عرض مشاركة مفردة
  #22  
قديم 13-09-2007, 08:28 PM
sbhhbs sbhhbs غير متصل
عضو فعّال
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2007
المشاركات: 255
إفتراضي

قصة بناء البيت العتيق ودعاء إبراهيم عليه السلام



{وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنْ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ(127)رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ(128)رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ(129)}.



ثم قال تعالى حكاية عن قصة بناء البيت العتيق {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنْ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ} أي واذكر يا محمد ذلك الأمر الغريب وهو رفع الرسولين العظيمين "إِبراهيم وإِسماعيل" قواعد البيت وقيامهما بوضع أساسه ورفع بنائه وهما يقولان بخضوع وإِجلال {رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} أي يبنيان ويدعوان بهذه الدعوات الكريمة قائلين يا ربنا تقبل منا أي اقبل منا عملنا هذا واجعله خالصاً لوجهك الكريم فإِنك أنت السميع لدعائنا العليم بنياتنا.

{رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ} أي اجعلنا خاضعين لك منقادين لحكمك {وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ} أي واجعل من ذريتنا من يسلم وجهه لك ويخضع لعظمتك {وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا} أي وعلمنا شرائع عبادتنا ومناسك حجنا {وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} أي تب علينا وارحمنا فإنك عظيم المغفرة واسع الرحمة.

{رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ} أي ابعث في الأمة المسلمة رسولاً من أنفسهم وهذا من جملة دعواتهما المباركة فاستجاب الله الدعاء ببعثة السراج المنير محمد صلى الله عليه وسلم {يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ} أي يقرأ آيات القرآن {وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} أي يعلمهم القرآن العظيم والسنّة المطهرة {وَيُزَكِّيهِمْ} أي يطهرهم من رجس الشرك {إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} العزيز الذي لا يُقهر ولا يُغلب، الحكيم الذي لا يفعل إلا ما تقتضيه الحكمة والمصلحة.



سبب نزول الآية (130):

قال ابن عُيَيْنَة: روي أن عبد الله بن سلام دعا ابنَيْ أخيه: سلمة ومهاجراً، إلى الإسلام، فقال لهما: قد علمتما أن الله تعالى قال في التوراة: إني باعث من ولد إسماعيل نبياً اسمه أحمد، فمن آمن به فقد اهتدى ورشد، ومن لم يؤمن به فهو ملعون، فأسلم سلمة، وأبى مهاجر، فنزلت فيه الآية.



سفاهة من يكره دين إبراهيم عليه السلام



{وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلاَ مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ(130)إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ(131)وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلاَ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ(132)أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ(133)تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ(134)}



{وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلاَ مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ} أي لا يرغب عن دين إِبراهيم وملته الواضحة الغراء إِلا من استخفّ نفسه وامتهنها {وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا} أي اخترناه من بين سائر الخلق بالرسالة والنبوة والإِمامة {وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ} أي من المقربين الذين لهم الدرجات العلى {إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ} أي استسلم لأمر ربك وأخلصْ نفسك له {قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} أي استسلمت لأمر الله وخضعتُ لحكمه.

{وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ} أي وصّى الخليل أبناءه باتباع ملته وكذلك يعقوب أوصى بملة إِبراهيم {يَابَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ} أي اختار لكم دين الإِسلام ديناً وهذا حكاية لما قال إبراهيم ويعقوب لأبنائهما {فَلا تَمُوتُنَّ إِلاَ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} أي اثبتوا على الإِسلام حتى يدرككم الموت وأنتم متمسكون به.

{أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ} أي بل أكنتم شهداء حين احتضر يعقوب وأشرف على الموت وأوصى بنيه باتباع ملة إبراهيم {إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي}؟ أي أيَّ شيء تعبدونه بعدي؟ {قالوا نعبد إِلهك وإِله آبائك إِبراهيم وإِسماعيل وإِسحاق إِلهاً واحداً} أي لا نعبد إِلا إِلهاً واحداً هو الله رب العالمين إِله آبائك وأجدادك السابقين {وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} أي نحن له وحده مطيعون خاضعون، والغرض تحقيق البراءة من الشرك.

قال تعالى مشيراً إِلى تلك الذرية الطيبة {تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ} والإِشارة إِلى إِبراهيم وبنيه أي تلك جماعة وجيل قد سلف ومضى {لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ} أي لها ثواب ما كسبت ولكم ثواب ما كسبتم {وَلا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ} أي لا تسألون يوم القيامة عما كانوا يعملون في الدنيا بل كل نفسٍ تتحمل وحدها تبعة ما اكتسبت من سوء.



تنبيه:

ظاهر قوله تعالى {فَلا تَمُوتُنَّ إِلاَ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} النهي عن الموت إِلا على هذه الحالة من الإِسلام، والمقصود الأمر بالثبات على الإِسلام إِلى حين الموت، أي فاثبتوا على الإِسلام ولا تفارقوه أبداً واستقيموا على محجته البيضاء حتى يدرككم الموت وأنتم على الإِسلام الكامل كقولك لا تصلّ إِلا وأنت خاشع.



المنَاسَبَة:

لما ذكر تعالى أن ملة إبراهيم هي ملة الحنيفية السمحة، وأن من لم يؤمن بها ورغب عنها فقد بلغ الذروة العليا في الجهالة والسفاهة، ذكر تعالى ما عليه أهل الكتاب من الدعاوى الباطلة من زعمهم أن الهداية في اتباع اليهودية والنصرانية، وبيّن أن تلك الدعوى لم تكن عن دليل أو شبهة بل هي مجرد جحود وعناد، ثم عقب ذلك بأن الدين الحق هو في التمسك بالإِسلام، دين جميع الأنبياء والمرسلين.