الموضوع: لله ثم للتاريخ
عرض مشاركة مفردة
  #38  
قديم 04-09-2006, 11:13 AM
زومبي زومبي غير متصل
Banned
 
تاريخ التّسجيل: Dec 2005
المشاركات: 664
إفتراضي

-51-

الفصل الثالث

مؤامرات الفرس بعد الفتح الإسلامي

_ اغتيال الفاروق .
_ ماذا وراء تشيع المجوس لآل البيت .
_ البرامكة .
_ دويلاتهم منذ القرن الثالث .
_ القرامطة .
_ البويهيون .
_ العبيديون .
عادوا من جديد
_ الصفويون .
_ البهائية .
_ النصيرية .
_ الدروز .


-53_

المبحث الأول
اغتيال الفاروق
لقد اندحر الباطل ممثلا بالجيش الفارسي الجرار أمام الجيش الاسلامي الذي يرفع ألوية الحق خفاقة لا تقهر ، وتهاوت حصون الجبابرة أمام الذين رفعهم الاسلام فصاروا سادة الدنيا بعد أن كانوا للأوثان عبيدا لا يطمعون أن يكونوا خدما لخيول كسرى .

وأدبر رستم والهرمزان يسعيان إفسادا وكيدا أما رستم فقد لاقى حتفه ، وأما الهرمزان فكان وأمثاله يتمنون أن تبتلعهم الأرض لينجو من أيدي المسلمين .

وليس من سبيل أمام معظم الفرس المغلوبين إلا أن يتظاهروا الدخول في الاسلام ، لكنه استسلام وليس ايمان بالسلام ، استسلام من يعتقد أنها عاصفة لا بد أن تمر ، ولا بد أن يحني لها رأسه ثم يعود ليرفعه من جديد ، وقلة قليلة منهم هم الذين حسن اسلامهم واستقاموا على منهج الله .

وبدأت محاولات المجوس في الانتقام من المسلمين ، وكيف لا يكون الأمر كذلك وهم الذين أشربوا حب الغدر والتآمر ، ومردوا على الكيد والفوضى .. وكانوا يعلمون علم اليقين أن الفاروق عمر بن الخطاب وراء فتح بلادهم وزوال ملكهم ، فكان اغتياله باكورة حربهم لهذا الدين وحملته .

-54-

بدأت مؤامرة اغتيال الفاروق بتسلسل أبي لؤلؤة المجوسي والهرمزان الى مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم واتخذها موطنا لهم ، وكان عمر بن الخطاب لا يحب أن يكثر الفرس والروم في المدينة .
وفي عام 23 وبينما كان آخر حصون فارس تتهاوى أمام الفتح الاسلامي أقدم أبو لؤلؤة المجوسي على طعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه بخنجر مسموم كان قد صنعه لهذا الغرض .

روى ابن جرير ان عبد الرحمن بن أبي بكر قد رأى _ غداة طعن عمر _ أبا لؤلؤة والهرمزان "1" وجفينة"2" يتناجون ولما رأوا عبد الرحمن سقط منهم خنجر له رأسان ، وهذه الشهادة هي التي جعلت عبيد الله بن عمر يتسرع فيشتمل على سيفه فيقتل به الهرمزان ، ويهم بقتل جفينة لولا تدخل عمرو بن العاص .
وقال عمر لابنه عبد الله : اخرج فانظر من قتلني ؟! .
فقال : يا أمير المؤمنين قتلك لؤلؤة غلام المغيرة بن شعبة .
فقال : الحمد لله الذي لم يجعل منيتي بيد رجل سجد لله سجدة واحدة .

(1) الهرمزان قائد فارسي مشهور ، كان ميمنة رستم في القادسية ثم هرب بعد هلاك رستم ، ثم ملك خورستان ، وقاتل المسلمين ولما رأى عجزه طلب الصلح فأجيب إليه ، ولكنه غدر وقتل مجزأة بن ثور ، والبراء بن مالك ، فقاتله المسلمون وأسروه وساقوه الى عمر بن الخطاب ، فأسلم فأسكنه أمير المؤمنين المدينة . (عن الكامل لابن الأثير)
(2) جفينة نصراني من أهل الحيرة ظئرا لسعد بن مالك أقدمه الى المدينة للصلح الذي بينه وبينهم ، وليعلم أبناء المدينة الكتابة . ( عن الطبري )



-55-

واذن فاغتيال عمر بن الخطاب مؤامرة اشترك في تدبيرها المجوس والنصارى ، وانفرد بتنفيذها أبو لؤلؤة المجوسي . واختاروا عمر بالذات لأنه غرة في جبين الدهر ، فبه أعز الله الاسلام وأذل المشركين والمجوس .

واستمر الرافضة المجوس في حرب أمير المؤمنين عمر بن الخطاب بعد وفاته ، ومن منهجهم في التشيع شتم عمر وما ذلك إلا لأنه طهر الأرض من ظلمهم ، وأطفأ بيوت نارهم "3".

(3) انظر تاريخ الطبري ، ج4 ، ص 190 .

-56-

المبحث الثاني
ماذا وراء تشيع المجوس لآل البيت ؟!
في عام 35 وقع الخلاف المشهور بين أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما ، فكان هذا الخلاف فرصة العمر التي لا تعوض عند المجوس فأعلنوا أنهم شيعة علي ، والوقوف مع علي رضي الله عنه حق لكن المجوس أردوا من وراء هذا الموقف تفريق كلمة المسلمين ، واضعاف شوكتهم .

والدعوة لآل البيت ورقة رابحة تجد رواجا لدى جميع الناس وخاصة عند العامة ، ومن ذا الذي لا يحب آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم .

ووقف عبد الله بن سبأ اليهودي وأنصاره في الصف الذي يقول بأحقية علي في الخلافة ومنذ ذلك الحين التحمت المؤامرات اليهودية مع كيد المجوسية ضد الاسلام والمسلمين ، وأراد المجوس من وراء الدعوة لآل البيت تحقيق الأهداف التالية :

1_ رأينا في الفصل السابق _ايران قبل الاسلام _ أنه لابد من عائلة مقدسة تتولى شؤون الدين ، ومن هذه العائلة المقدسة الحكام وسدنة بيوت النار ، ومن أهم هذه العائلات : ميديا ، المغان ..

وفي تشيعهم لآل البيت احياء لعقائد زردشت ومانو ومزدك ، وكل الذي فعلوه أنهم استبدلوا المغان بآل البيت ، وقالوا للناس بأن آل بيت رسول الله هم ظل الله في الأرض ، وأن أئمتهم معصومون ، وتتجلى فيهم الحكمة الإلهية .
-57-

2_ عندما افتتح المسلمون بلاد فارس تزوج الحسين بن علي رضي الله عنهما (شهربانو ) ابنة يزدجرد ملك ايران بعدما جاءت مع الأسرى ، وكان هذا الزواج من الأسباب التي ساعدت على وقوف الايرانيين مع الحسين بالذات لأنهم رأوا أن الدم الذي يجري في عروق علي بن الحسين وفي أولاده دم ايراني من قبل أمه (شهربانو) ابنة يزدجرد ملك ايران من سلالة الساسانيين المقدسين عندهم"4" .

واذن ففي تشيعهم لآل البيت احياء لعقيدة المجوس ، ووقوفهم مع الحسين بن علي بن أبي طالب نابع من عصبيتهم الفارسية لأولاد شهربانو الساسانية .

وبعد الحدث الأليم الذي أودى بحياة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، راح اليهود والمجوس يدفعون أنصار علي للقتال بني أمية ، ووجدت الدعوات الباطنية فراغا فأخذت تنشط حتى استفحل أمرها ، وكان من أهمها :

- السبئية : نسبة لعبد الله بن سبأ اليهودي الذي نادى بألوهية علي بن أبي طالب . وقد قال لعلي رضي الله عنه : أنت ، أنت ، يعني أنت الإله فنفاه الى المدائن ، وكان في اليهودية يقول في يوشع بن نون أنه وصى موسى عليهما السلام مثلما قال في علي رضي الله عنه ، وهو أول من أظهر القول بالنص بإمامة علي رضي الله عنه ومنه تشعبت أصناف الغلاة .

(4) انظر سبب انتشار التشيع في ايران من كتاب الشيعة والسنة لإحسان الهي ظهير ص49 .
-58-

وزعم أن عليا حي لم يمت ، ففيه الجزء الالهي ، ولا يجوز أن يستولي عليه وهو الذي يجيء بالسحاب ، والرعد صوته ، والبرق تبسمه ، وأنه سينزل بعد ذلك الى الأرض فيملؤها عدلا كما ملئت جورا . وقالت السبئية بتناسخ الجزء الالهي في الأئمة بعد علي رضي الله عنه .

- الكيسانية : أصحاب كيسان مولى أمير المؤمنين علي رضي الله عنه يقول أتباعه بأن الدين طاعة رجل ، وأولوا الأركان الشرعية ، وقالوا بالتناسخ والحلول ، والرجعة بعد الموت ، ويعتقدون أن كيسان قد أحاط بالعلوم كلها ، واقتباسه من السيدين _ علي وابنه محمد بن الحنفية _ الأسرار بجملتها من علم التأويل والباطن ، وعلم الآفاق والأنفس "5".
ثم كثرت الدعوات الباطنية فظهرت المختارية فيما بعد ، والهاشمية ، والبيانية ، والرازمية ، وجوهر هذه الحركات ومضمونها واحد وان اختلفت الأسماء .

وتراجعت هذه الحركات أمام تخطيط بني أمية الذين ضربوا بيد من حديد ، وظن الناس أنه لن تقوم قائمة للفرس بعد خلافة معاوية رضي الله عنه ، وللناس عذرهم فيما يظنون لأن معظمهم يجهل تاريخ أديان الفرس ، وقدرته على التحول من العلنية الى السرية .

أما نصر بن سيار _ والى بني أمية على خراسان _ فكان يبصر المؤامرات التي يدبرها الفرس في جنح الظلام ، وقد كتب الى مروان آخر حكام بني أمية قائلا :
أرى خلل الرماد وميض جمر وأخشى أن يكون لها ضرام


(5) الملل والنحل للشهرستاني : 174 _ 147 / 1 دار المعرفة .