عرض مشاركة مفردة
  #2  
قديم 25-07-2001, 10:04 AM
عمر مطر عمر مطر غير متصل
خرج ولم يعد
 
تاريخ التّسجيل: Feb 2000
المشاركات: 2,620
Post

يا لها من قصيدة، مليئة بالصور المعبرة، تبدأ بفرض صورة من البؤس واليأس على القارئ يكاد يغرق في لججها، انظروا إخواني كيف تتوالى علينا صور اليأس.

ليل بطئ مؤلم في بطئه كأنه الصداع.

الريح ساكنة على صفحة البحر كأنها نائمة

يشبّه الحلم بالذبيح في عدم اكتمال الأمل فيها

أفق خالٍ من النجوم... رمادي اللون ... وهل يعبر عن الكآبة كاللون الرمادي؟

وبحر ملح... فإن البحر يكون أعذب بقلة نسبة الملح فيه... فكيف إذا كان هو بحر ملح؟ .... وكيف إذا كان بحر الملح هذا دون ماء؟ لا شك أنه سيقتل موجه -والموج في البحر بمثابة القلب من الرجل- ويقتل شراعه، ويتوقف فؤاده عن النبض فيصبح بحر ملح ميت.

وكيف يخرج الشاعر من لجج الكآبة هذه إلى بصيص الأمل؟

كوني معي... لماذا؟

لنمضي معا؟ إلى أين؟

نمضي لنزرع موجنا ‏
في عمق صحراء العطش

يريد أن يأخذ القلب -الموج- الذي أماته البحر، إلى الصحراء التي لا قلب لها -أي لا موج- والتي لا تعرف الماء.

يريد أن يزرع فيها حلمه الذبيح، فهذه الصحراء تشتاق الماء والموج والأحلام، ولن تقتله كما قتله البحر.

هنا سيرسي الشاعر شراعه .... فيا له من شاعر ... نقلنا من قمة اليأس إلى قمة الأمل بجرة قلم.

فالأمل مزروع في قلبه ولا يزال يكرر حلمه إلى أن يصبح واقعا... فلا بد لذلك الشراع أن يصل إلى المرفأ... لا بد أن ينتهي الليل الطويل بولادة فجر جديد.... ولله در الشاعر كيف جعل الليالي هي التي تلد شمسها، فكأن ذلك من المحتم وإن طال الانتظار.... كما طال موعده مع الحبيبة التي يتمنى أن يغفو على كتفها ذات يوم... ولو في حلم.

ثم يعيدنا الشاعر إلى الواقع الحزين.

ربما طال الظلام ...‏.. تشعب الحزن المقيم
ربما تعب الشراع ‏...وتاه في الليل السقيم

وما دام الأمل موجودا في لمسة كفها، فإنه سيمضي في طلب حلمه كالعاصفة الهوجاء التي تجتاح كثبان السراب

ويا لحسن خاتمة القصيدة

أمضي وفي عينيّ شمس...لا تهادن ..‏لا تهاب

قمة العنفوان في آخر بيت من القصيدة، بعد أن عرض للجميع حزنه وألمه وأمله، أثبت الشاعر قوة إرادته ببيت واحد وجيز.

شكرا لك أخي منذر على هذه الرحلة الشعورية.
الرد مع إقتباس