الموضوع: الحدث..!!!
عرض مشاركة مفردة
  #2  
قديم 11-09-2002, 02:46 AM
د . عبد الله قادري الأهدل د . عبد الله قادري الأهدل غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Feb 2001
المشاركات: 609
إفتراضي مواصلة للموضوع

( 4 ) الاستغلال:

أما استغلال الحدث، فهو من أخطر الأخطار، وهو ما بدأ اليهود يرتبون له وينشرون الدعاية لزيادة تضليل الرأي العام الغربي، وبخاصة الرأي العام الأمريكي، من أن المسلمين، وبخاصة العرب، هم سفاحون قتلة، إرهابيون، همج، لا يصلحون للتفاهم والتفاوض السياسي المتحضر، وإنما يصلح معهم الردع الذي يستأصل إرهابهم، سواء كانوا دولاً أو جماعات أو أحزاباً.

وأن تثبيت مبادئ الصهيونية للدولة المتحضرة اليهودية الوحيدة في المنطقة، هي التي ستحمي المنطقة من الفوضى، وتحمي المصالح الغربية – وبخاصة المصالح الأمريكية - من فوضى العرب وهمجيتهم.

كما سطر ذلك رئيس الوزراء الأسبق "نيتنياهو" في كتابيه: "بلدة تحت الشمس" و "استئصال الإرهاب" وقد أجهد نفسه في كلا الكتابين، في إقناع الدول الغربية، وبخاصة أمريكا، أن تتحرك متعاونة وبقوة ضد الإرهابيين، ولا سيما الجماعات الإسلامية، وبالأخص حركتي "حماس" والجهاد الإسلامي" وكأني بـ"نيتنياهو" الآن يرقص طرباً، للدليل القاطع على صحة أفكاره، وهو هذا الحدث.

إن استغلال اليهود، والصليبيين المتعصبين لليهود، ولأفكار الصهيونيين، لهذا الحدث، سيكون ذا خطر عظيم، لأنهم سيقنعون من كان متردداً في صحة أفكارهم، وسيكون لهذا الإقناع أثره في زيادة دعمهم السياسي والدبلوماسي، والاقتصادي والعسكري.

وسيجعل الكونجرس الأمريكي المتحمس لليهود دائماً، يزداد دعماً وضغطاً على الإدارة الأمريكية لتوسيع الدعم والمساندة لليهود ضد العرب وضد الشعب الفلسطيني بالذات، حتى يخضعوا أي سلطة فلسطينية لقبول كل ما يمليه اليهود عليها.

كما أن الضغط سيشتد على الدول العربية التي لا زالت تقف موقفا فيه شيء من الإيجابية لمناصرة الشعب الفلسطيني، لتتنازل عن موقفها، وتقبل كذلك بشروط اليهود، بل وتضغط على الفلسطينيين - سلطة ومجاهدين - ليستجيبوا للأوامر الأمريكية، بحجة أنه لا مجال للوقوف ضدها.

إن هذا الحدث سيكمل الحلقات التخطيطية لتثبيت الدولة اليهودية، وإجبار الدول العربية على الاعتراف الكامل بهذه الدولة وإقامة العلاقات السياسية والدبلوماسية والاقتصادية والثقافية مع اليهود ، مع بقاء الظلم والهيمنة اليهودية على المنطقة.

وكانت كبرى هذه الحلقات، هي حرب الخليج الأولى، ثم حرب الخليج الثانية التي ما زالت دول المنطقة تتجرع غصصها، وكان من أهم نتائجها، مؤتمر مدريد وما تلاه من اتفاقية أوسلو المشؤومة.

( 5 ) الأخطار:

أما أخطار هذا الحدث، فإنه قد فتح باباً جديداً من أبواب العنف، وهو من أعظم الوسائل التي تصعب السيطرة عليها، فقد كان العنف قبل هذا الحدث، يتمثل في الاغتيال بالمسدس أو الرشاش، أو المتفجرات، أو خطف الطائرات، وكلها تهون أمام وسيلة الحدث الجديدة هذه.

أي حكومة في العالم تستطيع أن تتحكم في الهجوم بطائرة على أي موقع وأي مؤسسة وأي مدينة؟

إن أي طيار – سواء كان من أبناء بلده، أو من غيرهم – يمكنه أن ينحرف بطائرته عن مسارها إلى هدف آخر قريب أو بعيد، ما دام ممتلئاً غيظاً على ذلك الهدف، وما دام مستعداً للموت، بأي تأويل كان ذلك الاستعداد.

العلاج الناجع :

وإن العلاج الناجع لتوقي هذا الخطر، هو أن يسود العدل الدولي، والعدل القطري، والعدل القضائي، والعدل في كل الأمور، لأن الذي ينال العدل نادراً ما يفكر في الانتقام، بخلاف المظلوم فرداً، كان أو جماعة، أو حزباً، أو دولة، فإنه إذا أتيحت له أي وسيلة للانتقام من ظالمه، لا يتأخر في اهتبال فرصة استعمالها.

والضعيف اليوم قادر على الحصول على الوسائل التي يشفي بها علته، ويروي غلته، ويبرد صدره من هجير ظلم القوي له.

فلتفهم أمريكا ذات القوة المادية التي تتعمد نصر الظالم، وقهر المظلوم في سياساتها المتحيزة في مجلس الأمن وغيره، أنها تستطيع اليوم أن تنفذ ما يمليه عليها حقدها بالاعتداء على دولة أو شعب، ولكنها ستلقى ذلك لا يزيد المظلومين إلا حقداً، وتصميماً على الأخذ بثأرهم عندما تحين أي فرصة، ولتفهم ذلك دول الغرب، ولتفهم ذلك كل دول العالم، وأنه لا مخرج لها من هذه الأخطار وغيرها إلا العدل.

اللهم هل بلغت؟ اللهم فاشهد!
__________________
الأهدل