم في امتلاك قدرة التخصيب وتداعياته على نهضتها ومكانتها العالمية والإقليمية ويراد منها أن تعود إلى المربع الأول. وبديهي أن مثل هذا القرار صعب جدا جدا، والذين يظنون أن ما يعرض من صفقة مقابلة يمكن أن توازيه أو تعوضه يخطئون -موضوعيا- كما من وجهة نظر الإستراتيجية الإيرانية. فلا شيء يمكن أن يوصل إلى المساومة غير التهديد بالحرب وخوف إيران من هذه الحرب.
"
العالم الآن يتهيأ لما تعده الولايات المتحدة والدولة العبرية من عدوان عسكري على إيران، من أجل تجنبه ودرء مخاطره الشديدة على أكثر من صعيد ومنطقة ومجال
"



وهذا الشرط الأخير لا بوادر عليه حتى الآن لا من زاوية الخوف أو من زاوية المفاضلة بين المأخوذ والمعروض، فالمأخوذ يجب تسليمه كاملاً والمعروض على أقساط وبلا أية ضمانات حقيقية.



ولهذا يكون الملف النووي الإيراني قد ارتفع بالصراع مع الخطوة الأميركية الأخيرة إلى مستوى أعلى لأنها خطوة باتجاه العقوبات فالحرب، وليست مجرد تراجع باتجاه الإقرار ولو جزئيا بحق امتلاك إيران القدرة النووية ولو تحت أعلى درجات المراقبة والتحكم في عدم وصولها إلى قدرة نووية عسكرية (القنبلة)، فالتراجع هنا كان عن العناد السابق برفض التفاوض لكن ليس عن الموقف الأساسي.

إيران من جهتها ما زال قرارها الاستمساك بحقها وعدم الخوف من تهديدات "العصا"، وعدم الارتخاء أمام ما يسمى" الجزرة "، وما عدا ذلك فمن قبيل التخمينات والتوقعات وليس الاستناد إلى الوقائع والملموسات والممارسات، وإذا تغير الوضع فلكل حادث حديث.

وبكلمة، العالم الآن يتهيأ لما تعده الولايات المتحدة والدولة العبرية من عدوان عسكري على إيران، من أجل تجنبه ودرء مخاطره الشديدة على أكثر من صعيد ومنطقة ومجال، وهذا يفسر لجوء البعض إلى تغليب أمانيهم بوجود صفقة أو بنجاح ما يجري من محاولة إنجاز صفقة.
ومن هنا فإن احتمالات ما ستواجهه القضايا الملتهبة الأخرى في منطقتنا العربية لا سيما في العراق وفلسطين ولبنان، متوقفة على نتائج ما يجري من صراع حول الملف النووي الإيراني أنى كانت النتيجة أو النتائج.

وأخيراً إذا مال البعض أكثر إلى إيجاد حل ما لمشكلة البرنامج النووي باستبعاد العقوبات وما تحمله من تأزيم أو بتجنب الوصول إلى الحرب، فإن قضايا كثيرة ستبقى نقاط صراع حاد أميركي-إيراني، ابتداء من المشكلة مع النظام نفسه مرورا بالعراق ووصولا إلى سوريا ولبنان وفلسطين وما يسمى عملية التسوية ومشروع الشرق الأوسط الكبير مما يوجب إسقاط وهم الصفقة الشاملة قطعاً.

___________
كاتب فلسطيني


المصدر:الجزيرة



(( ))