الموضوع: جسد بلا روح
عرض مشاركة مفردة
  #85  
قديم 14-05-2004, 01:58 PM
أطياف الأمل أطياف الأمل غير متصل
كاتب مغوار
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2000
الإقامة: على نفحات الأمل
المشاركات: 3,246
إفتراضي

استلقيت في استسلام وأغمضت عيني.. ولعالمي المجهول رحلت..
وعندما أتى الطبيب.. عاينني.. فحص حرارتي..وجد أنها انخفضت إلى حد معقول بفضل الله.. حاول معه سعود كثيرا ليأخذني معه للبيت إلا أن الطبيب كان رافضا..ولكن مع اصرار سعود وافق.. وأوصاه بأن ألازم الفراش لمدة حتى أشفى تماما.. وعده سعود بأن أفعل.. ثم أتاني بسرعه.. أمسك بيدي.. وساعدني على النهوض.. لأعود إلى البيت.
لازمت الفراش ثلاث ليال ولازمها معي سعود وأمي.. أمي تظل معي اليوم بأكمله..وسعود يبات بغرفتي خوفا أن أصحو محتاجه لأمر ما..
في الليلة الاولى بعد أن عدنا من المستشفى.. نمت ما أن وصلنا إلى البيت.. فلقد أحسست بحاجه ماسة للهروب بالنوم عن واقعي.. كيف أظل مستيقظه في هذا المنزل الذي يجمع كل ذكرى لي مع نواف؟ لا سأنام حتى أتخطى هذه المحنه..بلى يجب أن أتخطاها..
فتحت عيني بإعياء..نظرت إلى الساعه بقربي.. وبتعب شديد استطعت أن أميز الوقت.. إنها الخامسة والنصف..
نهضت من فراشي أسير على أقدام أصابعي حتى لا أوقظ سعود الذي كان مهدود القوى..ملقيا بنفسه هناك على الكرسي على بعد أقدام من سريري..ولكأنه كان خائفا أن أهمس فلا يسمعني..
وعندما تخطيت سعود تعثرت قدمي بقدم الطاوله فأحدث صوتا أوقظ سعود الذي هب بسرعه ونظر إلي وقال: مابك روز؟ هل أنت بخير؟ أتحتاجين شيء؟
- لا أشكرك..فقط صحوت لأصلي الفجر.. أعذرني على ازعاجك..
تنهد بارتياح..فرك عينه بقوه ثم قال:
- لا عليك.. الحمدلله أني صحوت لكي ألحق على الصلاة.. عن إذنك يا روز..
- تفضل..
ذهب سعود لغرفته حتى يبدل ملابسه ويغتسل ويذهب لمسجد..وأنا صليت فرضي وعدت لألازم فراشي..
وهكذا مرت هذه الثلاثة أيام..أمي تخاف علي وكأني مريضة بمرض خطير.. وسعود لا يبارحني ولا يسمح لي بمبارحة مكاني..
ولكن الحمدلله مرت هذه الأزمه الخطيره كما صوروها بخير.. وعدت لطبيعتي.. عدت روز.. ولكن ليس روز التي عرفوها..بل روز التي يجب أن يعتادوها.. روز التي رحل قلبها..فعادت لا تشعر.. ولا تحس.. إلا بالألم..
وفي صباح أحد الأيام.. كنت في بيت أمي.. أتناول معها الفطور.. وجولي بالطبع نائمه..فلأي سبب تصحو مبكرا؟؟ وابنتها الجميله عند أمي.. فيصل في عمله.. ويوسف أظنه نائما..
وبينما أنا وأمي نتناول فطورنا ونتجاذب أطراف الحديث.. دق جرس الهاتف..
- روز يا ابنتي.. اذهبي وانظري من المتحدث..
- أماه دعيه يدق.. أبي ولن يتصل رحمه الله.. واخوتي كل بعمله.. ونوره لا تتصل في هذا الوقت لأنها نائمه..وأنا عندك.. لذا دعيه وشأنه لا أحد مهم..
قالت أمي بحده: روز!! اذهبي وارفعي السماعه..
قمت بتململ وقلت: حسنا سأفعل..
مشيت عبر الصاله حتى وصلت إليه.. التقطت السماعه وقلت بحده: نعم؟
- السلام عليكم..
- وعليكم السلام..من المتحدث؟
- هل لي أن أتحدث مع الآنسه روز سلطان؟؟
عجبت من يطلبني وباسمي في هذا الوقت؟؟ من هو؟؟ أجبت:
- معك روز.. من أنت؟؟
- أنا من مكتب التوظيف..
- مرحبا بك.. كيف أخدمك؟
- اود إبلاغك أنه تم قبولك في وظيفة معلمة لغة عربيه للمرحلة المتوسطه في المدرسة المتوسطه الأولى.. بالحي السابع..
- أحقا ما تقول؟؟أم أنك تمازحني؟
كتم الرجل ضحكته وقال بجديه: أمازحك؟ لا لا أفعل..هذه هي الحقيقه..
خجلت من نفسي كيف أقول له هذا؟؟هل أعرفه أم أنه أهلي؟
قلت معتذره: أنا آسفه ولكن هل أنت متأكد؟؟
- قرار تعينك أمامي.. أتودين لو أقرأه لك لتتأكدي؟
- لا أشكرك.. أشكرك كثيرا يا أخ.. أشكرك..
- العفو..تستطيعين تسلم وظيفتك من الغد..
- حقا؟؟
ضحكت بصوت خافت وتداركت جملتي وقلت: شكرا..
- إلى اللقاء يا آنسه..
- إلى اللقاء..
وبدون وعي قفزت فرحة أرقص أصرخ وأغني..
جائني صوت أمي من بعيد: روز مابك؟ لم تصرخين؟؟
ركضت إليها قبلتها على رأسها وهتفت بفرح: قبلوني يا أمي قبلوني!!
أجابت متسائله: ومن هم يا صغيرتي؟؟ من هم الذين قبلوك؟؟
- قبلت في الوظيفة يا أمي.. سأصبح مدرسه!!
- حقا يا صغيرتي؟
- أجل يا أمي حقا!!
- ومتى ستتسلمين وظيفتك؟؟
- من الغد يا أمي..
صحت بفرح فأردفت أمي: مبارك لك يا صغيرتي..
ضممتها وقلت: الفضل يعود لله ثم إليك يا أمي الحبيبه.. وبفضل دعائك.. أحبك يا أمي!!
هكذا أكملت يومي في اخبار كل من أعرف بأني قبلت في الوظيفه.. ونمت تلك الليلة يكاد قلبي يتشقق فرحا..فكأنما الله استبدل كل حزني وألمي بفرح عامر لا مثيل له..
عدت إلى بيتنا في المساء.. ركضت إلى غرفتي.. توضأت فصليت ركعتين شكرا لله على تفريجه كربتي.. حقا من يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب.. شكرا لك يارب.. الحمدلله.. الحمدلله..



يتبع..
الرد مع إقتباس