عرض مشاركة مفردة
  #6  
قديم 17-04-2004, 03:23 PM
الصورة الرمزية لـ الوافـــــي
الوافـــــي الوافـــــي غير متصل
عضو جديد
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2003
الإقامة: saudia
المشاركات: 24,409
إفتراضي

ما هذا الذى حدث لى ؟؟؟ لقد تصرفت بوقاحة وببعض الهمجية !!! ماذا فعلت هذه المرأة لتستحق هذه المعاملة ؟؟؟ أنا لست أنا !!! لم أتعود على ذلك يصدر منى . حينما أخاطب أى شخص فأناديه بالسيد أو بالسيدة ، حتى لو كان كاتبا أو صرافا أقابله فى المخزن ... يمكننى التغاضى عن ضحكتى التى صدرت منى مع زوجتى كتنفيس عما بداخلى ، ولكنى لا أستطيع الآن أن أتغاضى عن تصرفاتى هذه التى تعكس عما بداخلى من صراع . نحيت جانبا القراءة ، وانشغل ذهنى بهذه التصرفات أثناء تناول الطعام ، فكلما ازداد
قلقى واضطرابى كلما ازداد شعورى بالذنب من تصرفاتى !!! وقررت أن أقوم ببعض التعديلات لتصرفى هذا حينما تحضر إيمان بفاتورة الحساب ، وهذا التصرف واجب حتى فى موقف مخالف لما حدث . هذا التصرف واجب حتى فى ظرف ليس مثل هذا الظرف . علاوة على ذلك ، كنت قلقا على ما يحدث لى داخليا من مقاومة لسؤال برئ وجهته لى إيمان . ماذا يحدث بداخلى ليكون ردى بهذا العنف على سؤال مباشر وبسيط ؟؟؟ لماذا يؤدى هذا السؤال البسيط لهذا السلوك الذى حدث منى ؟؟؟

حينما جاءت إيمان بفاتورة الحساب ، قمت بعمل التفاف كاعتذار لها قائلا ::: " أخاف أنى كنت فظا بعض الشئ فى إجابتى على سؤالك لى ، إذا كان القصد من سؤالك هو هل أؤمن بأن الله واحد ، فإن جوابى ( نعم ) ، وإذا كان القصد من سؤالك إن كنت أعتقد بأن محمد نبى مرسل من هذا الإله ، فإن جوابى ( نعم ) ،
فأومأت برأسها بأدب وبطريقة مساعدة ، قالت اوكى ، هذا الموضوع يأخذ وقتا طويلا بعض الشئ من شخص لآخر وانصرفت .

ربما يلاحظ القارئ الألاعيب الذهنية والنفسية التى تمارس فى نفسى ، وأعلم جيدا أن الطريقة التى ذكرتها فى كلامى لإيمان بأنى قد نطقت بالشهادتين الدالتين على الإيمان بالإسلام ،ولكن بطريقتى الخاصة !!! ... وبما أنى قد قلت ما قلت ، وأعى تماما أن ماقلته يعتبر كأنى نطقت بالشهادتين ، إلا أننى ما زلت لم أنزع اللافتة اللاصقة بى " نصرانى " ، مقنعا نفسى بأنى لم أقل أننى " مسلم " !!! نصرانى شاذ فى نصرانيته !!! يقول أنه لا إله إلا الله ، ويعترف بأن محمدا رسول الله ... إذا أراد أى مسلم أن يقبلنى بهذا الوضع ، فله ما يريد ، وليحتفظ هو بلافتته الدينية !!! وأقنعت نفسى بأنى نصرانى ، يمكنه أن يعترف بما يعترف به المسلمون ... لكن فليحملوا هم هويتهم ، ولأحمل أنا هويتى ولهم أن يعتبروها كما يشاؤون !!!

نحن الآن فى مارس 1993 ، نتمتع أنا وزوجتى بأجازة فى الشرق الأوسط ، ووافق الشهر شهر رمضان شهر الصيام عند المسلمين ، يمتنعون فيه عن الطعام من الفجر حتى غروب الشمس . وبما أننا كنا معظم الوقت فى ضيافة أصدقائنا المسلمين بالولايات المتحدة وعائلاتم هنا ، فقد قررت أنا وزوجتى ، مجاملة للمضيفين أن نصوم معهم . وأيضا فى هذا الوقت قررت أن أحافظ على الصلوات الخمس ، مع أصدقائى . على كل حال ، لم يكن هناك ما يمنع من القيام بهذه الصلوات .

كنت مازلت نصرانيا ، فلتقل ذلك . لأنى نشأت نصرانيا من عائلة نصرانية ، واظبت على مدرسة الأحد وأنا طفل ، تأهلت فى علوم اللاهوت ، وعملت كقسيس فى الكنيسة فى مجتمع بروتستانتى كبير . وكذلك كنت نصرانيا :::
لا يعتقد بألوهية التثليث ، وبألوهية سيدنا عيسى عليه السلام ، ويعلم جيدا بفساد الكتب المقدسة ( التوراة ، والإنجيل ) ، نصرانيا نطق بالشهادتين ، وصام رمضان ، ويصلى الخمس يوميا ، ومتأثرا جدا بالروح الإسلامية التى رآها فى المسلمين الذين عاشرهم ، سواء فى أمريكا ، أو فى الشرق الأوسط . ( الوقت والمساحة لا يسمحان لى بالإستطراد فى إيراد الأمثلة التى قابلتها عن المبادئ والأخلاق فى الشرق الأوسط ) ، إذا سألت عما إذا كنت مسلما حينئذ ؟ لأخذت لمدة خمسة دقائق فى سرد الكلام السابق لى ، ولتركت السؤال بدون إجابة !!! كنت فى ذلك الوقت أقوم بألعاب كلامية ثقافية حتى لا أقول نعم أو لا !!! وقد نجحت فى ذلك بتفوق .

الوقت الآن فى نهاية الرحلة للشرق الأوسط ‘ وكنت أنا وأحد الأصدقاء المسنين ، الذين لا يتكلمون إلا اللغة الإنجليزية نسير فى أحد الشوارع فى الأحياء الفقيرة فى عمان من الأردن ، إذ اقترب منا رجل عجوز من الناحية الآخرى باسطا يده لنا للتحية ، قائلا السلام عليكم ، تحية المسلمين ، لم يكن غيرنا نحن الثلاثة فى المكان ، وأنا لا أتكلم اللغة العربية ، لا أنا ولا صديقى ، ونظر إلى الرجل محملقا وسألنى " مسلم ؟؟؟ " .

فى هذه اللحظة بالذات ، وقعت فى مصيدة !!! لم تعد هذه البهلوانيات الكلامية التى اعتدتها نافعة هنا !!! لأنى لا أستطيع التكلم إلا باللغة الإنجليزية ، وهذا الرجل لا يمكنه فهم ما أقول ، فالرد لهذا السؤال لا يكون بغير إحدى الكلمتين ، " نعم " ، أو ، " لا " باللغة العربية ، الإختيار بين الكلمتين هو الآن لى فأيتها أختار ؟؟؟ لم يكن هناك بيننا مترجم لأنقل له هذه الآلاعيب الكلامية !!! كذلك لا أستطيع التظاهر بأنى لم أفهم السؤال ، لابد من الإختيار والآن بالذات ، الحمد لله العلى القدير فقد تحرك لسانى وللمرة الأولى " نعم " .

مداخلة منى :::

لقد اطلع الله سبحانه وتعالى على ما فى نفسه وعلى الصراع الدائر فى داخلها وعلى صدف إيمانه ، فأرسل له من يعينه على قول ; نعم & quot; .

بالنطق بهذه الكلمة الوحيدة ، إنهارت كل الآلاعيب الكلامية التى كنت أمارسها إرضاء لنفسى ، وألقيت وراء ظهرى الاعيبى الكلامية ، آلا عيبى النفسية الدينية ، لقد كنت نوعا شاذا من النصرانية ، وهكذا ولله الحمد أولا وأخيرا أصبحت مسلما ، وكذلك أصبحت زوجتى ذات الـ 33 عاما أيضا مسلمة فى نفس الوقت .

شهور قليلة بعد عودتى من رحلة الشرق الأوسط ، دعانى جار لى لنتباحث عن أسباب اعتناقنا للإسلام ، الجار كان قسيسا سابقا على التقاعد من الميثودست ، وكنا فى السابق نتبادل النقاش السطحى فى الدين ، ونتكلم عن الإضافات التى زيدت على الكتب المقدسة القديمة فى الترجمات الحديثة . أعرف عنه أن له دراسات متعمقة فى الدين ، وأنه كان من المنشدين فى الكنيسة أيام الآحاد .

قلت فى نفسى ، ها قد جاءتك الفرصة !!! فالمسلم الصادق لابد أن يكون على علاقة طيبة مع جيرانه ، ولا بد أن يكون داعية إلى الإسلام ، ولهذا قبلت الدعوة فى مساء الليلة التالية ، وأخذت أستعد لمناقشة الموضوع فى الـ 24 ساعة السابقة للقاء ، وأفكر كيف أبدأ فى الموضوع !!! وحان الموعد وذهبنا إليه ، وبعد بعض الحديث العام ، قال لى فجأة لماذا اعتنقت الإسلام ؟؟؟ ولقد كنت فى شوق لهدا السؤال الذى أعددت جيدا الإجابة عنه !!! قلت ::: " كما تعلم من دراساتك فإن هناك إعتبارات كثيرة لا تمت للدين بصلة ، قد سبقت وشكلت وأثرت فى قرارات مؤتمر نيقيا " ، فقاطعنى بقوله ::: فى النهاية أنت لا تستطيع أن تهضم الشرك بالله ، أليس كذلك ؟؟؟ كأنه أراد أن يصل إلى النتيجة دون الإستطراد فى الكلام " كان يعلم بالضبط لماذا أنا مسلم ، ولم يكن يعارض ما اتخذته من قرار ، ولكن بالنسبة له شخصيا ولكبر سنه ، ولموقعه من النصرانية ، كان هو الآخر نفس النموذج الشاذ من النصرانية الذى كنته . أراد الله له أن يكمل هو الآخر رحلته من الصليب إلى الهلال .

هناك تضحيات لتكون مسلما فى الولايات المتحدة ، وكذلك هناك تضحيات لتكون مسلما فى أى مكان آخر ، وهذه التضحيات تكون أقسى وأشد للذين تحولوا من النصرانية إلى الإسلام . وبعض هذه التضحيات تشمل تغيير اللباس ، الإمتناع عن شرب الخمر ، عدم أكل الخنزير ، التدقيق في المال المكتسب . وبعض التضحيات الآخرى أقل شدة . مثال على ذلك ، فإحدى العائلات النصرانية أخبرتنا بأنها لن تتعامل معنا لأنها لا تتعامل مع من لا يتخذ المسيح مخَلصا له . كذلك فقد تغير تعامل بعض الزملاء لى ، وسواء كانت هذه مصادفة أو لم تكن فقد انخفض دخلى 30% ، بعض من هذه التضحيات البسيطة قد يصعب قبولها ، ولكن التضحيات فى سبيل العقيدة لا تساوى شيئا فى المقابل .

إلى الذين يترددون فى قبول الإسلام خوفا من هذه التضحيات ، فالعودة الصحيحة إلى الله سبحانه وتعالى أغلى منها ، ألا إن سلعة الله غالية ، بعض هذه التضحيات متوقعة ، وبعضها الآخر قد تفاجأ به ، وفى العموم لا يستطيع أحد أن ينكر هذه التضحيات ، ولن أغلفها لك بطبقة من الحلوى ، ولكن أقول لك أن العقيدة الصحيحة هى أثمن شئ فى الوجود ، وأن مردودها يوم القيامة لا يقدر بثمن .

إنتهت الحلقة الثانية

تحياتي

__________________


للتواصل .. ( alwafi_248@hotmail.com )

{ موضوعات أدرجها الوافـــــي }