عرض مشاركة مفردة
  #1  
قديم 03-05-2005, 04:54 AM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي ماذا وراء زيارة بوتين للمنطقة ؟

ماذا وراء زيارة بوتين للمنطقة ؟

فلاديمير بوتين ابن أل 52 عاما ، والضابط السابق في المخابرات الروسية ، شخصية تغلف نفسها بهالة من الغموض ، وقد يكون ذلك آت من طبيعة مهنة الرجل السابقة . وقد استفاد الرجل من ذلك الغموض ، فلم يبدي ولولته على تهدم الاتحاد السوفيتي فيصنف مع الأعداء ، فيتم إبعاده ، ولم يتملق فيسفف ليصبح موضع جدل الجيوش السابقة من المعارضين .

ولكل ذلك استعان به يلتسين في أواخر أيامه ، ليصبح فيما بعد رئيس لأوسع دولة بالعالم . آخذا إرث بقايا صنمية الاتحاد السوفييتي وولدنة جورباتشوف (أبو البريسترويكا) ، وتفريط السكير المتذاكي (يلتسين) بموجودات الإمبراطورية ، ليبقى يتحسر عاجزا وهو يرى انضمام حلفاء الأمس لصفوف أعداء الأمس واليوم ، فتدخل دول حلف وارسو واحدة تلو الأخرى لحلف شمال الأطلسي ، وتنقلب دول الاتحاد السوفييتي نحو ديمقراطية الغرب الليبرالية ، ليتوانيا ولاتفيا واستونيا وأوكرانيا وقرقيزيا ، وهو ينظر متحسرا عاجزا .

و عندما رأى ان العالم أكثر حركة منه لاستغلال الظروف الآتية من تعثر مشاريع أمريكا ، خصوصا ما يجري لها من إهانة لكبريائها الجوفاء . ورأى كيف أن فرنسا استثمرت ذلك في ترميم وضع مصالحها في شرق البحر المتوسط مستغلة أو مفتعلة مقتل الحريري . و محاولة تعويض خسائرها في الكونجو وبعض الأماكن الأخرى في إفريقيا .

بعد هذا التراجع في هيجان فورة الأمريكان ، مهد بوتين لزيارته للمنطقة مستوحيا رؤى الجنرال ليبيد ومن قبله الشيوعيين ومن قبله القياصرة عندما كانوا يحلمون بموضع قدم في المناطق الدافئة ، عندما أمدوا محمد علي باشا بتقنيات صناعة المدافع ليجعلوه قادرا على تكوين وضعا يساعدهم في تحقيق أحلامهم .

لقد مهد بوتين لزيارته بمجموعة تصريحات أراد منها ان تسبقه للمنطقة :
1ـ لقد صرح في خطابه أمام الدوما ان انهيار الاتحاد السوفييتي كان أكبر عمل كارثي حل في القرن الماضي ، وهي إشارة واضحة لمحاولة توكيد الذات .
2ـ قبل زيارته للكيان الصهيوني ، انطلقت إشارة لمطالبة الكيان الصهيوني بتسليم إمبراطور الإعلام فلاديمير جوسنيسكي ، والمدير التنفيذي السابق لشركة يوكوس النفطية ( ليونيد نيفيزين ) .
3ـ كما سربت معلومات ان روسيا قد تبرعت بطائرتي هيلوكبتر وخمسين سيارة مصفحة للسلطة الفلسطينية .

وفي المؤتمر الصحفي مع حسني مبارك ، والذي كان يبدو أنه مؤتمر كرنفالي كان قد سبقه الاتفاق على محتوياته جاء فيه ما يلي :
1ـ الاتفاق على حل القضية الفلسطينية وفق قرارات الأمم المتحدة .
2ـ العمل على إنهاء الاحتلال الأمريكي للعراق والحفاظ على وحدة أراضي وشعب العراق .
3ـ تأسيس جامعة روسية في مصر .
4ـ إطلاق اسم المهندس الروسي الذي صمم السد العالي على أحد شوارع أسوان .
5ـ تطوير التعاون في مجالات النفط والغاز والسلاح .
6ـ بادر حسني مبارك بقوله : ان هناك دعوة مفتوحة للرئيس بوتين لمصر .

والجدير بالذكر ان هذه أول زيارة لرئيس روسي منذ أربعين عاما لمصر ، و أول زيارة لرئيس روسي للكيان الصهيوني بشكل عام . وان كانت روسيا قد اعترفت أيام الاتحاد السوفييتي عام 1948 بالكيان الصهيوني ، ثم قطعت العلاقات عام 1967 لتعيدها عام 1991 .

أما لماذا هذا الإقبال المصري على هذا التعاون المفاجئ ؟ . فان الإجابة على هذا السؤال تستوجب تأكيد ما يلي :
1ـ ان ما حدث في العراق و ما تبع ذلك من تصريحات أمريكية تتعلق بفتح شهيتها من خلال تصريحات المسؤولين في الإدارة الأمريكية ، تلمح بل وتسمي دولا دون استثناء ، جعل النظام المصري يفكر ، بأنه من الخطأ وضع كل البيض بسلة أمريكا .
2ـ لقد خفتت فورة هيجان النخب الليبرالية في مصر وكل الأقطار العربية ، والتي أصبحت حججها واهية وهي تبشر بالقيم الأمريكية .
3ـ لقد تصاعدت نبرة من يدعو لأسلمة السياسة ، مستفيدة من سهولة انتشار الخطاب السياسي الاسلامي ، من خلال المساجد والقنوات المتاحة أكثر من غيرها من التيارات ، كما ان الاستعداد الجماهيري المحتقن يتعاطف بقوة مع مثل تلك الطروحات .
4 ـ ان مثقفي وسياسيي العشرين سنة الأولى من عمر الجمهورية المصرية ، وكونهم لا يتطابقوا بشكل كامل مع الدعوات الاسلامية وخصوصا المتطرفة منها كما أنهم يعيشون بحالة عداء أزلية مع أمريكا والغرب ، صنعوا مناخا رأى كل من حسني مبارك و بوتين أنه مؤاتيا لتحييد هذا الطيف .

لكن هل تكون تلك الزيارة تاريخية كما أحب الرئيسان أن يسميانها ، هذا ما نعتقد أنه مبكرا لوصفها بهذا الوصف ...
__________________
ابن حوران