[ابن حوران]

كيفية معرفة الجاسوس ؟

اذا اتفقنا أن الجاسوس هو جسم غريب أو فكر غريب ، ويحل على جسم أو كيان أو هيئة أو دولة ، ليغير ما بداخل الجسم من استقرار و يربك عمل أجهزته و أعضاءه ، تماما كما يفعل الميكروب أو الفيروس داخل الجسم ..

لكن أليس بالبداية يفترض أن نحدد ما هو هذا الجسم .. فان كان المقصود بالجسم هو موقع على سبيل الحصر .. فالموقع أقرب للحشد منه الى الجماعة المنسجمة و المتفقة على ثوابت محددة دون غيرها .. وقد يحدث هذا النوع من المواقع في مواقع الأحزاب أو مواقع المهن .. وعندها تصبح عملية كشف الغريب أكثر سهولة من مواقع شاملة وعامة كموقع حوار الخيمة ، حيث يتواجد بها أعضاء من مشارب ثقافية وفكرية متنوعة و أحيانا متناقضة ..

ولكن قد يحلو للبعض أن ينتسب لمثل تلك المواقع ، لما فيها من ديناميكية العلاقة ، حيث يستفز المثقف عندما يوجد من يعارضه ويناقضه ، وهذه المسألة ستغني النقاش و تطور ملكات المتحاورين وتحثهم على الاستزادة من تطوير أنفسهم .. وهي خصلة تسجل لصالح تلك المواقع على المواقع ذات اللون الواحد.

لكن بحالة تعايش أعضاء الموقع وقبولهم بهذا التنوع ، قد يغيض هذا التعايش البعض ، فيدخل لزعزعة هذا التعايش ، لما يقرب من وجهات نظر الأعضاء فيما بينهم ويصل بالحوار لمرحلة لا يريدها الدخيل !

هنا سيطرح بعض الحضور مسألة التطرف كمنهج لإثارة ردود الفعل العصبية ، من بين الأعضاء .. أو يستفز بعض الأعضاء لشتم حكومة بعينها أو شخص بعينه أو خطا فكريا بعينه ، فقط لتحديد من هم في هذا الخط ، وذلك يخدم بعض جهات تهتم في رصد الكتاب والمثقفين ..

إن الثقافة الواسعة هي أفضل سبيل للتعرف على مقاصد مثل هؤلاء الدخلاء ، فالمثقف ذا الصبغة القريبة من الخط الديني ، عليه معرفة كيفية تفكير اليساريين والقوميين والليبراليين .. وكذلك المثقف من الأصناف الأخرى عليه أن يكون على جاهزية كافية لمعرفة طبيعة طرح المثقفين من الأصناف الأخرى ..

لقد مرت بعض التجارب التي رأيتها بحياتي ، أن يأتي أحد المحاورين ليطرح نفسه كشيوعي ، ويناقش على هذا الأساس .. وعندما سئل عن أحد المفكرين الشيوعيين وعن موقفه في مسألة البرجوازية الوطنية .. بدا عليه أنه لم يمر عليه اسم هذا المفكر نهائيا .. وبالتالي تبين أنه أحد العاملين بجهاز أمني !

وهناك من يدخل ، ويبدأ بديباجات طويلة بآيات قرآنية و أحاديث نبوية وغيرها ، ويختار لنفسه اسما لقائد إسلامي عظيم أو عنوانا جاذب جدا ويدلل على تطابق طروحاته و مقدماته مع حرصه الأكيد والمتفاني في نصرة الدين .. حتى يقيم علاقات مع بعض الأعضاء ، توظف تلك العلاقات لمسائل لا تحتاج لكثير من الذكاء لمعرفتها ..

عفوا على الإطالة