عرض مشاركة مفردة
  #6  
قديم 14-07-2003, 12:11 PM
صلاح الدين القاسمي صلاح الدين القاسمي غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: May 2003
الإقامة: افريقية - TUNISIA
المشاركات: 2,158
Post ( 6 )

بسم الله الرحمن الرحيم .
اللهم صل على سيدنا محمد عبدك و رسولك النبي الأمي و على آله و صحبه و سلم .
_____________ ( 6)

زيارة القبور:


زعمهم:

إنَّ تعظيم قبر النبي والوقوف عنده كما يقف في الصلاة ويقول يا رسول الله أسئلك الشفاعة، يا رسول الله ادع الله في قضاء حاجتي الخ حتّى اتخذوا الآثار مسجداً وكل ذلك من الأوثان، من نبي كان أو ولي، من اللآت أو العِزّى.

الرد:
كيف تجعل قبر النبي (ص) وثناً وتعظيمه عبادة وشركاً وقد قال رسول الله (ص):
من زار قبري وجبت له شفاعتي
من زارني بعد موتي فكأنَّما زارني في حياتي
الأنبياء أحياء في قبورِهم
نهيتُكُم عن زيارة القبور فزوروها

وفي نهي الزيارة، استدلّوا بحديث عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ قَاتَلَ اللَّهُ الْيَهُودَ اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ بخاري حـ 418. فهذا لا يدل على مدّعاهم. فنحن لم نتَّخذه مسجداً فإن ارادوا قياس الزيارة عليه – أي اتخاذه مسجد، فقد سبق الكلام في ذلك، وهو أنهم قاسوا المنصوص عليه (اتِّخاذ القبور مساجد) بالمأمورين به (وهو الزيارة) وقياس النص على النص باطل بإجماع العلماء، فهو قياس فاسد.
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ص) قَدْ كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَقَدْ أُذِنَ لِمُحَمَّدٍ فِي زِيَارَةِ قَبْرِ أُمِّهِ فَزُورُوهَا فَإِنَّهَا تُذَكِّرُ الْآخِرَةَ قَالَ وَفِي الْبَاب عَنْ أَبِي سَعِيدٍ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَأَنَسٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ قَالَ أَبمو عِيسَى حَدِيثُ بُرَيْدَةَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ لَا يَرَوْنَ بِزِيَارَةِ الْقُبُورِ بَأْسًا وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْمُبَارَكِ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَقَ [الترمذي، كتاب الجنائز حـ 974]
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ص) إِنِّي كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ ثَلَاثٍ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَزُورُوهَا وَلْتَزِدْكُمْ زِيَارَتُهَا خَيْرًا وَنَهَيْتُكُمْ عَنْ لُحُومِ الْأَضَاحِيِّ بَعْدَ ثَلَاثٍ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَمْسِكُوا مَا شِئْتُمْ وَنَهَيْتُكُمْ عَنِ الْأَشْرِبَةِ فِي الْأَوْعِيَةِ فَاشْرَبُوا فِي أَيِّ وِعَاءٍ شِئْتُمْ وَلَا تَشْرَبُوا مُسْكِرًا وَلَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدٌ وَأَمْسِكُوا [الترمذي، كتاب الضحايا حـ 4353] وفي حديث آخر: ومن أراد زيارة القبور فإنّها تذكِّرُ الآخِرَةَ (سنن النسائي حـ 4354) وفي حديث آخر كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَزُورُوهَا فَإِنَّهَا تُزَهِّدُ فِي الدُّنْيَا وَتُذَكِّرُ الْآخِرَةَ (سنن ابن ماجة حـ 1560)
زيارته (ص) من أعظم القُرُبات، وأفضل المشروعات، ومن نازع في مشروعيته فقد ضلَّ، وأضلَّ، فقيل: إنه سُنّة ذكره بعض الماليكة، وقيل: إنه واجب، وقيل قريب من الواجب، وهو في حكم الواجب، مستدلاً بحديث "من حج ولم يزرني فقد جفاني" أخرجه ابن عدي، والدارقطني وغيرهما، وليس بموضوع كما ظنه ابن الجوزي وابن تيمية، بل سنده حسن عند جَمْع، وضعيف عند جَمْع، وقيل: إنه مستحب بل أعلى المستحبات، وقد ورد في فضله أحاديث، فمن ذلك "من زار قبري وجبت له شفاعتي". أخرجه الدارقطني وابن خزيمة وسنده حسن، وفي رواية الطبراني "من جاءني زائراً لا تعلمه حاجة إلا زيارتي كان حقّاً عليّ أن أكون له شفيعاً". وعند ابن أبي الدنيا عن أنس: من زارني محتسباً كنت له شفيعاً وشهيداً.وأكثر طرق هذه الأحاديث وإن كانت ضعيفةً لكن بعضها سالم عن الضعف القادح، وبالمجموع يحصل القوة كما حققه الحافظ ابن حجر في "التلخيص الحبير" والتقي السبكي في كتابه "شفاء الأسقام في زيارة خير الأنام"، وقد
أخطأ بعض معاصريه، وهو ابن تميمية، حيث ظنّ أن الأحاديث الواردة في هذا الباب كلها ضعيفة بل موضوعة، وقد ألّفتُ في هذا البحث رسائل على رغم أنف المعاند الجاهل، حينما ذهب بعض أفاضل عصرنا إلى مكة ورجع من غير زيارة مع استطاعته، وألّف ما لا يليق ذكره فاللّه يصلحنا ويصلحه ويوفقنا ويوفقه.‏
وقد قال الإمام مالك في الرسول - إنَّ حرمته ميتاً كحرمته حياً - وعند سؤاله ءأستقبل القبلة وأدعو أم استقبل رسول الله (ص)؟ فقال لِمَ تصرف وجهك عنه وهو وسيلتك ووسيلة أبيك آدمَ إلى يوم القيامة. بل استقبل واستشفع به، فيشفِّعُك الله. ذكرها القاضي عياض في الشفاء في الباب الثالث وذكر في الباب الرابع، قال الإمام مالك في رواية ابن وهب: إذا سلم على النبي (ص) ودعا، يقف ووجهه إلى القبر لا إلى القبلة، ويدنو ويسلم ولا يمس القبر بيده. انتهى. وحاصله، أن استقبال القبلة في الدعاء حسن واستقبال القبر أيضا حسن لا سيَّما في حالة الاستشفاع به ومخاطبته.
قال الله تعالى {ولو أنّهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما} النساء 64
وقد استدلَّ كافة العلماء من هذه الآية بأن تعظيمه (ص) لا ينقطع بموته ويقرأ هذه الآية حين الحضور بموقعه (زيارة قبره) والاستغفار والإستشفاع بجنابه الأقدس من زمن الصحابة إلى هذا اليوم. وفي تفسير ابن كثير "ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم" الآية يرشد تعالى العصاة والمذنبين إذا وقع منهم الخطأ والعصيان أن يأتوا إلى رسول الله (ص) فيستغفروا الله عنده ويسألوه أن يستغفر لهم فإنهم إذا فعلوا ذلك تاب الله عليهم ورحمهم وغفر لهم ولهذا قال "لوجدوا الله تواباً رحيماً". وقد ذكر جماعة منهم الشيخ أبو منصور الصبّاغ في كتابه الشامل الحكاية المشهورة عن العتبى قال كنت جالساً عند قبر النبي (ص) فجاء أعرابي فقال: السلام عليك يا رسول الله، سمعت الله ولو أنّهم إذ ظلموا أنفُسَهم جاؤك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما" وقد جئتك مستغفراً لذنبي مستشفعاً بك إلى ربي ثمَّ أنشأ يقول:
يا خير من دفنت بالقاع أعظمه * فطاب من طيبهن القاع والأكم
نفسي الفداء لقبر أنت ساكنه * فيه العفاف وفيه الجود والكرم

ثم انصرف الأعرابي فغلبتني عيني فرأيت النبي صلى الله عليه وآله وسلَّم في النوم فقال: يا عتبى الحق الأعرابي فبشِّره أنَّ الله قد غفر له". انتهى تفسير ابن كثير.
وعن أنس بن مالك أنه أتى قبر النبي (ص) فوقف فرفع يديه (قال الراوي الرائي) حتى ظننت انه افتتح الصلاة (وقد صرّح المكّي والماوردي والذهبي والزين المالكي وغيرهم في آداب الزيارة بأن يقف كما في الصلاة).
وروى الإمام الأعظم أبو حنيفة في مسنده كتاب الحج، عن نافع عن عمر(ر) - من السنة أن تأتي قبر النبي (ص) من قِبل القبلة وتجعل ظهرك إلى القبلة. واستقبل القبر بوجهك ثم تقول السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته.
وقال الإمام الغزالي في إحياء علوم الدين في كتاب السفر - وكل من يتبرّك بمشاهدته (ص) في حياته، يتبرّك بزيارته بعد وفاته.
في زيارة قبور الأولياء والصالحين، قال الإمام الشافعي: "قبر موسى الكاظم تِرياق مُجَرَّبْ لإجابة الدعاء".
فاعلم مَنْ أنت مِن الغزالي والشافعي والمالكي وهم مجتهدون من السابقين وأنت مقلِّد. وقد ثبت في الحديث أنَّ آخر هذه الأمة تلعن لأولاهم. واخرج الطبري عن ابن مسعود - خيرُ الناسِ قرْني ثمّ الثاني ثم الثالث ثمّ يجيء أقوام لا خير فيهم. (وفي إخراج مشابه، بخاري 2458, مسلم 4600, ترمذي 2147, ابن ماجه 2353, احمد 3413).
إنَّ جواز الأشياء لا يتوقف على ورود الأمر بها، بل على عدم النهي عنها كما هو معروف ومقرر في علم الأصول. فكل ما لم يرد فيه نص بالحظر فهو مباح. وقد علَّمنا النبي في سنَّته الصحيحة إن ما أمرنا به فعلناه ولم نتركه وما نهى عنه اجتنبناه ولم نفعله وما سكت عنه فهو عفو.


قَالَ (ص) أَيُّمَا امْرِئٍ قَالَ لِأَخِيهِ يَا كَافِرُ فَقَدْ بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا إِنْ كَانَ كَمَا قَالَ وَإِلَّا رَجَعَتْ عَلَيْهِ *. مسلم حـ 92
وقال الله تعالى {ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمناً تبتغون عرض الحياة الدنيا}.
تمَّت

-------------------

أسأل الله أن ينفع بها .
العبد الضعيف :
صلاح الدين القاسمي .