عرض مشاركة مفردة
  #7  
قديم 30-06-2007, 03:30 AM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

الاحتلال العسكري الإيراني للجزر العربية الثلاث


مرت فترة ليست بالقصيرة تباطأت إيران فيها بالمطالبة بالجزر الثلاث، وتلك الفترة زادت عن ثلاثين عاما، والأسباب في ذلك هي:

1ـ الأوضاع الداخلية الإيرانية التي تبعت إزاحة الشاه (رضا بهلوي) عام 1941 والتي نجمت عن انحيازه للجانب الألماني في الحرب العالمية الثانية، مما أدى الى احتلال إيران من قبل السوفييت والبريطانيين، واقتسامها فيما بينهما، كما أدى الى قيام جمهوريتين واحدة للأذربيجانيين في الشمال، وواحدة للأكراد في الشمال الغربي من إيران، وانشغال حكومة الشاه الجديد (محمد رضا) في معالجة تلك الأوضاع..

2ـ في الفترة التي تلت هذه الأحداث، برز تيار محمد مصدق والذي أمم النفط عندما وصل لرئاسة الوزارة عن طريق الانتخابات، وما نتج عن ذلك من أوضاع سوء تفاهم مع الغرب، ومعالجة التيار الذي مثله محمد مصدق، عن طريق التصفيات داخل الجيش وداخل صفوف الحكومة، مما استدعى انشغال الشاه بأوضاع داخلية استثنائية حالت دون مواصلته تهديد منطقة الخليج العربي.

3ـ التغييرات التي حدثت في المنطقة العربية، في كل من مصر والعراق، وما أضفى ذلك على هيبة الوضع العربي، وجعل الشاه يتردد في مطالبات إيران السابقة في منطقة الخليج ..

ولكن الشاه المعروف بعدائه للقومية العربية، بدأ يتخوف من تصاعد المناداة بالوحدة العربية من المحيط الى الخليج، قد التقى بذلك مع القوى الغربية والصهيونية في تلك المخاوف، وبدأ يعمل على استباق الأحداث مستفيدا من رغبة الغرب في منع هذا التيار القومي الجامح في (الخمسينات والستينات) .. فبادر بالاعتراف بالكيان الصهيوني،لا بل أخذ يطالب العرب بوجوب الاعتراف بالكيان الصهيوني والتعايش السلمي معه. وزادت المعونات العسكرية الغربية والتقنية لإيران لتقوم بدورها في حراسة المصالح الغربية في المنطقة ..

ومنذ عام 1968 وبعد هزيمة العرب بسنة، تطور اهتمام إيران بالخليج العربي من خلال المظاهر التالية : ـ

1ـ التصريحات الرسمية الإيرانية المتكررة بادعاءات إيران بالبحرين والجزر العربية الثلاث .. ففي كل تصريح للشاه يؤكد أن هيمنة إيران على الخليج أمر طبيعي تلتقي مع المصالح الغربية وتم التفاهم عليها.. ويربط ذلك بضرورة تقوية الأسطول البحري العسكري الإيراني لتوكيد تلك الهيمنة.

2ـ تشجيع الهجرة الإيرانية للساحل العربي من الخليج العربي.. وقد ذكر أحد الكتاب الإيرانيين البارزين عام 1975 بأن المصالح الإيرانية في الخليج (لا تقف عند الاعتبارات الاقتصادية، بل أن هناك حوالي مليون إيراني يعيشون في الجانب العربي من الخليج) .

3ـ تعدد المناورات العسكرية في الخليج استعراضا للقوة، سواء كانت منفردة، أو مشتركة مع الولايات المتحدة ..

4ـ بناء القوة العسكرية بشكل يؤهلها للقيام بمهام خارجية عدوانية، وقد أصبحت مدينة (شيراز) مقرا للفيلق الثالث للمظليين وهو اختيار لتلك المدينة الجنوبية يوحي بالمهام التي أسس من أجلها الفيلق..

إيران تعاود المطالبة بالبحرين والجزر الثلاث

في إحدى المناورات العسكرية المشتركة مع الولايات المتحدة الأمريكية في عام 1964 قامت القوات الإيرانية بإنزال جوي في جزيرة (أبي موسى) وجزر عربية أخرى، وتركوا علامات تحمل عبارة (مجلس الوزراء الشاهنشاهي ـ مصلحة خفر السواحل والموانئ) .. وقد احتج حاكم الشارقة على ذلك .. وفي حادثة أخرى، في زيارة حاكم الشارقة لإيران عام 1964 لطلب بعض المساعدات في إنشاء مدارس ومستشفيات، وافق الشاه على منح المساعدات، ولكنه ناول حاكم الشارقة ورقة يقر فيها حاكم الشارقة التنازل عن الجزر الثلاث. وقد رفض الحاكم التوقيع على الورقة كما رفض المساعدات أيضا.

في 16/1/1968 أصدرت الحكومة البريطانية إعلانا بخصوص عزمها على سحب قواتها العسكرية من شرق السويس وهو مصطلح معروف (استراتيجيا عند الإنجليز) يشمل المنطقة الواقعة بين عدن غربا و سنغافورة شرقا، في موعد أقصاه نهاية عام 1971.. وهذا يعني انسحاب الإنجليز من منطقة الخليج العربي، وإنهاء التزاماتها السياسية والعسكرية وإنهاء المعاهدات المبرمة.

هنا تم تصعيد الجهد الإيراني، لأخذ أثمان خدماتها للغرب المتحالفة معه، في فرض سيادتها على المنطقة، فمسألة البحرين التي ما فتأت إيران عن المطالبة بها، قد حسمت في نيسان/أبريل عام 1970، عندما بعث الأمين العام للأمم المتحدة لجنة لتقصي الحقائق، كتبت تقريرها وتوصياتها بأن شعب البحرين، لا يرغب أن يكون جزءا من إيران، بل يطمح ليكون دولة مستقلة. فترت همة الشاه فأخذ يشدد على موضوع الجزر الثلاث كبديل.. ففي أيار/مايو1970 هددت إيران شركة Occidental للبترول في الشارقة باستخدام القوة إذا لم تتوقف عن التنقيب عن النفط في مياه جزيرة أبي موسى .. وفي تشرين الأول/أكتوبر 1970 عارضت إيران قيام اتحاد الإمارات العربية، ما لم يتم التنازل عن الجزر الثلاث .. مما جعل الجامعة العربية تعقد اجتماعا طارئا، وتصدر بيانا بأن البحرين هي قطر عربي وليس ثمنا لصفقة تذهب فيها الجزر الثلاث كبديل..

هاجمت إيران الجامعة العربية، والأقطار العربية التي تشدد على عروبة الجزر الثلاث، وهددت باستخدام القوة ضد أي دولة تحول دون استرداد إيران لجزرها الثلاث!.. وقد تكررت تصريحات للشاه في حديث مع صحيفة Blitz الهندية في 24/6/1971 بأن الجزر إيرانية ولا بد من استعادتها، وتصريح لوزير الخارجية (أردشير زاهدي) بعد يومين من تصريح الشاه بإمكانية استخدام القوة . وخطاب (عباس هويدا) رئيس الوزراء الإيراني في 27/6/1971، قال فيه: إن إيران بحاجة للجزر الثلاث من أجل أمنها ورخائها وأنها ستقاتل من أجل استعادتها .. وفي 10/11/1971 صرح وزير الخارجية الإيراني المعين حديثا (في حينه) (عباس خلعتبري) .. بأن السيادة على الجزر ليست موضوع نقاش.

أما بريطانيا التي شهدت خلال قرن مضى بأحقية العرب في ملكية الجزر الثلاث، فإنها طالبت العرب بضبط النفس وتفهمت موقف إيران! وهي صيغة تم التعرف عليها من العرب من أصدقائهم (اللدودين) البريطانيين .. وقد عرفوها بالقضية الفلسطينية وقضايا أخرى..

ورغم موافقة حاكم الشارقة (خالد بن محمد القاسمي) وتحت ضغوط دولية وعربية، على صيغ وسطية في 29/11/1971، تسمح فيها الإمارة بتواجد عسكري إيراني، لكن مع إبقاء السلطة المدنية وتبعية الأرض والسكان للإمارة. فإن الإيرانيين قاموا باحتلال الجزر الثلاث في يوم 30/11/1970، وقبل خروج الإنجليز منها بيوم واحد وكان الاحتلال الإيراني يريد تحقيق الأهداف:

1ـ تعويض ما جرى من استهزاء إيراني بعدم حصول إيران على البحرين.
2ـ التأكيد للولايات المتحدة الأمريكية، بأن حليفهم في الخليج من القوة بمكان بالكيفية التي يستخدم فيها الأسلحة والتقنيات الغربية!
3ـ التأكيد للعرب على دور قوة إيران العسكرية .. وأنها لا تأبه من جعجعتهم الإعلامية، حيث غزتهم في عقر دارهم، دون أن يبدوا أي جانب يوحي بأهمية نظمهم الفارغة ..
4ـ التأكيد للعالم الغربي، أن إيران جبهة قوية في محاربة المشاعر القومية العربية، وعلى من يخشى تلك المشاعر أن يكن الاحترام لها لقيامها بدور الكابح
5ـ أخذ الشاه يتصرف ليس كزعيم مطلق بالخليج العربي، بل كزعيم على صعيد المحيط الهندي والعالم ..

يتبع
__________________
ابن حوران