الموضوع: جسد بلا روح
عرض مشاركة مفردة
  #70  
قديم 06-04-2004, 09:12 AM
أطياف الأمل أطياف الأمل غير متصل
كاتب مغوار
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2000
الإقامة: على نفحات الأمل
المشاركات: 3,246
إفتراضي

فقط لعينيها


دخلت نورة غرفة المكتب ودخل خلفها فيصل.. أغلق الباب خلفه وكانت نورة قد اتجهت إلى حيث جهاز الكمبيوتر.. وقالت: هيا يا فيصل.. لنبدأ العمل لأثبت لك أني أستاذه في اللغة العربية وليس روز!!
نظر إليها مطولا فقالت باستغراب: ما بك؟ هيا لنبدأ!
قال لها: ويحك أيتها الغبيه.. أي عمل تتكلمين عنه؟
ردت ببلاهه: وما أدراني أنا؟ أنت قلت هذا!!
أجاب: ومنذ متى أطلب مساعدة أحد في عملي؟
- أنا أيضا استغربت ولكني ظننت أنك تغيرت بالكامل.. في كل طباعك وليس معظمها..
نظر إليها بحدة فقالت معتذرة: اعذرني لم أقصد..
سكتت ثم أردفت: أخبرني.. لماذا إذا قلت أنك تريدني؟
بحنق قال: ألا تدرين لماذا؟
- بصراحة لا..
- نورة أتريدين قتلي؟؟ هل تتعمدين البلاهة؟
- أنا؟؟ لا يا أخي..
- إذا كيف تدعين أنك لا تعرفين لم أريدك!!
- فيصل.. أتقصد أن تفقدني عقلي؟ وكيف أعرف عما في عقلك؟ هل أخبروك أني قارئة للخواطر والأفكار؟
- نورة سأقتلك.. أقسم أني سأضربك إن استمريتي فيما تفعلينه.. ألم أكلفك أن تذهبي لتري ما بروز ثم تأتين وتخبريني؟
- آه أجل تذكرت.. هل لأجل هذا فقط اختلقت كل هذه القصة؟
- أجل لأجل هذا فقط..
- كنت سألتني منذ البداية وأنا أخبرتك.. هل قالوا لك أني غبيه؟
- نورة.. ستعرضيني لنوبة قلبية.. أتدرين؟؟ هيا أخبريني.. ماذا قالت لك؟
- لا شيء.. لم تقل لي شيئا..
اقترب من نورة.. نظر في عينيها وقال: نورة.. أنا فيصل.. لا تكذبي علي.. قولي لي ما بها.. أعلم أن ما بها لهو شيء عظيم.. كبير جدا.. لدرجة أنها تدوس على قلبها الآن وتضحك لأتفه سبب..تضحك ودمعها حائر وسط عينيها.. أنا أعرف روز أكثر مما أعرف نفسي.. أرجوك نورة أخبريني ولا تحاولي أن تخدعيني ولكأني طفل صغير أمامك..
أحست نورة أنها تحت ضغط كبير جدا.. وأن فيصل لو إزداد في إلحاحه فستقول له كل شيء.. لذلك نهضت من مكانها وسارت مبتعده عن فيصل الذي لازال ينتظر اجابتها..
قالت دون أن تلتفت إلى فيصل: بصراحة يا أخي.. روز متضايقة.. لم تخبرني عن السبب.. ولكنها تقول أنها متضايقة.. حزينة دون سبب.. ولم تخبرني ولو سبب صغير عما بها.. لذلك فأنا مثلك تماما لا أعرف شيء..
- تكذبين..
صاح فيصل بقوة فارتعدت أطراف نورة.. عرفت أن فيصل لا يمكن أن يقتنع بكلامها ولكن لابد من المحاولة.. ماذا تخبره؟ وعن أي شيء؟
التفتت إيه وقالت: لا أكذب يا فيصل صدقني..
- لا أصدقك ولن أصدقك..
اقترب من نورة.. أمسك بثوبها بقوة وقال: نورة.. إباك أن تفكري أن تكذبي علي.. روز هي روحي.. ولا أستطيع أن أرى روحي تزهق أمامي ولا أفعل شيء.. أخبريني يا نورة..
اتسعت عينا نورة ذهولا وقالت: فيصل.. انزع يداك عني..
وكأن فيصل كان غافلا.. غائبا عن الوعي.. لا يعي تصرفاته.. صاحت به نورة فعاد للواقع.. نزع يده بسرعة وابتعد قليلا ثم همس معتذرا: آسف يا نورة.. آسف يا أختي..
ألقى بجسده الواهن على الكرسي الكبير.. تنهد بعمق ثم أردف: نورة.. عندما يتعلق الأمر بروز.. أنسى نفسي..أنسى كل شيء.. فلا أعود أفكر إلا بها..لا أفكر إلا بحالها.. أرجوك أعذريني على فعلتي.. ولكن يا نورة.. أحسست أني انهرت.. كدت أموت حين نظرت في عينيها.. فوجدت فيها ذلك الجرح القديم.. جرح أنا السبب فيه.. نظرت في عينيها يا نورة وجدتها تغالب دموعها.. ولكم أمقت منظر دموعها.. نظرت في عينيها فوجدت الموت فيها.. وجدت هلاكي خلف أهدابها.. كانت روز ولكأنها فقدت حبيبا..
سكت يفكر هنيهة ثم نهض بسرعة وقال: نورة..
نظرت إليه نورة فقال: هل السبب بما تمر فيه روز الرجل الآخر؟
ثغرت نورة فمها ذهولا وقالت بلا وعي: ماذا؟
قال بغضب: هو السبب أعلم ذلك.. هو من أجرى مدامع روز وأرهق قلبها.. هو السبب.. أليس كذلك يا نورة؟
لم تجب نورة فأعاد قوله: أعلم أنه هو السبب.. ولكنه لو فعلا كان هو السبب.. سأقتله.. أقسم لك يا نورة سأقتله.. لن أسمح لأي مخلوق أن يجرح روز.. وخصوصا لو كان رجلا آخر.. أعدك أني لن أدعه يفلت بفعلته.. أعدك يا أختي ولكن دعيني أتأكد أولا..
قالت نورة بكلام غير مرتب مرتبك: فيصل أي رجل آخر؟ وحتى ولو أي شيء كان فلا تأتي بطاري القتل على لسانك.. أفهمت؟ وما الذي تستفيده إن قتلته؟ ألن تؤلم روز بفعلتك هذه؟
- لن أجيبك بشيء قبل أن تجيبيني..
- وبم أجيبك؟
- هل كل شيء بسبب الرجل الآخر؟
- ويحك يا فيصل.. أي رجل آخر تقصده وما أدراك أنت؟
- لا دخل لك.. المهم أني أعرف.. اسمعي يا نورة.. لا تخبري روز بما دار بيننا.. أفهمت؟ لا أريدها أن تعرف.. ولكن يا أختي.. إن علمت أن ما بها هو بسبب الأحمق ذاك.. قد أفعل مالا يخطر ببال مخلوق.. فقط لأجل عينيها..
قالت نورة برقة: ألهذه الدرجة تحبها يا فيصل؟
أغمض عينه بقوة وقال: بل أكثر.. أكثر أكثر يا نورة..
ابتسمت نورة ثم قالت: لا فائدة من ذلك كله يا فيصل الآن.. لديك روز الصغيرة.. أحبها كما تحب روز..والآن أعذرني يا أخي.. سأذهب لفهد منذ أن وصلنا لم أجلس معه..
- تفضلي يا أختي واعذريني على ما بدر مني.. أرجوك..
- لا عليك يا أخي.. لم يحصل شيء..
اقتربت منه نوره.. قبلت جبينه.. ففتح عينيه.. ضمها إليه بقوة وقال: تقطع يداي ولا أمدها عليك يا أختي..
همست نورة: أحبك كثيرا يا أخي..
- وأنا كذلك يا صغيرتي..
استلت نورة نفسها من بين ذراعيه وغادرت الحجرة.. بينما ظل فيصل في مكانه..سارحا شاردا.. يفكر.. كيف ينتقم من الرجل الآخر؟

خرجت نورة من غرفة المكتب فوجدتني أنظر إليها.. وقتها أدركت أن الهرب أفضل حل أتقاء لأسئلتي التي لا تنتهي..
اتجهت نورة بسرعة إلى الدرج محاولة الصعود دون الإصطدام معي أو التحدث معي حتى.. ولكني ما أن لمحتها خارجة حتى استأذنت من أمي وركضت خلفها.. ناديتها وناديتها لكنها لم ترد علي.. حاولت نورة أن تسرع خطواتها حتى تصل حجرتها قبل أن أصل إليها.. ولكن خطواتي كانت أسرع فلقد وصلت إليها وصحت بها: نورة.. أنا أحدثك التفتي إلي..
التفتت وقالت: آه روز.. ما بك؟
قلت بغضب: ما بي؟ أناديك ولا تردين علي!!
اصطنعت البراءة وقالت: أنا؟
- لا بل أنا!!
- اعذريني يا روز لم أسمعك.. أخبريني ماذا تريدين؟
- نورة..
- أجل..
- ماذا يريد منك فيصل؟
- وهل كل هذا النداء والهتاف لتسأليني ماذا يريد فيصل؟؟
- أجل.. أريد أن أعرف..
- لم يرد شيئا.. ساعدته في عمله.. هذا كل مافي الأمر..
- لا أصدقك!
- ولم لا تصدقيني؟؟ هذا ما حصل.. وأنت كما تشائين.. إن شئت صدقيني.. وإن لم تشائي ذلك.. فافعلي ما يحلو لك يا أختي..
- نورة.. هيا أخبريني.. أعلم أن خلف أسوار تلك الغرفة حصل شيئا مهما وليس مساعدة في عمل..
اقتربت مني.. وضعت يدها على كتفي وقالت: حبيبتي.. هذا ما حصل هناك.. فلا تشغلي بالك بأمور لم تحصل..إنما روز..أريد أن أخبرك شيئا..
- تفضلي يا نورة.. ماهو؟؟
- روز.. فيصل يحبك كثيرا كثيرا كثيرا.. فاختاري من يحبك بدل أن ترهقي قلبك وتنحريه مع من لا يحبك..
- نورة لم تقولين هذا الكلام؟؟
- لا شيء.. دعيني أذهب الآن.. أريد الذهاب لزوجي..ألا يكفيك أني سأنام هنا الليلة وهو في منزلكم؟؟
ربتت على كتفي.. ابتسمت إلي ودخلت حجرتها.. بينما ظللت أنا أناديها: نورة توقفي أرجوك نورة..
هزت لي رأسها بالنفي وأغلقت الباب..
- ويحك يا نورة.. سأريك..
كانت نورة واقفة خلف الباب تستمع لحديثي وتضحك..فسألها فهد: نورة حبيبتي.. هل جننت؟ تضحكين مع نفسك؟
أجابت ضاحكة: لا يا حبيبي.. ليس لوحدي.. إنما أضحك على روز..
- روز؟؟ وما بها روز؟؟
- تتوعدني أنها ستضربني..
ضحك وقال: لماذا تريد ضربك؟؟ أكيد أنا أنك فعلت ما يغضبها.. وإلا روز أختي ليست بمتوحشة أبدا..
اصطنت نورة الغضب وقالت:أتعني أن العيب مني صحيح؟؟ أجل اتفقوا الإخوة علي.. تلك تريد ضربي والسيد يدافع عنها..
مد فهد ذراعيه القويتين وضم نورة إليه فقال: أيتها الغبية.. لا تقولي هذا.. أنت لست مجرد ابنة عمي.. أنت زوجتي وحبيبتي وسيدة قلبي..
نظرت إليه وقالت بخفة: حقا؟؟
ضربها على رأسها بخفة مازحا وقال: أتشكين بحبي أيتها السيدة؟؟
دفنت رأسها في صدره وقالت: أبدا.. لا أفعل ولا أستطيع أن أفعل لأن القلب سيقتلني حينها..
- حفظك الله لي يا حبيبتي.. ولكن تعالي هنا.. لم تخبريني لم تريد روز أن تضربك؟
ضحكت وقالت: ألم تنس؟
- لا لم أنسى.. هيا أخبريني..
- فيصل أخي طلب مني أن أساعده في بعض أعماله.. سمعته حين طلب مني أليس كذلك؟؟
- أجل سمعته.. وما دخل ذلك بروز؟؟
- روز يا فهد كاد أن يقتلها الفضول.. تريد أن تعرف ماذا يريد مني فيصل..وعندما أخبرتها لم تصدقني.. تقول أن هنالك شيء مهم حصل.. أخبرتها أن شيء مهما لم يحصل إلا أنها لم تصدقني.. وعندما رأيت أن جدالي معها عقيما وأنها لا يمكن أن تقتنع.. تركتها ودخلت الغرفة..لذلك هي تود ضربي..
ضحك فهد بعمق ثم قال: كم أنت مجنونة يا أختي.. لا عليك يا نورة.. ثوان قليلة وستهدأ روز.. ولكن لا تحلمي أن تنسى الموضوع.. لأنها ستعود وتسألك عنه مرة أخرى.. فحضري لك أقراص الصداع لأن روز ستسبب لك صداع عظيما لا يمكن شفاءه..
- هيا يا فهد.. لا تتكلم عن روز بهذه الطريقة..
- أعلم وروز عزيزة بقلبي كما بقلبك..ولكن هذه هي الحقيقة.. أليس كذلك؟؟
- لا أدري ربما..
- نورة حبيبتي.. سنضطر غدا للعودة إى منزلنا..
التفتت إليه بسرعه وقالت: غدا؟؟ ولماذا؟لم أجلس معي أمي وروز وأخوتي كثيرا..
- أعلم يا حبيبتي وأنا أيضا لم أجلس مع سعود ولم أره حتى.. ولكن العمل اتصلوا بي وأخبروني أنه يجب أن أحضر غدا مساء لمسألة مهمة..
- أما تستطيع تأجيلها ليومين فقط؟
- لا ياحبيبتي.. حاولت ولكنهم رفضوا.. أخبروني أنها مهمة جدا ويجب أن أكون متواجدا.. وأنت تعلمين أنه لا يوجد أحدا بمثل تخصصي.. كنت أنا وعلاء صديقي.. إلا أن علاء ترك العمل.. فبقيت وحدي..
أطرقت نورة وقالت بحزن: كما تشاء يا فهد..
رفع ذقنها باصبعه وقال: حبيبتي.. أعلم أن حزينة.. وأنا كذلك حزين.. ولكن ما باليد حيلة.. سأعوضها عليك بأقرب وقت ان شاء الله.. لا تغضبي يا نور قلبي ولا تتضايقي.. أرجوك.. لا أحب أن أراك هكذا.. هيا ابتسمي.. لأجل حبيبك ابتسمي..
ارتسمت على شفتي نورة ابتسامة حلوة عذبة.. كيف لا وحبيب القلب طلب ذلك؟؟ألقت برأسها على كتف فهد وقالت ممسكة بيده: أنا معك أينما ذهبت.. وكيفما قضيت.. والحمدلله أني رأيتهم.. بإذن الله المرة القادمه نجلس أكثر..
صاح فهد: ويلومونني لو أحببتك؟؟ أحبك يا نورة.. أحبـــــــــك..
اصطبغ وجه نورة بالحمرة فقال فهد: أحبك..
نظرت إليه خجلة وأهدابها تظلل عينيها الخجلى وقالت: أحبك يا فهد..
قبّل فهد جبين نورة وقال: أعذريني الآن يا حبيبتي.. سأذهب إلى منزلنا.. أتريدين شيئا؟
- لا يا فهد.. فقط طمني عليك إن وصلت.. واتصل علي قبل أن تنام..
- من عيني..
- إلى اللقاء فهد..
- إلى لقاء قريب جدا يا نورة..
لوح لها فهد مودعا وخرج.. ابتسمت نورة بعذوبة وخجل.. وألقت بنفسها على فراشها متمددة.. بانتظار فهد أن يتصل عليها..


يتبع...
الرد مع إقتباس