عرض مشاركة مفردة
  #6  
قديم 15-02-2001, 09:30 AM
أبو حمزة الخليلي أبو حمزة الخليلي غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Dec 2000
المشاركات: 117
Post

جزاك الله خيرا أبا أحمد، ما أعظم هذا الكلام.

أحبابي و سادتي الأشاعرة في هذه الخيمة، ها هنا أمران ينبغي التنبيه لهما و نشرهما بين المسلمين ما أمكن:

أولا: أن الأشاعرة لم يأتوا باعتقاد جديد إنما غاية الأمر أنهم قرروا مذهب السلف و أقاموا الدلائل عليه. انظر كلام الإمام السبكي في النقطة الخامسة أعلاه. و عليه فإن الطاعن في معتقدهم إنما يطعن في معتقد الأنبياء جميعا و معتقد السلف الصالح.

ثانيا: أنه لا ينبغي التساهل أبدا مع مجسمة هذا العصر ممن انتسب زورا و بهتانا إلى السلف و أهل الحديث فإن ضررهم عظيم، و الصحيح المعتبر تكفيرهم و انظر عبارة الشيرازي في النقطة الثالثة أعلاه. فلا ينبغي الالتفات إلى بعض من تهاون في تكفيرهم من المتأخرين ممن ليس من أهل النظر.
قال تقي الدين الحصني الشافعي في شرحه على متن أبي شجاع المسمى "كفاية الأخيار": "و أما الكفر بالاعتقاد فكثير جدا فمن اعتقد قدم العالم أو حدوث الصانع أو اعتقد نفي ما هو ثابت لله تعالى بالإجماع أو أثبت ما هو منفي عنه بالإجماع كالألوان و الاتصال و الانفصال كان كافرا"، ثم قال: "هذا لكن هنا تنبيه هو أن المجسمة ملتزمون بالألوان و الاتصال و الانفصال و كلام الرافعي في كتاب الشهادات يقتضي أن المشهور أنا لا نكفرهم و تبعه النووي على ذلك إلا أن النووي جزم في صفة الصلاة من شرح المهذب بتكفير المجسمة . قلت و هو الصواب الذي لا محيد عنه إذ فيه مخالفة صريح القرآن، قاتل الله المجسمة و المعطلة ما أجراهم على مخالفة من ليس كمثله شيء و هو السميع البصير، و في هذه الآية رد على الفرقتين و الله أعلم." اهـ كلام الحصني.
فالسلامة كل السلامة في تكفير ملتزمي الانفصال فضلا على من قال به فإن رد النصوص كفر كما ذكره الطحاوي في عقيدته، و إن ضرر هؤلاء المجسمة عظيم جدا، و قد قال القشيري في التذكرة الشرقية كما نقله الزبيدي في الإتحاف كلاما نفيسا جدا في الرد على المشبهة نفاة التأويل حتى قال في آخره عنهم:"و هؤلاء و الذي أرواحنا بيده أضر على الإسلام من اليهود و النصارى و المجوس و عبدة الأوثان لأن ضلالات الكفار ظاهرة يتجنبها المسلمون، و هؤلاء أتوا الدين و العوام من طريق يغتر به المستضعفون فأوحوا إلى أوليائهم بهذه البدع و أحلوا في قلوبهم وصف المعبود سبحانه بالأعضاء و الجوارح و الركوب و النزول و الاتكاء و الاستلقاء و الاستواء بالذات و التردد في الجهات فمن أصغى إلى ظاهرهم يبادر بوهمه إلى تخيل المحسوسات فاعتقد الفضائح فسال به السيل و هو لا يدري" اهـ كلام القشيري.
فانتبه يا طالب العلم و اعلم أن ليس كل متأول أو مجتهد يدفع عنه تأويله و اجتهاده التكفير ، فإن كثيرا من الفرق و الفلاسفة كالقائلين بأزلية العالم أجمع المسلمون على تكفيرهم و إن كان باجتهاد منهم، فلا عبرة بمن خالف ذلك ممن فتح الباب على مصراعيه لأهل البدع و الأهواء، وتذكر أخي المسلم دوما كلام الشيرازي المشار إليه سابقا. قال المحشي أحمد عبدالرزاق المغربي الرشيدي في حاشيته على الرملي في شرحه على منهاج الطالبين في أوائل كتاب الردة عند قول الرملي "واجتهاد" أي فيما لم يقم الدليل القاطع على خلافه بدليل كفر نحو القائلين بقدم العالم مع انه بالاجتهاد منهم كابن سينا و الفارابي و لا يجوز التعبير عنهم بالفلاسفة الإسلاميين. اهـ

ثالثا: أن مجسمة هذا العصر أضافوا إلى اعتقادهم التشبيه تنقيصهم لرسوله الكريم بنفيهم جاهه صلى الله عليه و سلم و تكفيرهم من توسل به عليه الصلاة و السلام. و تنقيص الرسول كفر لا شك فيه. قال الحصني الشافعي المذكور في كفاية الأخيار باب الردة في بيان أمثلة على الكفر القولي: "و لو سب نبيا من الأنبياء أو استخف به فإنه يكفر بالإجماع، و من صور الاستهزاء ما يصدر عن الظلمة عند ضربهم فيستغيث المضروب بسيد الأولين رسول الله صلى الله عليه و سلم فيقول: خلّ رسول الله يخلصك، و نحو ذلك" اهـ كلام الحصني.

فانتبهوا يا طلبة العلم الأحباء و التزموا الأقوال المعتبرة في المذاهب الأربعة و لا تحيدوا عنها و لا تلتفتوا إلى من خالفوا ذلك ممن ليسوا من أصحاب الوجوه، و لا تبالوا أن يقال عنكم بعد ذلك أنكم تكفرون الناس أو تشقون الصف، فقد روى ابن حبان عن عمران بن الحصين: "أتى رسولَ الله رجلٌ فقال: يا محمد، عبد المطلب خير لقومه منك كان يطعمهم الكبد و السنام و أنت تنحرهم" . الحديث. فتأمل ماذا قيل في قدوتنا سيد الأولين و الآخرين و اصبر.

و الله من وراء القصد.