عرض مشاركة مفردة
  #11  
قديم 17-03-2006, 01:08 AM
قناص بغداد قناص بغداد غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Dec 2005
المشاركات: 740
إفتراضي


لمن شكك في العمليات الاستشهادية
جاء في مختار الصحاح باب (ن ح ر): (النحر) و (المنحر) بوزن المذهب موضع القلادة من الصدر. والمنحر أيضاً موضع نحر الهدي وغيره. و (النحر) في اللبّة كالذبح في الحلق وبابه قَطَع... و (انتحر) الرجل (نحر) نفسه. أهـ، فقوله (نحر نفسه) أي قتلها.

ولقد استدل العلماء في النهي عن قتل الإنسان نفسه بقوله تعالى: (وَلاَ تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيْمًا) [النساء: 29].

فقال ابن عطية الأندلسي في المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز (4/28): (وَلاَ تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ)، قرأ الحسن: (وَلاَ تُقَتِّلُوا) على التكثير، فأجمع المتأولون أن المقصد بهذه الآية النهي عن أن يقتل بعض الناس بعضاً، ثم لفظها يتناول أن يقتل الرجل نفسه بقصد منه للقتل، أو بأن يحملها على غرر ربما مات منه، فهذا كله يتناول النهي). أهـ

وزاد الإمام القرطبي في تفسيره الجامع لأحكام القرآن (3/5/103) فقال: (... ثم لفظها يتناول أن يقتل الرجل نفسه بقصد منه للقتل في الحرص على الدنيا وطلب المال بأن يحمل نفسه على الغرر المؤدي إلى التلف. ويحتمل أن يقال: (وَلاَ تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ) في حال ضجر وغضب؛ فهذا كله يتناوله النهي). أهـ

وقال الإمام أبو بكر الجصاص في أحكام القرآن (3/141) ما نصه: (ويحتمل (وَلاَ تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ) في طلب المال وذلك بأن يحمل نفسه على الغرر المؤدي إلى التلف ويحتمل (وَلاَ تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ) في حال غضب أو ضجر...). أهـ

وفي كتاب تفسير غرائب القرآن ورغائب الفرقان للعلامة نظام الدين الحسن بن محمد بن حسين القمي النيسابوري والمطبوع بهامش تفسير الإمام ابن جرير الطبري (4/5/27) ما نصّه: (... لا يقتل الرجل نفسه كما يفعله بعض الجهلة حينما يعرضه غمّ أو خوف أو مرض شديد يرى قتل نفسه أسهل عليه). أهـ

قلت: الانتحار المنهي عنه هو أن يقتل الإنسان نفسه بقصد منه للقتل في الحرص على الدنيا أو طلب المال بأن يحمل نفسه على الغرر المؤدي إلى التلف والهلاك أو كان في حال غضب أو ضجر أو يفعله حينما يعرضه غمّ أو خوف أو مرض شديد فيرى قتل نفسه أهون عليه، أو يستعجل الموت لكونه جرح جرحاً شديداً كقصة الرجل الذي قتل نفسه يوم أحد وهو من حديث سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه: أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم التقى هو والمشركون فاقتتلوا، فلما مال رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عسكره ومال الآخرون إلى عسكرهم، وفي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل لا يدع شاذةً ولا فاذةً إلاّ اتبعها يضر بها بسيفه. فقيل: ما أجزأ منا اليوم كما أجزأ فلان، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أما إنه من أهل النار)، فقال رجل من القوم: أنا صاحبه. قال: فخرج معه كلما وقف وقف معه، وإذا أسرع أسرع معه. قال: فجرح الرجل جرحاً شديداً، فاستعجل الموت، فوضع سيفه بالأرض وذبابه بين ثدييه، ثم تحامل على سيفه فقتل نفسه... الحديث (رواه البخاري في كتاب المغازي من صحيحه). (الفتح، 7/471/ح 4202)

وفي رواية أبي هريرة رضي الله عنه (ح 4203): (... فلما حضر القتال قاتل الرجل أشد القتال حتى كثرت به الجراحة فكاد بعض الناس يرتاب، فوجد الرجل ألم الجراحة، فأهوى بيده إلى كنانته فاستخرج منها أسهماً فنحر بها نفسه... ) الحديث.

وفي رواية (فانتحر بها) رواه البخاري في كتاب القدر باب العمل بالخواتيم (الفتح، 11/498 ح 6606).

فالانتحار إذا كان للأسباب الآنفة الذكر فلا شك في حرمته وهو من كبائر الذنوب وصاحبه معرض للوعيد، ولا يجوز للمسلم بأي حال قتل نفسه أو تعريضها للتلف أو الهلاك بسبب الضر الدنيوي.

بل ورد النهي عن تمني المريض الموت من ضر أصابه فقد أخرجه البخاري في صحيحه كتاب المرضى باب تمني المريض الموت (الفتح، 10/127 ح 5671 (عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يتمنينّ أحدكم الموت من ضر أصابه، فإن كان لا بد فاعلاً فليقل: اللهمّ أحيني ما كانت الحياة خيراً لي وتوفّني إذا كانت الوفاة خيراً لي).
يتبع
__________________




لله در الفضيل بن عياض حيث يقول : لا تستوحش من الحق لقلة السالكين ، ولا تغتر بالباطل لكثرة الهالكين . وأحسن منه قوله تعالى : ( ولقد صــدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلا فريقاً مـن المؤمنين)