عرض مشاركة مفردة
  #29  
قديم 01-05-2006, 06:36 AM
muslima04 muslima04 غير متصل
عضو مشارك
 
تاريخ التّسجيل: Dec 2003
المشاركات: 872
إفتراضي فسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون!

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته،


إتحاف الإخوان في حكم مصافحة النسوان



الشيخ الدكتور رياض بن محمد المسيميري


مقدمة

الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعد,,

فممّا عمت به البلوى في زماننا هذا كثرة الاختلاط بين الرجال والنساء وما تبعه من تهاون في الحجاب وكثرة في الحديث والكلام بل وصل الأمر إلى حدّ المصافحة بين الرجال والنساء الأجنبيات إما جهلاً أو تجاهلاً ممّا جعل من الأهمية بمكان بحث المسألة شرعاً وتحري الحق عدلاً إفادةً للأمة وإبراءً للذمة .

والله الموفق .

المصافحة :

تعريف المُصَافَحَةِ :

قال الفيومي في المصباح ص 130 : ( صافحتُه مُصَافَحَةً : أفضيت بيدي إلى يده ) , وقال ابن فارس : " صَفَحَ " الصادُ والفاء والحَاء : أصلٌ صحيحٌ مُطّرد يدل على عَرْض ، وعِرَض ، ومن ذلك صَُفح الشيء عُرْضُه .

ومن الباب : المُصَافَحَةُ باليد ، كأنَه ألصق يده بصفحة يد ذاك .

( المعجم : 2/ 293) .

تعريفها اصطلاحاً :

قال الحطاب المالكي [1]: قال فقهاؤنا : المصافحة : وضع كف على كفٍ مع ملازمة لهما قدر ما يفرغ من السلام .

وأما اختطاف اليد إثر التلاقي فمكروه .

وقال ابنُ حجر في الفتح ( 11/ 54) : " المُصَافَحَةُ هي : مفاعلة من الصفحة ، والمراد بها : الإفضاء بصفحة اليد إلى صفحة اليد .

قلت : وقد بوّب البخاري : بابٌ : الآخذ باليد ، وصافح حماد ابن زيد ابن المبارك بيديه .

وقال الحافظ في الفتح ( 11/ 56 ) .

(وقال ابن بطال : الأخذ باليد هو مبالغة المصافحة ، وذلك مستحب عند العلماء ) .

حُكم المصافحةِ :

قال النووي في الأذكار (ص 426) : ( فصل في المصافحة ) : اعلم أنها سنة مجمع عليها عند التلاقي "

وقال ابن بطال : المصافحة حسنة عند عامة العلماء ( الفتح / 11/55) وروينا في صحيح البخاري ( 6263) .

عن قتادة قال : قلت لأنس رضي الله عنه أكانت المصافحة في أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ؟ قال نعم .

وروينا في صحيحي البخاري (4418) ومسلم ( 2769) في حديث كعب بن مالك رضي الله عنه – في قصة توبته قال : فقام إليّ طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه يهرول حتى صافحني وهنأني .

وروينا – بالإسناد الصحيح – في سُنن أبي داود (5213) عن أنس رضي الله عنه قال : " لما جاء أهلُ اليمن ، قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( قد جاءكم أهل اليمن ، وهم أول من جاء بالمصافحة )) .

قلت : وقد عزا الحديث إلى الأدب المفرد وسنن أبي داود ابنُ حجر العسقلاني وصحح إسناده بلفظ : أقبل أهل اليمن ، وهم أول من حيّانا بالمصافحة الفتح ( 11/ 54) .

وعند الترمذي من حديث أنس رضي الله عنه قال : قال رجل يا رسول الله ، الرجل منا يلقى أخاه أو صديقه أ ينحني له ؟

قال : " لا " قال : أفيقبله ؟ قال : ( لا ) قال فيأخذ بيده ويصافحه ؟ قال : ( نعم ) قال الترمذي هذا حديث حسن

القول بالكراهية :

قال ابن حجر في الفتح ( 11/ 55) .

قال ابن عبد البر : روى ابن وهب عن مالك أنه كره المصافحة ، والمعانقة ، وذهب إلى هذا سحنون وجماعة ، وقد جاء عن مالك جواز المصافحة ، وهو الذي يدل عليه صنيعه في الموطأ ، وعلى جوازه جماعة العلماء سلفاً وخلفاً والله أعلم .

قلت : ولا ريب أنّ الصواب الذي لا محيد عنه هو مشروعية المصافحة واستحبابها بين الرجال مع الرجال وبين النساء مع النساء !!

كما أنه لا بأس من المصافحة بين الرجال ومحارمهم إذا أمنت الفتنة .

فائدة : حُكْمُ تَقبيل اليدّ :

قال الحافظ ابن حجر : ( 11/56) : قال ابن بطال : .. وإنما اختلفوا في تقبيل اليد فأنكره مالك ، وأنكر ما روى فيه ، وأجازه آخرون واحتجوا بما روي عن عمر أنهم : لما رجعوا من الغزو- حيث فروا- قالوا : نحن الفرارون ، فقال : بل أنتم العكارون أنا فئة المؤمنين .قال: فقبلنا يده .

قال ابن حجر: قلت: حديث ابن عمر أخرجه البخاري في الأدب المفرد وأبو داود .

قال : وقبّل أبو لبابة وكعب بن مالك وصاحباه يد النبي صلى الله عليه وسلم حين تاب الله عليهم .

وقبّل أبو عبيدة يد عُمر حين قدم- أى بلاد الشام- ، وقبّل زيد بن ثابت يد ابن عباس حين أخد ابن عباس بركابه.

قال ابن بطال : وذكر الترمذي من حديث صفوان بن عسال أنّ يهوديين أتيا النبي صلى الله عليه وسلم فسألاه عن تسع آيات .. الحديث ... وفي آخره فقبّلا يده ورجله ، قال الترمذي حسن صحيح .

قال الحافظ : (11/ 57 ) : ( حديث أبي لبابة أخرجه البيهقي في الدلائل وابن المقري وحديث كعب وصاحبيه أخرجه ابن المقري ، وحديث أبي عبيدة أخرجه سفيان في جامعه وحديث ابن عباس أخرجه الطبري وابن المقري ، وحديث صفوان أخرجه أيضاً النسائي وابن ماجه وصححه الحاكم ) .

وقال أيضاً : " وقد جمع الحافظ أبو بكر بن المقري جزءً في تقبيل اليد سمعناه أورد فيه أحاديث كثيرة وآثاراً ، فمن جيدها حديث الزارع العبدي ، وكان في وفد عبد القيس قال : فجعلنا نتبادر من رواحلنا فنقبل يد النبي صلى الله عليه وسلم ورجله أخرجه أبو داود ، ومن حديث مزيدة العصري مثله ، ومن حديث أسامة بن شريك قال : قمنا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقبلنا يده وسنده قوي ، ومن حديث جابر أنّ عمر قام إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقبل يده "

ومن حديث بريدة في قصة الأعرابي والشجرة فقال يا رسول الله ائذن لي أن أقبل رأسك ورجليك فأذن له ..

وأخرج البخاري في الأدب المفرد من رواية عبد الرحمن بن رزين قال : أخرج لنا سلمة بن الأكوع كفاً له ضخمة كأنها كف بعير فقمنا إليها فقبلناها وعن ثابت أنه قبل يد أنس .

وأخرج أيضاً أنّ علياً قبل يد العباس ورجله وأخرجه ابن المقري .

وأخرج من طريق ابن مالك الأشجعي قال: قلت لابن أبي أوفى ناولني يدك التي بايعت بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فناولنيها فقبلتها .

قال الحافظ ابن حجر العسقلاني في الفتح (11/ 57 ) : قال النووي : تقبيل يد الرجل لزهده وصلاحه أو علمه أو شرفه أو صيانته أو نحو ذلك من الأمور الدينية لا يكره بل يستحب فإن كان لغناه أو شوكته أو جاهه عند أهل الدنيا فمكروه شديد الكراهية ، وقال أبو سعيد المتولي : لا يجوز.

فوائد المصافحة وآثارها :

1- مغفرة الذنوب .
عن البراء رضي الله عنه – قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( ما من مسلمين يلتقيان فيتصافحان إلا غفر لهما قبل أن يتفرقا )) ( صحيح أبي داود 4343، الصحيحة 525) .

قلت : وهذا الحديث فيه فضل التصافح ومغفرة الله- تعالى- للمتصافحين قبل تفرقهما لما فيه من الإقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم الذي كان يصافح أصحابه ويعانقهم فضلاً عن إظهار حسن النية وسلامة القلب من الضغائن والشحناء .

2- إشاعةُ المحبة بين المتصافحين :
المصافحةُ لها أعظمُ الأثر في إشاعة المحبة بين المتصافحين ، فإذا كان نبيا - عليه السلام- يقول: في الحديث الصحيح من حديث أنس " ... أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم " فإذا كان السلام المجرد سبباً في حصول المحبة فمن باب أولى أن تتحقق المحبة إذا اقترن بالسلام مصافحة بالأيدي, والتحام بالأكف ، وهو أمرٌ مشاهد ملموس لا ينكره أحدٌ .

3- بعثُ الطمأنينة في النفوس .
لا ريب أنّ السلام في أصله اللغوي والشرعي والعرفي هو تعبير عن نبذ الكراهية ، وتجنب البغضاء وإظهار لحسن النوايا ، وسلامة الصدور، ونحن نشاهد كم لإلقاء التحية من الأثر الفاعل في نفوس الغرباء الذين نصادفهم في حياتنا اليومية حيث ينقلب التوجس إلى ارتياح والتردد إلى إقدام والخوف إلى أمان والتجهم إلى ابتسام فكيف يكون الحال حين يقترن بالسلام مصافحة ؟!

لا شك إنّه أحرى وأولى في بناء الطمأنينة وصناعة الوئام .


يتبع إن شاء الله..