عرض مشاركة مفردة
  #7  
قديم 23-12-2004, 04:57 PM
الصورة الرمزية لـ الوافـــــي
الوافـــــي الوافـــــي غير متصل
عضو جديد
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2003
الإقامة: saudia
المشاركات: 24,409
إفتراضي

الوجه الثالث من الاعتبار :
يدل أنه إذا سوغ فعل القليل من ذلك أدى إلى فعل الكثير ثم إذا اشتهر الشيء دخل فيه عوام الناس وتناسوا أصله حتى يصير عادة للناس بل عيدا حتى يضاهى بعيد الله بل قد يزيد عليه حتى يكاد أن يفضي إلى موت الإسلام وحياة الكفر كما قد سوله الشيطان لكثير ممن يدعي الإسلام فيما يفعلونه في آخر صوم النصارى من الهدايا والأفراح والنفقات وكسوة الأولاد وغير ذلك مما يصير به مثل عيد المسلمين بل البلاد المصاقبة للنصارى التي قل علم أهلها وإيمانهم قد صار ذلك أغلب عندهم وأبهى في نفوسهم من عيد الله ورسوله على ما حدثني به الثقات ويؤكد صحة ذلك ما رأيته بدمشق وما حولها من أرض الشام مع أنها أقرب إلى العلم والإيمان، فهذا الخميس الذي يكون في آخر صوم النصارى يدور بدوران صومهم الذي هو سبعة أسابيع وصومهم وإن كان في أوائل الفصل الذي تسميه العرب الصيف وتسميه العامة الربيع فإنه يتقدم ويتأخر ليس له حد واحد من السنة الشمسية كالخميس الذي هو في أول نيسان بل يدور في نحو ثلاثة وثلاثين يوما لا يتقدم أوله عن ثاني شباط ولا يتأخر أوله عن ثاني آذار بل يبتدئون من الاثنين الذي هو اقرب إلى اجتماع الشمس والقمر في هذه المدة ليراعوا التوقيت الشمسي والهلالي وكل ذلك بدع أحدثوها باتفاق منهم خالفوا بها الشريعة التي جاءت بها الأنبياء فإن الأنبياء ما وقتوا العبادات إلا بالهلال وإنما اليهود والنصارى حرفوا الشرائع تحريفا ليس هذا موضع ذكره ويلي هذا الخميس يوم الجمعة الذي جعلوه بإزاء يوم الجمعة التي صلب فيها المسيح على زعمهم الكاذب يسمونها جمعة الصلبوت ويليه ليلة السبت التي يزعمون أن المسيح كان فيها في القبر وأظنهم يسمونها ليلة النور وسبت النور ويصنعون مخرقة يروجونها على عامتهم لغلبة الضلال عليها ويخيلون إليهم أن النور ينزل من السماء في كنيسة القيامة التي ببيت المقدس حتى يحملوا ما يوقد من ذلك الضوء إلى بلادهم متبركين به وقد علم كل ذي عقل أنه مصنوع مفتعل ، ثم يوم السبت يطلبون اليهود ويوم الأحد يكون العيد الكبير عندهم الذي يزعمون أن المسيح قام فيه ، ثم الأحد الذي يلي هذا يسمونه الأحد الحديث يلبسون فيه الجديد من ثيابهم ويفعلون فيه أشياء وكل هذه الأيام عندهم أيام العيد كما أن يوم عرفة ويوم النحر وأيام منى عيدنا أهل الإسلام وهم يصومون عن الدسم وما فيه الروح ثم في مقدمة فطرهم يفطرون أو بعضهم على ما يخرج من الحيوان من لبن وبيض ولحم وربما كان أول فطرهم على البيض ويفعلون في أعيادهم وغيرها من أمور دينهم أقوالا وأعمالا لا تنضبط ولهذا تجد نقل العلماء لمقالاتهم وشرائعهم تختلف وعامته صحيح ، وذلك أن القوم يزعمون أن ما وضعه رؤساء دينهم من الأحبار والرهبان من الدين فقد لزمهم حكمه وصار شرعا شرعه المسيح في السماء فهم في كل مدة ينسخون أشياء ويشرعون غيرها أشياء من الإيجابات والتحريمات وتأليف الاعتقادات وغير ذلك مخالفا لما كانوا عليه قبل ذلك زعما منهم أن هذا بمنزلة نسخ الله شريعة بشريعة أخرى فهم واليهود في هذا الباب وغيره على طرفي نقيض اليهود تمنع أن ينسخ الله الشرائع أو يبعث رسولا بشريعة تخالف ما قبلها كما أخبر الله عنهم بقوله (سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها) والنصارى تجيز لأحبارهم ورهبانهم شرع الشرائع ونسخها فلذلك لا ينضبط للنصارى شريعة محكمة مستمرة على الأزمان ، وغرضنا لا يتوقف على معرفة تفاصيل باطلهم ولكن يكفينا أن نعرف المنكر معرفة تميز بينه وبين المباح والمعروف والمستحب والواجب حتى نتمكن بهذه المعرفة من اتقائه واجتنابه كما نعرف سائر المحرمات إذ الفرض علينا تركها ومن لم يعرف المنكر لا جملة ولا تفصيلا لم يتمكن من قصد اجتنابه والمعرفة الجميلة كافية بخلاف الواجبات فإن الفرض لما كان فعلها والفعل لا يتأتى إلا مفصلا وجبت معرفتها على سبيل التفصيل وإنما عددت أشياء من منكرات دينهم لما رأيت طوائف من المسلمين قد ابتلوا ببعضها وجهل كثير منهم أنها من دين النصارى الملعون هو وأهله ، وقد بلغني أيضا أنهم يخرجون يوم الخميس الذي قبل ذلك أو يوم السبت أو غير ذلك إلى القبور ويبخرونها وكذلك يبخرون بيوتهم في هذه الأوقات وهم يعتقدون أن في البخور بركة ودفع أذى لا لكونه طيبا ويعدونه من القرابين مثل الذبائح ويرقونه بنحاس يضربونه كأنه ناقوس صغير وبكلام مصنف ويصلبون على أبواب بيوتهم إلى غير ذلك من الأمور المنكرة ولست أعلم جميع ما يفعلونه وإنما ذكرت ما ذكرته لما رأيت كثيرا من المسلمين يفعلونه وأصله مأخوذ عنهم حتى إنه كان في مدة الخميس تبقى الأسواق مملوءة من أصوات هذه النواقيس الصغار وكلام الرقايين من المنجمين وغيرهم بكلام أكثره باطل وفيه ما هو محرم أو كفر وقد ألقي إلى الجماهير العامة أو جميعهم إلا من شاء الله وأعني بالعامة هنا كل من لم يعلم حقيقة الإسلام فإن كثيرا ممن ينتسب إلى فقه أو دين قد شارك في ذلك ألقي إليهم أن البخور المرقي ينفع ببركته من العين والسحر والأدواء والهوام ويصورون في أوراق صور الحيات والعقارب ويلصقونها في بيوتهم زعما منهم أن تلك الصور الملعون فاعلها التي لا تدخل الملائكة بيتا هي فيه تمنع الهوام وهو ضرب من طلاسم الصابئة ثم كثير منهم على ما بلغني يصلب على باب البيت ويخرج خلق عظيم في الخميس المتقدم على هذا الخميس يبخرون المقابر ويسمون هذا المتأخر الخميس الكبير وهو عند الله الخميس المهين الحقير هو وأهله ومن يعظمه فإن كل ما عظم بالباطل من زمان أو مكان أو حجر أو شجر او بنية يجب قصد إهانته كما تهان الأوثان المعبودة وإن كانت لولا عبادتها لكانت كسائر الأحجار ومما يفعله الناس من المنكرات أنهم يوظفون على الأماكن وظائف أكثرها كرها من الغنم والدجاج واللبن والبيض فيجتمع فيها تحريمان أكل مال المسلم أو المعاهد بغير حق وإقامة شعار النصارى ويجعلونه ميقاتا لاخراج الوكلاء على المزارع ويطحنون فيه ويصبغون فيه البيض وينفقون فيه النفقات الواسعة ويزينون أولادهم إلى غير ذلك من الأمور التي يقشعر منها قلب المؤمن الذي لم يمت قلبه بل يعرف المعروف وينكر المنكر وخلق كثير منهم يضعون ثيابهم تحت السماء رجاء البركة من مريم تنزل عليها فهل يستريب من في قلبه أدنى حياة من الايمان أن شريعة جاءت بما قدمنا بعضه من مخالفة اليهود والنصارى لا يرضى من شرعها ببعض هذه القبائح ويفعلون ما هو أعظم من ذلك يطلون أبواب بيوتهم ودوابهم بالخلوق والمغراء وغير ذلك من أعظم المنكرات عند الله فالله تعالى يكفينا شر المبتدعة وبالله التوفيق واصل ذلك كله إنما هو اختصاص أعياد الكفار بأمر جديد أو مشابهتهم في بعض أمورهم يوضح ذلك ان الأسبوع الذي يقع في آخر صومهم يعظمونه جدا بتسميته الخميس الكبير وجمعته الجمعة الكبيرة ويجتهدون في التعبد فيه مالا يجتهدون في غيره بمنزلة العشر الأواخر من رمضان في دين الله ورسوله والأحد الذي هو أول الأسبوع يصنعون فيه عيدا يسمونه الشعانين هكذا نقل بعضهم عنهم أن الشعانين هو أول أحد في صومهم يخرجون فيه بورق الزيتون ونحوه يزعمون أن ذلك مشابهة لما جرى للمسيح عليه السلام حين دخل إلى بيت المقدس راكبا أتانا مع جحشها فأمر بالمعروف ونهى عن المنكر فثار عليه غوغاء الناس وكان اليهود قد وكلوا قوما معهم عصى يضربونه بها فأورقت تلك العصي وسجد أولئك الغوغاء للمسيح فعيد الشعانين مشابهة لذلك الأمر وهو الذي سمي في شروط عمر وكتب الفقه أن لا يظهروه في دار الإسلام ويسمون هذا العيد وكل مخرج يخرجونه إلى الصحراء باعوثا فالباعوث اسم جنس لما يظهر به الدين كعيد الفطر والنحر عند المسلمين فما يحكونه عن المسيح عليه الصلاة والسلام من المعجزات في حيز الإمكان لا نكذبهم فيه لإمكانه ولا نصدقهم لجهلهم وفسقهم وأما موافقتهم في التعييد فإحياء دين أحدثوه أو دين نسخه الله ثم الخميس الذي يسمونه الخميس الكبير يزعمون أن في مثله نزلت المائدة التي ذكرها الله في القرآن حيث قال (قال عيسى بن مريم اللهم ربنا أنزل علينا مائدة من السماء تكون لنا عيدا لأولنا وآخرنا الآيات) فيوم الخميس هو يوم عيد المائدة ويوم الأحد يسمونه عيد الفصح وعيد النور والعيد الكبير ولما كان عيدا صاروا يصنعون فيه لأولادهم البيض المصبوغ ونحوه لأنهم فيه يأكلون ما يخرج من الحيوان من لحم ولبن أو بيض إذ صومهم هو عن الحيوان وما يخرج منه وإنما يأكلون في صومهم الحب وما يصنع منه من خبز وزبيب وشيرج ونحو ذلك، وعامة هذه الأعمال المحكية عن النصارى وغيرها مما لم يحك قد زينها الشيطان لكثير ممن يدعي الإسلام وجعل لها في قلوبهم مكانة وحسن ظن وزادوا في بعض ذلك ونقصوا وقدموا وأخروا إما لأن بعض ما يفعلونه قد كان يفعله بعض النصارى أو غيروه هم من عند انفسهم كما كانوا يغيرون بعض أمر الدين الحق لكن لما اختصت به هذه الأيام ونحوها من الأيام التي ليس لها خصوصية في دين الله وإنما خصوصها في الدين الباطل بل إنما أصل تخصيصها من دين الكافرين وتخصيصها بذلك فيه مشابهة لهم وليس لجاهل أن يعتقد أن بهذا تحصل المخالفة لهم كما في صوم يوم عاشوراء لأن ذلك فيما كان أصله مشروعا لنا وهم يفعلونه فإنا نخالفهم في وصفه ...

.. يتبع ..
__________________


للتواصل .. ( alwafi_248@hotmail.com )

{ موضوعات أدرجها الوافـــــي }