عرض مشاركة مفردة
  #59  
قديم 29-07-2004, 01:39 PM
فارس ترجل فارس ترجل غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2004
المشاركات: 563
إفتراضي

( تابع )

جاء في صحيح الترمذي " لما كان يوم أحد ، أصيب من الأنصار أربعة وستون رجلا، ومن المهاجرين ستة منهم حمزة ، فمثلوا بهم . فقالت الأنصار : لئن أصبنا منهم يوما مثل هذا لنربين عليهم . قال : فلما كان يوم فتح مكة ، فأنزل الله تعالى : "وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين" فقال رجل : لا قريش بعد اليوم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كفوا عن القوم إلا أربعة" (حسن صحيح الإسناد\الألباني) .. فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يقتصّ لتلك الحادثة الفظيعة في أحد لأن مصلحة الدعوة اقتضت عدم فعل ذلك ، كما اقتضت المصلحة إهدار دم الأربعة ، ولو كان الأمر بالتشفي لأمر بضرب عنق هند بنت عتبة رضي الله عنها التي لاكت كبد عمه ، أو أمر بضرب عنق وحشي الذي قتل عمه ..

وقارن فعله هذا بما فعله عليه الصلاة والسلام في شوال سنة 6 هـ، وذلك أن رهطاً من عُكَل وعُرَينَة أظهروا الإسلام، وأقاموا بالمدينة فاستوخموها، فبعثهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذود في المراعي، وأمرهم أن يشربوا من ألبانها وأبوالها، فلما صحوا قتلوا راعي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، واستاقوا الإبل، وكفروا بعد إسلامهم، فبعث في طلبهم كرزاً الفهري في عشرين من الصحابة، ودعا على العرنيين‏:‏ ‏(‏اللّهم أعم عليهم الطريق، واجعلها عليهم أضيق من مَسَك‏)‏، فعمي الله عليهم السبيل فأدركوا، فقطعت أيديهم وأرجلهم، وسْ أعينهم، جزاء وقصاصاً بما فعلوا، ثم تركوا في ناحية الحرة حتى ماتوا ، (وحديثهم في الصحيح عن أنس‏) ..
فالأوّل عمّه الذي هو أخوه من الرضاع ومن أحب الناس إليه ، ومع ذلك لم يثأر النبي صلى الله عليه وسلم له ولم يمثّل بقريش لأن المصلحة لم تقتضي ذلك ، ولما فعل العرنيون ما فعلوا براعي النبي صلى الله عليه وسلم من تمثيل وقتل ، فعل بهم النبي صلى الله عليه وسلم ما فعل ، وذلك للمصلحة أيظا .. فالداعي للجهاد وللقتل وللتمثيل ليس الإنتقام والتشفي وإنما المصلحة العامة للدعوة ..

لقد منّ الله سبحانه وتعالى على هذه الأمة بأعظم رسالة عرفتها البشرية ، وقدّر الله سبحانه وتعالى أن لا تنتشر هذه الرسالة إلا بأنهار الدماء وجبال الأشلاء وبحار الدموع ، ومن ظن أنها تبلغ ما بلغت بغير هذه الأمور فهو من أجهل الناس بسنن الله ، ولا والله لم يصل إلينا هذا الدين إلا بدموع النبي صلى الله عليه وسلم ودمه وعرقه بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم وأصحابه .. ‏
لا بد من الإبتلاء ، ولابد من التمحيص ولا بد الإختبار ، ولا بد من التضحيات ، ولابد من سكب العبرات على الإخوان والخلّان ومفارقة الأحباب ودفن الأشلاء وجمع قطع أجساد الرفقاء ، فلسنا والله بأعزّ عند الله من أسده الحمزة الذي بُقر بطنه وليك كبده وقّطّعت آذانه وجُدع أنفه .. فالأمر ليس سهلاً ..

إن الشدّة ليست بالقتل والتفجير ، فهذا يُحسنه كثير من الناس ، ولكن الشدّة أن نملك أنفسنا عند الغضب ، والحكمة أن لا يستفزّنا الأعداء ، وأن لا تكون أفعالنا ردود فعل لأفعاله ، فهذا ما يُريده العدو ، ولسنا على جادة الطريق إن تحكم العدو بعواطفنا ، ولكن ينبغي لنا أن نكون جنداً لهذا الدين ، ولهذا الدين فقط ، فكل عمل نعمله وكل كلمة نقولها لا بد لنا أن نضعها في هذا الميزان : ميزان مصلحة الدين ..

هل يجوز قتل المنافق الذي ظهر لنا ضرره على المسلمين ؟

الجواب : نعم يجوز .. ولكن هل المصلحة أن نقتله !! الجواب : هذا يُقرّره أهل الحل والعقد من قادة المجاهدين مع مشورة العلماء الربّانيين .. قد تكون المصلحة في قتلهم وقد تكون في إبقائهم ، المهم أن نراعي المصلحة العامة للدين وفق منهج رب العالمين ، ومن السياسة الشرعية ترك القرار في مثل هذه الأمور للأمراء (وهم قادة الجهاد والعلماء الربانيون في هذا الزمان) ، فلو أفتى أسامة حفظه الله ومن معه من العلماء والقادة بقتل هؤلاء ، فعندها يذهب اللبس ويزول الإشكال ..

هل يجوز قتل الجندي في بلاد الحرمين ؟

الجواب : نعم يجوز ، إذا صال علينا ولم نستطع دفعه إلا بقتله ، وهذا من الدفاع عن النفس ، أما قصد قتله ابتداء فلا أستطيع أن أقول بجوازه ، ولا أعرف من يُجيزه من العلماء .. لأن كثير من هؤلاء يَستفتون بعض العلماء المعروفين على مستوى الأمة فيُفتونهم بشرعيّة قتال المجاهدين ويُمنّونهم بالأجر والثواب على فعلهم بقتلهم "المجرمين" وطاعتهم "لولي أمر المسلمين" !!
فهؤلاء مسلمون مغرّر بهم من قبل هؤلاء "العلماء" الذين أصبح بعضهم أشد خطراً على الأمة من كثير من أهل البدع والضلال ، بل حتى من كثير من الكفار : فقد عطلوا الجهاد ، وحاربوا المجاهدين ، وتولّوا المنافقين ، وأعانوا المرتدّين ، وخدموا اليهود والصليبيين ولا حول ولا قوّة إلا بالله رب العالمين !!

فهؤلاء الأغرار يجب علينا أن نبين لهم الحقيقة بالأدلّة من الكتاب والسنة ، وأن نبين لهم ما نعلم من حال حكامهم وما قاله علماء السلف في أمثالهم ، ونبين لهم حال هؤلاء العلماء الذين يحاولون حماية المنافقين الذين هم عبيد النصارى الصائلين ..

يجب أن نبيّن لهؤلاء وأن نكسبهم في صفنا بدل من أن نستهدفهم بالقتل ، فقتلهم لن يجلب إلا عدائهم وذويهم وقبائلهم ، وهذا ليس ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم ، واقرأ إن شئت كلام ابن العربي مرّة أخرى " وأما المنافقون فكان مع علمه بهم يُعرض عنهم ، ويكتفي بظاهر إسلامهم ، ويسمع أخبارهم فيُلغيها بالبقاء عليهم ، وانتظار الفيئة إلى الحق بهم ، وإبقاء على قومهم ، لئلا تثور نفوسهم عند قتلهم ، وحذراً من سوء الشنعة في أن يتحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه : فكان لمجموع هذه الأمور يَقبل ظاهر إيمانهم وبادئ صلاتهم ، وغَزوهم ، ويكل سرائرهم إلى ربّهم ، وتارة كان يبسط لهم وجهه الكريم ، وأُخرى كان يُظهر التغيير عليهم ، وأما إقامة الحجّة باللسان فكانت دائمة ..."

فالنبي صلى الله عليه وسلم يعلم علم يقين أن هؤلاء لسيوا بمسلمين ، ومع ذلك لم يقتلهم مع قدرته على ذلك ومعرفته بعدم معارضة أصحابه له ، والسبب "إبقاء على قومهم ، لئلا تثور نفوسهم عند قتلهم ، وحذراً من سوء الشنعة في أن يتحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه" ، فعملية القتل ليست صعبة بحد ذاتها ، ولكنها التبعات التي تتلوا عملية القتل ، وهذا ما راعاه النبي صلى الله عليه وسلم ، وهذا هو لب السياسة الشرعية وقلبه ..

فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم فعل هذا مع من عُلم كفره بخبر من ربه ، فكيف بمن هو مسلم يستفتي "العلماء" لحرصه أن يقع في دم حرام ، فيُفتونه بأنه على ثغر وأنه في جهاد وأن هؤلاء ما أرادوا إلا الفساد في البلاد ، أليس الكف عن هذا من باب أولى !!

أما إن ذهب هؤلاء إلى العراق أو غيرها من الثغور ليكونوا تحت إمرة الصليبيين يعينوهم على حرب المجاهدين ويحمون ظهورهم ويمدونهم ويُكثرون سوادهم ، فهنا الوضع يختلف : هنا نقول للمجاهدين : اقتلوهم ولا كرامة وإن كان منهم أبنائنا وإخواننا وأصحابنا ، بل نقول : ابدؤوا بهؤلاء .. نسأل الله أن ينتقم ممن أمر بذهابهم ومن أقرّهم عليه ..

بقي أمر آخر : هناك من قادة هؤلاء الجنود (من الضباط وغيرهم) من هم في غاية الشناعة والخسّة والدناءة ممن يُعذّبون المجاهدين في المعتقلات ويستبيحون منهم ما لا يستبيحه عقل البهيمة فضلاً عن شرع رب العالمين .. فما حكم هؤلاء !!

أقول : هؤلاء يُقتلون ، لأنهم يعتدون على الأعراض ، ويستحلون ما لا يستحلّه حتى الكفار ، فهؤلاء لا أمان لهم ولا ذمة ، وقد قال ابن تيمية رحمه الله بكفر من يقول بحلّ النظرة للمرأة الأجنبية ، فكيف بمن يستحل سب الله وسب رسوله وسب الدين والإعتداء على أعراض المسلمين ، فهؤلاء كفار بلا شك ، وهم كالجراثيم والجرذان التي تنشر الطاعون في المجتمع ، فهؤلاء يجب قتلهم وتخليص الناس من شرهم .. ولاكن ينبغي بيان حالهم للناس قبل ذلك ..

ينبغي للمجاهدين إن أرادوا قتل أمثال هؤلاء ممن تحقق ضررهم على المسلمين ، وممن أمرت القيادة العليا للمجاهدين والعلماء الربانيين بقتلهم ، أن يقتلوهم بطريقة الإغتيالات الفردية لأن هؤلاء يكونون مختلطين بالمسلمين في الغالب ، ولا يستحق هؤلاء أن يُجرح بسببهم مسلم فضلاً عن أن يموت ..
أما أوكار الصليبيين في الجزيرة وغيرها فهذه أحسَن المجاهدون التعامل معها إذ فجّروها بمن فيها ليعلم الكفار أن الإرهاب الإسلامي طويل اليد ، وليزرع اللهُ الرعب في قلوبهم وقلوب قوم لا نعلمهم ، الله يعلمهم ..


هذا مبلغ علمي ، وأرجو أن تكون هذه الكلمات واضحة لا لبس فيها ولا غموض ، وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يرينا الحق حقاً ويرزقنا اتباعه ، وأن يرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه ، وأن يحفظ الإسلام والمسلمين والمجاهدين خاصة من كل سوء ، وأن يمكّن لهذا الدين بمنّه ولطفه ، إنه أكرم الأكرمين ..

والله أعلم .. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ..

كتبه
حسين بن محمود
6 ربيع الأول 1425 هـ

( انتهى الاقتباس )