عرض مشاركة مفردة
  #2  
قديم 27-07-2006, 07:56 AM
صلاح الدين القاسمي صلاح الدين القاسمي غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: May 2003
الإقامة: افريقية - TUNISIA
المشاركات: 2,158
Post عطوانية أخرى

بسم الله ،
و الحمد لله ،

و الصلاة و السلام على رسول الله ،
و لا عدوان إلا على أعداء الله .

---*---

عقلانية مبارك.. وجنون نصر الله
عبد الباري عطوان
2006/07/27
لم يطلب احد من الرئيس حسني مبارك ان يرسل جيوشه لخوض حرب ضد اسرائيل من اجل لبنان او فلسطين، لان هناك قناعة راسخة لدي الغالبية الساحقة من ابناء مصر، ناهيك عن العرب الآخرين، بانه لن يحرك ساكنا والزعماء العرب الاخرون، حتي لو احتلت القوات الاسرائيلية مكة المكرمة، ودمرت الحرم الشريف، والكعبة المشرفة، واقامت علي انقاضهما معبداً يهودياً.
فما يهم الرئيس مبارك، والغالبية الساحقة من الزعماء العرب هذه الايام هو رضاء الولايات المتحدة ورئيسها، الذي هو البوابة الرئيسية لرضاء الدولة العبرية، والبقاء لأطول فترة ممكنة في الحكم ثم توريثه الي نسلهم من بعدهم. وهذا ما يفسر غضبتهم الحالية علي حزب الله بسبب صموده في وجه العدوان الاسرائيلي لاكثر من اسبوعين، والحاقه خسائر بشرية ومادية كبيرة في صفوف قواته المعتدية، وهو ما لم تفعله جيوش عربية جري انفاق مئات المليارات علي تسليحها وتدريبها.
السيد حسن نصر الله زعيم المقاومة الاسلامية في لبنان لم يطلب مساعدة اي جيش عربي، وكل ما طلبه هو بقاء الانظمة العربية علي الحياد وعدم الانحياز الي الجلاد في مواجهة الضحية.
ومن المؤسف ان الانظمة العربية، والنظامين المصري والسعودي علي وجه التحديد، انحازت للجلاد ووفرت الغطاء العربي للعدوان الاسرائيلي علي لبنان بانتقادها حزب الله وتحميله مسؤولية الحرب الحالية ونتائجها.
الرئيس مبارك اتهم المقاومة الاسلامية سواء في لبنان او فلسطين بالتهور والمغامرة، لانها تتصدي للهيمنة الاسرائيلية، وتنتصر للكرامة العربية، وقال ان زمن المغامرات انتهي الي غير رجعة.
تهور حزب الله الذي انتقده الرئيس مبارك، ومن قبله المتحدث الرسمي السعودي، استطاع ان يصمد امام رابع جيش في العالم لمدة اسبوعين، ويقض مضاجع اكثر من مليوني اسرائيلي يعيشون في الملاجيء من خلال قصف صاروخي هو الاول من نوعه لمدن في العمق مثل صفد وحيفا ونهاريا وقريبا تل ابيب، واصبح ايهود اولمرت يتحدث عن حاجز امني يمتد من كيلومتر الي اثنين علي الحدود فقط بعد ان كان يطالب بعشرين كيلومتراً علي الاقل.
اسبوعان من القصف المتواصل وحشد مئات الدبابات، ومع ذلك لم يستطع هذا الجيش الجبار ان يحتل بلدة مارون الراس الصغيرة، والتقدم بضعة امتار داخل مدينة بنت جبيل بسبب الخسائر الضخمة التي لحقت بجنوده ودباباته ومروحياته.
لنر ماذا فعلت عقلانية الرئيس حسني مبارك وزملائه من الزعماء العرب الذين يقفون موقف المتفرج، بل ويديرون وجوههم الي الناحية الاخري حتي لا يروا جثث الاطفال التي مزقها القصف الاسرائيلي.
هذه الانظمة العربية العاقلة قدمت نموذجا في الفساد والبطالة ونهب المال العام، والتفاوت الطبقي، حيث طبقة النصف في الالف تعيش في بروج عاجية، وتتعامل بالدولار فقط، وتقيم دولة خاصة بها، بينما الاغلبية الساحقة بالكاد تجد رغيف الخبز، وشربة ماء، اما الخدمات الاخري من تعليم وطبابة فمن الاشياء المنقرضة.
عقلانية الرئيس مبارك هذه التي يتغني بها رجالاته حولت مصر العظمي الي دولة قزم ليس لها اي نفوذ او تأثير داخل محيطها، وهي التي كانت تحسب حسابها الدول الكبري، وتشارك كلاعب اساسي في صياغة العلاقات الدولية والتحالفات السياسية العالمية.
منطقة النفوذ الوحيدة التي بقيت لمصر خارج حدودها تنحصر في مساحة مقدارها 150 ميلا مربعا اسمها قطاع غزة، وحتي هذا النفوذ تبخر بعد فشل وساطة الرئيس مبارك في الافراج عن الجندي الاسرائيلي المخطوف لدي حماس ، وهو الفشل الذي دفعه الي معاقبة ستة آلاف فلسطيني علقوا علي الجانب الآخر من معبر رفح الحدودي، بابقائهم ثلاثة اسابيع في العراء، في ظروف مناخية قاسية، ولم يتحرك لحل ازمتهم الا بعد تفجير الحاجز الاسمنتي الحدودي وادخال جزء منهم بالقوة.
الشعوب العربية، والشعب المصري علي وجه الخصوص، لا يريد من الرئيس مبارك ان يحارب دفاعا عن اي قضية عربية او اسلامية، ولكنها تريده ان يتصرف كرئيس لدولة مثل سويسرا او السويد، اي ان يستدعي السفير المصري من تل ابيب احتجاجا علي الجرائم الاسرائيلية الحالية في لبنان وفلسطين التي ادانها العالم بأسره.
الغالبية الساحقة من زعامات العالم انتفضت غضبا تجاه ما يجري في لبنان وفلسطين، الا الرئيس حسني مبارك وحلفاءه الجدد من الزعماء العرب، الذين عارضوا حتي عقد مؤتمر مسرحي للقمة العربية.
في اليومين الماضيين ارتكبت اسرائيل مجزرتين في قطاع غزة استشهد فيهما اكثر من ثلاثين شخصا نصفهم من الاطفال، وغزة ما زالت تحكم قانونيا من قبل حاكم عسكري مصري يملك مقراً في منطقة غاردن سيتي في قلب مدينة القاهرة، ولكن الرئيس مبارك لا يريد ان يتحمل مسؤولياته القانونية والاخلاقية ناهيك عن الانسانية تجاه هؤلاء.
هنيئاً للرئيس مبارك، وكل الزعماء العرب الاخرين علي عقلانيتهم ، اما الشعوب العـــربية فقــــد اختارت المغامرين مــــن رجال المقاومة في فلسطين ولبنان والعراق، فهؤلاء هم الذين سيغـــيرون وجه المنطـــقة، ويعيدون كتابة التاريخ بوضع حد لعمليات الإذلال الاسرائيلية والامريكية التي تستهدف العرب بشكل خاص والمسلمين بشكل عام.