عرض مشاركة مفردة
  #16  
قديم 17-03-2006, 01:16 AM
قناص بغداد قناص بغداد غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Dec 2005
المشاركات: 740
إفتراضي

الخلاصة

وخلاصة الأمر أنه لا فرق بين اقتحام الرجل في الحرب وحمله على العدد الكثير وحده وانغماسه فيهم وبين العمليات الإستشهادية بقصد التنكيل بالكفار وإثخان الجراح فيهم وقذف الرعب في قلوبهم وتكبيدهم الخسائر المادية والبشرية، وتجرئة المسلمين عليهم، ومحو فتنتهم من الأرض حتى يكون الدين كله لله والسعي إلى تمكين الإسلام في الأرض وتطهير بلاد المسلمين منهم ومن دنسهم، وتحرير المقدسات الإسلامية، وطردهم من بلاد المسلمين.

والمقتول في هذه العمليات الإستشهادية - إن شاء الله - شهيد في سبيل الله تعالى، له أجر الشهداء الصادقين، والأدلة على استحباب انغماس الرجل الشجيع أو الجماعة القليلة في العدوّ الكثير وفضله رغبة في الشهادة ونكاية في العدوّ تتناوله - إن شاء الله - وبسط القول في هذه المسألة له موضع آخر وفيما ذكرنا ما يفي بالمقصود ويعين على فهم المراد وبالله تعالى نتأيد.

وختاماً ننقل ما ذكره ابن النحاس في مشارع الأشواق (1/557 – 560) عن العلماء واختلافهم في اقتحام الرجل في الحرب وحمله على العدوّ الكثير وحده، وانغماسه فيهم فقال: (فصل: اعلم أن العلماء - رضي الله عنهم - اختلفوا في اقتحام الرجل في الحرب وحمله على العدوّ الكثير وحده، وانغماسه فيهم وقد تقدم من الأدلة أقوالاً وأفعالاً على استحباب ذلك وفضله ما فيه كفاية.

وقال الإمام أبو حامد الغزالي - رحمه الله تعالى - في الإحياء، في كتاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: لا خلاف في أنّ المسلم الواحد له أن يهجم على صف الكفار ويقاتل، وإن علم أنه يقتل، وكما أنه يجوز أن يقاتل الكفار حتى يقتل جاز - أيضاً - ذلك في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولكن لو علم أنه لا نكاية لهجومه على الكفار، كالأعمى يطرح نفسه على الصف أو العاجز، فذلك حرام، وداخل تحت عموم آية التهلكة، وإنما جاز له الإقدام إذا علم أنه لا يقتل حتى يقتل، أو علم أنه يكسر قلوب الكفار بمشاهدتهم جرأته، واعتقادهم في سائر المسلمين قلة المبالاة، وحبهم للشهادة في سبيل الله فتكسر بذلك شوكتهم. أهـ

وقال الرافعي والنووي وغيرهما: التغرير بالنفس في الجهاد جائز، ونقل في شرح مسلم الاتفاق عليه، ذكره في غزوة ذي قرد، وقال في قصة عمير بن الحمام حين أخرج التمرات من قرنه، فجعل يأكل منهن ثم قال: إن أنا حييت حتى آكل تمراتي هذه إنها لحياة طويلة، فرمى بما كان معه من التمر ثم قاتل حتى قتل. قال النووي: فيه جواز الانغماس في الكفار والتعرض للشهادة، وهو جائز لا كراهة فيه عند جماهير العلماء. أهـ

وقال البيهقي في سننه: باب من تبرّع بالتعرض للقتل:

958 - قال الشافعي رحمه الله تعالى: قد بورز بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وحمل رجل من الأنصار حاسراً على جماعة المشركين يوم بدر بعد إعلام النبي صلى الله عليه وسلم إياه بما في ذلك من الخير فقتل. قال البيهقي: هو عوف بن عفراء، ذكره ابن إسحاق ثم ذكر في الباب قصة عمير بن الحمام وأنس بن النضر وغير ذلك.

وقال أبو عبد الله القرطبي في تفسيره: اختلف العلماء في اقتحام الرجل في الحرب وحمله على العدوّ وحده، فقال القاسم بن مخيمرة والقاسم بن محمد وعبد الملك من علمائنا: لا بأس أن يحمل الرجل وحده على الجيش العظيم، إذا كان فيه قوة وكان لله بنية خالصة، فإن لم تكن له قوة فذلك من التهلكة، وقيل: إذا طلب الشهادة وخلصت النية فليحمل، لأن مقصوده واحد منهم، وذلك بين في قوله تعالى: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللهِ) [البقرة: 207].

وقال ابن خويزمنداد: فأما أن يحمل الرجل على مائة أو على جملة العسكر أو جماعة اللصوص والمحاربين والخوارج، فلذلك حالتان: إن علم وغلب على ظنه أنه سيقتل من حمل عليه وينجو فحسن، وكذلك لو علم وغلب على ظنه أنه يقتل ولكن سينكي نكاية أو يؤثر أثراً ينتفع به المسلمون فجائز أيضاً، ولما تحصنت بنو حنيفة بالحديقة، قال رجل من المسلمين: ضعوني في الجحفة وألقوني إليهم ففعلوا، فقاتلهم وحده وفتح الباب.

959 - قال القرطبي: ومن هذا: ما روي أنّ رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم: أريت إن قتلت في سبيل الله صابراً محتسباً ؟ قال: (فلك الجنة)، فانغمس في العدوّ حتى قتل.

960 - وفي صحيح مسلم عن أنس بن مالك، أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أفرد يوم أحد في سبعة من الأنصار، ورجلين من قريش، فلما رهقوه قال: (من يردّهم عنا وله الجنة أو هو رفيقي في الجنة ؟) فتقدم رجل من الأنصار فقاتل حتى قتل، فلم يزل كذلك حتى قتل السبعة، فقال النبي صلى الهه عليه وسلم: (ما أنصفنا أصحابنا)، هكذا الرواية: (أنصفنا أصحابنا)، وروي بفتح الفاء ورفع الباء، ويرجع إلى من فرّ عنه من أصحابه.

وقال محمد بن الحسن: لو حمل رجل واحد على ألف رجل من المشركين، وهو وحده لم يكن بذلك بأس، إذا كان يطمع في نجاة أو نكاية في العدوّ، فإن لم يكن كذلك فهو مكروه، لأنه عرض نفسه للتلف من غير منفعة للمسلمين، فإن كان قصده تجرئة المسلمين عليهم حتى يصنعوا مثل صنيعه فلا يبعد جوازه، لأن فيه نفعاً للمسلمين على بعض الوجوه، فإن كان قصده إرهاب العدوّ ليعلم العدوّ صلابة المسلمين في الدين فلا يبعد جوازه (و) إذا كان فيه نفع للمسلمين فتلفت النفس لإعزاز دين الله وتوهين الكفار، فهو المقام الشريف الذي مدح الله به المؤمنين في قوله: (إِنَّ اللهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِيْنَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ) الآية، إلى غيرها من آيات المدح التي مدح الله بها من بذل نفسه، وعلى ذلك ينبغي أن يكون حكم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، انتهى كلام القرطبي). أهـ

__________________




لله در الفضيل بن عياض حيث يقول : لا تستوحش من الحق لقلة السالكين ، ولا تغتر بالباطل لكثرة الهالكين . وأحسن منه قوله تعالى : ( ولقد صــدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلا فريقاً مـن المؤمنين)