عرض مشاركة مفردة
  #1  
قديم 26-01-2005, 11:19 AM
hwar hwar غير متصل
ابن الصراحة
 
تاريخ التّسجيل: Dec 2004
المشاركات: 92
إفتراضي هل الولاء للفكرة أم للوطن؟

هل الولاء للفكرة أم للوطن؟


اعترف، هذا سؤال مؤرق وإشكالية دقيقة لا تحتمل اللعب بالكلمات والقراءة ما بين السطور. هذه منطقة فاصلة لا تحفل باللون الرمادي ولا المنزلة ما بين المنزلتين ولا الجلوس على الربوة أفضل.

اعترف بأن هذا اختبار جدي وقضية حيوية: ماذا لو خضعت غدا في إحدى زوايا الحياة وثناياها المتعددة، الامتحان الصعب: هل ألبي نداء الفكرة وأنساق مغمض العينين لتعليمات الجماعة وتوصيات قيادة المجموعة (لا يهم كثيرا لونها أكانت "دينية" أو "قومية" أو "شيوعية".. "قطرية" كانت أم "عالمية"..) أم أقدم عليها وعليها ومن تحتها ومن فوقها الولاء لوطني والمصلحة العليا لبلدي.

سيقول بعضهم بأن هذه قضية محسومة ومسألة بديهية. فلا شيء يعلو فوق الوطن. والبلد كان ولا يزال مقدما على أم الأفكار وأكبر الأيديولوجيات. ولكن دقق مليا، فمن حولك ومن حولنا في المشهد العام على امتداد جغرافيا العالمين العربي والإسلامي، واقترب قليلا من نبض الشارع وحلقات الشباب الطافح بالأحلام الكبرى ورؤى التغيير نحو الأفضل، كحق طبيعي في البحث عن التقدم، لتدرك بأن الجدل لا يزال قائما - حتى وإن لم يعبر عن نفسه بوضوح – وبأن ذلك الصراع الداخلي في حرب الولاءات عنيف ومقلق وقاسي في بعض الأحيان، وبأن انهيار الحدود والجدران في تواصل الأفكار وثورة تكنولوجيا المعلومات، وتفريخ الجماعات المتشددة هنا وهناك.. أحدث ضبابية في الرؤية واختلالا في الأولويات وتحولا في الولاءات: فهل الولاء للفكرة أم للوطن؟

لن نعود إلى التعريف المدرسي لمفهوم الوطن ولا للتنبؤ المتسرع حول موت الأفكار، فالأفكار تضعف ولا تندثر، والوطن انتماء قبل أن يكون رقعة جغرافيا.. نحن هنا لا ندعو للتنصل من رداء العروبة ولا للتنكر لقيمنا الإسلامية السمحاء والنكوص عن الدفاع عن قضايانا المشتركة، والأهم من ذلك أن الوطن لا ينفي الاختلاف داخل الأسرة الواحدة، الولاء للوطن لا يعني استبدال عصبية فكرية بأخرى، الولاء للوطن لا يترجم بمجتمع شديد التطابق إلى حد الموت...


الولاء للوطن التزام أخلاقي مقدس، بتقديم المصلحة الوطنية على نداء الفكرة مهما كان بهرج العالمية والكونية الذي نتوشح به. الولاء للوطن يحمينا من ذلك الارتكاس الطبيعي نحو العائلة والقبلية الأولى، وهن عمى الألوان للتعصب الحزبي والفئوي. الولاء للوطن يجمع حقائق الجغرافيا والتاريخ المشترك ويذكي فينا عوامل الوحدة الوطنية من لغة ودين وعادات وتقاليد أصيلة.. الولاء للوطن يعزز داخلنا الإحساس بالمواطنة وقيم المسؤولية في توازن الحقوق والواجبات.. ويكرس أمام أعيننا سلطة القانون المدني عوضا عن المحاكم الثورية والأمزجة الشخصية.. الولاء للوطن، يجمعنا تحت راية واحدة موحدة، العلم المفدى، عوضا عن تعدد الرايات وحمى الألوان.
الولاء للوطن يعني تقديم الهموم المحلية على أوهام القومية، وسراب الدعوات العالمية ويدفعنا صباحا ومساء للحلم والمشاركة في بناء مستقبل أفضل لنا ولأبنائنا وللأجيال القادمة، بالجهد والعمل والاجتهاد عوضا عن الجري وراء السراب.



فما أكبر الوطن... وما أصغر الفكرة..




منقول
__________________



أي حرية ينالها الإنسان أعظم من حرية


الحوار؟؟


ابن الصراحة.