[~~ ظايم الضد ~~]

العقل نعمة من نعم الله على عباده، بل هو ميزة عظيمة تفرق بين الإنسان والحيوان، وبه تستقيم الحياة، وينعم صاحبه بها، فهو الذي يضبط مشاعره وأحاسيسه، ويكبح جماح نفسه، وينظم حركة جسده، ويجعله في حالة من السرور والانشراح، أو في حالة من الكمد والنكد ، ولا يتأتى هذا إلا بقدر ما يوضع في العقل من قيم عادلة مستقيمة، وأفكار نبيلة فاضلة.

وعلم الله عز وجل آدم الأسماء كلها، وموطن العلم هو العقل، فعقل آدم كل ما تعلمه، ولما هبط إلى الأرض استعمرها، وعاش فيها، وجعل من عقله مجالاً لاستقرار حياته، وتحقيق رغباته.

واجتالت الشيطان بني البشر ، فدمرت عليهم عقولهم، وتحول استعمار العقول بالخير إلى استدمار لها بالشر، وأول عقل أصيب بهذا الاستدمار هو عقل قابيل، الذي قتل أخاه هابيل، حيث أعمى الحسد قلبه، وطمس جذوة عقله، حين تقبل الله من هابيل قربانه ، ولم يتقبل من الآخر، فقال: لأقتلنك.
وأصبح منذ ذلك التاريخ كل عقل بشري تغلبه شهوته، أو تستهويه رغبته، أو يسيطر عليه حسده، أو يستميله شيطانه، يعد عقلاً مدمراً، وقد خسر كل ومضات العطاء.
يا من ينشرون فكرا فاسدا ضالا, مثل أنهم شعب الله المختار, وأنهم الجنس البشري الأصيل الذي لم تختلط دماؤه ، اقول لكم ان العلم النافع ينير العقل، والعقل الراجح يقوم سلوك صاحبه بهذا العلم .

كل الأعمال العظيمة.. كل الأماني الكبيرة.. تبدأ بالأحلام الجميلة..!
شعرت بالغبطة "تكوفل" مشاعري.. والطمأنينة تطبطب على كتفي.. فاسترخت أعصابي المشدودة، وهدأت أنفاسي المتلاحقة.. ورحت أغط في نوم عميق..
فحلمت فيما يحلم النائمون ان الحال انصلح ،، وافقت فتمنيت إنني لم انام !
فرددت لنفسي : - ناري نارين.. من أفكارك، ناري نارين من أحلامك..!
شعرت بخفقات قلبي تتحول إلى قرع طبول يهز صداها جنبات صدري.. وأنا أتخيل ضياع هويتنا إذا استمر هذا الغزو والهيمنة والنفاق والشللية بهذه الصورة وهذا التغلغل الفضيع..!
يا من أرخى أذنيه وعينيه لمتابعة الفتوحات العلوية فاشتم كما قال رائحة الطبيخ الذي كان المسكين يحاول إعداده على الصفحات وتعرضت عيناه للإرهاق في "غياب إضاءة الوعي"!
والأنكى من ذلك أن جيشاً من الببغاوات سيطل علينا ليسألونا:
ما لون نظارات المتبع خلف الامير ؟ وكم مرة كان شمشون يسلم رأسه للحلاق؟ وعندما يجيب أحد العباقرة على تلك الأسئلة: مبروك.. كسبت تذكرة دخول للملهى وطاولة فارغه ! وإذا أجبت على السؤال التالي ستفوز برحلة مجانية في الخيام : ما هو الاسم الحقيقي لنجلاء فتحي؟... مبروك والرحلة إلك.
وهكذا كتب علينا أن نطالع وجوها مكسوة بالطحين والعجين ، حتى أصبح عندنا جيل كامل يعتقد أن الثقافة لا تصح الا بالنفاق ، وان العلم لا يصل الا بواسطة الشللية المهينة .
وحاول أعداء الحق طمس معالم أي النورين بأفواهمم الهزيلة، ظانين أن استدمارهم سيؤتي أكله، ويأبي الله إلا أن يتم نوره ولو كره الحاقدون.
واستمر الصراع بين الثقافة التي تسعى إلى إعمار العقول بالخير والعطاء ، والجهل الذي يستدمر العقول بالشر والحقد وقد أدرك الجهلة المنافقون أنهم لن يستطيعوا إطفاء نور العلم , أو إطفاء نور الموهبة , فقرروا استدمار عقول المساكين بتعطيلها عن استقبال أي النورين أو بحشوها بالخرافات والضلالات والانحرافات والحقد التي تبعدها عن الحق, أو تشوه صورته.
فالله الله في عقول أبناء أمتنا المسكينة ..
لا تسمحوا لناعق يستدمرها, أو يكبت جذوتها.
ولله الحمد أولا وأخيرا فإن العقيدة لن تمس.