عرض مشاركة مفردة
  #3  
قديم 01-10-2003, 03:33 AM
علي علي2 علي علي2 غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2003
المشاركات: 156
إفتراضي

هما الزبير بن العوام وزوجته أسماء بنت أبي بكر الصديق. فسلم عليهما وقال: يابن عمة رسول الله (r) ما الذي أخرجكما؟ قال الزبير: نحرس المسلمين، وذلك أن أسماء قالت لي: يابن عمة رسول الله (r) إن المسلمين مثقلون بأنفسهم في هذه الليلة بما لحقهم من التعب في الجهاد طول يومهم، فهل لك أن تساعدني على حرس المسلمين؟ فأجبتها إلى ذلك، فشكرهما أبو عبيدة، وعزم عليهما أن يرجعا، فلم يفعلا ولم يزالا كذلك إلى الصباح."([13])

وعلى هامش ذلك اليوم يقال: إن خالد بن الوليد قد انقطع في يده تسعة أسياف كلما انقطع سيف استبدل به سيفاً جديداً، وقُتل في يوم التعوير نحو من أربعين ألف رومي أو يزيدون، أما الذين كانوا مربوطين بالسلاسل- وهذه القصة حقيقية، كنا لا نصدِّقها عندما نقرؤها في كتب التاريخ ونحن أطفال- فقد وطئتهم الخيل فانحطم أكثرهم، وتقدمت جيوش المسلمين فوق جثثهم، ويقول المؤرخون إن النساء كانت تحارب أمام الرجال في ذلك اليوم.

وباختصار لقد ركبت المرأة الفرس، وتقلدت السيف، وخاضت الصفوف في المعركة فحققت مع الرجل النصر على الروم، الذين كانت قيادتهم تربطهم بالسلاسل لكيلا يفروا، فخسروا المعركة إلى الأبد، ودخلت أرضُ اليرموك، وما حولها من أراضي حوران والجولان في حوزة المسلمين إلى الأبد، وهي أرض خصبة التربة تتفجر فيها عيون الماء، كانت قديماً تسمى (أهراء روما) وهي الآن تموِّن جنوب سورية بالغلال والخضار والثمار، وكأن القرآن الكريم وصف الروم عندما قال: ]كم تركوا من جنات وعيون، وزروع ومقام كريم، ونعمة كانوا فيها فاكهين، كذلك أورثناها قوماً آخرين، فما بكت عليهم السماء والأرض وما كانوا مُنظَرين[([14]).

هذا الذي أكتبه الآن بعضٌ من بطولات المرأة العربية المسلمة فيما حفظته لنا كتب التاريخ عن معركة اليرموك، وعن جنود خالد بن الوليد وجندياته، وشتان بين دوافع الجنديات المسلمات والجنديات الإسرائيليات والأمريكيات والأدوار الترفيهية التي تقوم بها هؤلاء الأخيرات.

وصورة المرأة العربية في واحدة من معارك المسلمين تعطينا نموذجاً عن جانب من جوانب نضال المرأة، النضال السياسي والعسكري والاجتماعي، وما حاولتُ رسم هذه الصورة إلا لأخذ العِبرة والعظة، وإن كنت لست واعظاً، كما أنني لا أريد باستعراض صور الماضي للرجوع إلى الماضي والتقوقع فيه، وإنما حسبي أن أقتبس من الماضي صوراً مشرقة أضعها بين أيدي أبناء هذا الجيل الحاضر وبناته، وتحت بصر شباب العصر وشابّاته ليكون كل واحدٍ منهم عصامياً لا عظامياً، تقدمياً لا رجعياً، شعاره قول الشاعر:

إن الفتى من يقول: ها أنذا

ليس الفتى من يقول كان أبي


وتقول الفتاة:

لسنا، وإن أحسابنا كرُمتْ

يوماً على الآباء نتّكلُ

نبني كما كانت أوائلنا

تبني، ونفعل مثل ما فعلوا


المصادر والمراجع:

1-تاريخ دمشق، ابن عساكر، ج2، ص 141 فما بعد.

2-خالد بن الوليد، شوقي أبو خليل، دمشق، ص 62 فما بعد.

3-سيف الله خالد بن الوليد، الجنرال أ.أكرم، ترجمة العميد الركن صبحي الجابي، منشورات هيئة التدريب في القوات المسلحة العربية السورية، دمشق 1976.

4-الطريق إلى دمشق، أحمد عادل كمال، دار النفائس، بيروت، 1405.

5-فتوح الشام، الواقدي (محمد بن محمد)، القاهرة، 1954.

المراجع الأجنبية:

Decline and Fall of the Roman Empire, Edward Gibban, London, 1954.


--------------------------------------------------------------------------------

* رئيس تحرير مجلة التراث العربي.

([1]) تاريخ دمشق، ابن عساكر، ج2/145. وفتوح الشام للواقدي، 202.

([2]) تسمي المراجع الحديثة التي لم تعرف المنطقة هذا النهر نهر الحرير تأثراً بكتابات الأجانب، وهو ليس بنهر وإنما هو سيل يجف صيفاً.

([3]) يقع تل الأشعري على بعد خمسة كيلومترات من سقوط نهر الهرير في بداية شق حفرة انهدام اليرموك في نقطة تسمى (الطيّاح).

([4]) يطلق عليها في المصادر الرومية اسم (Edrey).

([5]) فتوح الشام، الواقدي، 206، وتاريخ دمشق، ابن عساكر، ج2/152.

([6]) فتوح الشام، الواقدي، 206-207.

([7]) فتوح الشام، الواقدي، 208.

([8]) فتوح الشام، الواقدي، 213.

([9]) فتوح الشام، الواقدي، 209.

([10]) فتوح الشام، الواقدي، ص 218.

([11]) فتوح الشام، الواقدي، 218.

([12]) فتوح الشام، الواقدي، 218.

([13]) فتوح الشام، الواقدي، ص 220.

([14]) سورة الدخان، 26-30