عرض مشاركة مفردة
  #3  
قديم 18-08-2005, 09:17 PM
أبو إيهاب أبو إيهاب غير متصل
مشرف
 
تاريخ التّسجيل: Mar 2004
المشاركات: 1,234
إفتراضي

القرآن الرائع The Amazing Qura'an
بقلم : د. جارى ميللر Gary Miller
( 3 )


استنزاف البدائل :


المصداقية الكاملة لأصالة القرأن الكريم تأتى من الثقة المتناهية فى كثير من نصوصه التى تنهج منهجا مختلفا أُطلق عليه " استنزاف البدائل " . فى جوهر هذا الإتجاه يقول القرآن " هذا الكتاب تنزيل من رب العالمين ؛ إذا أنت لم تعتقد ذلك فماذا يكون إذا ؟؟؟ وبكلمات أخرى ، القرآن يتحدى القارئ بأن يأتى بتفسير آخر . هذا كتاب من ورق ومداد ( مداخلة : أفضل أن تكون الترجمة " هذا كتاب من حروف اللغة العربية " ) ، ما هو مصدره إذا ؟؟؟ القرآن يقرر أنه موحى به من الله سبحانه وتعالى ، فإذا كان غير ذلك فمن أى المصادر جيئ به ؟؟؟ الحقيقة الكبرى أنه حتى الآن لم تصدر إجابة يقبلها العقل . وهكذا استنزفت كل البدائل !!! وقد حصر غير المسلمين هذه البدائل فى اثنتين فقط أو مدرستين للفكر متعارضتين ، وتصر كل مدرسة على إحدى هذه البدائل أو الأخرى !!!
هناك مجموعة كبيرة من غير المسلمين بحثوا القرآن الكريم وخرجوا بالمقولة التى سبقهم بها المشركين فى مكة ، وقالوا لقد كان محمد ( صلى الله عليه وسلم ) يعتقد أنه نبى " لقد كانت به جنة " ، فهم يعتقدون بجنونه بشكل ما . وفى المقابل يقول الآخرون " هناك شئ نجزم به ونعتقده " لقد كان كذابا " ... وهاتين المقولتين متعارضتين تمام التعارض .
وفى الحقيقة هناك مراجع كثيرة تذكر هاتين النظريتين . يبدؤا بقول أنه مجنون ثم ينتهوا بقول أنه كذاب !!! ولا يدركون بقليل من التفكير أن الإتهامين متناقضين ولا يمكن الجمع بينهما ؟؟؟ مثلا لو كان أحدهم مخدوع ويظن أنه نبى فإنه لايجلس متأخرا بالليل يخطط ، كيف أقول للناس فى اليوم التالى لأخدعهم ، فهو يتصور أنه سيوحى إليه وستأتيه الإجابة على أسئلتهم بالوحى .


الرد على الفريتين :


( مداخلة قبل البدء فى الموضوع : فرية أن به جنة ، داحضة من تلقاء نفسها ولا يقول بها عاقل قرأ القرآن أو ترجمة له ، هذا البناء الضخم المترامى الأطراف والذى يبحث فى كل شئ ويقنن كل كبيرة وصغيرة تنفع البشرية ، وهو " أى القرآن الكريم " فى حد ذاته رد على هذه الفرية التى لا تستقيم ولا يقول بها إلا من لم يعمل عقله ... أما الفرية الثانية فسيأتى دحضها فيما بعد ) .
فى الواقع أن جزءا كبيرا من القرآن يأتى إجابة على أسئلة تثار . يسأل أحدهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ويأتى الوحى بالإجابة على السؤال . ولو كان من يدعى رسالة ما ، يظن أنه نبى ... لأن به جنون ... فإذا سأله أحد سؤالا ، فهو يظن أن الملك يضع الإجابة فى أذنه . ولأنه مجنون فهو لاشك يظن ذلك . ولن يقول للسائل انتظر قليلا ثم يذهب لأصدقائه متحريا عندهم الجواب على السؤال . فهذا التصرف لا يأتى إلا من الذى لا يعتقد أنه نبى . والذى لا يقبل به غير المسلم أن هاتين الصفتين لا تحدثان فى نفس الشخص ، فإما أن يكون هذا وإما أن يكون ذاك ، لا يمكن أن يكون الإثنين فى وقت واحد . إما مخدوع وإما كذاب . لأنهما شخصيتين مختلفتين تمام الإختلاف .
وهذا السيناريو التالى يعطيك فكرة عن الدائرة المغلقة التى يدور فيها غير المسلم باستمرار !!! إذا سألت أحد المكذبين " ماهو مصدر القرآن الكريم ؟؟؟ " فسيقول لك مصدره من ذهن رجل به جنة . تعود فتسأله !!! " إذا كان مصدره مِن ذهن مَن به جنة فمن أى المصادر آتى بما فيه من معلومات ؟؟؟ ... قطعا لقد وردت معلومات كثيرة بالقرآن الكريم لم يكن يعرفها العرب فى ذلك الوقت ولم تكن مألوفة لديهم ... وبناء على مجابهته بهذه الحقائق فيغير فورا موقفه ويقول " حسنا ربما لم يكن به جنة ولكن أحدا زوده بهذه المعلومات فكذب وقال للناس أنه نبى ." . عند هذه النقطة تعود أنت فتسأله ، إذا كان محمد ( صلى الله عليه وسلم ) كاذبا فمن أين جاء بكل هذه الثقة التى صاحبته ثلاثة وعشرين عاما ؟؟؟ كيف استطاع أن يكون تصرفه طوال هذه المدة على أنه رسول يوحى إليه ؟؟؟ " ... وبذلك تم لك أن تحشره فى زاوية ، فيضطر ليعود ويقول ربما لم يكن كاذبا وقد كان به جنة !!! ناسيا أنه أجهض هذه الفرية توا !!! وهكذا يبدأ فى الدورة العقيمة ثانيا .
وكما ذكر سابقا فهناك معلومات كثيرة فى القرآن لايمكن نسبتها إلا إلى الله عز وجل ولا يمكن نسبتها لأحد غيره سبحانه وتعالى . مثلا من الذى قال للرسول عن ذو القرنين ؟؟؟ وعن السد الذى يبعد شمالا مئات الأميال عن الجزيرة العربية . من الذى قال له عن تطورات الجنين فى الرحم ؟؟؟ وحينما يجمع الناس هذه الحقائق الجلية ، فإن رفضوا نسبتها إلى الذات العلية ففورا ينسبوها إلى رسول الله وأنه استقاها من آخرين وخدع الناس وقال أنه نبى يوحى إليه . على كل حال فهذه النظرية يسهل دحضها ببساطة بهذا السؤال " إذا كان الرسول كاذبا فمن أين جاء بكل هذه الثقة ؟؟؟ لماذا كان يقول لأناس فى وجوههم ما لا يستطيع الآخرون ذكره لهم ؟؟؟ هذه الثقة فى القول وفى العمل لا تأتى إلا إذا كان فعلا هو نبى يوحى إليه من الله سبحانه وتعالى .
( مداخلة : أتذكر وقد كنت أستمع إلى محاضرة يتكلم فيها المحاضر عن الإيمان بالله مستشهدا ببعض الآراء الفلسفية ، وبعد المحاضرة طلبت التعقيب عليها فقلت ، إن المتتبع لحياة رسول الله صلى الله عليه وسلم لابد أن يؤمن بالله ، فإيمانه وثقته التى لاتحد والنور الذى يشع من إيمانه هو ، بالله سبحانه وتعالى ، وأثر ذلك على كل تصرفاته لهى أكبر معين ننهل نحن منه ، فمن نوره نقتبس نور إيماننا ، فهو النور الذى لا ينضب ، وهو المثال العملى الذى يغنينا عن آراء الفلاسفة ، وذلك أدعى إلى الإيمان الثابت الذى لا يتزعزع " .


الوحى ... وأبو لهب :


سأختصر فى الترجمة فالقصة معروفة وخلاصتها أن القرآن ذكر أن عم رسول الله هو وزوجته من أهل النار وقد عاشوا بعد هذا التقرير مدة طويلة وماتوا على الكفر والعياذ بالله ، فإن لم يكن ذلك وحى من الله فماذا يكون التفسير المقنع يا أغبياء ؟؟؟


الهجرة :


أيضا هذه القصة معروفة من هجرته عليه السلام وثقته فى نصر الله فى أحرج الأوقات حتى أنه نعس وهو فى الغار ، وما قاله لسيدنا أبو بكر رضى الله عنه " ما بالك فى اثنين الله ثالثهما " .


مفارقة مع قس :


منذ سبعة أعوام مضت زارنى قسيس فى المنزل ، وفى الغرفة التى كنا نجلس فيها كانت هناك ترجمة للقرآن الكريم فوق الكتب ولكنها بحيث لا تظهر أنها للقرآن ، وبذلك لم يعرف القس ماهى . وأثناء المناقشة التى دارت بينى وبينه ، أشرت للقرآن الكريم وقلت له " أنا أثق بهذا الكتاب " ناظرا إلى القرآن ، ومن غير أن يعرف ماهية الكتاب الذى أشير إليه ، أجاب " إن لم يكن هذا الكتاب هو الكتاب المقدس ، فهو مكتوب من أحد البشر " وكاستجابة لهذه الملاحظة قلت له " دعنى أذكر لك شيئا مما فى هذا الكتاب " وأمضيت حوالى ثلاث أو أربع دقائق أسرد له بعض ما جاء فيه ، وبعد هذه الدقائق ، عاد وغير من لهجته قائلا " أنت محق ليس هذا قول بشر ، هذا من أقوال الشيطان ، الشيطان قد كتبه " . بالطبع هذا التعليق السريع بائس جدا لأسباب كثيرة ، فهو اعتذار رخيص جدا ، كما أنه هروب من مواجهة موقف محرج .
وتوجد فى الإنجيل قصة مشابهة تذكر ، أن سيدنا عيسى عليه الصلاة والسلام أحيا ميتا كان قد قبر لمدة أربعة أيام ، وحينما وصل للقبر قال له انهض ، فقام الميت أمام اليهود وهم يشاهدون هذا الموقف ، فصرخ بعضهم ، الشيطان يساعده الشيطان يساعده ، وحينما تقال هذه القصة فى الكنائس يبكى النصارى ويقولون ياليتنا كنا هناك حينئذ ، ولم نكن كهؤلاء اليهود الأغبياء . هذا بالضبط ما يفعله هؤلاء الأغبياء الآن ، حينما ذكرت له فقط فى ثلاث دقائق حقائق عن القرآن الكريم ، فقال هذا من كلام الشيطان ، وذلك لأنه حشر فى زاوية ولم يجد إجابة مقنعة ، فلجأ إلى هذا الإعتذار الرخيص ليهرب من الموقف .


مصدر القرآن الكريم :


ومثل آخر تجده فى الموقف الضعيف الذى وقف فيه مشركى مكة فى اتهام الرسالة المحمدية . كانوا يقولون " الشيطان تنزل بالقرآن على محمد " ، وأمام كل تخرص يقولوا به يتنزل الجواب على رسول الله . ففى الآيتين رقمى 51 - 52 من سورة القلم تقرر بالتحديد :

وَإِن يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ {51} وَمَا هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ {52}

وهذا إجابة على تلك التخرصات . وفى الواقع هناك فى القرآن كثير من مثل هذا الرد على من يقولون بأن الشياطين هى التى كانت تأتى للرسول عليه الصلاة والسلام بالرسالة . فمثلا أيضا فى الآيات التالية من سورة الشعراء تؤكد نفس المعنى :


وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ {210} وَمَا يَنبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ {211} إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ {212}
وفى مكان آخر فى سورة النحل :
فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ {98}


والآن !!! هل يعقل أن يكون الشيطان هو الذى كتب هذا ؟؟؟ يقول للإنسان " قبل أن تقرأ كتابى استعذ بالله منى واطلب أن يحميك الله منى ؟؟؟ هل يعقل هذا عاقل ؟؟؟ هؤلاء المعاندين يعرفون أنه حتى لو كان ... جدلا ... الشيطان يمكنه كتابة ذلك إلا أن قدرة الله العلى القدير تمنعه ، فما ينبغى له ذلك ولا يستطيع . وبالرغم من ذلك حينما يقرأون الكتاب المعجز يصرون على قول ذلك الإفك .
والحمد والشكر لله سبحانه وتعالى فالمسلمون لا يقفون هذا الموقف المشين . بالرغم من أن الشيطان قد تكون له بعض القدرات ، ولكن قدرة الله هى الغالبة . ولا يكون المسلم مسلما إلا إذا آمن بذلك . غير المسلمين يقرون بأن الشيطان تحدث منه أخطاء بسهولة ، وبذلك فهو قد يناقض نفسه إذا كتب كتابا ، وهذه الآية من سورة النساء تصف القرآن الكريم بأنه ليس به أخطاء :


أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً {82}

يتبع