عرض مشاركة مفردة
  #31  
قديم 20-10-2005, 02:38 PM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

العربي بين مفهومي النخوة و تلقي الأوامر ..




اذا صاحت امرأة بالحي مستصرخة من فيه من حيف حل بها أو اقترب أن يحل ، فان من في الحي ممن سمعها سيهرعون لنجدتها دون أي منظم لهم . فالعرض و الأرض مقترنات ببعضهما عند العربي ، ويرتبطان بمسئوليته تجاههما . في حين يهرب من خدمة العلم أو التجنيد الإجباري الكثير ، لا لأنه جبان ، بل لأن ذلك يقترن بأوامر .. وهنا يبرز الواجب بدل المسئولية !

عندما يكون لدى أحدنا ولد في مقتبل العمر ، و نود تكليفه بمهمة بسيطة كأن يشتري بعض الخضار للبيت من أجل عمل طعام للأسرة .. فان كان هذا الولد سيلقى عليه مجموعة من التعليمات ، كوجوب أن يلبس في رجليه و ينتبه من السيارات في الشارع ، وأن يبلغ تحيات الوالد لبائع الخضار ، ويعد النقود التي يعطيها للبائع وينتقي الخضار الجيدة الخ من قائمة طويلة من التعليمات ، فان ذلك يوحي باحتمالين إما تدني مستوى الوالد العقلي أو تدني مستوى الولد .. فيكفي أن يعطي الوالد بالحالات الطبيعية لولده إشارة بالطلب لإحضار بعض الخضار !

ان تعدد القوانين و تعدد الجهات المصدرة للقوانين والتعليمات ، في الدولة وتداخل عدة قوانين في قضية واحدة .. فترى مثلا قانون نقابة المهندسين يسمح بمسألة ما ، في حين لا تسمح بها قوانين البلديات . ان تلك الحالة تجعل المواطن أمام خيارات عدة ، بين البحث عمن يرشده لفهم قانون ما ، أو البحث عمن يرشده على التحايل على قانون ما .

يكون أحدنا ابن أسرة كبيرة أو عشيرة كبيرة أو ابن قطر كبير أو ابن أمة كبيرة .. وعندما يقع في محنة ما يحس أن كبر الهالات التي كانت حوله أو ينتمي لها لم تسعفه كثيرا .. لا بل سيجد نفسه وحيدا في كثير من الأحيان .. ان وجوده وحيدا ، يحتاج الى وقفة ..

فلا يعقل أن تجتمع عشيرة بكل رجالها في لحظة معينة لتنصر أحد أفرادها في شجار لم تأخذ العشيرة علم بأسبابه و توقيتاته .. كما أن هذا الشجار قد يكون المخطئ به هو ابن العشيرة ، فتخبو دوافع الوقوف الى جانبه .. وان حدث ووقفت العشيرة بجانب ابنها مرة ، فلن تقف معه على الدوام ، هذا بحالات عدم إخبار العشيرة باحتمالات حدوث مثل ذلك الشجار ..

أو قد يتعرض تاجر لإفلاس ، ولن يجد من يقف الى جانبه لكي يعيد وقوفه من جديد على قدميه لاستعادة عافيته التجارية ..

كنا نحس بألم شديد عندما ينتصر الكيان الصهيوني بغربته و أعداد أفراده الضئيلين في منطقتنا العربية ، ونحن أصحاب الأرض و التراث و الحضارات وقبل كل شيء أصحاب الحق ..ونتساءل بحسرة شديدة لماذا حدث و يحدث ذلك ونحن الأكثر ..

ان أي فئة قليلة منظمة ومؤمنة بسيرورتها نحو أهدافها ، ستتغلب على الفئة الأكبر غير المنظمة ، وغير المدربة على الإيمان بقضاياها ، وهذه مسلمة لا تحتاج الى حديث كثير ..فخمسة أشخاص ينوون الشر لقرية مكونة من ألف نسمة ، سيحققون هدفهم ، طالما أنهم هم في حالة توثب و تنظيم والقرية عبارة عن شخص غير مبال وغير مستعد مضروب بألف !

هذا في حالة الشرور .. أما في حالة الخير و الحق فان الخمسة يستطيعون التغلب على آلاف مؤلفة .. اذا استطاعوا ان يسوقوا خططهم و برامجهم لجموع المواطنين الغافلة ، فانهم بكل تأكيد سيكسبون و سيحققون انتصارات هامة قصرت المدة أم طالت و لا أظنها ستطول ..

فالرهان على المقاومة العراقية البطلة ينبع من هذا الأساس في الفهم .. وان شئنا التأسيس لحالة عربية أوسع ، فالطرق مفتوحة على سعتها .. لا نحتاج الا قليلا من خفض الجناح و الصبر في نقل وعي من يعي لمن لا يعي ، مع الاهتمام بإبراز رغبتنا بالحاجة لمن نخاطب لا أن نسفه دوره الساكن ، متخذين من سكونه الآني صفة دائمة ملتصقة به و بمن حوله ..

علينا التذكر أن في كل شيء حولنا أو في إمكاننا الوصول اليه فائدة ما ، فكما قد نجد ببقايا بيدر القمح الذي نأكله ، تبن لحيواناتنا ووقودا لأفراننا ، لا نستصغر من رأي في صالح قضايانا يأتي من معارض في دول أعداءنا .. فهذا سيفتح ثغرات بجبهة أعداءنا .. وهذه ليست استلهاما لأساليب أعداءنا في حربهم علينا فحسب ، بل هي سنة الصراع على مر التاريخ ..

لكن قبل أن نقوم بالتفكير باستغلال جهود من هم معنا من شعوب أعداءنا ، علينا أن نتدرب لنمتن علاقاتنا بمن هم من جنسنا و ديننا و أمتنا و أقطارنا .. وعندما ننجز رص جبهتنا الداخلية ، لا نعود في حاجة لمزيد من التعليمات لتلمس طريقنا .. فنحن أبناء أمة نجيبة تكره الإطالة في التعليمات و تكره الضيم وتحب النخوة وتهب من أجل رفعة شأن الأمة ودينها ..
__________________
ابن حوران
الرد مع إقتباس