عرض مشاركة مفردة
  #42  
قديم 06-09-2007, 09:54 PM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

مصر في العهد الحديث

أولا: مصر في العهد العثماني 1517ـ 1898

يمكن القول أن مصر قد فقدت استقلاليتها بعد أن بسط العثمانيون نفوذهم عليها، وقد ابتكر والي مصر طريقة في إدارة شؤون مصر بالتعاون مع أمراء المماليك، وبقيت مصر في حالة ركود شأنها شأن الولايات العربية، طيلة أربعة قرون .. وقد اختلت العلاقة بين الوالي وأمراء المماليك في منتصف القرن الثامن عشر، فخرج المماليك بصيغة جديدة لاستعادة الحكم من العثمانيين، فظهرت صيغة (شيخ البلد) وقد استولى شيخ البلد (علي بك الكبير1755ـ1772) على مصر بشكل فعلي، ويمكن القول أن مصر قد استقلت في عهده عن العثمانيين، وقد أصدر السلطان (عبد الحميد الأول) فرمانا أمر بعزل (علي بك) عن منصب شيخ البلد في مصر، ولكن الأخير لم يذعن للفرمان وبدأ يتحرك لتكوين دولة واسعة له، فاستولى على (مكة) سنة 1770بفضل قائده (محمد بك أبو الذهب) ثم استولى على (دمشق) عام 1771ثم استولى على عكا والرملة ويافا وغزة عام 1775، ولكنه توفي فجأة بعد أن قضى على قائده (محمد بك أبو الذهب) الذي استطاع السلطان العثماني أن يكسبه لجانبه، فارتد على شيخ البلد.. بعد موت (علي بك) عمت الفوضى في مصر في عهد(ابراهيم بك)و (مراد بك) واستمرت الحالة هكذا حتى احتلال مصر على يد نابليون بونابرت عام 1798

ثانيا: الحملة الفرنسية

رغم قصرها فإن الحملة الفرنسية على مصر والتي لم تزد عن ثلاث سنوات، فإنها أحدثت تغييرا كبيرا في نقل مصر من امتداد مصر في ماضيها السحيق، نحو فهم وتمهيد لحياة عصرية تتماشى مع التغيير الكبير في العالم، لذا فإن سر سبق مصر لشقيقاتها العربيات قد يكون أحد أسبابه الحملة الفرنسية وما تلاها من وثوب نحو التغيير لتحصين مصر من التدخل الخارجي .. وقد قامت عدة ثورات على الفرنسيين الذين دخلوا في تموز/يوليو1798..وفي القاهرة كان ثورتان، الأولى في أكتوبر/تشرين الأولى 1798والثانية في 20/3/ـ21/4/1800، وتم قتل كليبر نائب نابليون في مصر بتاريخ 14/6/1800 على يد (سليمان الحلبي) بطعنة.. مما عجل في خروج الفرنسيين في سبتمبر/أيلول 1801.. ليعود العثمانيون والمماليك مرة أخرى للصراع على حكم مصر وتغرق مصر في فوضى جديدة..

ثالثا: مصر في عهد محمد علي

استقوت الطبقة الوسطى إبان المقاومة ضد الفرنسيين، وعلا شأنها وانتزعت مكانة الوجاهة من المماليك، وناددت العثمانيين، وفرضت عليهم أن تختار محمد علي الألباني الأصل والذي قدم مع الجيش العثماني لطرد الفرنسيين الذين كانوا قد غادروا مصر بفعل المقاومة قبل وصول الجيش العثماني .. وجعلته الطبقة الوسطى المستحدثة بفعل الحملة الفرنسية حاكما على مصر في مايو/أيار1805 ليبدأ عهد جديد في تاريخ مصر ..

عقد محمد علي العزم على اتخاذ مصر وطنا له ولأبنائه، فتخلص من زعامة شعبية من نقابة الأشراف المتمثلة ب (عمر مكرم) ونفيه الى دمياط في 19/8/1809، وبعد أقل من عامين قام بمذبحة القلعة المشهورة ضد المماليك في شهر آذار/مارس 1811وفي العام الثاني قام ابنه (ابراهيم) بمذبحة أخرى كبيرة في (أسنا) استأصل فيها شأفة المماليك من مصر الى الأبد.

وفي عام 1813 قام محمد علي بالاستيلاء على وسائل الإنتاج واعتبر ممتلكات المماليك غنائم حرب، وانفك من التزاماته المالية المترتبة على ما قبله وقسم مصر الى سبع مديريات ضمن من خلالها الإشراف على إدارة البلاد.

ولتحقيق طموحاته انتبه لتأمين دولته بجيش قوي، ورغم أن جيش مصر الذي حقق به محمد علي انتصارات هامة في الحجاز والسودان، فإن تكوينه من خليط من الترك والألبان والمغاربة والدلاة، فإنه حسب أنه لو واجه جيوشا أوروبية فلن يستطيع الصمود، لذا اعتمد على المصريين والسودانيين الذين أخضع بلادهم لسيطرته عام 1820، وكان يستقدم ضباطا من أوروبا لتدريب الجيش، كما استفاد من تقنيات الروس الذين كانوا يطمحون بوضع قدم لهم في المنطقة متنافسين مع الأوروبيين الذين كانوا يتربصون معهم بالانقضاض على الدولة العثمانية المترنحة (الرجل المريض) .. فأسس مصانع الأسلحة والذخائر ..

وفي الجانب الاقتصادي والعلمي، بعث الطلبة لأوروبا للتزود بالعلوم الإدارية والتقنية الضرورية، كما شيد القناطر الخيرية لتنظيم الري ..

تطلع محمد علي لتكوين إمبراطورية عربية مركزية، سعى فيها لضم السودان والحبشة والحجاز واليمن وبلاد الشام وهزم الأتراك في (نصيبين) غرب الفرات هزيمة منكرة في 24/6/1839، تم بعدها استسلام الجيش والأسطول العثماني وأصبحت الدولة العثمانية عمليا بلا جيش، ولكن الدول الأوروبية (فرنسا بريطانيا، بلجيكا، البرتغال، إسبانيا، إيطاليا) تدخلت وحشدت جيوشها، فأجبرت محمد علي وابنه ابراهيم على من خلال عدة معاهدات متتالية ابتدأت من معاهدة لندن 1840وانتهت بمرسوم سلطاني تم إملاء محتواه من قبل الدول الأوروبية، قضى بتخفيض جيش محمد علي من (540)ألف جندي الى (18) ألف جندي، كما قضى بتدمير مصانع السلاح والعتاد! .. مقابل إعطاء محمد علي الحق في حكم مصر وبلاد النوبة ودارفور .. وهكذا دب الضعف في جسم الدولة المصرية التي لم تحقق أحلام قيادتها الى نهايتها ..

رابعا: الثورة العرابية

كما أسلفنا، فإن اتفاقية 1840 كانت بداية الإيذان بتغلغل القوى الأوروبية في شؤون مصر الداخلية، والتي تجلت في عهد (الخديوي إسماعيل) الذي أرهق مصر بديون أوروبية وبالذات بريطانية. في المقابل، فإن طبقة من ملاك الأراضي والتي كان أعيانها قد استفادوا بأواخر حكم محمد علي بتمليكهم (أبعاديات وجفالك)، كانت ترقب سلوك الخديوي ولا ترضى عنه، حيث أنها أصبحت في خطر التدخل الأجنبي الذي سيهدد وضعها المستحدث، فغدت وكأنها معارضة جادة للخديوي، الذي اضطرته مضايقات الدائنين الأوروبيين من التحالف مع تلك الطبقة .. فصالحها بوضع دستور وتأسيس مجلس (شورى النواب) في 1866.. فأخذ ساعد هذا المجلس يشتد شيئا فشيئا حتى رضخ لمطالبهم في عامي 1877 وعام 1879 في إعطائهم صلاحيات مجالس نواب أوروبا، ليساعدوه في التخلص من اتفاقياته مع الأجانب الذين أرغموه ـ حسب إدعائه ـ على التوقيع على الاتفاقيات ..

تدخلت الدول الأوروبية فطلبوا من السلطان العثماني الذي كان يتدخل اسميا قي شؤون مصر، فتم خلع اسماعيل وتنصيب الخديوي (توفيق) مكانه في 27/6/1879 .. الذي عطل الدستور وحل البرلمان ..

ظهرت بذلك حركة ضباط وطنيين بقيادة (احمد عرابي) والذين حاولت الحكومة العميلة أن تغتالهم في حادثة (قصر النيل) في 31/1/1881 والتي لم يخلصهم من الغدر إلا هجوم صاعق من (البكباشي محمد عبيد) ..

من هنا اكتشف عرابي أن البيئة مناسبة لتكوين حركة وطنية داخل القوات المسلحة، فقاد ضباط الجيش مظاهرة (عابدين) في 9/9/1881 وقدمت مطالب تمثلت بإقالة الحكومة العميلة ورفع أعداد الجيش الوطني وإعادة العمل بالبرلمان
فانتبهت كل من بريطانيا وفرنسا التي وقفت الى جانب الخديوي في معارضتها للمطالب تلك .. لكن الجيش كان أقوى من ذلك فوضع ناظرا على الخديوي وأصبح عرابي في 28/5/1882 هو الحاكم الفعلي لمصر .. وبقي حتى تدخلت بريطانيا عسكريا في 11/7/1882
__________________
ابن حوران
الرد مع إقتباس