عرض مشاركة مفردة
  #25  
قديم 30-04-2006, 03:03 AM
يتيم الشعر يتيم الشعر غير متصل
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2001
الإقامة: وأينما ذُكر اسم الله في بلدٍ عدَدْتُ أرجاءه من لُبِّ أوطاني
المشاركات: 5,873
إرسال رسالة عبر MSN إلى يتيم الشعر إرسال رسالة عبر بريد الياهو إلى يتيم الشعر
إفتراضي

د ـ عن عائشة قالت: " قَلَّ يوم، إلا وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يطوف علينا جميعًا تعني نساءه فيقبل ويلمس ما دون الوقاع، فإذا جاء إلى التي هي يومها ثبت عندها".
هـ وعن عبد الله بن مسعود قال: (أو لامستم النساء) هو مادون الجماع وفيه الوضوء".
و ـ وعن عمر قال: " إن القبلة من اللمس فتوضأ منها ". (انظر المستدرك 135/1).
ومن هنا كان مذهب مالك، وظاهر مذهب أحمد: أن لمس المرأة الذي ينقض الوضوء هو ما كان بشهوة، وبه فسروا قوله تعالى: (أو لامستم النساء) وفي القراءة الأخرى: (أو لامستم النساء.).
ولهذا ضعف شيخ الإسلام ابن تيمية في فتاويه قول من فسروا الملامسة أو اللمس في الآية بمجرد مس البشرة البشرة ولو بلا شهوة.
ومما قاله في ذلك:.
(فأما تعليق النقض بمجرد اللمس، فهذا خلاف الأصول، وخلاف إجماع الصحابة وخلاف الآثار، وليس مع قائله نص ولا قياس.
فإن كان اللمس في قوله تعالى: (أو لامستم النساء) إذا أريد به اللمس باليد والقبلة ونحو ذلك كما قاله ابن عمر وغيره فقد علم أنه حيث ذكر ذلك في الكتاب والسنة، فإنما يراد به ما كان لشهوة، مثل قوله في آية الاعتكاف ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد) ومباشرة المعتكف لغير شهوة لا تحرم عليه، بخلاف المباشرة لشهوة.
وكذلك قوله: (ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن) وقوله: (لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن)، فإنه لو مسها مسيسًا خاليًا من غير شهوة لم يجب به عدة، ولا يستقر به مهر، ولا تنتشر به حرمة المصاهرة باتفاق العلماء.
فمن زعم أن قوله: (أو لامستم النساء) يتناول اللمس وإن لم يكن لشهوة فقد خرج عن اللغة التي جاء بها القرآن، بل وعن لغة الناس في عرفهم، فإنه إذا ذكر المس الذي يقرن فيه بين الرجل والمرأة علم أنه مس الشهوة، كما أنه إذا ذكر الوطء المقرون بين الرجل والمرأة، علم أنه الوطء بالفرج لا بالقدم).ا.هـ (انظر: مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية، ط الرياض 223/21، 224).
وذكر ابن تيمية في موضع آخر: أن الصحابة تنازعوا في قوله تعالى: (أو لامسـتم النسـاء) فكان ابن عباس وطائفة يقولون: الجماع، ويقولون: الله حيي كريم، يُكَنِّي بما شاء عما شاء.
قال: وهذا أصح القولين.
وقد تنازع العرب والموالي في معنى اللمس: هل المراد به الجماع أو ما دونه ؟ فقالت العرب: هو الجماع، وقالت الموالي: هو ما دونه، وتحاكموا إلى ابن عباس فصوب العرب، وخطأ الموالي. (انظر المرجع السابق).
والمقصود من نقل هذا الكلام كله أن نعلم أن كلمة " المس " أو " اللمس " حين تستعمل من الرجل للمرأة، لا يراد بها مجـرد وضـع البشـرة على البشرة، بل المراد بها إما الجماع، وإما مقدماته من التقبيل والعناق، ونحـو ذلك من كل مس تصحبه الشهـوة والتلذذ.
على أننا لو نظرنا في صحيح المنقول عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لوجدنا ما يدل على أن مجرد لمس اليد لليد بين الرجل والمرأة بلا شهوة ولا خشية فتنة، غير ممنوع في نفسه، بل قد فعله النبي -صلى الله عليه وسلم- والأصل في فعله أنه للتشريع والاقتداء لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة). (الأحزاب :21).
فقد روى البخاري في كتاب " الأدب " من صحيحه عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: "إن كانت الأمة من إماء أهل المدينة، لتأخذ بيد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فتنطلق به حيث شاءت".
وفي رواية للإمام أحمد عن أنس أيضًا قال:.
"إن كانت الوليدة يعني الأمة من ولائد أهل المدينة لتجيء، فتأخذ بيد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فما ينزع يده من يدها حتى تذهب به حيث شاءت". وأخرجه ابن ماجة أيضًا.
قال الحافظ في الفتح: (والمقصود من الأخذ باليد لازمه، وهو الرفق والانقياد، وقد اشتمل على أنواع من المبالغة في التواضع، لذكره المرأة دون الرجل، والأمة دون الحرة، وحيث عمم بلفظ " الإماء " أي أمة كانت، وبقوله " حيث شاءت " أي مكان من الأمكنة، والتعبير بالأخذ باليد إشارة إلى غاية التصرف حتى لو كانت حاجتها خارج المدينة، والتمست منه مساعدتها في تلك الحاجة لساعد على ذلك.
وهذا دليل على مزيد تواضعه وبراءته من جميع أنواع الكبر -صلى الله عليه وسلم-). (فتح الباري جـ 13).
وما ذكره الحافظ -رحمه الله- مسلم في جملته، ولكن صرفه معنى الأخذ باليد عن ظاهره إلى لازمه وهو الرفق والانقياد غير مسلم ؛ لأن الظاهر واللازم مرادان معًا.. والأصل في الكلام أن يحمل على ظاهره، إلا أن يوجد دليل أو قرينة معينة تصرفه عن هذا الظاهر، ولا أرى هنا ما يمنع ذلك.. بل إن رواية الإمام أحمد، وفيها: " فما ينزع يده من يدها حتى تذهب به حيث شاءت "، لتدل بوضوح على أن الظاهر هو المراد، وأن من التكلف والاعتساف الخروج عنه.
وأكثر من ذلك وأبلغ ما جاء في الصحيحين والسنن عن أنس أيضًا " أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال من القيلولة عند خالته خالة أنس أم حرام بنت ملحـان زوج عبـادة بن الصامت، ونام عندها، واضعًا رأسه في حجرها وجعلت تفلي رأسه... "إلخ ما جاء في الحديث.
وقد ذكر شيخ الإسلام ابن حجر في بيان ما يؤخذ من الحديث، قال: (وفيه جواز قائلة الضيف في غير بيته بشرطه كالإذن وأمن الفتنة..، وجواز خدمة المرأة الأجنبية للضيف بإطعامه والتمهيد له ونحو ذلك.
وفيه خدمة المرأة الضيف بتفلية رأسه وقد أشكل هذا على جماعة، فقال ابن عبد البر: أظن أن أم حرام أرضعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، أو أختها أم سليم، فصارت كل منهما أمه أو خالته من الرضاعة، فلذلك كان ينام عندها، وتنال منه ما يجوز للمحرم أن يناله من محارمه.. ثم ساق بسنده ما يدل على أن أم حرام كانت منه ذات محرم من قبل خالاته، لأن أم عبد المطلب جده كانت من بني النجار... إلخ.

وقال غيره: بل كان النبي -صلى الله عليه وسلم- معصومًا، يملك إربه عن زوجته فكيف عن غيرها مما هو المنزه عنه ؟ وهو المبرأ عن كل فعل قبيح، وقول رفث، فيكون ذلك من خصائصه.
ورد ذلك القاضي عياض بأن الخصائص لا تثبت بالاحتمال، وثبوت العصمة مسلم لكن الأصل عدم الخصوصية، وجواز الاقتداء به في أفعاله، حتى يقوم على الخصوصية دليل.
وبالغ الحافظ الدمياطي في الرد على من قال بالاحتمال الأول، وهو ادعاء المحرمية، فقال:.
ذهل كل من زعم أن أم حرام إحدى خالات النبي -صلى الله عليه وسلم- من الرضاعة أو من النسب، واللاتي أرضعنه معلومات، ليس فيهن أحد من الأنصار ألبتة، سوى أم عبد المطلب، وهي سلمى بنت عمرو بن زيد بن لبيد بن خراش بن عامر بن غنم بن عدي بن النجار، وأم حرام هي بنت ملحان بن خالد بن زيد بن حرام بن جندب بن عامر المذكور.. فلا تجتمع أم حرام وسلمى إلا في عامر بن غنم جدهما الأعلى.. وهذه خئولة لا تثبت بها محرمية، لأنها خئولة مجازية، وهي كقوله -صلى الله عليه وسلم- لسعد بن أبي وقاص هذا خالي)، لكونه من بني زهرة، وهم أقارب أمه آمنـة، وليس سـعد أخًا لآمنة، لا من النسب، ولا من الرضـاعة، ثم قال: وإذا تقرر هذا فقد ثبت في الصحيح: أنه -صلى الله عليه وسلم- كان لا يدخل على أحد من النساء إلا على أزواجه، إلا على أم سليم، فقيل له أي سـئل في ذلك فقال: "أرحمها، قتل أخوها معي ".يعني حرام بن ملحان.. وكان قد قتل يوم بئر معونة.
وإذا كان هذا الحديث قد خص أم سليم بالاستثناء، فمثلها أم حرام المذكورة هنا.. فهما أختان وكانتا في دار واحدة، كل واحدة منهما في بيت من تلك الدار، وحرام بن ملحان أخوهما معًا، فالعلة مشتركة فيهما كما ذكر الحافظ ابن حجر.
وقـد انضاف إلى العلة المـذكورة أن أم سليم هي أم أنس خـادم النبي -صلى الله عليه وسلم-، وقد جرت العادة بمخالطة المخدوم خادمه، وأهل خادمه، ورفع الحشمة التي تقع بين الأجانب عنهم.
ثم قال الدمياطي: على أنه ليس في الحديث ما يدل على الخلوة بأم حرام، ولعل ذلك كان مع ولد، أو خادم، أو زوج، أو تابع.
قال ابن حجر: وهو احتمال قوي، لكنه لا يدفع الإشكال من أصله، لبقاء الملامسة في تفلية الرأس، وكذا النوم في الحجر.
قال الحافظ: وأحسن الأجوبة دعوى الخصوصية، ولا يردها كونها لا تثبت إلا بدليل لأن الدليل على ذلك واضح). (انظر: فتح الباري 230/13 ،231 بتصرف).
ولا أدري أين هذا الدليل، غامضًا كان أو واضحًا ؟.


والذي يطمئن إليه القلب من هذه الروايات أن مجرد الملامسة ليس حرامًا.. فإذا وجدت أسباب الخلطة كما كان بين النبي -صلى الله عليه وسلم- وأم حرام وأم سليم، وأمنت الفتنة من الجانبين، فلا بأس بالمصافحة عند الحاجة كمثل القادم من سفر، والقريب إذا زار قريبة له أو زارته، من غير محارمه، كابنة الخال، أو ابنة الخالة، أو ابنة العم، أو ابنة العمة أو امرأة العم، أو امرأة الخال أو نحو ذلك، وخصوصًا إذا كان اللقاء بعد طول غياب.
والذي أحب أن أؤكده في ختام هذا البحث أمران:.
الأول: أن المصافحة إنما تجوز عند عدم الشهوة، وأمن الفتنة، فإذا خيفت الفتنة على أحد الطرفين، أو وجدت الشهوة والتلذذ من أحدهما حرمت المصافحة بلا شك.
بل لو فقد هذان الشرطان عدم الشهوة وأمن الفتنة بين الرجل ومحارمه مثل خالته، أو عمته، أو أخته من الرضاع، أو بنت امرأته، أو زوجة أبيه، أو أم امرأته، أو غير ذلك، لكانت المصافحة حينئذ حرامًا
بل لو فقد الشرطان بين الرجل وبين صبي أمرد، حرمت مصافحته أيضًا.. وربما كان في بعض البيئات، ولدى بعض الناس، أشد خطرًا من الأنثى.
الثاني: ينبغي الاقتصار في المصافحة على موضع الحاجة، مثل ما جاء في السؤال كالأقارب والأصهـار الذين بينهم خلطـة وصلة قوية، ولا يحسـن التوسع في ذلك، سدًا للذريعة، وبعدًا عن الشبهة، وأخذًا بالأحوط، واقتداءً بالنبي -صلى الله عليه وسلم-، الذي لم يثبت عنه أنه صافح امرأة أجنبية قط . وأفضل للمسلم المتدين، والمسلمة المتدينة ألا يبدأ أحدهما بالمصافحة، ولكن إذا صوفح صافح.
وإنما قررنا الحكم ليعمل به من يحتاج إليه دون أن يشعر أنه فرط في دينه، ولا ينكر عليه من رآه يفعل ذلك ما دام أمرًا قابلاً للاجتهاد
وثانياً أردت أبين خطأ هذا العالم وخطورة كلامه ، فالمصافحة لو كان فيها ما يثير الغرائز تلقائياً لما صافح الأخ أخته ..
__________________
معين بن محمد