عرض مشاركة مفردة
  #3  
قديم 02-01-2006, 06:45 AM
aaidoon aaidoon غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Dec 2005
المشاركات: 46
إفتراضي أكذوبة حوار الحضارات (2)

أكذوبة حوار الحضارات (2)

بسم الله الرحمن الرحيم

أشير ابتداء إلى ما سبق تقريره في المقال السابق حول حوار الحضارات ومن ذلك:
أن دعوى: "العلاقة بين ما يسمى "بالحضارات" هي علاقة حوار وبناء" دعوى باطلة لا أساس لها من الصحة.
وأن الأدلة على بطلانها هي أدلة شرعية ، وعقلية ، وواقعية.
وأن الحق الذي لا شك فيه هو أن العلاقة علاقة صراع ...
صراع بين الحق والباطل، بين الصلاح والفساد، بين الإسلام والكفر...
صراع كان موجودا، وهو قائم الآن وسيستمر حتى تكون العاقبة لأهل الحق على الباطل.
وأن هذه الحقيقة تلاعب بها جماعة ممن يسمون مفكرين، وعلماء دين، وساسة، وافتروا كذبا وزورا على الدين الإسلامي، وعلى الشعوب المسلمة والكافرة على حد سواء .
ووعدنا في المرة السابقة أن نوضح في مقالنا هذا الأسباب التي جعلت أولئك الدجالين ومنهم من يعدون "علماء دين" يفترون الكذب، ويزورون الحقائق. فأقول:
إن الكذب والتحريف وقع من قبل أتباع الديانات السماوية السابقة فحرفوا وبدلوا، وهذه حقيقة تاريخية، ودينية ثابتة.
وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بوقوع المشابهة من قبل طوائف من هذه الأمة أعني الأمة الإسلامية للأمم السابقة في جميع أنواع الانحراف العقائدية منها والسلوكية، وعبر عن ذلك صلى الله عليه وسلم بقوله (حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه).
وهذا الانحراف يقع من بعض هذه الأمة، وليس من جميعها، بل تبقى منها طائفة في كل عصر ثابتة على الحق، مدافعة عنه.
ووقوع المشابهة للأمم السابقة في صفة التحريف والتبديل والتزوير ظهر قديما، وفي وقت مبكر من التاريخ الإسلامي حين قام طائفة من المنتسبين إلى العلم بتأليف الأحاديث وافترائها على النبي صلى الله عليه وسلم ، ونسبتها إليه، فقام العلماء الصادقون برصد تلك الحركة، والتصدي لها، ومحاربة أفكارها، وتحليل البواعث من ورائها ، فوجدوها تنحصر في مجموعة أسباب منها:
1. الزندقة، وهي النفاق الاعتقادي، وهي التظاهر بالإسلام، مع اعتقاد الكفر في الحقيقة، فهؤلاء أعداء للإسلام والمسلمين، بل هم أخبث أعدائه، وهم وراء نشأة بعض الفرق العقائدية المنحرفة في الإسلام، وهؤلاء أخطر على المسلمين من العدو الظاهر.
2. ومنها الرغبة في تحقيق بعض المكاسب الدنيوية من منصب أو مال أو جاه، من خلال التقرب إلى حاكم ظالم، أو سلطان جائر، ونحو ذلك.
3. ومنها : الرغبة في دعوة الناس إلى الدين، وترغيبهم فيه من خلال تأليف الأحاديث التي تدعو إلى ذلك. وهؤلاء إذا قيل لهم : كيف تفترون الكذب على النبي وهو يقول (من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار)؟ قالوا : نحن ما كذبنا عليه بل كذبنا له، ومن أجله!!!
وأنت إذا نظرت في واقع أولئك المشار إليهم سابقا، أعني المتحدثين حول قضية العلاقة بين الحضارات، والمزورين لحقيقتها، تجدهم لا يكادون يخرجون عن هذه الأصناف، فهم إما رجل لا يعتقد بهذا الدين أصلا، ولا يراه صالحاً لأن يحكم الناس، بل يراه مجموعة طقوس تؤدى في منزل أو مسجد، ولا تتعدى ذلك ... وأمثال هؤلاء لا تصح نسبتهم إلى هذا الدين، وليس لهم شرعية الحديث باسمه، لاسيما إذا كان يصرح أحيانا ب"علمانيته"
وإما رجل باع دينه في سبيل دنياه، فهو يسعى إلى تحقيق أكبر قدر من المصالح المادية، ويجتهد في الترقي في سلم الوظائف الحكومية، والمناصب الإدارية، دينه على دين ملكه وأميره، فالحلال ما أحله الملك، والحرام ما حرمه الملك، والدين ما رضي به الملك، حتى قال قائلهم مرة في الثمانينات، عن رئيس جمهوريته "لا يسأل عما يفعل"، وهذه الجملة جزء من آية تصف رب العالمين سبحانه وتعالى. وحتى قرأ أحدهم قوله تعالى (وهذا كتاب أنزلنه مبارك فاتبعوه واتقوا لعلكم ترحمون) وهي أمر من الله باتباع القرآن الكريم المشتمل على كل خير لما فيه من الرحمة، فقرأها ذلك العالم الدجال في معرض دفاعه عن رئيس جمهوريته : "مبارك فاتبعوه واتقوا لعلكم ترحمون" .
وما أكثر هؤلاء اليوم ، خاصة في ظل هيمنة الكفار على بلاد المسلمين، وتحكم الصهاينة في كثير من بلدان العالم الإسلامي، وسيطرتهم على القوى الاستعمارية والعالمية، وشعور أولئك العلماء والمفكرين بالهزيمة النفسية والمادية...
وإما رجل مغفل لم يفهم الشرع فهما صحيحا، ولكنه يلبس ثياب "الفكر والمفكرين" وانخدع بالدعاية الصهيونية، وشعارات العولمة البراقة، وأكاذيب المفسدين في الأرض من أتباع الملل الكافرة، فراح يردد وراءهم كالببغاء تلك الشعارات، ويملأ الدنيا صراخا بالثناء على قاتليه...
هذه هي أهم الأسباب وراء تحريف جماعة من المنتسبين إلى العلم الشرعي، والفكر، والسياسة للحقائق الشرعية والتاريخية .
وأختم مقالتي بالتذكير بأمرين مهمين:
الأول أن هذا التحريف إنما يقع من طائفة محصورة، لا من جميع العلماء ، بل سيبقى من أهل العلم من يتمسك بالحق، ويدافع عنه، وينفي عنه تحريف المبطلين، وتأويل الجاهلين.
والثاني: أن العاقبة ستكون في النهاية للحق وأهله بلا شك، فهذا وعد الله لا يخلف الله الميعاد.

د. حامد بن حمدالعلي
السبت 8 ذوالقعدة 1426
الموافق 10/12/2005