عرض مشاركة مفردة
  #10  
قديم 29-06-2003, 08:40 PM
البارجة البارجة غير متصل
دكتوراة -علوم اسلامية
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2003
المشاركات: 228
إفتراضي




ردا على سؤال عراقي 2


فيما كادت الاشارات والمعطيات السياسية والعسكرية تجمع على أن نظام صدّام حسين، آيل ولا محالة الى التداعي فالانهيار، كان السؤال الذي يطرح بقوة، في كل الاوساط السياسية، العربية منها والغربية، هو من هي القوة التي يمكنها ان تملأ الفراغ المدوّي الذي سيحدثه تهاوي نظام فرض نفسه بالانقلاب اولاً وبالقوة ثانياً، وبدعم لا محدود من الغرب ثالثاً، على بلد بحجم العراق، وبفرادته الجيوسياسية، لنحو ثلاثة عقود". والسؤال عينه طرح بالحاح، على نحو آخر: اذا كانت الولايات المتحدة، قد قرّرت، انهاء هذا النظام لدواع واسباب يصعب حصرها، فإنّ التكهنات راحت تدور، حول الجهة المؤهلة للامساك بزمام السلطة في بلد متنوع الانتماءات المذهبية والعرقية، اذ يمثل الشيعة نحو 64 في الملئة من مجمل عديد سكانه (بين عرب وكرد وتركمان) ولهم الغالبية الساحقة في جنوبه، اذ يشكلون نحو 90 في المئة من السكان، ويمثل الاكراد ما بين 18 الى 20 في المئة، فيما تتوزع النسبة الباقية اي نحو 16 في المئة ما بين عرب سنّة وتركمان سنّة واشوريين وكلدان واقليات اخرى من صابئة وايزديين ويهود...

ومما لا ريب فيه ان ثمة من كان يفضل ان يرجئ مثل هذا الحديث، فيعفي نفسه من مشقة التكهن والتأويل بالقول ان الامر لمن بيدهم الامن بلا منازع في الوقت الحاضر عانياً بذلك الادارة الاميركية، انطلاقاً من مقولة مفادها ان الادارة الاميركية لا شك تحمل الى ارض الرافدين مع آليتها العسكرية الضخمة، تصوّراً معيناً لشكل النظام الذي ستفرضه على العراق، تماماً كما فرضت اسقاط النظام السابق في اللحظة التي رأتها مناسبة.

والثابت، ان حبل التساؤلات عن البديل ظلّ موصولاً وسيبقى على هذه الحال الى امر غير منظور، لأمرين اساسيين هما:

- وضع العراق، على ما هو عليه من توزع الولاءات المذهبية والعرقية.

- ولأن العقود الثلاثة التي يضعها بعض الكتاب بأنها اعوام الجمر، نظراً لما اعتراها وتخللها من أحداث جسام، تمثلت بالحرب العراقية - الايرانية، وبضربات قاصمة وجهها النظام الصدّامي الى قوى المعارضة على اختلاف الوانها واطيافها، وكانت ذروتها في عام ،1991 وقبله في عام 1979 وما تلاها، قد أفضت الى انهاك هذه المعارضة، وتدمير جزء لا يستهان به من بنيتها، واقصائها خارج الساحة العراقية، فتوزعت بين عواصم عدة بدءاً من دمشق، مروراً بطهران، فواشنطن، والكويت حيث عاشت تتأرجح في ولاءاتها، وارتباطاتها، وتعيش في بحر من الانقسامات والتشرذم، واعادة النظر بالبرامج الفكرية والسياسية، والمناهج، فما من قوة الا وانقسمت على ذاتها، وما من مجموعة الا وأبدلت شعاراتها، حتى صارت المعارضة العراقية، وفق قيادييها عبارة عن فسيفساء وموزاييك منوعة اللون والشكل.

وزاد الازمة عمقاً، ان كل هذه القوى، وجدت نفسها عشية الحرب الاميركية - البريطانية على العراق في موقع العاجز عن الفعل، بل ان بعضها دخل مرحلة الحيرة التي تدنو من الارتباك حيال الحدث الآتي. ففيما هو متحمس كل الحماسة لاسقاط النظام الصدامي الذي لم يبق ولم يذر، وكوى الجميع بنيران حقده، كانت تلك القوى عاجزة عن الافصاح عن تأييدها للغزو الاميركي، وقاصرة عن تبرير ذلك او السير في ركابه، نظراً الى الجو الشعبي العربي الاسلامي المشكّك بطبيعة الحال في النيات والمآرب الاميركية من وراء اسقاط نظام صدام واحتلال العراق.

في خضم عقدة الذنب هذه بقيت قوى المعارضة العراقية، في موقع المراقب للقوات الاميركية وهي تدخل المدن العراقية واحدة تلو الاخرى، منطلقة من الجنوب ذي الاغلبية الشيعية الساحقة، ولم يكن بيدها حيال ذلك كله إلا اطلاق مواقف "خجولة" تنزع نحو القاء المسؤولية والتبعة على نظام صدام وتعد الجمهور العراقي بدور آتي لا محالة بعد زوال صدام ونظامه.

ومن العوامل التي فاقمت في عجز هذه القوى وارتباكها، انها، وقبيل الحرب على العراق، ولجت في مرحلة ضبابية، زادت من حراجة وضعها الحالي والمستقبلي، اذ انها مدت جسوراً واقنية من العلاقة مع الاميركيين، ولم تخرج عن هذه الشبهة، حتى القوى المتجذرة في راديكاليتها واسلاميتها ويساريتها، اي بما فيها بعض اطراف حزب الدعوة الاسلامية، والمجلس الاعلى للثورة الاسلامية، وحجتها المعلنة، او تبريرها المستطاع، هو ان "الغزو حاصل لا محالة"، فليكن لنا دور في ارساء أسس عراق ما بعد صدام حسين".

ولكن هذا "التنازل" النسبي، على بلاغته وفداحة الخسائر السياسية الناجمة عنه، لم يجعلا الاميركيين يسمحون للمعارضين بأن يضطلعوا بدور ولو محدود على المستوى العسكري، في حربهم المجنونة لتدمير نظام صدام حسين.

ومهما يكن من أمر، فقد اسقطت الحملة الاميركية الضخمة النظام العراقي بعد نحو ثلاثة اسابيع على بدئها وتكشف للجميع أمران اساسيان:

- ان الادارة الاميركية لم تورد في حساباتها اطلاقاً مسألة اشراك المعارضة في تدبير امور العراق في مرحلة ما بعد صدام.

- وان على هذه المعارضة ان تخوض شوطاً آخر من النضال والكفاح بغية:

أ - اعادة وصل ما انقطع من علاقتها بالداخل العراقي.

ب: اعادة ترتيب اوضاعها الداخلية وتثبيت حضورها اولاً وقبل كل شيء.

ج - ان كل المعارضة العراقية لا تمتلك برامج جاهزة، وخططا فردية او جماعية لتسلم السلطة في العراق.

هذه الاستنتاجات، هي خلاصة حديث مطول وعميق مع احد قادة حزب الدعوة الموجودين في لبنان، وهو يقر بان كل القوى هي في مرحلة ترتيب اوضاعها الداخلية، وانها الآن في رحلة عودة الى الداخل لتقييم الوضع، والاحاطة بمزاج الجمهور العراقي، ومن ثم الدخول في مرحلة التفاوض بين هذه القوى لرسم افق العمل المستقبلي. وعليه لم تكن غريبة اطلاقا عودة هذه القوى الواسعة لكوادرها والتنظيمات المعارضة الى العراق، وعمل بعضها على فتح مكاتب ومقار، وتوجيه الدعوات الى تحركات وتظاهرات شعبية، خصوصا في المناسبات الدينية.
__________________
البارجة هي استاذة فلسفة علوم اسلامية ,
إلى الكتاب و الباحثين
1- نرجو من الكاتب الإسلامي أن يحاسب نفسه قبل أن يخط أي كلمة، و أن يتصور أمامه حالة المسلمين و ما هم عليه من تفرق أدى بهم إلى حضيض البؤس و الشقاء، و ما نتج عن تسمم الأفكار من آثار تساعد على انتشار اللادينية و الإلحاد.

2- و نرجو من الباحث المحقق- إن شاء الكتابة عن أية طائفة من الطوائف الإسلامية – أن يتحري الحقيقة في الكلام عن عقائدها – و ألا يعتمد إلا على المراجع المعتبرة عندها، و أن يتجنب الأخذ بالشائعات و تحميل وزرها لمن تبرأ منها، و ألا يأخذ معتقداتها من مخالفيها.

3- و نرجو من الذين يحبون أن يجادلوا عن آرائهم أو مذاهبهم أن يكون جدالهم بالتي هى أحسن، و ألا يجرحوا شعور غيرهم، حتى يمهدوا لهم سبيل الاطلاع على ما يكتبون، فإن ذلك أولى بهم، و أجدى عليهم، و أحفظ للمودة بينهم و بين إخوانهم.

4-من المعروف أن (سياسة الحكم و الحكام) كثيرا ما تدخلت قديما في الشئون الدينية، فأفسدت الدين و أثارت الخلافات لا لشىء إلا لصالح الحاكمين و تثبيتا لأقدامهم، و أنهم سخروا – مع الأسف – بعض الأقلام في هذه الأغراض، و قد ذهب الحكام و انقرضوا، بيد أن آثار الأقلام لا تزال باقية، تؤثر في العقول أثرها، و تعمل عملها، فعلينا أن نقدر ذلك، و أن نأخذ الأمر فيه بمنتهى الحذر و الحيطة.

و على الجملة نرجو ألا يأخذ أحد القلم، إلا و هو يحسب حساب العقول المستنيرة، و يقدم مصلحة الإسلام و المسلمين على كل اعتبار.

6- العمل على جمع كلمة أرباب المذاهب الإسلامية (الطوائف الإسلامية) الذين باعدت بينهم آراء لا تمس العقائد التي يجب الإيمان