عرض مشاركة مفردة
  #16  
قديم 18-09-2002, 05:00 PM
عصام الدين عصام الدين غير متصل
عضو فعّال
 
تاريخ التّسجيل: Dec 2000
المشاركات: 332
إفتراضي

نعلم أن مشكل العلمانية أو اللائكية كما أفضل أن أسميها ، مشكل ظهر عند الغرب المسيحي الكاثوليكي أساسا ( و بدرجة قليلة جدا جدا عند البروتستانت )عندما كانت الكنيسة تقف أمام كل تطور حتمي للعلم ، غاليليو مثلا ، و كانت الكنيسة تسيطر على السياسة الامر الدي عانى منه فلاسفة و مفكرون غربيون كبار ، كانوا يعلمون تمام العلم أن المسيحية بريئة من أي تداخل بين العلم والسياسه و الدين . أليس المسيح عليه السلام هو الدي قال في الانجيل " دع ما لقيصر لقيصر و ما لله لله " و كدلك قال " مملكتي ليست هنا ، مملكتي ليست في هدا العالم " و الرواية هده حسب الانجيل .. أي أن المسيحية ليست دينا سياسيا و انما هي مجموعة أخلاق و قيم سامية .. و قد كان الحل أمام المفكرين و الفلاسفة المنظرين في الغرب لتجنب هدا التعسف غير العادل هو اقصاء الدين و ارجاعه الى مكانه الطبيعي و هو شعائر و صلوات .. هدا عن المسيحية ..
أما الاسلام .
فقد جاء بعض المفكرين الدين درسوا في الغرب باجتهادات مفادها أن دخول الحداثة من باب الدين صعب و ربما مستحيل و كان التأثر بالغرب و التفاعل معه يجعلهم يناضلون من أجل محاربة كل ما هو ( ثراتي ) كان دينا أو حتى شعرا و أدبا ، و كانت الثورة التي رأيتها ( نمودج الشعر مثلا ) و كدلك نقد الثرات الديني و عرضه على نفس مناهج النقد التي نطبقها على النصوص العادية ( نقد كلام الله كما لو كان كلام بشر ) .. و اعتنق أغلب المفكرين المدهب اليساري الماركسي اللينيني ، كي لا يتهموا بالرجعية ، و مولهم الغرب و ساعدهم في مجهوداتهم في مقابل أن يتشجعوا أكثر لتحطيم قيود ( لا يشعر الغرب بمدى قدسيتها عندنا ) لدلك وقع هؤلاء الحداثيون المنادون باللائكية في حرج عنف المواجهة إد اصطدموا مع واقع يرفضهم إد أن كل الشعوب لا تتفق أبدا مع مبدأ الخروج عن الدين و لو كان المقابل أيا كان ...
و لبلوغ الحداثة كما قلت اختار هؤلاء المفكرون تطبيق اللائكية أي فصل الدين عن السياسة .. لكن هل يصلح المنهج الغربي عندنا في ولوج الحداثة ؟
النمودج الغربي ليس عاما أو كونيا و الدليل نأتي به من إيران و اسرائيل ..
إيران في عهد الشاه كانت تسمى دولة حداثية في طريق التقدم ، و هي باعتناقها الدين في السياسة صارت ضلامية ( يمكنك أن تلاحظ دلك من خلال مقالات توماس فريدمان مثلا ) ، لكن هل ايران تتفق مع هده المعادلة ؟
طبعا لا ، فهده الدولة أحسن حالا اليوم من حالها ابان عهد الشاه ، و هي إدا تأملنا جيدا نجد أنها في المسار الايجابي الوالج للحداثة من طريق الدين و ليس من خارجه ، الامر الدي يستحيل عند الكاثوليك في منهجهم و فكرهم ..
إسرائيل أيضا الدين و السياسة عندها وجهان لعملة واحدة و كل الخطاب الصهيوني يستمد مشروعيته من الدين و يطبق أسس و مبادئ الدين اليهودي و حتى قيامها مند مؤتمر بال الى اليوم كان دينيا و نظرة في كتاب اليهود اليهودية والايديولوجية الصهيونية لعبد الوهاب المسيري ( مصري ) تشرح دلك ...

الخلاصة أن الحداثة تتعدد الطرق اليها أما الغرب فلا يشكل نمودجا كونيا .. هدا ما يجب أن نبينه بالدليل و الحوار البناء ، الاسلام هو طريق الحداثة عند شعوبنا لأننا كما لا نجد كورسيكا بجانب اليابان فإننا لا نجد المسيحية بجانب الاسلام ، كي يترافقا في طريق واحد ...

اللائكية مبدأ ناجح عند الغرب ، لكنه فاشل عندنا ... ببساطة .

رأى بعض المفكرين العرب أن الحداثة لن تدخلها الدول العربية إلا من باب فصل الدين عن الدولة أو ما يسمى باللائكية ..
لكن بالرجوع إلى تجربة ايران قبل سنة 1979 نجد نظريات النمو السياسي الغربية تصنف النظام الايراني في عهد الشاه من الانظمة الحديثة على الطريقة الغربية ، لكن عالم الافكار و الاشياء و الاشخاص و شبكة العلاقات الاجتماعية ستضع خلافاتها الايديولوجية جاببا و ستتوحد لخلق تجربة ما بعد حديثة . و هذا ما جاء به السياق الثوري الذي أعاد قراءة التاريخ الاسلامي بتحديث المجتمع و الدولة بتجاوز الطريقة الغربية المبنية على تطليق الدولة للدين . وفق هذا التحليل تبدو الحداثة الغربية متجاوزة في شكلها الايديولوجي و مقبولة من الناحية التقنية . و من التفسيرات التي أصلت لهذا المنعطف أن يعزى ضعف ايران الى ابتعادها عن الدين ، الذي شكل من الناحية السوسيو تاريخية مسارا للاصلاح .
من ناحية علم الاجتماع الديني داخل الغرب ، تبدو أن الكاثوليكية لم تكن مهيأة لخلق المنعطف المحوري من خلال الدين للانتقال الى الحداثة و الديمقراطية و التقدم ، إذ نجدها عاشت ملكيات مطلقة في فرنسا و اسبانيا و تحالفت الكنيسة مع هذه الديكتاتوريات ، ضدا على ارادة الشعوب و تطورها الحتمي ، و هذا ما يفسر دونيتها السوسيولوجية ازاء البروتستانتية و الاسلام و اليهودية . هذه الاخيرة خلقت المنعطف المحوري من خلال تفوق التيار الاصلاحي ( حركة المفدال مثلا ) إذ يتشبتون بالعقيدة الدينية الصهيونية و الالتزام بما جاءت به الثورة الفرنسية من مبادئ على مستوى الحداثة و حقوق الانسان ، في حين بقي الاورتودوكس يرفضون مبدأ تأسيس الدولة الحديث ، و لعل إشكالية الدين و السلطة تبدو مرتبطة بالمنعطف المحوري للحداثة إذ يساهم التعليم الديني هناك في الكيان الصهيوني بشكل كبير في استبطان الانماط الشعبية للفعل السياسي على مستوى التعالي الديني و القومي ...

السلام عليكم .
__________________
تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها
حسب الواجد إقرار الواحد له.. حسب العاشق تلميح المعشوق دلالا.. وأنا حسبي أني ولدتني كل نساء الأرض و أن امرأتي لا تلد..