عرض مشاركة مفردة
  #3  
قديم 26-11-2006, 06:32 AM
المصابر المصابر غير متصل
كاتب مغوار
 
تاريخ التّسجيل: Mar 2006
الإقامة: أرض الله
المشاركات: 3,304
إرسال رسالة عبر ICQ إلى المصابر إرسال رسالة عبر MSN إلى المصابر إرسال رسالة عبر بريد الياهو إلى المصابر
إفتراضي


فما بالنا إذا كان هذا العامل المساعد هو قدر الله الذي قدره للعمل على هذه المحاور الثلاث فلا يعمل فقط على تنشيط عوامل الفناء الحضاري الخاملة بل يعمل كذلك على مواجهة القوة العسكرية بالإنهاك ، فتعمل هذه المواجهة وذلك الإنهاك ذاتياً على المحور الثالث ألا وهو الهالة الإعلامية الكاذبة ، فيقوم بنزع المهابة التي تصور هذه القوة أن لا شيء يقف أمامها البتة.
وهذا تماماً ما حدث للقطب الشيوعي عندما وُضع في مواجهة عسكرية مع قوة أضعف منه بمراحل بل لا تقارن به ، ولكنها نجحت في إنهاكه عسكريا والأهم من ذلك تنشيط عوامل الفناء الحضاري في دياره :
- عقيدة الإلحاد في مواجهة عقائد تؤمن بحياة أخرى وإله.
- حب الدنيا والملذات والترف في مواجهة أفراد ليس عندهم ما يخسرونه.
- انحلال خلقي أقل مظاهره أن يعود الضابط أو الجندي الروسي - إن عاد - فيجد زوجته قد أنجبت من غيره أو على علاقة بغيره.
- مظالم اجتماعية طفت بوضوح على السطح عندما ضعفت الحالة الاقتصادية بسبب الحرب ، فعندما يقل المال وتبدأ الأزمات المالية يظهر اللصوص الكبار خاصة إذا بدأت المحاسبة الدقيقة.
مع ملاحظة هامة : أن الضعف الاقتصادي الناشئ عن تكاليف الحرب أو الناشئ عن توجيه ضربات النكاية مباشرة إلى الاقتصاد هو أهم عوامل الفناء الحضاري حيث يهدد الترف والملذات التي تلهث خلفها تلك المجتمعات فيبدأ التنافس بينهم حولها بعد أن تقل بسبب ضعف الاقتصاد ، كذلك تطفو على السطح من خلال الضعف الاقتصادي المظالم الاجتماعية مما يشعل الحروب أو المواجهات السياسية والفرقة بين شرائح كيان المجتمع في بلد المركز.
كذلك عملت هذه القوة - على الرغم من ضعفها - على المحور الثالث أي بنزع المهابة من الجيش الروسي من قلوب الشعوب التي كانت تدور أنظمتها في فلكه في أوروبا وآسيا فبدأت بالتساقط منه والخروج عليه واحدة وراء الأخرى.
بل عملت هذه القوة الضعيفة على محور رابع خاص بالأمة ألا وهو إحياء العقيدة والجهاد في قلوب الشعوب المسلمة التي كانت خاضعة تحت كيان هذا القطب لما رأت المثل والقدوة في الجهاد من هذا الشعب الأفغاني الفقير المجاور لهم الذي استطاع الصمود أمام أقوى ترسانة حربية وأشرس جيش من حيث طبيعة أفراده في ذلك الوقت ، فرأينا الجهاد يخرج من أراضٍ لم يسمع بها كثير من المسلمين كالشيشان وطاجيكستان وغيرهما.
وكل ما سجلناه هنا واقع حادث بل والأهم من ذلك أن من نعم الله على من يخوض المعركة أنه أقرب أهل العلم والفراسة في تحسب ذلك ، فمثلاً تحدث الشهيد - نحسبه كذلك - سيد قطب رحمه الله عن سقوط الاتحاد السوفيتي وبين من السنن التي ستؤدي إلى ذلك الكثير لكنه ما كان يستطيع أن يحدد زمناً مُتوقعاً أو بيانات محددة ، في حين أن للشيخ عبد الله عزام - الذي استشهد رحمه الله قبل سقوط الاتحاد السوفيتي - تحليلاً تنبأ فيه بسقوط هذه الدولة العظمى وتشرذم جمهورياتها ونشوء حركات إسلامية مجاهدة في بعض جمهورياتها ، الأغرب من هذا أن تحليله كان مبنياً على أرقام حيث جاء فيه عدد قوات الجيش الروسي صاحب أكبر ترسانة سلاح في العالم وجيش أكبر من الجيش الأمريكي من حيث العدد وأشرس وأقدر على احتمال جو المعارك وخسائرها البشرية ، والأغرب من ذلك أيضاً أنه لم يكن مبنياً على انسحاب الروس من أفغانستان وإن كان يأمل ذلك وإنما مبني على أن ضغط المجاهدين سيدفع الروس لضخ مزيد من أعداد الجند داخل أفغانستان مما يقلل الاحتياطي في الجيش السوفيتي وأن هذا الضغط والنقص سيُجرئ الجمهوريات السوفيتية على محاولة الانفصال خاصة الإسلامية التي رأى سكانها قدوة عملية على إمكانية المقاومة ، وتقريبا كل ما قال حدث وكأنه فيلم سينمائي ، ومن هذا نعلم أن معرفة قدرات العدو وموعد هزيمته لن تتأتى لنا إلا بخوض الحرب العملية معه مهما كان لنا من عقل أو دراسات نظرية.
هنا نسجل أن بانهيار ذلك القطب سقطت جمهورياته في الفوضى لكن بسبب توفر عوامل معينة سرعان ما قامت في أغلبها إدارات دول - دون المرور بمرحلة إدارة توحش - نجح بعضها في الاستمرار حتى الآن.
نجحت إدارات التوحش في الشيشان وأفغانستان – أفغانستان لم تكن من الجمهوريات السوفيتية - في إقامة ما يمكن أن يُطلق عليه دول لكن تم إسقاطهما الآن ، بل تم إعادتهما إلى مرحلة ما قبل إدارة التوحش وهي مرحلة شوكة النكاية والإنهاك ، ونسجل أن تطور الأحداث في البلدين لم تكن بسبب أحداث دخول داغستان وأحداث سبتمبر ، وإن كانت قد تكون عجلت به وتفصيل ذلك يطول وقد أشرنا لما يخص أفغانستان فيما سبق.
هكذا انهار ذلك القطب ولكن سرعان ما تمكنت حضارة الشيطان من تدارك الأمر والاستمرار في التحكم في العالم من خلال تماسك القطب المتبقي [ أمريكا ] بحيث يقوم مع دول العالم عامة ودول منطقتنا خاصة بنفس الدور الذي كان يقوم به القطبان ، بل أصبحت الصورة أشد قتامة أمام بعض الشرفاء سواءً من أهل الدين أو من غيرهم في الدول الخاضعة لهذا النظام العالمي لظنهم أن القطب المتبقي مستعصٍ على الإفناء وأن عناصر قوته تختلف عن مثيلاتها في القطب المنهار ، خاصة أن هالته الإعلامية أضعاف أضعاف الهالة الإعلامية للقطب المنهار.
والبعض الآخر من أهل الصدق والجهاد كانوا يطرحون ما أراهم الله وأنشأ به التصور في أذهانهم عن ضعف العدو وقلته ليقضي الله أمراً كان مفعولاً ، فكان هذا البعض يقول للباقين من أهل الدين والشعوب : يا قوم إن شراسة الجندي الروسي أضعاف ما عند الأمريكي ، ولو قُتل لأمريكا عُشر من قُتل لروسيا في أفغانستان والشيشان لولت هاربـة لا تلوي على شيء ، وذلك لأن بنية جنود أمريكا والغرب الآن غير بنية جنودهم في حقبة الاستعمار ، فقد وصلوا لمرحلة من الترف تجعلهم غير قادرين على تحمل المعارك مدة طويلة واستبدلوا ذلك بهالة إعلامية كاذبة ، يا قوم إن المركز في الاتحاد السوفيتي كان قريباً على قدر ما من البلاد التي فيها المواجهات ، بل كان لها حدود مشتركة مع أرض المواجهات فكانت تتدفق الإمدادات والآليات والمدرعات بسهولة وبدون تكلفة كبيرة بينما الأمر مختلف بالنسبة لأمريكا فبعد المركز الرئيسي عن الأطراف عامل جيد ليفهم الأمريكان صعوبة الاستمرار في خضوعنا لهم وتحكمهم فينا ونهبهم خيراتنا إذا قررنا رفض ذلك ، فقط إذا قررنا وأشعلنا المواجهة لإثبات ذلك.
هذه كانت الصورة حتى أحداث سبتمبر وإرهاصاتها التي بدأت بأحداث نيروبي ودار السلام.

والخلاصة : خلصت حركة التجديد المعاصرة بعد أن عركتها الأحداث والمعارك وتراكمت لديها الخبرات خلال أكثر من ثلاثين عاماً إلى أن عليها القيام ببعض العمليات النوعية المرتبة بنظام معين والتي بدأت بعملية نيروبي ودار السلام لتحقيق الأهداف التالية - بإذن الله - :
أ - الهدف الأول : إسقاط جزء هام من هيبة أمريكا وبث الثقة في نفوس المسلمين من خلال :
(1) كشف الهالة الإعلامية الكاذبة بأنها قوة لا تقهر.
(2) جعل أمريكا تستبدل حربها على الإسلام من نظام الحرب بالوكالة إلى أن تحارب بنفسها لتكشف أمام أعين شرفاء الشعوب وقلة من شرفاء جيوش الردة أن خوفهم من خلع الأنظمة لكون أمريكا تحمي هذه الأنظمة ليس في محله ، وأنهم عند خلع الأنظمة يمكنهم مواجهة أمريكا إذا تدخلت.
ب - الهدف الثاني : تعويض الخسائر البشرية التي منيت بها حركة التجديد في الثلاثين عاما الماضية عن طريق مد بشري متوقع يأتي لسببين :
(1) الانبهار بالعمليات التي سيتم القيام بها في مواجهة أمريكا.
(2) الغضب من التدخل الأمريكي السافر والمباشر في العالم الإسلامي ، بحيث يتراكم ذلك الغضب على كم الغضب السابق على دعم أمريكا للكيان الصهيوني مع تحويل الغضب المكبوت تجاه أنظمة الردة والظلم إلى غضب إيجابي ومد بشري لا ينضب لحركة التجديد ، خاصة عندما ينكشف لأهل الغفلة من الشعوب - وهم الأكثرية - حقيقة عمالة هذه الأنظمة لأعداء الأمة بصورة لا ينفع معها أي أقنعة كاذبة ، وبحيث لا يبقى حجة لأي مدعي بإسلام هذه الأنظمة وأعوانها.
ج - الهدف الثالث : العمل على إظهار ضعف القوة المركزية لأمريكا بدفعها إلى استبدال الحرب الإعلامية النفسية والحرب بالوكالة إلى أن تحارب بنفسها فينكشف للمترددين من جميع الطوائف والأصناف بل وينكشف للأمريكان أنفسهم أن بعد المركز الرئيسي عن الأطراف عامل هام جداً في إمكانية حدوث الفوضى والتوحش.