عرض مشاركة مفردة
  #24  
قديم 05-10-2003, 02:22 AM
مسلم فاهم مسلم فاهم غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2003
المشاركات: 518
إفتراضي

جزاك الله خيرا اخي الكريم الوافي ... هم كفرونا منذ زمن ولكن ( نحن لهم بالمرصاد ) . - تعجبنى هذه الكلمة جدا- .

نواصل شرح هذه العقيدة الجليلة :

قال رحمه الله :

بسم الله الرحمن الرحيم
/ قَديمٌ بلا ابتدَاء، دَائمٌ بلا انْتهاء..
لا يَفنَى ولا يَبيدُ، ولا يكونُ إلا ما يُريدُ.
لا تَبلُغُه الأوْهَامُ، ولا تُدْركُهُ الأفْهَامُ.
وَلا يُشْبِهُ الأنَامَ.
حَيٌّ لا يَمُوتُ، قَيُّومٌ لا يَنَامُ.
خَاِلقٌ بِلا حَاجَة، رَازقٌ بلا مَؤُونَة.
مُمِيتٌ بِلا مَخَافَةٍ، بَاعِثٌ بِلا مَشَقَّةٍ.

[الشرح]

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين. أما بعد:
فأسـأل الله جل وعلا لي ولكم العلم النافع والعمل الصالح، اللهم اجعلنا من عبادك المتّقين، نعوذ بك من الضلال بعد الهدى، من الكفر بعد الإيمان نسأل الله الثبات على الإيمان حتى الممات.
هذه الجمل من هذه العقيدة المختصرة؛ عقيدة الإمام الطحاوي رحمه الله وأجزل له المثوبة، اشتملت على جملة من صفات الله جل وعلا، وهي ليست راجعة إلى ترتيب معين؛ يعني في ذكر صفات لله جل وعلا أو في ذكر قواعد في الصفات، أو فيما يخالف فيه أهل السنة والجماعة غيرهم، إلا في بعضها كما سيأتي، وهذا كما ذكرنا لك من قبل راجع إلى أنه لم يرتّب هذه العقيدة على ترتيب موضوعي منهجي بحيث ينتقل من أنواع الإيمان إلى غيرها وبين أنواع الإيمان يعني أركان الإيمان وهكذا، ولهذا نذكر البيان على كل جملة بحسب ما اشتملت عليه، وفي ذلك إن شاء الله تعالى فوائد.
قال رحمه الله (قَديمٌ بلا ابتدَاء، دَائمٌ بلا انْتهاء.) أراد رحمه الله بذلك أن يبين أن الله جل وعلا منزّه عمّا خلق، فهو سبحانه خلق الزمان، والزمان لا يحويه، وكذلك خلق المكان، والمكان لا يحويه، سبحانه وتعالى، وذكر هنا أنّ الله جل وعلا سبق الزمان، وأيضا سيدوم بعد انتهاء الزمان بلا انتهاء، وهذا المعنى الذي أراده عبّر عنه بتعبير المتكلمين في أبدية الزمان في الماضي وفي المستقبل، وهذا خروج منهم عمّا جاء في النص من التعبير عن أبدية الزمان من الجهتين؛ وذلك أنّ أبدية الزمان يعني أنّ الله جل وعلا لا يوصف بأنه ابتدأ في زمان ولا أنه ينتهي في زمان لأن الزمان محدود مخلوق، والله سبحانه وتعالى كان قبل خلقه، وسيبقى سبحانه بلا انتهاء، هذا المعنى يُعبر عنه المتكلمون ويعبر عنه أهل العقائد المختلفة بأنواع من التعبير منها هذا الذي ذكره الطحاوي، ومن المعلوم أن التعبير الذي جاء في الكتاب والسنة وقول الحق جل وعلا ﴿ هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ﴾[الحديد:3]، وقوله سبحانه (هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ) هذا في المعنى الذي أراده الطحاوي، فهذا فسره النبي عليه الصلاة والسلام في دعائه «أنت الأول ليس قبلك شيء، وأنت الآخر ليس بعد شيء» فليس قبل الرب جل وعلا زمان، وليس بعده سبحانه وتعالى زمان، كما أنه ليس قبله شيء من المخلوقات، ولا بعده شيء أيضا من المخلوقات، وهذان الاسمان (الْأَوَّلُ) وَ(الْآخِرُ) دلاَّ على أنه سبحانه (قَديمٌ -كما ذكر- بلا ابتدَاء) وأنه (دَائمٌ-سبحانه- بلا انْتهاء)، وما جاء بوصف الله جل وعلا في القرآن وفي سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم هو الأكمل؛ بل هو الصحيح، وأما ما ذكر من الوصف، فسيأتي ما فيه في المسائل المتعلقة بهذه الجملة.
فإذن قوله (قَديمٌ بلا ابتدَاء، دَائمٌ بلا انْتهاء.) من جهة المعنى ومن جهة الدليل عرفتها، والمتكلمون يعنون بكلمة (قَديمٌ) غير ما يُعنى بها في اللغة، فإنهم يعنون بالقديم الذي تقدّم على غيره، والغيريّة هنا مطلقة بلا تقييد فتشمل كل ما هو غير الله جل وعلا يعني من جميع المخلوقات، فيكون قولهم في وصف الله بأنه (قَديمٌ) أو في أسماء الله بأنه سبحانه القديم يعنون به المتقدم علة غيره مطلقا، وهذا التقدم يشمل كل الأزمنة الماضية وزيادة، وبذلك احترز المصنف رحمه الله بقوله (قَديمٌ بلا ابتدَاء)؛ لأن كونه متقدما على غيره قد يكون من جهة التقسيم العقلي أنّ له ابتداء سبحانه معروف، وهذا مما لم يأذن الله جل وعلا لنا بعلمه، ولا تدركه أوهامنا ولا عقولنا ولا قلوبنا فلذاك قال (قَديمٌ بلا ابتدَاء) وهذا كما ذكرت لك اسم الله (الأول الذي ليس قبله شيء).
فإذن تعبير المتكلمين عن الرب جل وعلا عن اسمه الأول بكونه قديم وأنه القديم هذا أرادوا به غير المعنى اللغوي، وأما المعنى اللغوي فإنّ القديم هو الذي صار متقدما على غيره، وسيعقبه غيرُه، وقد سبقه غيره، كما قال جل وعلا ﴿وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ﴾[يس:39] وكقوله الحق جل وعلا ﴿وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هَذَا إِفْكٌ قَدِيمٌ﴾[الأحقاف:11]، وأشباه ذلك، والقِدم أو التقدم أو القَدم في اشتقاق هذه المادة في اللغة راجعة إلى ما تقدم على غيره، وهذا في اللغة, ومعلوم أن اللغة موضوعة للأشياء المحسوسة التي رآها، أو عرفها العرب، ولهذا دخل في اسم القديم المخلوقات، وإذا كان كذلك فإن القديم لا يوصف الله جل وعلا به كما سيأتي في المسائل.
إذن فكلمة (قَديمٌ بلا ابتدَاء) هذه عند المتكلمين لها معنى غير المعنى في اللغة، ومعناها عند المتكلمين كما ذكرتُ لك هو المتقدم على غيره. وفي اللغة المعنى أخص، المتقدم أو ما كان متقدما على غيره وتقدمه غيره، وهذا يجوز في اللغة، وهم لم يريدوا هذا المعنى، فلذلك جعلوا القديم من أسماء الله، وجعلوا القدم صفة للحق جل وعلا.
إذا تبين لك ذلك فقوله (قَديمٌ بلا ابتدَاء) هذا راجع إلى ما سُمِّي بالأزلية؛ بأزلية الرب جل وعلا، وقوله (دَائمٌ بلا انْتهاء) راجع إلى أبديته جل وعلا.
ولفظ (أزلية) هذا مركب أو منحوت من (لم يزل)، فلما أرادوا النسبة جعلوها للأزل؛ يعني الزمان الماضي القديم جدا الذي لم يزل، لا يعرف له بداية، فيقال هم يعبرون أنه أزلي جل وعلا، أو أن صفات الرب جل وعلا أنها أزلية، والتعبير عن هذه الأشياء بما جاء في الكتاب والسنة هو الحق، فلا يُعبر عن هذه الأشياء بما لم يرد في الكتاب والسنة؛ لأنه قد يشتمل على باطل، والمرء لا يعلم ذلك، حتى من جهة الاحتمالات العقلية أو الاحتمالات اللغوية.
المؤلف احترز فقال (قَديمٌ بلا ابتدَاء) وهذا فيه احتراز، جعل الجملة حق في نفسها لكن فيها مخالفة، وعَبّر عن الأبدية بقوله (دَائمٌ بلا انْتهاء).
إذا تبين لك ذلك، فعندهم أن القِدَم هو قِدَم الذات؛ يعني عند المتكلمين وعند الأشاعرة وأشابه هؤلاء، والمعتزلة عندهم القِدم حينما يطلقونه يريدون به قد الذات، وأما قد الصفات فهذا فيه تفصيل، فقوله (قَديمٌ بلا ابتدَاء، دَائمٌ بلا انْتهاء) يعنون به قِدَم الذات، ودائم الذات، وأما الصفات فلهم فيها تفصيل، وكأنّ الطحاوي درج على ما درجوا عليه لأنه عبّر بتعبيرهم.
إذا تقرر لك ذلك، ففي قوله (قَديمٌ بلا ابتدَاء، دَائمٌ بلا انْتهاء) مسائل:
المسألة الأولى: في وصف الله بالقِدَم، واسم القديم: وهذا كما ذكرت من الأسماء التي سمَّى اللهَ جل وعلا بها المتكلمون، فإنهم هم الذين أطلقوا الاسم القديم على الرب جل وعلا، وإلا فالنصوص من الكتاب والسنة ليس فيها هذا الاسم، وإدراج اسم الله وإدراج اسم القديم في أسماء الله هذا غلط، ولا يجوز، وذلك لأمور.
أما الأمر الأول: فإن القاعدة التي يجب اتّباعها في الأسماء والصفات ألاّ يُتجاوز فيها القرآن والحديث، ولفظ أو اسم القديم أو الوصف بالقدم لم يأتِ في الكتاب والسنة، فيكون في إثباته تعدٍّ على النص.
والثانية: أنّ اسم القديم منقسم إلى ما يُمدح به، وإلى ما لا يمدح به، فإنّ أسماء الله جل وعلا أسماء مدح؛ لأنها أسماء حسنى واسم القديم لا يمدح به؛ لأن الله وصف به العرجون، والقديم هذا قد يكون صفة مدح وقد يكون صفة ذم.
والثالث: أن اسم القديم لا يدعا الله جل وعلا به، فلا يدعا الله بقول القائل يا قديم أعطني، ويا أيها القديم، أو يا ربي أسألك بأنك القديم أن تعطني كذا، والأسماء الحسنى يدعى الله جل وعلا بها فذلك لقوله ﴿وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا﴾[الأعراف:180]، فالأسماء الحسنى يدعى بها؛ يعني تكون وسيلة لتحقيق مراد العبد، ولهذا لم يدخل الوجه في الأسماء، ولم تدخل اليدان في الأسماء، ولا أشباه ذلك، لأن هذه صفات وليست بأسماء، والأسماء هي التي يدعا الله جل وعلا بها.
وإذا تبين ذلك فننتقل إلى:
المسألة الثانية: وهي ما ضابط، أو المسألة الثانية هي ضابط كون الاسم من الأسماء الحسنى؟
والاسم يكون من أسماء الله الحسنى إذا اجتمعت فيه ثلاثة شروط، أو اجتمعت فيه ثلاثة أمور:
الأول: أن يكون قد جاء في الكتاب والسنة، يعني نُصّ عليه في الكتاب والسنة، نُصّ عليه بالاسم لا بالفعل، ولا بالمصدر، وسيأتي تفصيل لذلك.
الثاني: أن يكون مما يدعى الله جل وعلا به.
الثالث: أن يكون متضمِّنا لمدحٍ كاملٍ مطلقٍ غير مخصوص، وهذا ينبني على فهم قاعدة أخرى من القواعد في منهج أهل السنة والجماعة في الأسماء والصفات؛ هي أن باب الأسماء الحسنى أو باب الأسماء أضيق من باب الصفات، وباب الصفات أضيق من باب الأفعال، وباب الأفعال الإخبار. واعكس ذلك فتقول: باب الإخبار عن الله جل وعلا أوسع، وباب الأفعال أوسع من باب الصفات، وباب الصفات أوسع من باب الأسماء الحسنى.
وهذه القاعدة نفهم منها أن الإخبار عن الله جل وعلا بأنه (قَديمٌ بلا ابتدَاء) ولا بأس به، لكن لا بأس به لأنه مشتمل على معنى صحيح، فلما قال (قَديمٌ بلا ابتدَاء) انتفى المحذور فصار المعنى حقا، ولكن من جهة الإخبار، أما من جهة الوصف وصف الله بالقدم فهذا أضيق لأنه لا بد فيه من دليل، وكذلك باب الأسماء وهو تسمية الله بالقديم هذا أضيق فلا بد فيه من اجتماع الشروط الثلاثة التي ذكرتُ لك.

.
__________________
اللهم ألحقنا بحبيبنا نبى الرحمه صلى الله عليه وسلم وارزقنا قفوا آثاره واتباع سنته ,,,,

هذا وأصل بلية الاسلام ** تأويل ذي التحريف والبطلان

وهو الذي فرق السبعين ** بل زادت ثلاثا قول ذي البرهان