عرض مشاركة مفردة
  #9  
قديم 24-05-2006, 09:29 AM
جهراوي جهراوي غير متصل
عضو فعّال
 
تاريخ التّسجيل: May 2006
المشاركات: 309
إفتراضي

اعتقد ان معالجة واصلاح الاوضاع السياسية في الكويت والحد من نفوذ مؤسسة الفساد والافساد يحتاج الى معارضة من خارج اطر المؤسسات الدستورية, بمعنى انه ليس من المجدي ابدا ان نسعى الى اصلاح الحكومة من "الداخل" فالخراب ينخرها تماما وليس في وسع وزير او اثنين ان يفرضا نهجا اصلاحيا على اجندة الحكومة ولا على اسلوب عملها. كما انه ليس من المجدي ابدا ان تتم "المعارضة" من داخل البرلمان فهو "منقع زرنيخ" تتحكم بقراره قوى الفساد والافساد. ولم يعد امام الشعب الكويتي, ان كنا نريد لنظامنا ان يستمر ولبلدنا ان تنهض, سوى المعارضة من خارج المؤسسات الدستورية. اقول هذا وانا اعلم يقينا ان مثل هذه الدعوة لن تتقبلها الطبقة السياسية الشعبية الموجودة حاليا على الساحة, فهذه الطبقة مستفيدة بشكل او بآخر من استمرار الاوضاع الحالية التي تمكنها من لعب دور "الوسيط" السياسي بمقابل في الغالب.

ان الاشكالية التي تواجه الكويت هي كما اشرت اكثر من مرة تكمن في تعاظم نفوذ الأسرة الحاكمة خارج الاطار الدستوري, فالأسرة لم تزل تسيطر على كافة القرارات في البلاد, وهي من يرسم السياسات العامة وهي من يستفيد من تلك السياسات. اننا مع الاسف نعيش حالة من "التعارض في المصلحة" بين بعض الشخصيات النافذة في الأسرة الحاكمة والاهداف الوطنية... فمن اجل ان تستمر القبضة على القرار الحكومي يتم اسناد المناصب الوزارية الى شخصيات "مضروبة" سياسيا... شخصيات ليس لها تاريخ سياسي... شخصيات بلا فكر... شخصيات يقبل اصحابها بالتبعية... شخصيات انتهت صلاحيتها... شخصيات ليس لديها مواقف مبدأية... في النهاية شخصيات تتعامل مع الشيوخ وفق منطق "انهم الابخص" في كل شيء. ان مثل هذه الشخصيات التي تملك القدرة على ان تنسجم سياسيا ونفسيا مع الشيوخ لا يمكنها ان تخدم اجندة الدولة بقدر ما تخدم في الواقع اجندة الشيوخ. نعم ليس كل الشيوخ بهذا السوء, بل نحن نعلم ان كل ما ننعم به اليوم من حريات سياسية نسبية ومن رغد اقتصادي انما تحقق بفضل شيوخ... كما اننا نعلم يقينا ان "الفئة الضالة" من ابناء الشيوخ هم قلة لكنها قلة تتمتع بنفوذ هائل مع الأسف... كما اننا نعلم ان الامور لو آلت الى غير الشيوخ لتمت استباحة الكويت... لكننا نعلم ايضا ان من بين الشيوخ اليوم من لا يستطيع الحفاظ على وجوده السياسي والاجتماعي والاقتصادي الا عن طريق افساد الناس, ولا يستطيع ان يعمل الا مع "الرويبضات"... كما اننا نعلم ان بعض شيوخ اليوم ليس لديهم الأهلية ولا الكفاءة لتولي المسؤولية العامة فبعضهم بلا فكر وبلا ثقافة وبلا معرفة, لذلك فهم حين يختارون من يعمل معهم يتحققون من فساد ذمته او نقص معرفته او ضعف شخصيته... ان هذه هي المؤهلات المطلوبة للعمل العام في السنوات الاخيرة!!

ان الحالة السياسية في الكويت تستدعى اعتماد منهج المقاطعة السياسية للحكومة اي عدم المشاركة فيها من قبل القوى السياسية والشخصيات الوطنية. واذا كانت الشخصيات الوطنية التي تحظى بالاحترام العام بل التي تحترم ذاتها قد نأت بنفسها عن المشاركة في الحكومات المتعاقبة من بعد مرض الشيخ سعد العبدالله السالم الصباح, فإن المطلوب الآن ان تبتعد القوى السياسية عن المشاركة. ان الهدف هو وضع اصحاب القرار في حالة من الاحراج السياسي شبيهة بالحالة التي اعقبت انشاء المجلس الوطني قبيل الغزو العراقي... حالة من المقاطعة السياسية التي تجبر اصحاب القرار الى اعادة حساباتهم وتوحد الاجندة... حالة من الاحراج السياسي تدفع الأسرة الحاكمة الى "تطهير" ذاتها من دنس بعض افرادها الذين يسيئون اليها والى الكويت.

ولكن السؤال الذي يفرض نفسه هنا هو هل اصلاح الاوضاع في الكويت وصيانة مستقبل النظام فيها يحتاج الى افكار ام انه يحتاج الى شيء آخر؟

بالطبع هناك الكثير من الافكار طرحت في هذا الموقع وفي غيره سواء في الصحف او الندوات او الدراسات, وربما تكون فكرة المقاطعة التي اطرحها هنا اليوم ليست ذات معنى مقابل افكار اخرى اكثر ملائمة واكثر فعالية طرحها غيري, لكن القضية ليست قضية افكار اطلاقا, فما تحتاج اليه الكويت اليوم هو استبدال الطبقة السياسية الحالية التي ترهلت بفعل عوامل عديدة والتي باتت غير مؤهلة اطلاقا لاتخاذ قرارات استراتيجية... نعم ان الطبقة السياسية الحالية سواء من "عيال الشيوخ" او القوى السياسية او النواب او الصحافة تحتاج الى تجديد كامل وهو تجديد كنا نأمل ان يتحقق جزئيا بعد تولي سمو الشيخ صباح الامارة لكن مع الاسف لم يتغير شيء وهاهو رئيس الوزراء الشيخ ناصر المحمد الصباح يحاول جاهدا احداث تغيير لكن الامور ليست تحت سيطرته بعد كرئيس للوزراء ولعل ابلغ دليل على ذلك هو اسلوب مناقشة موضوع الدوائر الانتخابية والقرار الذي اتخذته (الحكومة) باعتماد نظام الدوائر العشر. ان موضوع الدوائر الانتخابية ليس الا مثال على حالة "تبعثر" القرار السياسي و"انعدام الرؤيا الاستراتيجية" في الدولة و"تعدد مراكز النفوذ" و"تضارب الاجندات" و"صبيانية" السلوك... ووضع كهذا "يتسيد" فيه رموز الفساد ماذا يجدي معه؟! نترك الاجابة لكم لكنني اقول ان "الشيوخ ماعادوا هم الابخص"!!


محمد عبد القادر الجاسم