عرض مشاركة مفردة
  #1  
قديم 27-01-2007, 06:22 PM
Edward Francis Edward Francis غير متصل
عضو جديد
 
تاريخ التّسجيل: Dec 2006
الإقامة: مصـرى مـهـاجـر بــكـنـدا
المشاركات: 26
إفتراضي لزومية الملك الضرير - بقلم : إدوارد فرنسيس

لزومية الملك الضرير - بقلم : إدوارد فرنسيس

الـجــزء الأول


الملك الضرير: هو أبو العلاء بن عبد الله بن سليمان التنوخي رهين المحبسين ، ولد عام ثلاثة وستين و ثلثمائة للهجرة ، و توفي عام تسعة و أربعين و أربعمائة ، وُلِدَ ، و دُفِنَ بمعرة النعمان قرب حلب .
لاقى أبو العلاء كثيراً من فساد الدنيا في حياته ، فزهد فيها و اّثر عزلته و انقطع لدرسها و وصفها
في مؤلفه الضخم ( اللزوميات ) – والذي منه هذه اللزومية - و الذي يصفه هو في المقدمة بقوله :
] كان من سوالف الأقضية أني أنشأتُ أبنية أوراقٍ ، توخيت فيها صدق الكلمة و نزهتها عن الكذب
و الميط ، و لا أزعمها كالسمط المتخذ ، و أرجو أن لا تُحسب من السميط ، فمنها ما هو تمجيد للّه
الذي شَرف عن التمجيد ، و وضع المنن في كل جيد ، و بعضها تذكيرٌ للناسين و تنبيهٌ للرقَدَةِ الغافلين و تحذير من الدنيا الكبرى [ .
وكأن أبو العلاء هنا أراد أن يذكرنا بقوله ، وهو محقاً كل الحق بعيداً كل البعد عما يدعو الي ا لكذ ب
حتي لو كان هذا على حساب الشعر ، و في اختياره لألفاظه الخاصة ، اذ بلغ أبو العلاء الذُروة
في التصنع و اختيار الألفاظ ، حتي تجد أ ن الفاظ اللزوميات تجبرك على قراءتها أكثر من مرة ،
و كذلك حتى يستقيم اللفظ مع المعنى الذى يُقصَدْ ، فلا بد من تدليل الألفاظ ، و ترويضها ،
و هذا يتضح في اللزومية الآتية موضوع الدراسة :
إذ يبدو من أ ول وهلة أ ن قافية الهمزة المضمومة ، لم يستقم وضعها إلا بعملية ا لتقديم وا لتأخير،
و أيضاً بالهاء الموصولة التي ملأت اللزومية .
و أبو العلاء يذكر صراحة إنه حاول أن ينظم في أغراض عدة و معينة ، لكنه تقيد في مؤلفه بقيود
كثيرة ، كما زهد من قبل في الدنيا ، إذ يقول :
] و قد تكلفت قي هذا التأليف ثلاث كلف: الأولى أن ينتظم حروف المعجم عن اّخرها ، و الثانية
أن يجيء رويه بالحركات ا لثلاث ، و بالسكون بعد ذلك ، و الثا لثة أنه لزم مع كل روى فيه شيء
لا يلزم من ياءٍ أ و ثاءٍ أ و غير ذلك من الحروف [ . و أبو العلاء بهذه الكلفة التي تكلفها يكون قد نظم على جميع حروف المعجم ا لثمانية و العشرين ، و كل حرف من تلك الحروف جاء مضموماً و مفتوحاً و مكسوراً و ساكناً ، أما حروف الألف فجاء بها في فصل منفصل لأنها لا تجيء إلا ساكنة ، و هو بهذا يكون كتب لنا مائة و ثلاثة عشر فصلاً . وهذه إحدى اللزوميات إرتبطت بأبي العلاء أكثر ما ارتبطت بعصره ، و إن كان يكشف عما كان في وقته من فساد في دنياه .



مالي غدوت كقاف رؤبة قيدت == في الدهر لم يطلق لها إجراؤُها
أُعْلِلــتُ عِلَّــةَ قــالَ وهي قديمـةٌ == أعيا الأطبــة كلَّهـــمُ إِبراؤُهـــا
طال ا لثواء و قد أتى لمفاصلي == أن تستبدَّ بضمها صحراؤُها
فترت و لم تَفْتُرْ لشرب مدامةٍ == بل للخطوبِ يغولها إسراؤُها
مُلَ المقام فكم أعاشر أمَّةً == أمرت بغير صلاحها أُمراؤُها
ظلموا الرَّعيَّةَ و استجازوا كيدَها == فعدوا مصالحها و هم أُجراؤُها
فِرقاً شعرتُ بأنها لا تقتني == خيراً و أنَّ شرارها شُعراؤُها
أَثرتْ أحاديثَ الكرام بزعمها == و أَجاد حبسَ أَكفِّها إِثراؤُها
و إذا النفوس تجاوزت أَقدَارُها == حَد ْوَ البعوضِ تغيَّرتْ سُجراؤُها
كصحيحةِ الأوزانِ زادتها القُوَى == حَرْفاً فبان لسامعٍ نَكراؤُها
كَريَت فسَرت بالكرى و حياتُها == أَكرَت فجرَّ نَواَئباً إكرَؤُها
سبحان خالقِكَ الذي قرَّت بهِ == غبراءُ تُوقد فوقََها خَضْراؤُها
هل تعرفُ الحسدَ الجيادُ كغيرها == فالبُهْمُ تُحسَدُ بينها غَرَّاؤُها
ووجــدتُ دنيـانــا تُشابـه طامِثاً == لا تستقيمُ لناكحٍ أقْراؤُها
هُوِيتْ و لم تُسعِفْ وراح غَنِيُّها == تَعِباً و فاز براحةٍ فُقراؤُها
و تجادلتْ فُقهاؤُها من حُبِّها == و تقرَّأَتْ لتنالها قُرَّاؤُها
و اذا زَجَرْتَ النفْسَ عن شغفٍ بها == فكأَنَّ زجْرَ غويِهّا إِغراؤُها


يـتــبـع الـجـــزء الـثــانـى
الرد مع إقتباس