عرض مشاركة مفردة
  #29  
قديم 17-04-2006, 01:38 PM
عبد الرحمن السحيم عبد الرحمن السحيم غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2006
المشاركات: 73
إفتراضي

إقتباس:
المشاركة الأصلية بواسطة muslima04
أحسن الله إليكم يا شيخ..بارك الله فيكم..

شيخنا الكريم ـ حفظكم الله ـ لعلها من الأمور التي تكثر في مسامعنا ، عبارة : هذا تشذد أو متشذد..أو من شذ شذ في النار..وهو لاشك أمر واقعي وخطير يستطيع أي منا الوقوع فيه وبالتالي نحتاج إلى وقفة حساب مع انفسنا دائما قبل الشروع في الأمور..لكن كذلك يا شيخنا نجد الكثير من الناس يستدل بهذه العبارة في غير مواضعها..فمثلا مجرد أن يرووا شخصا يحاول جهدا الرجوع إلى سنة الرسول صلى الله عليه وسلم الطاهرة.. يلقبونه بالمتشذد..في حين أقول يعني والله اعلم كان اولى بنا أن نستحضر قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الإسلام بدأ غريبا وسيعود غريبا فطوبى للغرباء قالوا يا رسول الله وما الغرباء قال: الذين يصلحون عند فساد الناس".
بل والطامة أن وصل بهم هذا الأمر إلى تلقيب بعض أئمة الإسلام رحمهم الله بالتشذد..فما كلمتكم يا شيخنا؟؟

الجواب :

وأحسن الله إليك .. وبارك فيك

مثل هذه المصطلحات تُوضَع في غير موضِعها ، لأن من يتكلّم بها أحد شخصين :
1 – إما جاهل لا يَعلم ضوابط التشدّد والتساهل
أو
2 – صاحب هوى وفي قلبه مَرَض يُريد تنفير الناس مِن الدِّين ، ووَصْف المتديِّنين بِمثل هذه الأوصاف ..

وهذا ليس بالأمر الجديد ، فالمنافِقون وصَفُوا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم بأوصاف تُنفِّر الناس منهم ، والقصد الطعن في الدِّين .

روى ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وغيرهم عن عبد الله بن عمر . قال : قال رجل في غزوة تبوك في مجلس يوماً : ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء ؛ أرغب بطونا ، ولا أكذب ألسنة ، ولا أجبن عند اللقاء . فقال رجل في المجلس : كذبت ! ولكنك منافق ، لأخبرن رسول الله صلى الله عليه وسلم . فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم ونزل القرآن . قال : عبد الله بن عمر : فأنا رأيته متعلقا بحقب ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم والحجارة تنكبه ، وهو يقول : يا رسول الله إنما كنا نخوض ونلعب . ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِؤُونَ ) .

ومن تأمل قول الله عز وجل : ( وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُون * لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِن نَّعْفُ عَن طَآئِفَةٍ مِّنكُمْ نُعَذِّبْ طَآئِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُواْ مُجْرِمِينَ )
يتبيّن له أن الله عز وجل أمر نبيّـه صلى الله عليه وسلم أن يقول لهم : أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تستهزئون ؟
مع أنهم لم يستهزئوا بالله ولا بآياته ولا برسوله صلى الله عليه وسلم ، وإنما استهزئوا بالصحابة كما تقدّم .

والتشدّد إنما يكون في تشديد الإنسان على نفسه في خِلاف السُّـنَّة ، أما التمسّك بالسُّـنَّـة فليس من التشدّد في شيء .

فقد يُشدِّد الإنسان على نفسه في أمور تتعلّق بالطهارة ، كالاسْتِبْراء من البول ، ويَفعل ما لم تأتِ به السّنّة فهذا يُعتبر تَشَدّدا .
وقد يُشدِّد على نفسه في ترك ما أباحه الله مما يَحتاجه ، كالزواج ، أو ما تَدعو إليه الفِطرة ، فهذا قد يُوصَف بالتَّشَدّد .

ولذا لما جاء نفر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فسألوا أزواج النبي صلى الله عليه وسلم عن عمله في السر ، فلما أُخبِروا كأنهم تقالّوها ، فقالوا : وأين نحن من النبي صلى الله عليه وسلم قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر . فقال بعضهم : لا أتزوج النساء ، وقال بعضهم : لا آكل اللحم ، وقال بعضهم : لا أنام على فراش فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : أنتم الذين قلتم كذا وكذا ؟ أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له ، لكني أصوم وأفطر ، وأصلي وأرقد ، وأتزوج النساء ، فمن رغب عن سنتي فليس مني . رواه البخاري ومسلم .

ولما دخل النبي صلى الله عليه وسلم على عائشة وعندها امرأة . فقال : مـن هذه ؟ قالت : فلانة . تذكرُ من صلاتِها . قال : مـه ! عليكم بما تطيقون ، فوالله لا يملُّ الله حتى تملوا . رواه البخاري ومسلم .
وفي رواية لمسلم قالت عائشة : فقلت هذه الحولاءُ بنت تويت ، وزعموا أنها لا تنامُ الليل . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تنامُ الليل ! خذوا من العمل ما تطيقون ، فو الِله لا يسأمُ الُله حتى تسأموا .

ولما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد وحبل ممدود بين ساريتين ، فقال : ما هذا ؟ قالوا : لزينب تصلي فإذا كسلت أو فترت أمسكت به . فقال : حُـلُّـوه ، ليُصل أحدكم نشاطه ، فإذا كسل أو فتر فليقعد . رواه مسلم .

وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إذا نَعَسَ أحدكم في الصلاة فليرقد حتى يذهب عنه النوم ، فإن أحدكم إذا صلى وهو ناعِس لعله يذهب يستغفر فَيَسُبّ نفسه . رواه مسلم .

فالتمسّك بالسُّـنّة هِداية وتوفيق ..

والتشدّد في خِلاف السّنة

ويُقابِل التشدد التفريط .. والتساهل في الوقوع في المعاصي ..

ونجِد أن من يَصِف المتديّنين بالتشدّد هو من يتساهل بالمعاصي ويُفرِّط في الطاعات ..

ويَعتبر نفسه مُتوسِّطاً !

وهذا من انقلاب المفاهيم .. واختلال الموازين .

والله تعالى أعلم .
__________________
الرد مع إقتباس