عرض مشاركة مفردة
  #4  
قديم 18-04-2005, 06:42 PM
خبيـب خبيـب غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2004
المشاركات: 603
إفتراضي

تتمة المقال


وإزاء هذا الترويع، صارت فئة كبيرة من العمّال يوضّبون أجسادهم، ويحشرونها في أوّل سيّارة نقل متوجّهة فجراً إلى بلادهم. ومساء يوم الأربعاء في 9 آذار، رمى مجهولون مواد ملتهبة على شاحنة لنقل البضاعة كانت متوقفة تحت جسر <<الشفروليه>> في فرن الشبّاك (قضاء بعبدا) لمجرّد أنّها تحمل لوحة سورية فاحترقت حمولتها بالكامل، ثم انهالوا بالضرب والركل على سائقها السوري.
وألقى مجهول قنبلة يدوية على العمّال السوريين مجيد حسن الكضيب (25 عاما) ومنجد حسن الكضيب (23 عاما) وحسين محمد المسى (25 عاما) الذين كانوا موجودين ليل الجمعة السبت في الأوّل من نيسان في ورشة بناء في بلدة بتلون (قضاء الشوف) تخصّ عبد الرزاق القريشي ولم تسفر عن وقوع إصابات بشرية. ووضع شخص مجهول يوم الجمعة في 25 آذار إصبع ديناميت تبلغ زنته 50 غراماً على مدخل محلّ في بلدة عرسال (قضاء بعلبك) يقيم فيه العاملان السوريان محمود محمد سليم واحمد محمد اللذان استبقا الأمر وعادا إلى بلدهما وهما على قيد الحياة. كما وضع شخص مجهول في اليوم نفسه إصبع ديناميت زنة 100 غرام في مدخنة مطعم يستثمره السوري عبد الحكيم أحمد القواص (44 عاما) في البلدة نفسها، فأحدث انفجاره أضراراً مادية، وقد ادعى الأخير على مجهول. كما أنّ مجهولاً دسّ قنبلة يدوية دفاعية أمام مدخل منزل السوري عبد الوهاب أحمد شريو (37 عاما) الذي يقيم فيه مع زوجته السورية في بلدة عرسال وذلك يوم الثلاثاء في 29 آذار، مما ألحق ضرراً بصاحب البيت اللبناني سمير محمد عز الدين الذي كان يعتاش من الايجار. كما رمى مجهول إصبع ديناميت زنته 300 غرام داخل مخرطة للحجر في القرية ذاتها يوم الأربعاء في 29 آذار، يستثمرها السوري محمود أحمد قبه جي (39 عاما). وعند الساعة الحادية عشرة من مساء يوم الخميس في 31 آذار، ألقى مجهولون قنبلة صوتية على منزل يستأجره عمّال سوريون في محلة عين مرفق (قضاء بعبدا) من دون أن توقع إصابات في صفوفهم علماً أن المنزل يعود في الأساس إلى المواطن جوزف أبي جرجس.
وعند العاشرة إلاّ ربعاً من صباح يوم الاثنين في 21 آذار، شبّ حريق في غرفة يقيم فيها السوريان محمد ومنصور محمد في محلّة المرداشية في زغرتا. وقد أتت النيران على خمس فرش من الصوف قبل ان تعمل فرق الدفاع المدني على إخمادها. كما شبّ حريق في غرفة يقيم فيها عمال سوريون في بناية نزل غازي في محلة التبانة في طرابلس وذلك يوم الخميس في 31 آذار، وعمل عناصر الدفاع المدني على إخماده من دون ان يصاب أحد بأذى. وعند الساعة العاشرة والنصف من قبل ظهر يوم الجمعة في 8 نيسان، أتى حريق على عدد من الخيم التي يقطن فيها عمال سوريون في محلة مستديرة العبدة في قضاء عكار، من دون أن تتوضح أسبابه وإن كانت نتائجه رست على التهام كل ما هو موجود داخل اثنتي عشرة خيمة، موقعاً خسائر مادية كبيرة فيها. وتتابع فصيلة العبدة التحقيق لمعرفة ملابسات الحادث. وعند الساعة السادسة والنصف من يوم الأربعاء في 23 آذار أقدم مجهولون في خلدة، على إحراق كوخ من الحديد والبلاستيك يخص شخصاً سورياً كان قد غادره وفر الفاعلون على متن سيارة من نوع <<مرسيدس>> زيتية اللون.
السيّارات أهم من البشر!
يشار إلى أن التقارير الأمنية الرسمية التي توزّع يومياً على مختلف وسائل الإعلام تتجاهل، كلياً، ذكر حوادث الاعتداء على العمّال السوريين، وكأنّها لم تحصل على الإطلاق، علماً أن بعض المعتدى عليهم لجأوا من تلقاء أنفسهم إلى المخافر والفصائل والمفارز الأمنية وقدّموا شكاوى ضد مجهولين.
وبعض المعتدى عليهم احتكم إلى محطات التلفزة لنقل معاناته ورفع ظلامته والتحدث بشكل تفصيلي عما تعرّض له من امتهان للكرامة من دون وجه حقّ إلاّ لأنّه سوري.
ولكنْ ما تخفيه هذه التقارير العلنية يرد بشكل واضح وصريح في التقارير الأمنية السرية التي تصل إلى عدد من المرجعيات السياسية والقضائية والأمنية، وهي تقارير تنقل الحوادث ببشاعتها وبوقائعها المرعبة في بعض الأحيان، ولكن هذه التقارير تبقى سرية وكأنما موجبات مصلحة البلاد العليا تقتضي الكتمان في الوقت الذي يفترض فيه التصدي لها بحزم وعقلانية، ومعالجتها بالوسائل الناجعة والمفيدة، والحدّ من خطورتها.
ولدى الاستفسار من المعنيين عن سبب التغاضي عن هذه الحوادث الكثيرة في التقارير الأمنية العلنية، جاء الجواب سريعاً وطريفاً وغير مقنع، إذ قيل لنا <<إننا نركّز في الوقت الراهن على سرقة السيارات>>، علماً أنّه عند اشتداد ظاهرة سرقة السيارات والآليات والمركبات من مختلف الأنواع، كانت التقارير الأمنية تتجاهلها برمّتها على الرغم من أنّ البلد من أقصاه إلى أقصاه كان يضجّ بها.
واللبناني لم ينجُ
ومعلوم أن الاعتداءات طالت أيضا عدداً من المواطنين اللبنانيين الأقحاح الذين يجهدون للعودة إلى منازلهم بليرات قليلة من بيع الورود والكعك والفول والعرانيس والترمس والخردة، وذلك لمجرّد الاشتباه بكونهم سوريين. ووقعت حوادث أبرزها ما تعرض له بائع الورد المتجوّل <<اللبناني منذ أكثر من عشر سنوات>> توفيق ناصر (من برج البراجنة) في عين المريسة على أيدي تجّار الموت.
كما لم توفر الاعتداءات السوريين الذين كانوا يقصدون لبنان للزيارة. فأثناء انتقال السوري بيان حسن أبو ترابي (27 عاما) بسيّارة أجرة من نوع <<مرسيدس 230>> من عاليه إلى جسر عاليه وهي مسافة قصيرة نوعاً ما، أقدم شخصان كانا بداخل السيارة على نشله محفظته التي تحتوي على مبلغ من المال مقداره 4900 ليرة سورية وتذكرة هويته وقسيمة العودة وأوراق خاصة. وعند الساعة الثالثة من عصر يوم الخميس في 24 آذار ألقى مجهولون قنبلة يدوية على سيارة من نوع <<فيات 132>> تخصّ السوري محمد طلعت الموح في بلدة دير الحرف (قضاء بعبدا) ملحقين فيها أضراراً مادية. وأقدم مجهول على إحراق سيارة المواطن السوري ثائر بديع سويدان (33 عاما) يوم السبت الواقع فيه 12 آذار، وهي من نوع <<مرسيدس>> لونها فضي تحمل لوحة رقمها101800/ز خلال إيقافها في محلة الأوزاعي.
وأبدى عدد من رجال الاقتصاد اللبنانيين خوفهم من أن ينعكس كل ذلك سلباً، على نحو مئة ألف لبناني بحسب الإحصاءات الرسمية، يتعاطون مختلف أنواع التجارة والاستثمار في سوريا ولهم مشاريع اقتصادية حيوية تدرّ أموالاً طائلة عليهم وعلى عائلاتهم. ولم تسلم الطيور والدواجن من حوادث العنف، فلوحقت أيضاً لأنّ بائعها سوري الجنسية اشتراها من السوق اللبنانية للإتجار بها أو أن الأمر اختلط على المعتدين. فقد أضرم مجهولون النار في بسطات معدّة لبيع الطيور والدواجن في سوق الأحد في محلة جسر الواطي (قضاء المتن الشمالي) تعود لكل من اللبناني إيلي توفيق الحداد (41 عاما) والسوريين خالد محمد الحسين المواضي (21 عاما) وفاضل محمد الفاضل (31 عاما) وذلك عند الساعة الرابعة من فجر يوم الأحد في 3 نيسان مما أدى إلى احتراق كامل الطيور والدواجن وشيّها بالكامل قبل ان تحضر عناصر الدفاع المدني وتعمل على إخماد الحريق الذي ألحق أضراراً وخسائر فادحة بأصحابها قدرت قيمتها بنحو 27 مليون ليرة لبنانية. وقد ادعى المتضرّرون الثلاثة على مجهولين وظلوا من دون تعويض.
وإن لم تكن هذه الأعمال المستحدثة في روزنامة بعض اللبنانيين التوّاقين للانتقام والتشفي، حكراً على منطقة لبنانية ذات صبغة طائفية معينة أو لون سياسي محدّد، دون أخرى، إلا أنّ المنطق يرجّح التعاطي الايجابي في مكافحتها والتخفيف من حدّتها حفاظاً على لبنان الجميل بإنسانه الحرّ.
__________________
لا يضر البحر الخضم ولغة كلب فيه