عرض مشاركة مفردة
  #6  
قديم 26-05-2007, 03:29 PM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

التجاوزات الإيرانية:

بعد احتلال الإيرانيين لجزيرة (لنجة) خشي حاكم (الشارقة) على أن محاولات الفرس ستمتد الى جزر (طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى) فبادر برفع الأعلام على الجزر عام 1903.. وقد استشار حاكم الشارقة (صقر بن خالد1883ـ1914) الحكومة البريطانية في تقوية حماية الجزر الثلاث، وكان ما يخشاه حاكم الشارقة في محله فقد تكررت محاولات الإيرانيين في احتلال الجزر، منذ عام 1904 وحتى احتلال الجزر في 30/11/1971.

ففي نيسان/أبريل 1904 قام المدير الأوروبي للجمارك الإيرانية (مونسيور دامبرين Monsieur Dambrain) بزيارة جزر أبو موسى و طنب وقام بإنزال أعلام إمارة الشارقة ورفع الأعلام الإيرانية وترك اثنين من حراس الجمارك الإيرانية هناك، وتبين فيما بعد أن هذا العمل تم بإيحاء من وزير الخارجية الإيراني، ويُعتقد أن هذا العمل وراءه تحريض روسي منبعه خشية الروس من إنشاء قواعد بريطانية في تلك الجزر قد تعيق الملاحة الروسية. احتج حاكم الشارقة (صقر بن خالد) على هذا التصرف، واتصل بالمقيم السامي البريطاني طالبا منه حفظ حقوق الشارقة في تلك الجزر.. فهددت الحكومة البريطانية إيران بإرسال قوة بحرية لمعالجة الموقف، لأن الجزر من ممتلكات قواسم ساحل عمان والأمر قد سبق نقاشه مع الإيرانيين وأصبح مشبعا للنقاش ولا يرى في إعادة طرحه إلا محاولات استفزاز لن تقود إلا لمضيعة وقت .. وقد تم إنزال الأعلام الإيرانية ورفع أعلام الشارقة في 14/6/1904.

في شباط/فبراير 1913 عاود الإيرانيون طرح هذا الموضوع على الوزير البريطاني المفوض في إيران، الذي خاطب المقيم السياسي البريطاني في الخليج العربي، والذي رد بأن ملكية الجزر ليست موضوعا للنقاش أو الاستفسار وأنه قد أوضح تلك الحقيقة لكل حكام الموانئ في الخليج العربي، وهدد أنه إذا عاودت إيران التحرش بتغيير ملكية تلك الجزر فإن بريطانيا ستكون حازمة في رفض هذا الأمر الجلي*1

اختفت المطالب الإيرانية خلال عشرة أعوام، بسبب الحرب العالمية الأولى، وبسبب الاضطرابات داخل إيران، إلا أنه في عام 1923 منحت الحكومة الإيرانية امتيازا لأحد أثرياء إيران لاستخراج (الأوكسيد الأحمر) في جزيرة هرمز وقام هذا الثري بتحريض حكومته بمعاودة المطالبة للمطالبة بالجزر الثلاث، طمعا بأوكسيد جزيرة (أبو موسى) .. ولكن الحكومة البريطانية بعثت بمذكرة شديدة اللهجة الى رئيس الوزراء الإيراني، وقد ذكره باتفاقية 1904 التي أقرت فيها الحكومة الإيرانية اعترافها بملكية الشارقة للجزر.

وبالرغم من ذلك فبعد عامين، أي في عام 1925 أرسلت الحكومة الإيرانية عن طريق حاكم (لنجة) باخرة لجزيرة أبي موسى لتأخذ عينات من (الأوكسيد) فأرسل حاكم الشارقة (سلطان بن صقر) قاربا يمنع تلك الباخرة، ولكن الباخرة الإيرانية كانت قد غادرت ..وقد هددت الحكومة البريطانية إيران إثر هذا العمل، مما جعل الحكومة الإيرانية تعمم على دوائرها المعنية بالأمر في كانون الثاني/يناير 1926 بتحريم تجاوزهم على الجزر..

رضا بهلوي و مسألة الجزر الثلاث


في شباط/فبراير 1921 دبر العقيد (رضا خان) قائد فرقة القوزاق الإيرانية انقلابا عسكريا تولى إثره منصب وزير الحربية والقائد العام للجيش الإيراني*2 وما لبث أن تولى رئاسة الوزراء في أواخر 1925، وبعد أن غادر (احمد شاه) إيران الى أوروبا، وهو آخر شاه من الأسرة القاجارية.. تولى رضا خان العرش الإيراني وسما نفسه ب (رضا بهلوي) وحاول إعادة أمجاد فارس، فغير التاريخ الهجري الى تاريخ إعادة كورش اليهود الى فلسطين، وضمر السوء كله لجيرانه العرب، فابتلع (الأحواز) وطور الموانئ و قوى أساطيله البحرية، وافتتن بالحركات القومية في أوروبا، فتحالف مع هتلر، وحاول تخفيف العلاقات التاريخية مع روسيا، بالاعتماد على الموانئ الجنوبية .. وقدم دعوة لعصبة الأمم المتحدة يطالب فيها بأحقية إيران بالجزر ..

وقد ابتدأت إيران التحرش بالجزر ـ بعهد رضا بهلوي ـ في تموز/يوليو1928 عندما قامت سلطات الجمارك الإيرانية باحتجاز مركب لمواطن من (دبي) وعلى متنه 22 راكبا بينهم 8 نساء وقد سحبوا المركب الى ميناء (لنجة) وسلبوا بضائعه بحجة أنها مهربة .. وقد تركت هذه الحادثة حالة من الهياج، حيث طالب عرب دبي بالانتقام والتعرض للمراكب الإيرانية في الخليج العربي.. ولكن المقيم السياسي البريطاني أقنع السكان بالتريث، فتدخلت بريطانيا التي حذرت إيران التي حاولت استغلال الحادث بطريقة غريبة، إذ لم تكتف بالمطالبة بالجزر، بل امتدت المطالبات الى البحرين ومسقط! ومع ذلك أفرجت السلطات الإيرانية عن المحتجزين .. وقد تصاعدت حالة التوتر بين حكومتي بريطانيا و إيران، لأسباب من بينها: إلغاء الامتيازات البريطانية والتحول شيئا فشيئا نحو ألمانيا..

ابتدعت إيران منذ عام 1929 أسلوبا جديدا في المطالبة، إذ صرح وزير البلاط الإيراني في آب/أغسطس 1929، بأن حكومته مستعدة عن التخلي عن جزيرة أبو موسى في حال قبول بريطانيا بالاعتراف بملكية إيران لجزيرتي (طنب).. ثم عادت إيران فلطفت من طلبها بعد رفض حاكم رأس الخيمة الشيخ (سلطان) الذي عُرِف ببعد نظره وصلابته، فاقترحت استئجار جزيرتي (طنب)، فوافقت بريطانيا على تلك الفكرة، في 23/4/1931، شريطة موافقة حاكم رأس الخيمة الذي تعرض لضغط كبير من قبل الحكومة البريطانية التي كانت تحاول استرضاء إيران، فرد حاكم رأس الخيمة بموافقة مشروطة بالشروط التالية:

1ـ بقاء علم إمارة رأس الخيمة ومندوب الشيخ في جزر طنب.
2ـ عدم التعرض لأي من رعايا حاكم رأس الخيمة هناك، إلا بعد عرض الأمر عليه ومناقشة الأمر معه.
3ـ حرية الملاحة في الخليج العربي وعدم التعرض للسفن العربية من قبل سفن الجمارك الإيرانية، وإحالة أي مخالفة عربية لحاكم رأس الخيمة.
4ـ إعفاء بضائع الشيخ والمواد الغذائية المرسلة لسكان جزر طنب من الضرائب..
5ـ دفع الإيجار مقدما
6ـ عدم رفع أي علم إيراني على الجزر، والاكتفاء برفع علم على الدوائر الرسمية الإيرانية ..
7ـ تنفيذ شروط الاتفاق تحت إشراف الحكومة البريطانية..

لم توافق إيران على تلك الشروط، وعاودت في 23/7/1933 وبعثت خبيرا فرنسيا بصحبة قائد الأسطول الإيراني لفحص المنشئات البحرية هناك، وأعطى شهادة موقعة من قائد الأسطول أن المنشئات في وضع جيد، وهي إيماءة بتبعية الجزر لإيران.. فقامت بريطانيا على الفور بإرسال أكبر مدمرة لديها تعبيرا عن عدم رضاها لما جرى..

في السنة التالية 1934 حدث تجاوز أكبر عندما داهمت قوة إيرانية منزل ممثل الشيخ في (طنب الكبرى) والاستفسار عن المبالغ التي يتقاضاها من حاكم رأس الخيمة، ووعدوه بمضاعفتها إن أنزل علم رأس الخيمة ورفع بدلا منه علم إيران، إلا أنه رفض ذلك وتكررت المحاولات في نفس العام..

في سنتي 1935 و1936 أرسل الوزير البريطاني المفوض (هوكسن K.Hugessen) وثيقة يقترح فيها مقايضة إيران بإعطاءها الجزر الثلاث ومساعدتها في مطالبها بشط العرب مع العراق، مقابل اعتراف إيران باستقلال البحرين! .. لكن تمسك العرب بأحقيتهم بحدودهم وخوف بريطانيا من فقدان مصالحها عند العرب، جعل تلك المقترحات تذهب أدراج الرياح ..

هوامش
ـــ
*1ـ قضايا عربية معاصرة/ابراهيم خليل احمد وآخرون/ جامعة الموصل/1988/ صفحة 305
*2ـ راجع موضوعنا/ جيران العرب/إيران .. في أكثر من موقع
__________________
ابن حوران