بعدها يمشي (45) يوم على بدخشان , بين الثلوج ,
والشيعة يلاقوه , والكفار يلاقوه , وما إلى ذلك ..
هذا ما مرَّ به أبداً , لا يتصوره أبداً .
فأنت إن سألته سيسوغ لك القعود , ويزين لك ,
ويبين لك أن الجلوس في بلدك أفضل من الجهاد !
يتابع الشيخ عبدالله عزام :
وقد خرج شريط يرد على كتابي ( الدفاع عن أراضي المسلمين أهم فروض الأعيان ) ,
كل من يسمعه يقول : إن الجلوس في السعودية أفضل من الذهاب إلى أفغانستان ,
والذي يحزنني زيادة أنه يقول : يا إخوان - ويقول للشباب الذين يربيهم - يا إخوان -
مع أني سمعت أنه رجل فاضل طيب , ومن الدعاة المعروفين - والله حزنت عندما سمعت هذا
الشريط ,
وقلت : غفر الله له ,
قالوا : ردَّ عليه ,
قلت : لا أريد أن أردَّ عليه ,
قلت : واحد يفتي في الجهاد , وهو لا يعرف أين ( ميران شاه ) وأين ( صدى ) ,
اسألوه عن صدى , يظنها صدأ الحديد !
نعم .. لا يعرف كيف يفتي هذا ..
واحد ما رأى السلاح ,
ما رأى الشيوعيين ,
ما رأى أرض أفغانستان ..
كيف يفتي في قضية أفغانستان ,
فالكلام من أوله إلى آخره أصلاً غير مقبول مهما كان ,
مع أنه لَم يورد آيةً ولا حديثاً ولا كلامَ فقيهٍ في كل الكلام ..
يقول : يا إخوان : لو كانت القضية مال بسيطة .. قضية دماء يا إخوان .
حزنت حزناً شديداً , وكأن هذه الدماء التي تراق في سبيل حماية دين الله عزَّ وجلَّ
وحماية الإسلام والمسلمين وحماية الأعراض , كأنها تذهب هدراً , وكأنه متأسف أن
الناس يستشهدون في أفغانستان .
" يا إخوان هذه دماء "
- مرتين قالها في الشريط -
يعني " لو كانت أموالاً .. بسيطة "
وكأن هذه الدماء ماذا ?! كأن واحداً مات يفحط في سيارة!
ولذلك لا يقدرون الجهاد .. تصور لا يستطيعه .
فقلت : أنا لا ألوم هذا الأخ لأنه لَم يتذوق حلاوة الجهاد , هو لا يعرف الجهاد .
وابن تيمية قال : مَن يستفتى في الجهاد ?!
قال : ( إنما يعتبر في أمور الجهاد برأي أهل الدين الصحيح الذين هم على علم بما
عليه أهل الدنيا ) .
يعني : الذي في المعركة يعرف حالها , معركة أهل الدنيا , ودينه صحيح , وعنده تقوى ,
هذا الذي يستفسر منه عن الجهاد ,
ولا يُسألُ عنه أهلُ الدين الصحيح الذين لا يعرفون ما عليه أهل الدنيا ,
ولا يُسأل عنه الذين ينظرون بظاهر النصوص , فلابدَّ أن يكون عالِماً , تقياً , يعرف
المعركة.
ــــــــــــــــــــــ
يتبع
باذن الله