عرض مشاركة مفردة
  #22  
قديم 17-02-2004, 11:21 AM
اليمامة اليمامة غير متصل
ياسمينة سندباد
 
تاريخ التّسجيل: Jul 2001
الإقامة: السعودية
المشاركات: 6,889
إفتراضي

أتمنى أن يكون السنة أكثر من الرافضة في العراق .. خاصة بعد أن ظهرت خيانة الرافضة وبطولة أهل السنة
ولكن مارأيك بما كتب الدكتور عبدالله النفيسي حيث قال :

يستمد السيستاني مكانته من مكانة النجف كمركز سياسي لشيعة العراق، وكانت النجف دائما لها مركزها وثقلها السياسي، ويستمد أيضا مكانته في أحداث العراق من حقيقة سكانية وهي أن شيعة العراق يشكلون تقريبا الأغلبية السكانية في العراق، وليس هناك ما يثبت حاليا هذه الحقيقة لآن، فليس هناك إحصاء يذكر الشيعة ويظهرهم كأغلبية، ولكن الإحصاءات السابقة التي قام بها الإنجليز في العراق تشير بأن الشيعة هم الأغلبية. والتوزع السكاني في العراق خدم الشيعة، لأنهم يسكنون في الفرات الأوسط، من منطقة المشخاب جنوبا إلى منطقة الجبايدج هاي، وهي منطقة خصبة من ناحية الزروع والمحاصيل ومن ناحية التوالد. والأسر في هذه المنطقة الخصبة في العموم أكبر وأوسع من الهضبة القاحلة الوسطى التي يقطنها السنة.
الشيعة كطائفة سياسية وليس كطائفة دينية تشتمل على "رمزيات" كثيرة ومنها رمزية القيادة، هذه القيادة الزاهدة العازفة عن الدنيا والمنطوية على نفسها في حالة من التأمل والتعبد، وهذا من أيام كاشف الغطا ومحسن الحكيم رحمة الله عليهم أجمعين إلى السيستاني، وفي النجف بالذات هذه الرمزية هي التي تعطي السيستاني قوة، فأنت إذا زهدت فيما عند الناس أحبك الناس، وإذا زهدت فيما يتهافت إليه الناس نظر إليك الناس، وهذه فلسفة في القيادة أجزم بأن الشيعة أصبحوا يتقنونها فهذه واحدة، الثانية أن الشيعة يؤمنون بأن الإمامة هي ركن من أركان الدين ولذلك ثمة تراتبية قيادية لدى الشيعة في العراق لا تتمتع بها الفئات الأخرى التي ما عندها التزام بالإمامة، فهذا عامل آخر ثاني يلزم المُقلِّد باتباع المقلّد، العامل الثالث الخطير الذي يستمد السيستاني منه قوته هو الخُمس (من الدخل) الذي يعطى للمراجع، والحوزة العلمية في قُم كانت تقرض الشاه، فحينما تستقل اقتصاديا عن الدولة، تستطيع أن تفعل الأفاعيل. وهذا أعطاهم قوة وثقل اجتماعي وسياسي كبير، وكثير من عشاير المنتفج في منطقة المنتفج في جنوب العراق تحولت من المذهب السني إلى المذهب الشيعي.. بفعل المعونات التي تُقدمها النجف إلى هذه العشائر. فهذه العوامل الثلاث تعطي السيستاني أو تعطي النجف بالأحرى قوة سياسية رهيبة في العراق. كما أن السيستاني من الشخصيات التي لم يُعرف عنها تاريخيا أي نشاط سياسي، بخلاف الخميني و المدرسي و..
هناك انطباع لدى الكثيرين وهو انطباع شائع ومكرور، أن شيعة العراق يأتمرون بأمر إيران وعلاقاتهم لصيقة بإيران إلى درجة أنهم صدى إيران في الساحة العراقية، وهذا الكلام غير صحيح وغير علمي وغير موضوعي. هناك كثير من التحفظات لدى شيعة العراق العرب إزاء الحوزة الفارسية، والبعد الفارسي والعربي يلعب دورا كبيرا في العلاقات وكذا المنافسة التاريخية بين قُم والنجف، وهذه المنافسة لها أساساتها ومرتكزاتها، والتواصل بينهما لا يتم إلا على حساب أحد المدينتين، يعني عندما غاب دور النجف في ظل صدام حسين وقمعه انتعشت قُم كمركز لشيعة العالم، بينما الآن مدينة النجف آخذة في استعاد دورها كمركز لدى الشيعة في العراق والعالم، باعتبار أن المراقد المقدسة موجودة في النجف وليست موجودة في قُم، ولذلك هذا الانطباع الحاصل اليوم لدى كثير من الناس انطباع غير صحيح، والمثال على ذلك، أن هناك أحزابا شيعية عراقية ولكنها عربية تتحفظ حتى على ولاية الفقيه، فحزب الدعوة العراقي هو حزب شيعي ولكنه حزب عربي يتحفظ على ولاية الفقيه.
والاختلاف في الصف الشيعي موجود منذ زمن، لكن الشيعة عندهم تقاليد وأعراف سياسية وحركة حوار داخلي تستغرب من مثابرتها، وذلك أن العثمانيين عندما جاءوا إلى العراق حكموا فيها أربعمائة سنة، وأبعدوا الشيعة تماما ولذلك انزوت الشيعة في الفرات الأوسط وبلورت "ميكانزماتها" التي تمكنها من الاستمرار وهذا أعطاها تجربة سياسية ثرية وحركة حوار داخلي استطاعت من خلالها تذويب الخلافات بالحوار، ولك أن تقارن بين إيران وأفغانستان، فهذه تجربة شيعية (إيران) وأفغانستان تجربة سنية، ستلاحظ إنه برغم الاختلاف الهائل داخل الجمهورية في إيران إلا أنه لم يتطور الخلاف بين الفرَق الشيعية داخلها إلى اصطدام مسلح، بينما أقل القليل يحصل بين طرف ما وطرف آخر في أفغانستان يتحول إلى صراع عسكري.
الشيعة في العراق أُبعدوا عن النظام وعن سدة الحكم لفترة طويلة من الزمن لأسباب طائفية واضحة، ومن يقرأ مثلا تاريخ الوزارات العراقية التي أرخ لها عبد الرازق الحسني سيلاحظ أن الوزارات المتعاقبة على العراق من فيصل الأول من سنة 1921 إلى الآن، أن حصة الشيعة فيها نادرة، وكانوا أغلب الأحيان يعطَون حقيبة المعارف وزارة التربية، ولكن في العهد الملكي كانت ميزانياتها محدودة جدا يعني وبالتالي لم تكن تحقق المقصود من وراء تسلُم هذه الحقيبة. ولكن في واقع الأمر أن نسبة الشيعة من السكان أكبر بكثير من حصتهم في مجلس الوزراء، وكانوا في بعض الأحيان يتساوون مع اليهود في العراق..وهذا فيه إجحاف كبير في حق الشيعة وموقعهم السياسي، ولذلك ثمة شعور بالحرمان من النفوذ في هذا الصدد، ومن غير المستبعد أن يكون لدى الشيعة في العراق اليوم إحساس عميق بضرورة التقدم في مركزهم السياسي في النظام.
والشيعة في العراق خطواتهم مدروسة، وفي هذا الصدد، فإن مطالبة السيستاني للانتخابات من خلال متابعتي للمشهد الشيعي في العراق، ورقة يعلم السيستاني نفسه أنها صعبة التحقيق، ولكن يضغط بها على القرار الأمريكي ليحصل في المقابل على مطالب أخرى موجودة لديه ولدى الفريق القائم حوله.

ولدى السنة مساحة واسعة (المثلث السني الذي يتحدثون عنه يساوي مساحة إنجلترا)، ولذلك ما ينبغي أن نقلل من قيمة المسرح الذي يتحرك فيه أهل السنة والجماعة، وهم يقطنون الهضبة الوسطى، ورغم أنها قاحلة إلا أنها هضبة واسعة، وكانت دائما ركيزة النظام السياسي، وبالتالي السنة عندهم مساحة كبيرة للتحرك جغرافيا، غير أن ضعف السنة نابع من حقيقتين:
الأولى، أن معظمهم يعيشون في الهضبة الوسطى القاحلة، وهذا يعني أن اعتمادهم الاقتصادي على أنفسهم صفر تقريبا، واعتمادهم دائما على الرواتب وعلى المساندة الحكومية، الثانية، ليس عند السنة في العراق إمام يقودهم ويستمعوا إليه ويطيعونه، ويعانون حالة من الانقسام والتشرذم وهذا أمر مؤسف لأي جماعة إسلامية، وهذه حقيقة موضوعية ينبغي أن يتنبه إليها أهل السنة والجماعة، وتم تأسيس شورى أهل السنة. وهذه حركة مباركة ينبغي أن تُعزز وأن يتم استلهام أهميتها لكي تبدأ هذه الفئة في أن تبادر في تضميد جراحاتها بعد الذي حصل، ولديهم مخاوف كثيرة وكبيرة من التهميش في الفترة القادمة، وهذه مخاوف لها أساسها الموضوعي خاصة وأن الأمريكان واقعون تحت تأثير فكرة لا زالت مسيطرة عليهم وهي أن النظام البائد الذي كان يرأسه صدام حسين، كان يستمد قاعدته الاجتماعية من السنة، وهذا غير صحيح موضوعيا، لأن أهل السنة أيضا تضرروا من صدام حسين بنفس القسوة التي تضرر منها الشيعة، فلم يكن نظام صدام طائفيا بل عشائريا إذا جاز التعبير، إذ إنه استحضر الأهمية التاريخية للعشيرة والقبيلة والعائلة الممتدة والقرابات بالإضافة إلى الهبات والرشاوي لاستمالة أهل العشائر في الهضبة الوسطى، ولذلك من الخطأ تصور أن صدام حسين كان يعتمد على أهل السنة ويُحركهم ضد الشيعة.
__________________