عرض مشاركة مفردة
  #28  
قديم 30-01-2003, 08:00 PM
السلفيالمحتار السلفيالمحتار غير متصل
لست عنصريا ولا مذهبيا
 
تاريخ التّسجيل: Mar 2002
المشاركات: 1,578
إرسال رسالة عبر بريد الياهو إلى السلفيالمحتار
إفتراضي

ومبرراته

حتي الآن، لا تبدو في المملكة بوادر تشير الي عزم ونيّة قويّة باتجاه الإصلاحات. فيما عدا هامش الحرية (الملحوظ) في الصحافة السعودية منذ نحو ثلاثة أشهر، فإن التوجّه نحو التشدد والقمع أكثر منه نحو الإصلاح، بشكل جعل مثقفي المملكة في حيرة من أمرهم من الإشارات المتناقضة، والتي تعكس التناقض الداخلي في العائلة المالكة نفسها.
هناك أكثرية بين النخب المثقفة تعتقد بأن التيار المتشدد لازال هو الأقوي داخل العائلة المالكة، ويستند هؤلاء في هذا الي شواهد عديدة، من بينها أن أجهزة الأمن أبلغت معظم إن لم يكن كل الشخصيات الفاعلة بعدم الحديث مع القنوات الفضائية العربية، وقد كان أمر المنع الذي بدئ بإبلاغه لهم علي شكل فردي ومن خلال قنوات متعددة مباشرة في الصيف الماضي، قد اقتصر علي عدم الحديث الي (قناة الجزيرة).. وهو أمرٌ يمكن تفهّم حساسيته لدي الأمراء السعوديين في ظل الخلافات بين البلدين. لكن الأمر تطوّر الي عدم الحديث الي أيّ قناة فضائية عربية بما فيها المنار والقناة الفضائية العراقية والقنوات اللندنية المعروفة. ثم تطوّر الأمر أكثر كما شهدناه خلال الأسابيع الماضية الي الضغط العنيف علي قنوات عربية لإخماد صوتها (NTV نموذجاً) أو شراء بعضها الآخر. ومثل هذا يعكس الإمعان في التشدّد، خاصة وأن عدداً من المثقفين قد سحبت جوازات سفرهم لهذا السبب. فمن لا يقبل بحرية إعلام عربي في الخارج، هل يمكن أن يقبلها في داخل بلده؟! وهل هذا سلوك من يريد إصلاحات سياسية داخلية فضلاً عن أن تكون شاملة لكل الأنظمة العربية؟
ومن الشواهد التي يسوقها هذا الفريق تقول بأن المسطرة التي يمكن من خلالها قياس الرغبة في التغيير لدي الأمراء هي درجة العلاقة مع التيار السلفي. فلا يمكن أن يلتقي الطرفان ـ كما يشهد بذلك تاريخ المملكة منذ أن تأسست ـ إلاّ بغرض قمع الأصوات اللبرالية ومواجهة الإصلاح. وبدل أن تؤدي الضغوط الداخلية الشديدة وكذلك الخارجية لتحجيم التيار السلفي، وتقليص صلاحياته، يري هذا الفريق أنها ازدادت في مجال الإعلام الرسمي (التلفزيون خاصة)، ومهندس هذا المحور هو الأمير نايف وزير الداخلية نفسه، الذي ما فتيء مدافعاً عن أخطاء هذا التيار في كل مقابلاته الماضية. وعموماً لا يمكن أن تكون وزارات الداخلية في كل بلدان العالم الثالث سوي خزّاناً للتشدد ومكافحة التغيير.
صاحب هذا، حملة عارمة في سحب جوازات سفر آلاف من المواطنين بمن فيهم مرضي، بسبب ماضيهم السياسي، أو عقاباً لمخالفات شديدة التفاهة. وكذلك لم يطلق سراح أحد من المعتقلين السياسيين (خاصة بين الشيعة) الذين كما يعلم أكثر الأمراء بأنه لا يوجد مبرر لاعتقالهم في الأساس، ولم توجه لهم تهمة حتي الآن رغم مضي سنوات طويلة. زد علي ذلك تصاعد خنق كثير من الأصوات اللبرالية ومنعها من الكتابة، أو حتي منعها من التدريس (متروك الفالح نموذجاً).
كل هذه مؤشرات الي التوجه المتشدد الغالب في العائلة المالكة.
أما تبرير هذا التشدد، فإنّ القائلين به يعتقدون بأن العائلة المالكة حين حوصرت بالمشاكل، وحين بدأ الرأي العام يميل الي الإعتقاد بحقيقة (ضعف الدولة أو نظام الحكم) وأخذ بالتحفّز لممارسة حقوقه وتحدّي الحظر المفروض عليه.. حين حدث ذلك، رأي الجناح المتشدد (الأمير نايف بالخصوص) أنه لا بدّ من إيقاف هذا التمدّد الشعبي، وإظهار العائلة المالكة بأنها لا تزال قويّة، وأنها تستطيع أن (تضرب بيد من حديد) كما كانت تفعل في الماضي. بكلمة أخري، فإن الغرض من التشدد أو العنف هو تأكيد الذات قوّةً وعنفواناً وبطشاً، وترسيخ مفاعيل الخوف والرهبة لدي الشعب ونخبه وكسر إرادتهما التي بدأت بالإنطلاق.
أما التبرير الآخر للتشدّد، فهو الإقتناع لدي الشريحة الأقوي والأكبر بين أمراء العائلة المالكة، بأن ما يطالب به الآخرون لا يدخل ضمن الحقوق، بل هو تعدٍّ (من الشعب) علي حقوق العائلة المالكة في حقها المطلق في الحكم وفي (تملّك) الدولة. وهذا ما دعا الناشط السعودي الدكتور علي اليامي ـ المقيم في واشنطن ـ الي ابتداع مصطلح جديد في دعوته (في البرلمان البريطاني في كلمة له حول الإصلاحات في السعودية تحت إشراف المعهد السعودي في 14 يناير) الي (تغيير المِلْكِيّة ـ التملّك) Changing Ownership، أي تغيير ملكية الدولة من العائلة المالكة الي الشعب كشرط أساسي لتحقيق الحريات. ذات الأمر أشار إليه الدكتور متروك الفالح في دراسته عن تداعيات أحداث سبتمبر علي السعودية، والتي نشرت في جريدة القدس في(26/4 ـ 1/5/2002). المعني المراد إيصاله هنا، هو أن العائلة المالكة لازالت تتصرّف في الدولة باعتبارها ملكاً شخصياً عن قناعة مترسّخة تذكرنا بنظرائها الذين كان الملك منهم يقول: (أنا الدولة والدولة أنا). إن سيادة مثل هذا المفهوم يقطع الأمل ببروز إصلاحات حقيقية في السعودية.
والتبرير الثالث لاستدامة التشدّد ورفض الإصلاح، هو تفكّك العائلة المالكة نفسها واختلافها حول موضوع الإصلاح. ولا يبدو حتي الآن أن الأمير عبد الله قادر علي فرض ذاته كرأس للدولة بدون منازع، وإن كان هذا الأمر غير مستبعد الحدوث في المستقبل رغم صعوبته الشديدة. ومع ذلك، فإن دخول العائلة المالكة بدون إجماع حقيقي في العملية التغييرية قد يسبب مصاعب لجميع الأطراف، وقد يؤدّي ذلك الي انشقاق علني في أجهزة الدولة بأكثر مما هو عليه الآن (والذي يتمظهر في صيغة تقاسم الحصص) وربما زاد الأمر سوءً إذا ما تطلبّت ظروف النزاع الي استدعاء (الشارع ونخبه) لصالح هذا الجناح أو ذاك، علي النحو الذي شهدته المملكة من صراع علي الحكم بين عامي 1958-1964، ولنفس الأسباب: الإصلاح! ولا نظن أن الأمراء ـ بمن فيهم ولي العهد ـ يريدون تكرار تلك التجربة التي كادت تعصف بالحكم، والتي تغلّب فيها في النهاية دعاة الإستبداد، وهم من يمسك بعصب السلطة اليوم. في مثل هذه الظروف قد تكون الأمور أخطر بكثير مما حدث في التاريخ، فاحتمالات تطوّر النزاع الي استخدام كل الأسلحة الدينية والسياسية والعسكرية والإعلامية والشعبية أمرٌ غير مستبعد، إذا ما تمّ خرق التوازنات داخل العائلة المالكة.
وعموماً، فإن الشعور الجمعي في العائلة المالكة يقول: إن لم نتفق علي الإصلاحات السياسية، فالأمور تسير (حسب ما اتفق عليه سابقاً). وإن مقاومة الإصلاح بوحدة العائلة المالكة، خير من دخولها فيه مشتتة متنازعة بشأنه، لأن كلا الطرفين سيكون خاسراً؛ إذ لا فائدة من إصلاحات ـ من وجهة نظرهم ـ تؤدّي الي تمزيق العائلة المالكة أو الي المزيد من إضعافها، أو حتي تسقيطها شعبياً، او كشف الخلافات بين أجنحتها الي العلن.
والسبب الرابع والأخير في اعتماد نهج التشدّد، هو أن العائلة المالكة وقد أدركتها موجة الأحداث السياسية العاصفة منذ أحداث سبتمبر علي حين غفلة وبشكل مفاجئ لم يتح لها فرصة لتدبّر أمرها في هدوء، ووفق مدّة زمنية اعتادت أن تطيلها الي سنوات وسنوات فيما مضي، مثلما كان الحال بعيد حرب الخليج الثانية. في الوقت الحالي هم مطالبون تحت ضغط الأحداث بإجراء التغييرات بسرعة لا تتفق معها سجيتهم، ولا مع طبيعتهم المماطلة والمحافظة خاصة بالنسبة لأشخاص ذرّفوا علي الثمانين من العمر، فضلاً عن أن الولايات المتحدة والوضع الداخلي لا يميل الي إعطاء الأمراء فرصاً زمنيّة حتي تخرج الإصلاحات بالطريقة التي يريدونها. لو خرجت الإصلاحات اليوم، فالجميع يعلم بأن العائلة المالكة إنما أقدمت عليها مجبرة، وهي لا تريد أن تظهر الي شعبها كذلك. وليس أمامها إلاّ أن تقاوم الضغوط بكلّ الوسائل الممكنة بما فيها تقوية التحالف التاريخي بينها وبين (السلفية السعودية) أنّي كانت النتائج. وهذا ما هو حاصل فعلاً الي حدّ أن جناح الأمير عبد الله وفي مهرجان الجنادرية الأخير فاجأ السعوديين قبل غيرهم بوجود رموز للتطرف السلفي جيء بهم ليتحدثوا عن (الإعتدال وثقافة التسامح)!! وهم الذين يكفرون أكثر من نصف الشعب السعودي نفسه!
وزيادة علي هذا، فإن أكثرية الأمراء ينتابهم الرعب من أن تكون الإصلاحات مهما صغر حجمها بداية العدّ العكسي للعائلة المالكة.. ذلك أن التنمية السياسية عملية متواصلة، وفتح ثقب ولو كان بالإبرة الصغيرة قد يؤدي الي (فرقعة) كبيرة فيما بعد. وإذا كان الأمراء علي استعداد للتنازل بصورة من الصور عن بعض صلاحياتهم الآن، وهو لم يحدث، فإنهم يشعرون بأن زخم التغيير قد يزيلهم من الوجود في المحصلة النهائية. والأمراء أنفسهم يتحدثون ـ فعلاً ـ عن تجربة غورباتشوف، وكيف أدّت الي النهاية غير المأسوف عليها للإتحاد السوفياتي، لكنهم قد لا يريدون أن يتذكروا أن المصير نفسه حدث في يوغسلافيا بدون إصلاحات، وهو النموذج الأقرب للتطبيق في السعودية، والأكثر شبهاً بها.
حقاً .. إن الإصلاحات المتأخرة جداً (قد) تودي بنظام الحكم وتطيح بالدولة نفسها. ومما لا شكّ فيه بأن الإصلاحات في السعودية متأخرة.. بل هي متأخرة جداً، ولكن شروط سقوط الدولة السعودية لم يتحقق بعد. وكما تنبّأ الكثيرون ـ وبينهم الدكتور الفالح والدكتور خالد الرشيد في دراسته الرائعة حول إشكالية الوحدة ودوافع التقسيم في السعودية ـ فإن الإصلاحات قد تمضي علي الأرجح بسلام في السعودية، وتأخيرها أكثر قد يؤدي الي انهيار الدولة بنوازع تقسيمية داخلية ودفع خارجي. وكان المفكر السعودي تركي الحمد، قد أشار بطرف في أحد مقالاته الي هذا الأمر (واللبيب بالإشارة يفهم) حين قال بأن الإصلاحات في السعودية كان ينبغي أن تتمّ في التسعينات حين أعلنت الأنظمة الثلاثة، أي قبل عقد من الزمان. وفي مقالة آخري تحدث عن توقف إصلاحات خرتشوف في الخمسينيات وكيف أنها بعد ثلاثة عقود غيّرت مجري التاريخ. باختصار مفيد، هناك من يعتقد بين الأمراء، أن الحكم السعودي قد يستمر فترة أطول مع (الإستبداد) منه مع الديمقراطية والتغيير التدريجي الذي (قد) يتحول الي راديكالي. كأنّ التحليل هذا يصوّر (الدولة) السعودية برجل مبتلي بمرض خطير رفض العلاج منه مدّة من الزمن لعدم قناعته بأنه في الأصل مريض، فتطوّر المرض وهو يعتقد حين بدأ يشعر به بأن كبسولات الأسبرين والمهدئات تحلّ مشكلته. وحين اقتنع بخطورة المرض، رفض إجراء العملية الجراحية، باختصار خوفاً من الموت مفضلاً أن يموت حتف أنفه!


وسيكون اخر رد لي ومشاركة معاكم على هذا المنتدى وبانتظار رسائلكم على عنواني الموضح ادناه

من الكويت الصغيرة

الرميثية قطعة رقم _هاه
__________________
من روائع شعري
يمامتي
ابيحوا قتلي او طوقوا فكري سياجا
فان قتلي في دجى الليل سراجا
EMAIL=candlelights144@hotmail.com]لمراسلتي عبر الإيميل[/email]