عرض مشاركة مفردة
  #2  
قديم 09-03-2004, 11:51 PM
شوكت شوكت غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2001
المشاركات: 348
إفتراضي

وهكذا يتضح ان اعمال العنف والارهاب التي تقوم بها المجموعات المناوئة للاحتلال اصبحت مظلة تتفيأ بها الاستخبارات الاسرائيلية علي وجه الخصوص. فبرغم توفر معلومات لدي القوات الامريكية بوجود خطط لاعمال ارهابية ضد الشيعة يوم عاشوراء، فقد فشلت تلك القوات في اتخاذ ما يلزم من احتياطات، الامر الذي يثير الكثير من الشكوك. الملاحظ ان بشاعة ما جري في كربلاء بحق المشاركين في مراسم احياء المناسبة الاليمة، لم يترك مجالا للشك في نفوس الكثيرين بان مرتكبي تلك الجرائم ليسوا سوي المحسوبين علي التيار السلفي وتنظيم القاعدة ، وساهمت السياسة الاعلامية لقوات التحالف في تكريس ذلك الانطباع، بحيث لم يعد هناك مجال في اذهان الاغلبية الساحقة للتشكيك في هوية مرتكبيها. بينما ليس هناك مانع عقلي او سياسي من افتراض وجود أيد اسرائيلية وراءها. وقد اصدر تنظيم القاعدة نفيا بان يكون وراء تلك الجرائم، ولكن من يستطيع تصديق بيان صغير في مقابل وسائل الاعلام الهائلة التي تبنت فرضية دور القاعدة.
المشكلة التي تواجه الموقف الاسلامي عموما انه اصبح رهينة لشعارات تطرح بعيدا عن مصاديقها العملية. فشعار محاربة الاحتلال اصبح سائدا ودافعا لدعم الاعمال العسكرية ضد الاحتلال. وبرغم ما فيه من ايجابية، فقد اصبح الموقف الاسلامي مرتهنا له، فاصبح مطالبا بدعم كل اعمال العنف حتي التي تطال العراقيين. وبسبب تداخل الوضع، اصبحت هناك حالة من عدم الوضوح ازاء ما حدث في العاشر من المحرم. فرد الفعل الاولي انه ارتكب من قبل القاعدة او التيار السلفي، لانه جاء علي خلفية وثيقة ابو مصعب الزرقاوي . ولم يعد هناك قبول لافتراض دور اسرائيلي في الجريمة. ولا بد هناك من التفريق بين وضعين: الوضع الفلسطيني والوضع العراقي. ففي فلسطين هناك اجماع علي مواجهة الاحتلال بكل الوسائل المشروعة، بما فيها العمل المسلح. والاحتلال الاسرائيلي ليس مؤقتا بل هو حالة دائمة، يقوم علي اساس الشعور الاسرائيلي بان فلسطين ارضهم وانهم ليسوا محتلين. بينما في العراق، يعترف الامريكيون والبريطانيون ومعهم الامم المتحدة انهم محتلون، ولكنه احتلال مؤقت وبالتالي فهم لا يدعون ملكيتهم او حقهم في ارض العراق. وبسبب هذه الحقيقة ليس هناك اجماع عراقي علي الكفاح المسلح ضد الاحتلال، باعتباره حالة مؤقتة وان المحتلين الزموا انفسهم بالانسحاب وتسليم السلطة الي العراقيين وفق اطار زمني محدد. وفي ضوء هذه الحقيقة اصبح الصراع، في نظر معارضي العمل العسكري، يتمثل باسترداد السيادة العراقية الكاملة في اقصر وقت ممكن عن طريق المفاوضات والاداء علي ارض الواقع. اما العمل العسكري، في نظرهم، فمن شأنه اطالة امد الاحتلال وتكبيد البلاد المزيد من الخسائر البشرية والمادية. الاشكالية الاخري التي لا جدال فيها ايضا هي ان الامريكيين لديهم اطماع كبيرة في العراق، وانهم فشلوا في توفير حماية كافية للمواطنين، ولم يسمحوا لهم بحماية انفسهم، وانهم فتحوا البلاد امام الوجود الاسرائيلي، ووفروا للاستخبارات الاسرائيلية مجالا للتصرف بالشكل الذي يرتأونه. وهذا يعزز الاعتقاد بان الاسرائيليين دخلوا علي خط اعمال الاغتيال بشكل انتقائي ومنظم، وان مصلحتهم ربما اقتضت القيام باعمال ارهابية كالتي حدثت في عاشوراء. وثمة تساؤل عن مدي ارتباط تفجيرات النجف والكاظمية بالعمل الارهابي الذي استهدف الشيعة في مدينة كويتا الباكستانية وادي الي قتل اريعين من المشاركين في مراسم العزاء في ذكري استشهاد الامام الحسين بن علي (ع). فقد اتهمت في السابق جماعات من المتطرفين السنة باستهداف الشيعة ورموزهم في باكستان، وفي مقدمتهم جيش الصحابة ، وبالتالي اصبح ممكنا افتراض ان الجريمة الاخيرة ارتكبت علي ايدي الجماعات نفسها. ولكن هل من المستبعد وجود ايد معادية للمسلمين في تأجيج تلك الصراعات والاعمال لتكريس الفرقة بين المسلمين؟ لقد مارس الفرنسيون في الجزائر اسلوب الاقتتال الداخلي بين الجزائريين بتجنيد بعضهم ضد الآخر، وحققوا قدرا من النجاح. المشكلة ان الواقع الاسلامي المرير هو الذي يتيح للآخرين فرصة التدخل بشكل لا يثير الشكوك، مهما كان مدي جرمه.
في ضوء ما تقدم، وبغض النظر عن هوية مرتكبي جرائم العاشوراء، فمن الضروري ان تكون هناك شجاعة لدي فقهاء الامة ومؤسساتها الاسلامية، لاصدار فتاوي تحرم قتل المسلم البريء، واعتبار ما حدث في عاشوراء جريمة بحق المسلمين، لا يقرها دين او مبدأ ولا يمكن تبريرها. فاستهداف الابرياء، مسلمين او غير مسلمين، حرام، لان الله اعطي للانسان حرمته ومنحه حقه بالحياة، فلا يجوز انتهاك هذه المبادئ الاسلامية ـ الانسانية[/font]