عرض مشاركة مفردة
  #56  
قديم 10-12-2005, 02:09 PM
النسري النسري غير متصل
كاتب مغوار
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2004
الإقامة: الأردن
المشاركات: 2,917
إرسال رسالة عبر ICQ إلى النسري
إفتراضي

الصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة وكشف الله به الغمة، محمد عبد الله ورسوله صلى الله عليه وسلم. أما بعد
أحبتى فى الله...
قال تعالى (* ياأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً *)[الأحزاب :70 :71]
ياأيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه, اعملوا بطاعته ، واجتنبوا معصيته ؛ لئلا تستحقوا بذلك العقاب, وقولوا في جميع أحوالكم وشؤونكم قولا مستقيمًا موافقًا للصواب خاليًا من الكذب والباطل.
إذا اتقيتم الله وقلتم قولا سديدًا أصلح الله لكم أعمالكم, وغفر ذنوبكم. ومن يطع الله ورسوله فيما أمر ونهى فقد فاز بالكرامة العظمى في الدنيا والآخرة .
...كثر الكلام عن أحداث (مجزرة) عمّان، وسمعنا من هنا كلام ومن هنا كلام ، ولكن لابد لنا من وقفة نحن المسلمون، نحن من نؤمن بأن ديننا هو الحق ، نحن من ندعى أننا نتمسك بديننا، كان لابد لنا من وقفة للنظر إلى حالنا، ونرى وننظر إلى ما يحدث فى عالمنا ، ونقيسه بمقياس دينى ، فنحن نؤمن أن ديننا كامل وما به من تفريط .
لو تأملنا حالنا فى هذا العصر، ونرى كيف حالنا مع الله فلا نتعجب إذاً مما نراه من كثرة الفتن، والمحن ، والزلازل والأوبئة ، بل لا بد أن يدفعنا أن نفكر في ذنوبنا ومعاصينا ، فالذنوب والمعاصي من أسباب غضب الله تعالى ...
(*وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ *) [الشورى : 30]
وما أصابكم- أيها الناس- من مصيبة في دينكم ودنياكم فبما كسبتم من الذنوب والآثام .
وقد حذرنا الله من السير خلف الشيطان واتباع خطواته فقال : (* يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر *) [النور:21 ].
نعلم يقيناً أن الأمر كله بيد الله فلم اللجوء لغير الله .
يقول تعالى (* َوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَـذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ*) [آل عمران : 165]
فالأمر منا والله ، ونحن سبب ما ينزل علينا من بلاء، ولكننا نتكبر ونتعالى على ذلك، بل ونجاهر ونصر على المعاصى إلا من رحم ربى .
(* ظهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ *)[الروم : 41]
ظهر الفساد في البر والبحر, وذلك بسبب المعاصي التي يقترفها البشر; ليصيبهم بعقوبة بعض أعمالهم التي عملوها في الدنيا; كي يتوبوا إلى الله -سبحانه- ويرجعوا عن المعاصي, فتصلح أحوالهم, وتستقيم أمورهم.
فمتى نستفيق ونصلح حالنا مع الله .

متى نتقى الله فى أنفسنا ... !!!

(*وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَـكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ*) [الأعراف : 96]

تعلقنا بالأسباب ونسينا رب الأسباب .
فمن هو الحافظ يامسلمون(* فَاللّهُ خَيْرٌ حَافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ*) [يوسف: 64]
(* قُلْ مَن يُنَجِّيكُم مِّن ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً لَّئِنْ أَنجَانَا مِنْ هَـذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ*) [الأنعام: 63]
من ينقذكم من مخاوف ظلمات البر والبحر ؟! أليس هو الله تعالى الذي تدعونه في الشدائد متذللين جهرًا وسرًّا؟؟ تقولون: لئن أنجانا ربنا من هذه المخاوف لنكونن من الشاكرين بعبادته عز وجل وحده لا شريك له.
الجميع يتكلم عن المجزرة ومنهم من يحلل ومنهم من يحرّم...
هذه ليست دعوة لعدم الإجتهاد والبحوث العلمية، ولكنها دعوة لعدم التعلق بالأسباب فقط، ولكن الأولى أن نتعلق بمسبب الأسباب أولاً، ثم نبحث عن الأسباب.

ياعباد الله ... اعلموا علم اليقين أن مُنزل الظالم قادر على أن يهدمه،وحتى بدون عناء فانظروا فى أنفسكم، وفى حالكم مع الله وأصلحوا حالكم، وانبذوا معاصيكم وذنوبكم، وتوبوا إلى الله توبةً نصوحا وادعوه تضرعاً وخفية.
(* ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ *) [الأعراف : 55]
ادعوا -أيها المؤمنون- ربكم متذللين له خفية وسرًّا, وليكن الدعاء بخشوع وبُعْدٍ عن الرياء. إن الله تعالى لا يحب المتجاوزين حدود شرعه, وأعظم التجاوز الشرك بالله , كدعاء غير الله من الأموات والأوثان , ونحو ذلك.
هذه رسالةٌ منى أنا العبد الفقير إلى عفو ربه، لأذكر نفسى وإياكم بنبذ التفرقة والمعاصى، والذنوب، والتضرع لرب العالمين، ليرفع عنا ما كنا فيه سبب من فسادنا وكثرة ذنوبنا، والذى برأ السماوات والأرض إنى أحبكم جميعاً فى الله .
أخوتي... كل جميع المبررات التي تم ذكرها والتشريعات وفتاوى غير شرعية ولا يوجد بها شرعية أبداً ولا أهلية لذلك المجلس الشورى الذي تم استشارته والذي أحل ذبح المسالمين والآمنين في أفراحهم ... وأصبح التفكير في الذبح والدم كل تفكير الفرد بغض النظر عن أي تبعات... ونحن بالأردن خاصة نعرف أبو مصعب الزرقاوي ونعلم ما هو ماضيه وسكره ليل نهار والذي أصبح بين ليل وضحاها يفتي ويحلل ويحرم على هواه وهوى من سار على نهجه وأصحاب الفكر الفاسد...
لقد خلق الله الإنسان واهتم بحياته، فحرم أي اعتداء عليها بالقتل أو غيره، فقال الله تعالي:"وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ"، واعتبر أي تهديد لحياة الفرد تهديدا للجنس البشري كله، وذلك في قول الله تعالي:"مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعا".
لأن هذا التكريم الإلهي للإنسان ليس خاصا بعنصر ولا بدين ولا بجنس دون جنس، بل الجميع سواء في حق التكريم، فقد قال رسول الله صلي الله عليه وسلم:" كلكم لأدم وأدم من تراب فلا فضل لعربي علي عجمي إلا بالتقوى"، ولقد احترم الإسلام حرية العقيدة والتدين، فمنع الإكراه في الدين، إذ لا يمكن أن يكون الإكراه طريقا للتدين.. فهؤلاء الجماعات تتصدى للحديث عن الإسلام، ولا يوصفوا بأنهم علماء، ولا يوضحون معالم الإسلام الحقيقية، ويعتبرون أنفسهم أوصياء على هذا الدين، ويتصدون للإفتاء وبيان الأحكام الشرعية، فئة ليسوا من العلماء، فهذا هو الذي يشوه الصورة المشرقة، وهذا ما قد يعيق مسيرة الدعوة في الخارج، ويجب حين يصدر كلام يصدر عن علماء، ومن يتحدث يصل إلى درجة العلماء، ولهذا فإن كان الأمر بين أيدي العلماء، فالإسلام في خير وفي أيد أمينة، أما إذا كان في أيدي الجهلاء، فإن التعصب والتجمد والتزمت حقيقة لا تنمو سوى في أرض الجهل، والظواهر المزعجة والتي يتمسك بها أعداء هذا الدين، ويدعون أن الإسلام دين تعصب بسبب ممارساتهم الخاطئة من أبناء هذا الدين.
وأعتقد أن الغراب أفندي لو تشاجر مع زوجته لوضع اللوم على الأردن أو غيره وإن لم يجد فسوف يبحث ويبحث ويدور حول نفسه حتى يلهث ويلهث دون أي تقدم ولو بقينا على هذه العقلية لما سرنا خطوة واحدة إلى الأمام وإنما وضع اللوم على بعضنا البعض والذي لا يخدم لا الإسلام ولا المسلمين... فما معنى الغلو في الدين؟؟ وقول النبي عليه الصلاة والسلام في التفريط في الدين ....
ومهما يكن فإن الغلو والتطرف ليسا من الإسلام في شيء، وعلينا أن نكون حذرين ويقظين في تقديم الإسلام بعيدا عن التعصب حتى ينشأ شبابنا نشأة إسلامية حقيقية بعيدا عن كل أنواع الفكر الفاسد.
لقد أصبح همّ بعضنا التفنن في التحليلات السياسية وإلقاء اللوم فقط... والبحث عن شماعة للأخطاء التي لا تعد ولا تحصى...
أخوتي ... لقد ورد لفظ ( التنازع ) في القرآن الكريم في سبعة مواضع، وورد لفظ ( الفشل ) في أربعة مواضع، وجاء الربط بين اللفظين في ثلاثة مواضع، قوله تعالى: { حتى إذا فشلتم وتنازعتم في الأمر } (آل عمران:152) في وقعة أُحد؛ وقوله سبحانه: { ولو أراكهم كثيرًا لفشلتم ولتنازعتم في الأمر } (الأنفال:43) وذلك في غزوة بدر؛ ثم قوله: { ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم } (الأنفال:46) ولنا مع هذه الآية الأخيرة وقفة .
فقوله تعالى: { ولا تنازعوا فتفشلوا } إخبار واضح، ونهي جازم، وسنة ثابتة، يدل على أن الفشل والتراجع - على مستوى الأمة أو الأفراد - إنما مرجعه إلى التنازع والاختلاف؛ إذ العلاقة بين الأمرين علاقة تلازمية، كعلاقة السبب بالمسبَّب تمامًا، لا تتخلف إلا إذا تخلفت سُنَن الحياة الكونية، كأن تصبح قوة الجاذبية إلى السماء لا إلى الأرض! فإن النهي عن التنازع يقتضي الأمر بمنع أسباب التنازع وموجباته، من شقاق واختلاف وافتراق؛ والأمر بتحصيل أسباب التفاهم ومحصلاته، من تشاور وتعاون ووفاق.
ولما كان التنازع من شأنه أن ينشأ عن اختلاف الآراء والتوجهات، وهو أمر مركوز في الفطرة والجِبِلِّة البشرية، بسط القرآن القول فيه ببيان سيئ آثاره، ومغبة مآله، ورتب عليه في الآية هنا أمرين: الفشل { فتفشلوا } وذهاب القوة { وتذهب ريحكم } والفشل في الآية هنا على حقيقته، إذ يعني الفشل في مواجهة العدو ومدافعته؛ وذهاب الريح في الآية، كناية عن ذهاب القوة، والدخول في حالة الضعف والوهن .
وإنما كان التنازع مفضيًا إلى الفشل، لأنه يُثير التباغض والشحناء، ويُزيل التعاون والألفة بين النفوس، ويدفع بها إلى أن يتربص بعضها ببعض، ويمكر كل طرف بالآخر، مما يُطْمِع الأعداء فيها، ويشجعهم على النيل منها، ويجرئهم على خرق حرماتها، واختراق محارمها. وكم أُتيت أمة الإسلام على مر تاريخها - القديم والحديث - من جهة التنازع والتباغض، مع وضوح النص وصراحته في النهي عن هذا .

ومن ثَمَّ، جاء صدر الآية آمرًا بطاعة الله ورسوله، إذ بطاعتهما تُتلاشى أسباب التنازع والاختلاف، وبالتزام أمرهما تتجمع أسباب النصر المادي والمعنوي؛ فما يتنازع الناس إلا حين تتعدد جهات القيادة والتوجيه، وحين يكون الهوى المطاع هو الموجِّه الأساس للآراء والأفكار، فإذا استسلم الناس لأمر الله ورسوله، وجعلوا أهواءهم على وَفْق ما يحب الله ورسوله انتفى النزاع والتنازع بينهم، وسارت الأمور على سَنَنِ الشرع الحنيف، وضُبطت بأحكامه وتوجيهاته.
على أنَّه من المهم هنا حمل ( الفشل ) في الآية على معنى أعم وأوسع، بحيث يشمل الفشل في أمور الحياة كافة، الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، بحيث لا يقتصر الفشل على ساحات الوغى والقتال فحسب - كما هو السبب الذي وردت لأجله الآية الكريمة - وهو معنى لا تأباه اللغة، ولا يمنعه الشرع؛ وهذا أولى بفهم الآية، كما يُعلم ذلك مِن تتبُّع مقاصد القرآن، وكلياته الأساسية .
وحاصل القول في الآية: أن الاختلاف والتنازع عاقبته الفشل والخسران، وأن التعاون والوفاق سبب للفوز والنجاح في الدنيا والآخرة؛ والقارئ لتاريخ الأمم والشعوب - بما فيها تاريخ أمتنا الإسلامية - لا يعجزه أن يقف على العديد من الأحداث والشواهد والمشاهد - وعلى المستويات كافة - التي تصدق ما أخبر به القرآن الكريم. وصدق الله إذ يقول: { واعتصموا بحبل الله جميعًا ولا تفرقوا } (آل عمران:103) فهل يعمل المسلمون بهذا الأمر الإلهي، أم ما زالوا عنه غافلين ؟ .
نسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يردنا جميعاً إلى دينه مرداً حسناً ، وأن يلهمنا رشدنا، ويفقهنا في ديننا، ويرينا الحق حقاً ويرزقنا اتباعه، والباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه، وأن يمكن لأمة الإسلام ويعيد لها عزتها ومكانتها ، وأن ينصرها على أعدائها إنه سميع مجيب.
اللهم طهر قلوبنا من النفاق ، اللهم إنا نعوذ بك من أن نشرك بك شيئا نعلمه، ونستغفرك لما لا نعلمه.
اللهم فرج عنا، وأرض عنا، وطهر قلوبنا من فسادها، وباعد بيننا وبين خطايانا كما باعدت بين المشرق والمغرب ، ونقنا من خطايانا كما باعدت بين المشرق والمغرب.
__________________