الموضوع: جسد بلا روح
عرض مشاركة مفردة
  #66  
قديم 22-03-2004, 07:56 AM
أطياف الأمل أطياف الأمل غير متصل
كاتب مغوار
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2000
الإقامة: على نفحات الأمل
المشاركات: 3,246
إفتراضي

وبكت أمي..


لم تصدق أمي ما سمعت..فكادت أن تقع لحظتها..خارت قواها ولم تعد قدماها تحملانها.. نظرت إلى جولي باحتقار وخرجت من غرفتها وصفقت الباب خلفها..
اتجهت أمي إلى غرفة مكتب أبي رحمه الله.. جلست على كرسيه بقوى خائرة.. أخذت تسأل نفسها.. أيعقل ما سمعت؟ ابني أنا؟ فيصل ابني أنا يفعل هذه الأمور المشينه؟ فيصل الذي ربيته على يدي حتى أصبح رجلا وعاونني في تربيته والده حسن رحمه الله؟ فيصل الذي كنت سأزوجه ابنتي؟ لا يمكن.. لا أصدق.. ولكن كيف أتأكد؟ أجل.. لا حل غيره!!
التقطت سماعة الهاتف من قربها وأدرات رقم فيصل..
رد فيصل بعد قليل من اتصال أمي: ألو..
بحدة قالت أمي: فيصل
- أهلا أمي صباح الخير..
- فيصل.. تعال للمنزل الآن..
- الآن يا أمي؟ لماذا؟ ماذا هناك؟ هل أنتم بخير؟
- أجل نحن بخير ولكن تعال الآن.. ولا تتأخر..
- ولكن يا أمي لا أستطيع.. لدي عمل مهم و ...
قاطعته أمي وقالت: قلت لك الآن.. ولا أريد أي أعذار.. أفهمت؟
- أماه أخفتني.. ماذا حدث؟؟
- تعال للمنزل وستعرف ولا تتأخر أفهمت؟
- حسنا يا أمي.. ولكن أرجوك انتظري فقط ربع ساعة ثم سأخرج من العمل.. لم أكمل الساعة هنا ولا يحق لي الخروج قبل الساعة..أي نصف ساعة أو أكثر بعشر دقائق وأنا عندك..
- حاول أن لا تتأخر لأن ذلك أفضل لك..
- أماه..أتوسل إليك..أخبريني ماذا هناك؟
- ستعرف ما أن تأتي..
وأغلقت أمي السماعة..
- أمي.. أمي..
وعندما انعدمت الإجابة أغلق السماعة وقال: ترى..مابها أمي؟ صوتها ليس مطمئنا أبدا.. هل بها شيء؟ أو ربما روز؟
نهض من مكانه بسرعة وقال في نفسه: سأخرج الآن ولو اضطررت أن أخسر وظيفتي.. أخاف أن مكروها أصاب روز.. أو ابنتي؟ لا أظن أنها ابنتي فلتو كنت أتكلم مع جولي وكانت الصغيرة نائمه..
يا الهي لا أعرف ماذا أفعل!! سأذهب لأخذ الإذن من المدير..

* * * *

أخذت أمي صورة أبي الموضوعة أمامها على المكتب.. حملتها.. نظرت إليها مطولا فانسابت الدموع من عينيها حارة غزيرة..دموع من الأعماق.. ما أقساها من دموع..
نظرت إلى أبي وقالت باكية: آه يا حسن.. لم رحلت يا حبيبي وتركتني وحدي في هذه الدنيا؟ أرأيت حالي؟ أترى ماذا جرى لي؟ أرأيت آخر تربيتنا في فيصل؟
سكتت تغالب دموعها ثم قالت: حسن.. أكنت تعرف يا حبيبي؟؟ أكنت تعلم بما يجري؟ أهو السبب الذي أفقدك توازنك وجعلك حزينا تعيسا من بعد عودة فيصل؟ حزينا لدرجة أننا لا نراك سعيدا أبدا.. ابتسامتك لا نراها.. أجل قد نرى شبح ابتسامة على شفتيك.. ولكنها ابتسامة صفراء باهته.. ليست ابتسامتك الصافية النابعة من أعماق الأعماق..ماهي إلا زيف ابتسامه..
أكان فيصل سبب ذبولك؟ أكان وراء اختفاء ابتسامتك وبريق عينيك؟
آه يا حسن.. ليتك هنا.. بقربي.. لأسألك فتجيب على أسألتي.. ليتك تجيبني فلا تبقى أسألتي حائرة ضائعة دون إجابة..
ليتك معي.. فأضع رأسي على صدرك فأبكي كبكاء طفلة صغيرة.. أبكي وأنتحب فتخفف عني آلامي بيدك الحانية..حيث تربت على رأسي وتزيل معها كل أوجاعي..
ليتك معي.. فتخبرني ماذا أفعل! لا أدري ماذا أفعل.. أو كيف أتصرف؟ هل أسكت عن هذا الأمر؟ هل أتجاهله وكأنه لم يكن..
كيف اتصرف مع ابني الذي كان لي سندا وعونا.. فكيف أعتمد عليه بعد الآن..
أحتضت أمي الصورة وألقت برأسها إلى الخلف بوهن.. تحاول أن تستعد لصدامها مع ابنها.. فهل سيؤكد ابنها فلذة كبدها الخبر.. أم سينفيه؟

وفي تلك الأثناء.. ذهب فيصل لمكتب المدير.. أراد أن يقابل المدير.. سأل ابراهيم.. سكرتير مديره المباشر:
- صباح الخير يا ابراهيم..
- صباح الخير استاذ فيصل..
- ابراهيم..هل دكتور محمود موجود؟
أجاب معتذرا: أنا اعتذر يا أستاذ فيصل.. دكتور محمود ليس موجودا.. فهو لم يداوم بعد.. أظن أن لديه اجتماع مع وفد أجنبي في فرع العاصمه..
- ماذا؟ ليس موجودا؟؟ مستحيـل!!
- خير يا أستاذ فيصل؟ هل أستطيع أن أخدمك بشيء؟
- أريد أن أستأذن الدكتور في الخروج لمدة ساعة.. ساعة ضرورية جدا..
- لا أحد يستطيع خدمتك في هذه الحالة سوى دكتور محمود نفسه.. انتظر قليلا..فهو ان شاء الله بعد نصف ساعة سيكون هنا!
أجاب فيصل بحدة: نصف ساعة؟ لا أستطيع أن أنتظر!! أقول لك ساعة ضرورية.. فتقول لي انتظر ربع ساعة أو أكثر؟
اعتلت حدة صوت ابراهيم هو الآخر فقال: وماذا أفعل لك أنا؟ ءأذن لك بساعة وأوقع لك على الطلب؟
- لم أقل ذلك.. ولكن تصرف يا أخي.. اتصل به أو أعطني أنا الرقم لأتصل به..
بتحد قال ابراهيم:اعذرني يا استاذ فيصل.. لا أستطيع أن أفعل لك شيء.. ولا أن أعطيك رقم الدكتور محمود.. لك أن تتصرف بأي طريقة أخرى..
- ابراهيم أرجوك.. إنها مسأله ضرورية.. اعطني الرقم إن لم ترد مساعدتي..
- لا أستطيع..
- ابراهيم.. أنا رجل وأتوسل لك.. ألا يعني لك هذا شيء؟ أكنت أطلب منك المساعدة وأترجاك لولا أن المسألة ضرورية؟
أطرق ابراهيم رأسه خجلا فلقد عرف مدى خطأه.. قال لفيصل: اعذرني يا أستاذ فيصل.. أنا آسف.. سأطلبه لك الآن..
رفع ابراهيم سماعة الهاتف وأدار رقم مديره.. ولكن فيصل..كانت الأفكار تدور في رأسه وتعصف تفكيره.. ترى..ماذا هناك؟؟
انتبه من شرودهعلى صوت ابراهيم يقول:
- أجل يا دكتور هو عندي.. تريد أن تكلمه؟؟ حسنا هاهو معك..
ابعد سماعة الهاتف عن أذنه وقال: أستاذ فيصل..دكتور محمود يريدك..
أخذ فيصل سماعة الهاتف من ابراهيم وتكلم مع الدكتور محمود:
- صباح الخير يادكتور محمود
- صباح الخير يا أستاذ فيصل.. كيف حالك يابني؟
- بخير يا دكتور..
- خير يا فيصل.. ابراهيم يقول أنك تريد الإستئذان.. ليست هذه من عوائدك فماذا هناك؟؟
- خير ان شاء الله.. ولكن هناك ظروف بالمنزل ويجب أن أكون هناك.. أرجوك اسمح لي بهذه الساعة يادكتور.. فقط هذه الساعة.. أرجوك..
- حسنا يا بني.. خذ ما تحتاج من الوقت.. فأنا أعلم أنك لو بقيت لظللت مشتت التفكير.. فاذهب واقض حاجتك..وإن لم تنهها.. لا تعد.. حسنا؟
فرح فيصل واتسعت عيناه فرحا فقال له: أشكرك يا أبا عمر.. أشكرك من كل قلبي..
- لا تشكرني على واجبي يا بني..هيا اذهب ولا تضع الوقت..إلى القاء..
- إلى اللقاء يا سيدي..
ابتسم فيصل لابراهيم وغادر المكان بسرعة..


يتبع...
__________________


أحـــــــ هو حيــــــــــاتــــــي ــــمـــــــــــــد


الرد مع إقتباس