عرض مشاركة مفردة
  #2  
قديم 02-05-2006, 02:09 PM
حماي الزمل حماي الزمل غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2006
المشاركات: 55
إفتراضي

على متابعته حتى يتحقق بفضل الله ويصل إليه..
ويكفي الأمة فخرا أن مثل هذا الرجل المتضلع والمتعمق بشئون السياسة والتاريخ والاجتماع سلفي لم يتلوث بفساد فكري أو مذهبي، ويطوع الفكر والتقنية وأدوات السياسة لخدمة الدين بدون تنازل في إبداع لا تجد له نظيرا سوى عند المجاهدين..
ويكفيني فخرا أنني تتلمذت على يديه ونهلت من معارفه ما من الله به علي ولله الحمد والمنة..
ويكفيه فخرا أنه من القلائل الذين رفعوا رؤوسهم ضد ظلم آل سلول ورفض باطلهم في عزة وثبات وصبر قل له نظير، حتى أنه أخبرني مرة أن والده رحمه الله أوصاه بدراسة الطب لأن الطبيب هو الشخص الوحيد الذي لن يحتاج لمنة أحد بل الناس كلهم ملكهم وعبدهم وشريفهم ووضيعهم محتاجون إليه..
وقد سألته مرة ممازحا، هل وقفت يوما بأبواب هؤلاء الظلمة ؟ فقال لم أذهب إليهم ولله الحمد لنفسي البتة لكني ذهبت مرة لحاجة طبيب مصري كان زميلا لنا فاحتاج إلى الحصول على شيء منهم فدخلت احتسابا عند الله لنفع أخ مسلم وأما غير ذلك فلا..
أريد أن أقول عن أبي عثمان أكثر غير أني سأختصر رأيي في الرجل بأن أقول :
ثلاثة تشرق الدنيا بطلعتهم *** شمس الضحى وأبو عثمان والقمر
لأن الحديث عن أبي عثمان بصفة شخصية ليس بأهمية الحديث عن المعجزة التي حققها أبو عثمان بالصبر واليقين..
فماذا فعل أبو عثمان حتى أقول عنه ما سبق ؟
فعل الكثير والكثير والنقطة المهمة أن أبا عثمان ساهم مساهمة فعالة في تحويل هذا الشعب المصاب بالجبن والسلبية والتردد إلى شعب شجاع وايجابي وصاحب عزيمة فالوضع التعيس الذي تراكمت فيه ثقافة أن الدولة تنافس الله في القوة حتى تحولت التشبيهات إلى أمثال شعبية تحكي هذا التعبير :
الله في السماء
وبن سعود في الأرض
وامتلأ الناس رعبا نفسيا ليس له أصل في الحقيقة وصار الجميع يشك بالجميع ويعتقد أن الجدران لها آذان وبن سعود له مجسات في كل زاوية وله حضور في كل ذرات الهواء وصاحب هذا الرعب الأمني هيبة حقيقية مبنية على تراكمات دينية وثقافية مزعومة
فابن سعود ولي الأمر الذي عليك طاعته وان ضرب ظهرك واخذ مالك.
وبن سعود هو الذي وحد البلد وأطعمنا من جوع وآمننا من خوف وبذلك فله علينا رد الجميل بالمحافظة عليه حتى لا يذهب الأمن والرخاء
وبن سعود هو الذي رزقنا الهوية والشخصية وارتبط اسمنا به وأصبح أساسا لتكوننا الحضاري والثقافي حتى ذابت شخصياتنا وتاريخنا كله وتجمعت في شخصية وتاريخ بن سعود.
كان العقلاء يدركون أن هذه الصورة كاذبة ليس لها أصل وأنها صورة نمر من ورق وأن هذا بيت أوهى من بيت عنكبوت
لكن الصورة الكاذبة كانت مترسخة في أذهان الناس لدرجة أحدثت إرهابا فكريا ردع العقلاء من أن يرفعوا أصواتهم بذكر الحقيقة وعاش الناس هذه الأكذوبة أمدا طويلا مثل ما عاش الجن في العذاب المهين لا يعلمون أن سليمان قد مات.
فجاء الفقيه ووجد الرقية الشرعية لهذه المرض.. وقرأ على الأمة بسم الله أرقيك من كل شر يؤذيك، فانقشع الباطل وظهر زيفه..
إن أبا عثمان كان يدرك إدراكا عميقا أن القضية كانت كذبة وتدليسا وتمثيلا ناجحا جدا..
وهو يدرك أن بلاد الحرمين لا تحتاج إلى إنشاء عمل تنظيمي كبير من جديد يواجه قوة متسلطة مثل قوة الشاه وخامس جيش في العالم وثالث أقوى مخابرات في العالم
بلاد الحرمين لم تكن تحتاج إلا إلى شي واحد عمله الفقيه بكل إتقان.. إزالة الغطاء عن هذه الكذبة الكبيرة.. ونجح نجاحا منقطع النظير
نعم فابن سلول لم يبق له من رصيد الشرعية شيء سوى الكذب وكان لا بد من فضح هذا الكذب ليس بمجرد إخبار الناس عن الحقيقة بل بتلطيش الكذاب والتهكم به ومحاكمته على كذبه وتدليسه وهذا ما فعله الفقيه، ولا يكتفي بفضح الكذب فقط بل يثبت أن هذا الكذاب لم يعد يحسن الكذب..
لقد أدرك الفقيه أن الإعلام هو شرعية النظام فأتاه من هذا المقتل..
النظام يملك إعلاما جبارا لتحقيق الكذبة الكبرى...

حسنا..صنع الفقيه إعلاما جبارا كذلك.. يرجح بكفة كل إعلام النظام..
جاء النظام بقضه وقضيضه وقنواته الفضائية وجرائده وكتّابه وجيشه العظيم من الخونة والمنافقين في الشرق والغرب يطاول إعلام الفقيه البدائي المتواضع فسحقه إعلام الفقيه.. إعلام بسيط لكنه جبار لأنه ببساطة يعرض الحقيقة الناصعة..
جاء الفقيه بجبروت أقوى من كل جبروت إمبراطورية إعلام النفاق..
إنه جبروت الحقيقة
جبروت الحق
جبروت الصدق
بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق
إعلام النظام كله زبد.. فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض حتى لو كان ما ينفع الناس مجرد شاشة سوداء وفيها ناس يتحدثون بمظالهم لكنه هو الذي ينفع ويمكث في الأرض ويخرج الناس من بيوتهم للوقوف في وجه الظالمين..
لقد راهن الكثير على أن الفقيه ينفخ في رماد ويبيع الهواء ويكسو العفاريت برانس، لكن الفقيه كان مدركا أنه يقاتل في المعركة الرابحة.
معركة الحقيقة مقابل الدجل..
نعم
لقد كشف أبو عثمان كذب الشرعية الدينية وكذب الاستقرار الاقتصادي وحطم أسطورة بلد الأمن والأمان حتى أقنع الناس ان النظام هو الذي يقود البلد للفوضى وليس معارضوه.
والفروسية الحقة التي ينتشي بمثلها الفرسان أن أبا عثمان كان عنيدا جدا في قتاله ومجالدته للباطل فكان يوجه اللكمات والرفسات ( للوزير الخالد ) كما يسميه أخونا البرادعي ويفضحه في كل كذبة يتقيؤها ولا يكل ولا يمل من توجيه الضربات حتى انتصر عليه انتصارات مذلة سيسجلها التاريخ لأبي عثمان..
لكن أبا عثمان لم يكسب من خلال كونه متمكنا في العرض والجدل لإقناع الناس بقوة حجته، ولم يكن مقنعا لأنه متع الناس بقدرته على تلطيش من يدافعون عن الدولة، لم يكن مقنعا وقادرا على صنع الأحداث بسبب هذا فحسب، ولو كانت المسالة مجرد جدل يطرحه الفقيه يكسر به حجة الدولة لربما لم يتجاوز الفقيه جعل قناته إذاعة ممتعة للاستماع.
لكنه فعل أكثر من هذا فهو لم يكن من الذين يكثرون الحز ولا يقعون على المفصل بل على العكس كان يضع النصل على المفصل ويسمي الله ثم ينحر..
الفقيه أدرك أن قناته لن تحقق الكثير إن كانت رسالة من طرف واحد،
نعم لربما يعجب به الناس ولربما يقدرون علمه ومنطقه، لكنه لا يصنع الحدث بمجرد إعجاب الناس بعلمه ومنطقه..
الفقيه أدرك أن هذا الإعلام لا يحدث تغييرا إلا إذا كان تفاعليا في مشاركة ايجابية من الناس يشعر فيها كل مشارك أنه يساهم في إزالة هذه الكذبة الكبيرة، يساهم في نزع درن الدجل من صدور الأمة.
ونجح أيما نجاح لأنه جعل الجميع يشعر أنه مسئول عما يجري وأن الجميع مشترك في الظلم إن سكت على الظلم، وأن كل أهل بلاد الحرمين لهم حق في محاسبة هؤلاء المنافقين المستبدين المبدلين لشرع الله الموالين لأعداء الله المستبيحين الأموال والأعراض والذمم وكل شيء يحسبونه متاعا لهم.
وفوق هذا استطاع أبو عثمان أن يحطم قيودا نفسية واجتماعية تغلغلت في بنية المجتمع بسبب تحالف الشر القائم بين السلطان وعلماء السوء.. واستطاع أن يحطم بعض الأساطير الصحوية البالية التي كرستها الصحوة عن جهل.
فحطم أبو عثمان اسطورة تصنيف الناس وتقسيمهم إلى ( مطوع ) و ( غير مطوع ) وجعل القسمة مختلفة تماما، فجعل الناس نوعين ظالم ومظلوم، وطالب المظلوم بالقيام للمطالبة بحقه من الظالم.
فلم تعد المعارك الجانبية التي كان النظام يشغل الناس بها تشغله كقضايا السلوك الشخصي والتي أنفقت الصحوة من عمرها زمنا طويلا وجهدا كبيرا فيها، بل وجّه الفقيه الناس إلى أن يزيلوا الغشاوة وينظروا مباشرة في المحرك الأساسي للشر والفساد والمرسخ له وجعله قضايا أصلية في المجتمع. وحرض الناس على مقاومة الباطل ورفض الظلم وانتهاك الحرمات الدينية والمالية للأمة وأن هذا هو المقياس للناس وأن الذي يقول كلمة حق في وجه سلطان جائر ويرفض الظالم خير عند الله من الذي يزعم التدين وهو يرسخ للظلم والفجور باسم طاعة ولاة الأمر.. زعموا !.
ولهذا خرج في الاعتصامات التي دعا إلى إليها عوام من شباب الأمة أيقظهم أبو عثمان وزرع الوعي في عقولهم وعرفهم بحقوقهم المستلبة من قبل المنافقين وذكرهم بأن هؤلاء المنافقين لا مزية لهم عليهم ولا فضل ولا شرعية أصلا لهم حتى يطيعونهم، بل هم أشبه بعصابات المافيا التي تتسلط على المستضعفين وتستأثر وتستبيح كل حقوقهم.
واستنهض أبو عثمان الهمم واستثار الحمية واستثار حفيظة القبائل وذكرها بمفاخرها وأنها قبائل عز وشرف ومروءة ونجدة فكيف تسكت على استباحة آل سلول لهم ومعاملتهم بما لا ترضاه البهائم..
واستطاع أبو عثمان أن يحشد الناس وراءه لترفع أصواتها في وجه الظالمين فكانت المظاهرات التي خرج فيها الألوف، ولماذا خرجوا؟ لأن أبا عثمان كشف لهم الكذبة وعرفهم بغريمهم الحقيقي والمستبد الذي تسبب لهم في كل المآسي التي يعانون منها يوميا.
إن أعظم معجزة حققها أبو عثمان من خلال صبره كل هذه السنين وثباته على مبادئه هي أنه استطاع بنجاح منقطع النظير أن يسحق كثيرا من المفاهيم التي عبدت الناس لآل سلول وعلماء السوء وجعلت أهل الحرمين أسوأ حالا من البهائم التي لا تملك من أمرها سوى أن تسمع وتطيع وتهتف للجازرين..
إن ما يفعله أبو عثمان جهاد لا يقل أهمية عن جهاد السيف، فهو جهاد يدخل في باب "كلمة حق عند سلطان جائر"، وهؤلاء تجاوزوا الجور إلى الكفر والنفاق ومولاة أعداء الله بل وجعل بلاد الحرمين وجزيرة محمد صلى الله عليه وسلم رهينة بأيدي الكفار..
أبو عثمان جزاه الله خيرا عن أمة محمد صلى الله عليه وسلم أطلق رياح التغيير في بلاد الحرمين والتي ستقتلع في طريقها كل شجرة زقوم زرعها المستعمر البريطاني والأمريكي وعاثت في جزيرة محمد صلى الله عليه وسلم فسادا طوال سبعين عاما..
والإبداع كل الإبداع والرجولة كل الرجولة هي أن أبا عثمان حقق بفضل الله ما حقق وهو لوحده يجالد بلسانه وقلمه جيوشا من النفاق والعمالة وصبر على ذلك سنين طويلة، ولم يتوان ولم يشعر بضيق أو بتبرم عندما كان يصارع في البدء للخروج من انتكاسات قديمة.